مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الثانى (من أول إبريل سنة 1996 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 1069

(119)
جلسة 23 من إبريل سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ على فكرى حسن صالح، و د. حمدى محمد أمين الوكيل، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1226 لسنة 35 القضائية

عقود إدارية - الطبيعة القانونية لغرامة التأخير - شروط توقيعها
من المبادئ المقررة فى فقه القانون الإدارى أن غرامه التأخير فى العقود الإدارية مقررة ضمانا لتنفيذ هذه العقود فى المواعيد المتفق عليها حرصاً على حسن سير المرافق العامة بانتظار واضطراد، وأن التكييف القانونى لغرامة التأخير أنها صورة من صور التعويض الاتفاقى، تتميز عن التعويض الاتفاقى فى مجالات القانون الخاص بأحكام خاصة أهمها أن أحد أركانه وهو الضرر يعتبر وقوعه بمجرد حصول التأخير، إلا أنه يجوز للطرف الآخر أن يثبت انتفاء ركن الخطأ، ومتى انتفى أحد أركان المسئولية الموجبة للتعويض فلا مجال عندئذ لاستعمال الحق المخول للإدارة فى اقتضاء التعويض لانعدام الأساس القانونى الذى يقوم عليه. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 16/ 3/ 1989 أودع الأستاذ/ ........... المحامى نائباً عن الأستاذ/ ........ المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1226 لسنة 35 ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة دائرة العقود والتعويضات بجلسة 22/ 1/ 1989 فى الدعوى رقم 6699 لسنة 38 ق فيما قضى به من قبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاَ مع إلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بصحيفة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلزام المطعون ضده الأول بصفته وفى مواجهة المطعون ضده الثانى بدفع مبلغ 3485.420 جنيهاً مع الفوائد القانونية ومقدارها 7% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد وذلك قيمة الغرامة التأخيرية التى استقطعت من مستحقات المدعى (الطاعن) دون أى سند صحيح من الحق والواقع والقانون، مع إلزام المطعون ضده الأول بصفته بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد تم إعلان صحيفة الطعن للمطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، مع إلزام الطاعن المصروفات. كما تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 19/ 7/ 1994، وقد تدوول الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص، حسبما يبين من الأوراق، فى أن ......... (الطاعن) قد أقام الدعوى رقم 6699 لسنة 38 ق مختصماً فيها المطعون ضدهما - وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 7/ 8/ 1984 طالباً فى ختامها الحكم برد مبلغ 3485.420 جنيهاً وفوائده القانونية ومقدارها 7% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات. وقال شرحاً لذلك إنه بتاريخ 12/ 1/ 1982 أسند إليه المدعى عليه الثانى عملية مقاولة بناء عدد ستة عشر دكاناً بجوار مسجد أبو العزائم بمدينة كفر الشيخ بقيمة إجمالية مقدارها 34854.200 جنيهاً يتم تنفيذها خلال ثلاثة أشهر تبدأ من تاريخ 24/ 1/ 1982 وتنتهى فى 23/ 4/ 1982، غير أنه للظروف التالى بيانها انتهى العمل فى 21/ 9/ 1982 واستقطعت جهة الإدارة منه غرامة تأخير هى القيمة المطالب بها فى الدعوى الحالية، ولما كان التأخير فى نهو العمل يرجع إلى هطول الامطار، ووجود عقبات طبيعية وعامود كهرباء يتعارض مع إتمام العملية، هذا فضلاً عن أمر المدعى عليه الثانى بالتوقف لتعديل الرسومات، لذا فإنه يقيم دعواه ابتغاء الحكم له بما سلف من طلبات.
