مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1309

(144)
جلسة 31 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يسرى زين العابدين نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد شمس الدين عبد الحليم، ومصطفى عبد المنعم صالح، ود. محمد رضا سليمان، ود. عبد الله إبراهيم فرج ناصف نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1041 لسنة 41 القضائية

تأديب - الجزاء التأديبى - عدم جواز توقيع جزاء على مخالفة سبق مجازاة العامل عنها.
لا يسوغ معاقبة العامل تأديباً عن ذات الأفعال غير مرة واحدة - السلطة التأديبية تستنفد ولايتها بتوقيعها العقاب التأديبى - لا يسوغ للسلطة التأديبية أو لسلطة تأديبية أخرى توقيع الجزاء التأديبى عن ذات الجرائم التأديبية لذات العامل الذى سبق عقابه ومجازاته لا يعتبر من ذلك أن تكون السلطة التى وقعت الجزاء التأديبى إبتداء هى السلطة التأديبية الإدارية الرئاسية أو السلطة التأديبية القضائية ممثلة فى المحاكم التأديبية - أساس ذلك: أن العلة تتحقق بمجرد توقيع الجزاء التأديبى صحيحاً قانوناً على العامل حيث تصل بذلك المسئولية التأديبية للعاملين الى غايتها القانونية
ـ لا يسوغ مباشرة السلطة التأديبية على ذات العامل لذات الفعل الذى جوزى عنه - الولاية التأديبية ترتبط وجودا أو عدما مع الغاية المستهدفة منها وهى مجازاة العامل عما ثبت اسناده قبله من جرائم تأديبية تحقيقا للانضباط المالى والإدارى وحفاظاً على حسن سير وإنتظام اداء الخدمات العامة على يد الأجهزة المختصة - تكرار مجازاة العامل تأديبياً عن ذات الجرائم التأديبية فضلا عن انعدام سنده القانونى يعد مخالفاً للنظام العام العقابى لإهداره لسيادة القانون أساس الحكم فى الدولة ولحقوق الإنسان التى تقضى بشخصية العقوبة وتحتم فوريتها وعدم تكرارها الجزاء التأديبى المتكرر عن ذات الفعل على ذات العامل يكون باطلا ومنعدم الأثر سواء صدر من السلطة الرئاسية التأديبية أو من المحاكم التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 24/ 1/ 1995 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن حيث قيد بجدولها تحت رقم 1041 لسنة 41ق فى قرار مجلس التأديب بمحكمة الإسكندرية الابتدائية الصادر بجلسة 4/ 2/ 1994 فى الدعوى رقم 26 لسنة 94 والذى نص فى منطوقه.
أولاً: برفض الدفع بالبطلان ثانياً: بمجازاة المحال "الطاعن" بالحرمان من نصف علاوته الدورية.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء حكم مجلس التأديب المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار من الزام الجهة الإدارية بالمصاريف ومقابل اتعاب المحاماه.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى انتهت فيه الى قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بالغاء حكم مجلس التأديب المطعون فيه.
وتحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الرابعة فحص الطعون جلسة 8/ 10/ 1997 وفيها قررت إحالته الى هذه الدائرة فحص الطعون التى نظرته بجلسة 9/ 12/ 1997 وتدوول أمامها إلى أن قررت بجلسة 10/ 3/ 1981 إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 29/ 3/ 1998 وفيها قررت اصدار الحكم بجلسة 10/ 5/ 1998 ثم قررت مد أجل النطق به بجلسة اليوم وفيها صدر واودعت مسودته المشتملة على اسبابه عد النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ـ ومن حيث إن عناصر الموضوع تخلص حسبما يبين من الأوراق من قرار مجلس التأديب المطعون فيه أنه بتاريخ 6/ 7/ 1994 صدر قرار المستشار رئيس محكمة الإسكندرية بمجازاة الطاعن بصفته امين قلم الحفظ بمحكمة العطارين الجزئية بخصم عشرة ايام من راتبه لما نسب اليه من اخلاله بواجبات وظيفته وقيامه باتلاف 288 ملف اصول الثوانى (محاضر قلم المحضرين) اهالى - مطالبة - حكومة وهى خاصة بالسنوات من 1988 وما قبلها بالمخالفة للتعليمات الأمر الذى ترتب عليه كثرة شكاوى المحامين لعدم وجود أصول المحاضر للحصول على صور منها الأمر الذى اعاق سير العمل وعطل مصالح جمهور المتقاضين.
