مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1255

(137)
جلسة 17 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد عبد الرحمن سلامة، وإدوارد غالب سيفين، وسامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4637 لسنة 40 قضائية عليا

دعوى - الحكم فى الدعوى - تنفيذ الأحكام - الإشكال فى التنفيذ - طبيعته وأحكامه.
الأصل فى قبول الأشكال فى التنفيذ سواء كان بطلب وقف تنفيذ الحكم أم بالاستمرار فى تنفيذه أن يجد سببه بعد صدور الحكم فهو باعتباره منصبا على إجراءات التنفيذ فأن مبناه يكون دائماً وقائع لاحقة للحكم استجدت بعد صدوره وليست سابقة عليه وإلا أضحت حقيقة الإشكال طعناً فى الحكم بغير الطريق الذى رسمه القانون كذلك فإنه لا يجوز البتة أن يعاد من خلاله طرح ما سبق أن فصل فيه الحكم المستشكل فى تنفيذه لما فيه من مساس بما للحكم من حجية لا يتأتى المساس بها على أى وجه الا من خلال طريقة من طرق الطعن المقررة قانوناً - اساس ذلك - إن اشكالات التنفيذ هى منازعات تتعلق بما أوجبه القانون من شروط يتعين توافرها لإجراء التنفيذ وليست تظلماً من الحكم المراد وقف تنفيذه وبالتالى فلا يجدى الإشكال اذا كان مبنيا على وقائع سابقة على الحكم إذ المفروض أنه قد صححها بصورة صريحة أو ضمنية ـ مؤدى بذلك - أن قضاء المحكمة المقدم اليها الإشكال فى تنفيذ الحكم الصادر منها إذا لم ينصب الإشكال على الشروط الواجبة لإجراء تنفيذ الحكم فأن على هذه المحكمة أن تحكم برفض الإشكال - الإشكال فى التنفيذ يختلف عن الاختصاص المقرر لدائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بموجب المادة (50) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فيما يتعلق بوقف تنفيذ الأحكام المطعون فيها والتى ترتبط بمدى إتفاق الحكم المطعون فيه فيما قام عليه من أسباب مع القانون وأن المبادرة الى تنفيذه لن يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها لحين الفصل فى موضوع الدعوى - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 25 سبتمبر سنة 1994 أودع الأستاذ ........ المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 4637 لسنة 40ق ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بقنا فى الدعوى رقم 156 لسنة 2ق بجلسة 27/ 7/ 1994 والقاضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الإشكال والزام المستشكل مصروفاته وأمرت بإحالة طلب الغاء القرار رقم 25 لسنة 1991 الى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأى القانون فيه.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة القضية لمحكمة القضاء الادارى بقنا للفصل فى هذا الشق من الدعوى مجدداً بهيئة أخرى مع الزام المطعون ضدها الأخيرة المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من القضاء بعدم أختصاص المحكمة بنظر الأشكال ليكون برفض الإشكال مع إلزام الطاعن المصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16/ 6/ 1997، وبجلسة 19/ 1/ 1998 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 22/ 2/ 1998 وفيها قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
من حيث إن وقائع المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن الطاعن أقام إستشكالا بصحيفة مودعة قلم كتابة محكمة فرشوط الجزئية بتاريخ 20/ 5/ 1991 قيد برقم 113 لسنة 1991 طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط الصادر بجلسة 25/ 3/ 1991 فى الدعوى رقم 1990 لسنة 1ق مع إلزام المستشكل ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحا لدعواه أن المستشكل ضدها الأولى (المطعون ضدها الثالثة) أقامت الدعوى المشار إليها طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من محافظ قنا فى 21/ 9/ 1989 بالموافقة على استثناء محطة بيع بنزين ذى طلمبتين أحدهما للبنزين والأخرى للسولار مملوكة للمستشكل وبصفته وكيلا عن شركة مصر للبترول والكائنة بشارع بور سعيد بمدينة فرشوط من شرط المسافة، وأنه بجلسة 25/ 3/ 1991 أصدرت المحكمة المذكورة حكما بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأضاف المستشكل أن هذا الحكم باطل إذ قضى للمدعية بما لم تطلبه بصحيفة دعواها أو فى مراحل الدعوى، وأنه يحق له الإستشكال فى تنفيذ هذا الحكم وطلب الحكم بوقف تنفيذه إلى حين الفصل فى الطعن رقم 2582 لسنة 37ق.ع الذى أقامه أمام المحكمة الإدارية العليا طعنا عليه حيث أن طلبات المدعى عليها قد أقتصرت على طلب لإلغاء قرار محافظ قنا الصادر فى 21/ 9/ 1989م باستثناء محل بيع البنزين والسولار ملكه من شرط المسافة وهى أحد شروط الترخيص بفتح المحل، وأن الحكم محل الإستشكال قضى للمدعى عليها الأولى ليس فقط بإلغاء قرار محافظ قنا المذكور وإنما حكم بإلغاء الترخيص الصادر لصالح المستشكل من مجلس مدينة فرشوط.
وبجلسة 18/ 12/ 1991 قدم وكيل المدعى بصحيفة معلنة إلى المدعى عليهم ضمنها طلبا اضافيا وهو طلب إلغاء القرار الصادر من رئيس مجلس فرشوط رقم 25 لسنة 1991 بإلغاء الرخصة رقم 117 لسنة 1989، وبجلسة 29/ 1/ 1992 حكمت المحكمة بوصفها قاضيا للأمور المستعجلة وفى مادة تنفيذ وقتية بعدم إختصاصها بنظر الأشكال وإحالته لحالته إلى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط وأبقت الفصل فى المصروفات ثم إلى محكمة القضاء الإدارى بقنا.