وبجلسة 22/ 1/ 1989 أصدرت المحكمة حكمها المشار إليه تأسيساً على أن العقد المذكور يخضع وفقاً للبند السادس منه للائحة المناقصات والمزايدات ومن ثم تسرى عليه المادة 93 من اللائحة الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 والتى تنص على أن "على المقاول أن ينهى جميع الأعمال الموكول إليه تنفيذها... فإذا تأخر عن إتمام العمل وتسليمه كاملا فى المواعيد المحددة فتوقع غرامة عن المدة التى يتأخر فيها إنهاء العمل بعد الميعاد المحدد للتسليم إلى أن يتم التسليم المؤقت ولا يدخل فى حساب مدة التأخير مدد التوقف التى يثبت للوزارة أو المصلحة أو ...... نشؤها عن أسباب قهرية ويكون توقيع الغرامة بالنسب والأوضاع التالية:........ وتحسب الغرامة من قيمة ختامى العملية جميعها إذا رأت الوزارة أو ..... أن الجزء المتأخر يمنع الانتفاع بما تم من العمل بطريق مباشر أو غير مباشر على الوجه الأكمل فى المواعيد المحددة، إما إذا رأت الوزارة أن الجزء المتأخر لا يسبب شيئاً من ذلك فيكون حساب الغرامة بالنسب والأوضاع السابقة من قيمة الأعمال المتأخرة فقد وتوقع الغرامة بالنسب والأوضاع السابقة من قيمة الأعمال المتأخرة فقط وتوقع الغرامة بمجرد حصول التأخير ولو لم يترتب عليه أى ضرر حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أية إجراءات قضائية أخرى، وأضافت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن مدة التأخير يبلغ مقدارها 28 يوم 4 شهر "أربعة أشهر وثمانية وعشرون يوماً" تتمثل فيما يلي: مدة (22) يوماً بسبب هطول الأمطار، مدة (25) يوما لوجود قواعد خرسانية بأرض الموقع، مدة (14) يوما لوجود عمود كهربائى بالموقع، مدة (21) يوم لإدخال تعديلات فى رسومات الدكاكين ومخبز آلى وجمعية استهلاكية، مدة (11) يوما بسبب عدم صرف أذون أسمنت للعملية.
وأضافت المحكمة أن مقتضى نص اللائحة آنفة البيان أن ما لا يدخل فى مدة التأخير هو ما يرجع إلى أسباب قهرية، أى التى ترجع إلى عوامل غير متوقعة لا يمكن دفعها، ولما كانت الأسباب التى يثيرها المدعى هى من الأمور التى كانت محل نظره وتوقعه عند التعاقد فيما عدا تعديل الرسومات لإدخال مخبز آلى وجمعية استهلاكية والذى سلم للمدعى ووقع عليه بتاريخ 15/ 8/ 1982 والذى استلزم مقتضاه إزالة القواطيع الداخلية للمبانى ونقل المخلفات خارج الموقع ومن ثم يتعين خفض قيمة الغرامة بما قرر منها مقابل مدة التأخير التى ترجع لهذا السبب وقدرها (22) يوما أى ثلاثة أسابيع، ومن ثم تكون دعوى المدعى فيما يتعدى هذا القدر على غير سند من الواقع والقانون متعيناً رفضها. ولما كانت مدة التأخير فى التنفيذ حتى بعد خصم مدة التأخير المبرر بسبب تعديل الرسومات تؤدى إلى أحقية جهة الإدارة فى استقطاع غرامة التأخير القدر الذى تم استقطاعه من المدعى طبقاً لحكم المادة 93 من لائحة المناقصات والمزايدات، ومن ثم تكون دعوى المدعى على غير سند قانونى خليقة بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وذلك للأسباب التالية:
أولاً: مقتضى المادة (93) من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 أنه لا يدخل فى حساب مدة التأخير مدد التوقف التى يثبت للوزارة أو المصلحة. نشؤها عن أسباب قهرية، وقد أثبت المطعون ضده الثانى أن مدد التوقف فى العملية ناشئة عن أسباب قهرية وطارئة وخارجة عن إرادة الطاعن فقد جاء بالمذكرة التى قدمها المطعون ضده الثانى للمطعون ضده الأول والمرفقة بأوراق الدعوى، والتى انتهى فيها إلى طلب رفع غرامة التأخير أن الأمطار التى هطلت بغزارة بمدينة كفر الشيخ لمدة 22 يوماً، وأن وجود قواعد مسلحة وخرسانية فى موقع العمل وما استلزم من وقت لإزالتها من الموقع (25يوماً)، ووجود عامود كهرباء بمكان الموقع أدى إلى توقف العمل لمدة شهر وأربعة عشر يوماً لحين إزالته بمعرفة مؤسسة الكهرباء وتوقف العمل لمدة (21 يوماً) بسبب طلب المطعون ضده الثانى عمل تعديلات ورسم كروكى جديد للعملية موضوع التعاقد الأصلى، ومدة توقف مقدارها 22 يوماً بسبب تأخر صرف المطعون ضده الثانى الأسمنت اللازم لتشطيب الأعمال - كل تلك المدد اعترف بها المطعون ضده الثانى على أنها مدد توقف خارجة عن إرادة الطاعن.