وبعرض الأوراق وقرار الجزاء على المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم قرر سيادته بتاريخ 4/ 9/ 1994 بإعادة العرض على المستشار رئيس المحكمة لإصدار قرار بإحالة الطاعن إلى المحكمة التأديبية، وبتاريخ 16/ 10/ 1994 قرر رئيس المحكمة إحالة الطاعن الى مجلس التأديب والذى قضى بجلسة 4/ 12/ 1994 بمجازاته بعقوبة الحرمان من نصف علاوته الدورية، وشيد قضاءه على اساس ثبوت ما نسب إلى الطاعن من واقع شهادة الشهود خاصة ما قرره ........ كاتب اول محكمة العطارين الجزئية من أنه بتاريخ 13/ 6/ 1993 قدم اليه الطاعن مذكرة لتوفير عدد خمسين جوالا فارغاً لتعبئة اوراق الدشت التى تخلفت عن عمل اللجنة التى شكلت عام 1991 وأنه سلمه الأجولة المطلوبة كذلك ما قرره ....... رئيس اللجنة المشكلة عام 1991 لدشت قضايا عام 1976 من أن اللجنة بعد ان انتهت من عملها لم تترك ما يستحق الدشت، كما ان اللجنة سلمت الطاعن المحاضر المفقودة والتى قام بدشتها ونعى الطاعن على قرار مجلس التأديب المطعون فيه مخالفته القانون بالخطأ فى تطبيق القانون وتأويله 1 - لأن قرار رئيس المحكمة بتوقيع الجزاء عليه صدر بتاريخ 6/ 7/ 1994 فى حين أن الأوراق اعيدت من وكالة الوزارة لشئون المحاكم بتاريخ 14/ 9/ 1994 بعد مضى أكثر من شهر من تاريخ ابلاغها بالقرار وبالتالى يكون قرار الإحالة قد تم بالمخالفة لنص المادة 82 من القانون رقم 47 لسنة 78 مما يتعين الحكم ببطلانه.
2 - لأن قرار مجلس التأديب لم يلتزم بأحكام لائحة التحقيق والجزاءات الخاصة بالعاملين بالمحاكم والصادرة بقرار وزير العدل رقم 651 لسنة 82 والتى تقرر فى المادة 24 منها بان العقاب المقرر على المخالفة المنسوبة اليه هى الإنذار كحد أدنى والخصم عشرة ايام كحد أقصى.
3 - لفقدان قرر مجلس التأديب السند القانونى لخلو الأوراق مما يثبت تسلمه اصول المحاضر المدعى عليه باتلافها تسليما قانونيا مما تنتفى مسئوليته عن هذا الفقد
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يسوغ معاقبة العامل تأديباً عن ذات الأفعال غير مرة واحدة حيث تستنفد السلطة التأديبية ولايتها بتوقيعها العقاب التأديبى، ولا يسوغ لذات السلطة التأديبية أو لسلطة تأديبية أخرى توقيع الجزاء التأديبى عن ذات الجرائم التأديبية لذات العامل الذى سبق عقابه ومجازاته ولا يغير من ذلك أن تكون السلطة التى وقعت الجزاء التأديبى ابتداء هى السلطة التأديبية الإدارية الرئاسية أو السلطة التأديبية القضائية ممثلة فى المحاكم التأديبية، لأن العلة تتحقق بمجرد توقيع الجزاء التأديبى صحيحا قانوناً على العامل، حيث بذلك تصل المسئولية التأديبية للعاملين الى غايتها القانونية، ولا يسوغ بعد ذلك مباشرة السلطة التأديبية على ذات العامل لذات الفعل الذى جوزى عنه، حيث ترتبط الولاية التأديبية وجوداً وعدماً مع الغاية المستهدفة منها وهى مجازاة العامل عما يثبت اسناده قبله من جرائم تأديبية تحقيقاً للانضباط الإدارى والمالى وحفاظاً على حسن سير وانتظام اداء الخدمات العامة على يد الأجهزة المختصة.