وبجلسة 27/ 7/ 1994 صدر الحكم المطعون فيه بعدم إختصاص المحكمة بنظر الإشكال وإلزام المستشكل مصروفاته وأمرت بإحالة طلب إلغاء القرار رقم 25 لسنة 1991 إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المقرر أن القاعدة العامة فى قبول الإشكال فى التنفيذ أن يكون سببه قد جرى بعد صدور الحكم بإعتباره منصبا على إجراءات التنفيذ، وعلى ذلك فإن مبنى الأشكال يكون دائما وقائع لاحقة على صدور الحكم لا سابقة عليه، وإلا كان ذلك طعنا فى الحكم بغير الطريق القانونى. وإذ يبين من الأوراق أن المدعى أقام أشكاله طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى المشار إليها تأسيسا على أنه قام بالطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا والمقيد برقم 2582 لسنة 37ق.ع، ولما كان الإختصاص بوقف تنفيذ الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى ينعقد لدائرة فحص الطعون دون غيرها طبقا للمادة 50 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، ومن ثم فإن المحكمة تكون غير مختصة بنظر الإشكال الماثل ويتعين القضاء بعدم إختصاصها بنظره دون إحالة وإلزام المدعى المصروفات، وعن طلب إلغاء قرار رئيس مجلس مدينة فرشوط رقم 25 لسنة 1991 فيما تضمنه من إلغاء الرخصة رقم 117 لسنة 1989 فإنه وفقا للمادة 27 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فإنه يتعين إحالة هذه الطلب إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأى القانونى فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه ذلك أنه أمتنع عن أعمال أحكام قانون المرافعات المتعلقة باشكالات التنفيذ بالمخالفة لصريح نص المادة 3 من قانون مجلس الدولة والذى جرى العمل بها فى مجال القضاء الإدارى لأن هذا النظام لا يتعارض مع طبيعة الدعوى الإدارية وأن سلطة وقف تنفيذ الأحكام المطعون فيها أمام المحكمة الإدارية العليا المنصوص عليها فى المادة 50 فقرة 1 من قانون مجلس الدولة تختلف فى مجال أعمالها عن أحكام إشكالات التنفيذ ولا يحول أحدهما دون أعمال وتطبيق الآخر عند قيام سببه وموجبات أعماله، كما أخطأ الحكم فى تطبيق القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه قد جعل نظر الإشكال من إختصاص المحكمة الإدارية العليا بديلا عن اختصاصها فى وقف تنفيذ الأحكام المطعون فيها، وهذا التفسير الخاطئ هو الذى جعل الحكم يتسلب من نظر الإشكال المقام من الطاعن، وبذلك يكون تسلب الحكم المطعون فيه من نظر الإشكال فى التنفيذ المقام من الطاعن وقضاؤه بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى به غير موافق للقانون.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الأصل فى قبول الإشكال فى التنفيذ سواء كان بطلب وقف تنفيذ الحكم أم بالإستمرار فى تنفيذه أن يجد سببه بعد صدور الحكم، فهو بإعتباره منصبا على إجراءات التنفيذ فإن مبناه يكون دائما وقائع لاحقه للحكم استحدث بعد صدوره، وليست سابقة عليه، وإلا أضحت حقيقة الأشكال طعنا فى الحكم بغير الطريق الذى رسمه القانون، كذلك فإنه لا يجوز البته أن يعاد من خلاله طرح ما سبق أن فصل فيه الحكم المستشكل فى تنفيذه لما فيه من مساس بما للحكم من حجية لا يتأتى المساس بها على أى وجه، إلا من خلال طريق من طرق الطعن المقررة قانونا، لذلك أن اشكالات التنفيذ هى منازعات تتعلق بما أوجبه القانون من شروط يتعين توافرها لإجراء التنفيذ وليست تظلما من الحكم المراد وقف تنفيذه، وبالتالى فلا يجدى الإشكال إذا كان مبنيا على وقائع سابقة على الحكم إذ المفروض أنه قد صححها بصورة صريحة أو ضمنية، وفى الحدود السابقة فإن قضاء المحكمة المقدم إليها الأشكال فى تنفيذ الحكم الصادر منها - إذا لم ينصب الأشكال على الشروط الواجبة لإجراء تنفيذ الحكم كان على هذه المحكمة أن تحكم برفض الإشكال، والإشكال فى التنفيذ بهذه المثابة يختلف عن الإختصاص المقررة لدائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بموجب المادة (50) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فيما يتعلق بوقف تنفيذ الأحكام المطعون فيها والتى ترتبط بمدى إتفاق الحكم المطعون فيه فيما قام عليه من أسباب مع القانون وأن المبادرة إلى تنفيذه لن يترتب عليها نتائج يتعذر تداركها لحين الفصل فى موضوع الدعوى - وعلى ذلك فلكل من إشكالات التنفيذ واختصاص دائرة فحص الطعون بموجب المادة (50) سالفة الإشارة مجاله المستقل وإذ خلط الحكم الطعين بين الاثنين وإنتهى فى قضائه إلى الحكم بعدم إختصاص المحكمة فإنه يكون مخالفا للقانون جديرا بالإلغاء وإعادة الدعوى إلى المحكمة التى أصدرته للفصل فيه مجددا بهيئة أخرى مع إبقاء الفصل فى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بقنا للفصل فيها مجددا بهيئة أخرى مع إبقاء الفصل فى المصروفات.