ثانياً: طبقاً لنص المادة 26 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدت فإن توقيع غرامة التأخير فى تنفيذ العقد يكون طبقاً للأسس وفى الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية وينص عليها فى العقد - وأن العقد موضوع الدعوى ومحل الطعن الماثل لم ينص على توقيع أى غرامة فى حالة التأخير عن إتمام العملية وتسليمها فى المواعيد المتفق عليها، كما لم يبين هذا العقد مقدار الغرامة وكيفية حسابها.
ومن حيث إنه يبين من الإطلاع على الأوراق أنه بتاريخ 12/ 1/ 1982 أسند المطعون ضده الثانى إلى الطاعن بناء عدد 16 دكاناً بجوار مسجد أبو العزائم بمدينة كفر الشيخ بقيمة 34854.200 جنيها، وتم التسليم الموقع فى 24/ 1/ 1982 على أن ينتهى فى 23/ 4/ 1984. .
وفى 26/ 1/ 1982 أرسل الطاعن كتاباً إلى المطعون ضده الثانى يحيطه علماً بأنه أثناء قيامه بأعمال الحفر وجدت قواعد مسلحة وعاديه وسملات متعارضة مع الحفر وتسبب تكسيرها فى تعطيل أعمال الحفر وطلب تقدير المدة اللازمة للتكسير وخصمها من مدة تنفيذ العملية وقد تأشر على الطلب من المطعون ضده الثانى إلى المهندس المختص للمعاينة وتقدير المدة اللازمة للتكسير على أن تحسب عند العمل الختامى، وقد تم تحديد هذه المدة بـ 25 يوماً.
وفى 14/ 2/ 1982 أرسل الطاعن إلى المطعون ضده الثانى يفيده بتوقف العمل بسبب هطول الأمطار وقد تأشر من المطعون الثانى للمهندس المختص بمراعاة ذلك: كما تضمنت حافظة مستندات الجهة الإدارية ما يفيد إرسال إشارة تليفونية من الوحدة المحلية بكفر الشيخ إلى مدير مؤسسة الكهرباء بسرعة نقل عمود الكهرباء المتعارض مع موقع إنشاء العملية وذلك لتسببه فى توقف العمل وتكرر هذا الاتصال فى 28/ 3/ 1982 ولم يتم رفع عمود الكهرباء إلا فى 7/ 4/ 1982، وتأشر من المطعون ضده الثانى بالحفظ بملف العملية لمراعاة المدة التى توقفت فيها أعمال المقاول.
وفى خلال الفترة من 20/ 7/ 1982 إلى 10/ 8/ 1982 توقف العمل وذلك بناء على أمر صادر من المطعون ضده الثانى لإجراء تعديلات فى الرسومات لإضافة مخبز آلى وجمعية استهلاكية وفى 3/ 8/ 1982 تقدم الطاعن بمذكرة تفيد بتوقف العمل بالعملية بسبب عدم صرف طلبات الأسمنت اللازمة لنهو العمل ولم يتم الصرف إلا فى 20/ 9/ 1982. وقد تأشر على هذا الطلب من المطعون ضده الثانى للمهندس المختص بضرورة مراعاة مدة التأخير فى صرف الأسمنت عند عمل ختامى العملية.
وفى 21/ 9/ 1982 تم التسليم الابتدائى للعملية وسلمت نهائياً فى 21/ 9/ 1982 وقامت جهة الإدارة باحتجاز مبلغ 3485.00 جنيهاً كغرامة تأخير. وقد تقدم الطاعن بطلب إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها لرفع غرامة التأخير على أساس أن توقفه عن العمل كان لأسباب خارجة عن إرادته، وقد أعد مدير الإدارة الهندسية مذكرة اقترح فيها رفع غرامة التأخير بسبب أن المقاول قد قام بتسليم العملية فى 21/ 9/ 1982 أى فى خلال المدة المحددة لتنفيذ العملية بعد استبعاد مدد التوقف الخارجة عن إرادته وقد تأشر على هذه المذكرة من المطعون ضده الثانى برفعها للمحافظ للموافقة.
إلا أن الأخير رفض الموافقة على رفع غرامة التأخير بناء على المذكرة التى أعدها المستشار القانونى للمحافظة والتى ارتأى فيها عدم الموافقة على رفع هذه الغرامة.
ومن حيث إنه من المبادئ المقررة فى فقه القانون الإدارى أن غرامة التأخير فى العقود الإدارية مقررة ضماناً لتنفيذ هذه العقود فى المواعيد المتفق عليها حرصاً على حسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد، وأن التكييف القانونى لغرامة التأخير أنها صورة من صور التعويض الاتفاقى، تتميز عن التعويض الاتفاقى فى مجالات القانون الخاص بأحكام خاصة أهمها أن أحد أركانه وهو الضرر يفترض وقوعه بمجرد حصول التأخير، إلا أنه يجوز للطرف الآخر أن يثبت انتقاء ركن الخطأ، ومتى انتفى أحد أركان المسئولية الموجبة للتعويض فلا مجال عندئذ لاستعمال الحق المخول للإدارة فى اقتضاء التعويض لانعدام الأساس القانونى الذى يقوم عليه.
ومن حيث إنه من المقرر أيضاً أن تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية هو أصل عام من أصول القانون يطبق فى العقود الإدارية شأنها فى ذلك شأن سائر العقود المدنية ومقتضى تطبيقه فى هذه الحالة، منظوراً إلى الطريقة التى تم بها تنفيذ العقد والتى تقطع بأن النية المشتركة للمتعاقدين قد اتجهت إلى أخذ اشتراطات وتحفظات المقاول على أنها جزء من التعاقد. والثابت من ملف العملية أن لجنة البت قد أرست العملية على الطاعن بحسبان أن عطاءه يمثل أقل الأسعار مقرونة باشتراطاته التى تتمثل فى عدة نقاط أهمها أن أى تأخير فى صرف مواد البناء يخصم من مدة العملية، كما أن مدد هطول الأمطار تخصم من المدة المقررة لنهو العمل، وقد اطلعت لجنة البت على هذه الاشتراطات واشرت عليها بالنظر ولم تطلب من المقاول التنازل عنها صراحة الأمر الذى يقطع بأن الجهة الإدارية قد قبلت تلك الاشتراطات وأصبحت جزءاً من التعاقد. وتأسيساً على ذلك ولما كانت اشتراطات الطاعن الصريحة التى قبلتها الجهة الإدارية المتعاقدة وأصبحت جزءاً من العقد تنص على استبعاد مدد توقف العمل بالعملية بسبب هطول الأمطار أو التأخير فى صرف الأسمنت ومن ثم وإعمالاً لهذا البند يتعين استبعاد مدد توقف العمل بسبب هطول الأمطار ومقدارها 22 يوماً ومدة التأخير فى صرف كميات الأسمنت عن الموعد المحدد ومقدارها 52 يوماً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أيضاً أن العمل توقف بالعملية بسبب صدور أمر من الجهة الإدارية المتعاقدة بإجراء تعديلات فى تصميم العملية بإضافة إنشاء مخبز آلى وجمعية استهلاكية بدلاً من بعض الدكاكين التى كان مقرراً إنشاؤها أصلا ً، وكان من الثابت أن مدة توقف العمل بسبب هذا التعديل المفاجئ فى التصميمات وتكليف المقاول بتنفيذه، ليست إنكار من الجهة الإدارية المتعاقدة، ومن ثم يتعين استبعاد هذه المدة ومقدارها 21 يوماً من 20/ 7/ 1982 إلى 10/ 8/ 1982 من المدة المقررة لتنفيذ العقد.
ومن حيث إن الثابت من ملف العملية أيضاً أن العمل بالعملية قد توقف بعد الحفر بسبب قواعد خرسانية بالموقع متعارضة مع عملية البناء واستغرق التوقف اللازم لتكسيرها ونقل الملفات خارج الموقع خمسة وعشرين يوماً، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد بادر إلى إخطار الجهة الإدارية المتعاقدة بذلك فى حينه واستجابت له الجهة الإدارية وقدرت المدة اللازمة لتجهيز الموقع للعمل بخمسة وعشرين يوماً، ومن ثم يتعين استبعاد تلك المدة من المدة المقررة لنهو العمل تأسيساً على أن الجهة لم تسلم الموقع للمقاول خالصا من الموانع وهو ما أقرت به الجهة الإدارية فى حينه، بل إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد طلبت التحقيق مع موظفى الإدارة الهندسية بها بسبب عدم إخلاء الموقع من المعوقات وتسليمه خالياً من الموانع، ولا يحتج على الطاعن بان معاينته للموقع قبل بدء العمل يعنى أقراراً منه بخلوه من الموانع لأن المعاينة المطلوبة كانت ظاهرية ولم تتطرق إلى الكشف عن المستور تحت الأرض وهو ما لا يكتشف إلا بالحفر أو الجس بمناسبة الكشف عن نوعية التربة ومدى ملاءمتها للتصميمات المزمع إنشاؤها ومن ثم يتعين إضافة هذه المدة ومقدارها 25 يوماً إلى مدة تنفيذ العملية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المقاول قد أخطر الجهة الإدارية المتعاقدة بتوقف العمل بسبب وجود عمود كهرباء متعارض مع الموقع ويعوق التنفيذ وقد استغرق الوقت لمخاطبة شركة الكهرباء من جانب الجهة الإدارية المتعاقدة مدة 44 يوماً وهى المدة من تاريخ 23/ 2/ 1982 حتى 7/ 4/ 1982 تاريخ إزالة عمود الكهرباء توطئة لاستئناف العمل والبين من الإطلاع على ملف العملية أن الجهة الإدارية المتعاقدة قد أقرت هذا العذر وقررت فى حينه استبعاد المدة التى استغرقتها إزالة عمود الكهرباء من مدة العملية ومن ثم فلا مجال لاحتساب غرامة تأخير عنها.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكانت غرامة التأخير التى أوقعتها الجهة الإدارية المطعون ضدها على المقاول بدعوى تأخره فى تنفيذ العملية التى أسندت إليه، وتسليمها بعد الميعاد المحدد للتسليم، ليس لها أساس من الواقع، بحسبان أن مدد التوقف كانت لأسباب لا دخل لإدارة الطاعن فيها وقد أقرتها الجهة الإدارية المتعاقدة فى حينه ورأت إضافة هذه المدد إلى المدة المقررة لتنفيذ العملية، وكان الثابت أيضاً أن المدة المحددة لتنفيذ العملية ثلاثة أشهر من 24/ 1/ 1982 حتى 23/ 4/ 1982 وكان الثابت أن الطاعن قد سلم العملية فى 21/ 9/ 1982 إلا أنه باستبعاد المدد التى توقف العمل بسببها ومقدارها 164 يوماً من تاريخ التسليم الفعلى لا يكون هناك مدد تأخير يحق لجهة الإدارة الحصول على مقابل لها.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه والحكم بأن يرد للطاعن مبلغ 1985.420 جنيهاً قيمة غرامة التأخير والفوائد القانونية المستحقة عن هذا المبلغ بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، عملاً بحكم المادة 226 من القانون المدنى التى استقر قضاء هذه المحكمة على اعتبارها من الأصول العامة للالتزامات وتوافر شروط تطبيقها فى هذا المبلغ.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن ترد للطاعن مبلغ 3485.420 جنيهاً (ثلاثة آلاف وأربعمائة وخمسة وثمانين جنيهاً وأربعمائة وعشرين مليما) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.