ومن حيث إن تكرار مجازاة العامل تأديبياً على ذات الجرائم التأديبية فضلاً عن انعدام سنده القانونى، يعد مخالفة للنظام العام العقابى لاهداره لسيادة القانون اساس الحكم فى الدولة ولحقوق الإنسان التى تقضى بشخصية العقوبة، وتحتم فوريتها، وعدم تكرارها، كما يمثل اعتداء على قاعدة أن الوظائف العامة حق للمواطنين وتكليف للقائمين بها فى خدمة الشعب، لالتزام الدولة بحمايتهم وكفالة قيامهم بأداء واجباتهم حيثما نصت عليه مواد الدستور أرقام 14، 64، 66، 67 ومن ثم فإن الجزاء التأديبى المتكرر عن ذات الفعل على ذات العامل يكون باطلاً ومنعدم الأثر سواء صدر من السلطة الرئاسية التأديبية أو المحاكم التأديبية.
ومن حيث إنه وبالبناء على ما سبق فإن الدفع بعدم جواز المحاكمة التأديبية لسبق مجازاة العامل تأديبيا يعد دفعا متعلقاً بالنظام العام ويتصل بالشرعية وسيادة القانون بوجه عام ويتعلق بالأسس الجوهرية للنظام التأديبى بصفة خاصة ومن ثم فأنه يجوز ابدائه فى اية مرحلة من مراحل الدعوى التأديبية ولو لأول مرة امام المحكمة الإدارية العليا كما تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أنه بتاريخ 6/ 7/ 1994 صدر قرار المستشار رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية بمجازاة الطاعن بخصم عشرة ايام من راتبه لما نسب اليه من اتلافه 228 ملفاً من ملفات اصول التوانى (محاضر حكم المحضرين) خاصة بالسنوات 1988 وما قبله بالمخالفة للتعليمات وهى ذات المخالفة التى قدم بسببها الى المحكمة التأديبية، وصدر بمجازاته عنها قرار مجلس التأديب المطعون فيه وذلك بحرمانه من نصف علاوته الدورية، ومن ثم يكون قد تم مجازاة الطاعن مرتين عن ذات المخالفة وهو ما لا يجوز قانوناً، وبالتالى يكون قرار مجلس التأديب المطعون عليه قد صدر باطلاً منعدم الأثر ويتعين القضاء بالغائه بحسبان أن الجزاء التأديبى الموقع على الطاعن بالخصم عشرة ايام من راتبه والصادر من رئيس المحكمة صادر من المختص بإصداره وطبقاً للأوضاع القانونية الصحيحة.
ولا ينال من ذلك أن إحالة الطاعن الى المحكمة التأديبية تم بموجب تأشيرة مساعد وزير العدل لشؤون المحاكم - مفوضا من وزير العدل - الذى يملك التعقيب على قرار رئيس المحكمة بمجازاة الطاعن استناداً إلى حكم المادة 82 من قانون العاملين المدنيين بالدولة والتى تجيز للسلطة المختصة ممثلة فى الوزير بتعديل قرارات الجزاءات الصادرة من رئيس المحكمة ذلك أن القانون رقم 46 لسنة 72 بشأن السلطة القضائية قد تضمن تنظيماً خاصاً لتأديب العاملين بالمحاكم ولم يورد نصا يجيز التعقيب على قرارات الجزاء الصادرة من السلطة المختصة ولا يجوز مع هذا التنظيم الخاص اللجوء الى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه.