مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1377

(151)
جلسة 21 من يونيه سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد عبد الرحمن سلامة، وعلى عوض محمد صالح، وسامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 338 لسنة 35 قضائية عليا

(أ) اختصاص - ما يدخل فى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى - عدم رد جهة الإدارة على الإخطارات المقدمة من ذوى الشأن بإصدار الصحف (قرار إدارى).
ـ يلزم التفرقة بين سلطات المجلس الأعلى للصحافة التى أناط القانون التظلم منها أمام محكمة القيم وهى التظلم من قرارات الرفض الصريح لإنشاء الصحف أما ما عدا ذلك من حالات مثل عدم الرد على الإخطارات المقدمة من ذوى الشأن بإصدار الصحف فإن الاختصاص به يظل منوطاً بقضاء مجلس الدولة، باعتباره صاحب الولاية العامة فى المنازعات الإدارية - يكون عدم الرد فى هذه المساءلة فى حكم القرار الإدارى شأنه فى ذلك شأن القرار الذى يصدر من أية جهة إدارية فى أى شأن من شئونها يستهدف هذا التصرف تحديد المركز القانونى لطالب الترخيص بإصدار الصحيفة ويتمخض فى إرادة ملزمة مصدرها القانون، ويراد بالإفصاح عنها إحداث مركز قانونى معين يعتبر فى حد ذاته ممكناً وجائزاً قانوناً والباعث عليه انتفاء مصلحة عامة - تطبيق.
(ب) حقوق وحريات - حرية الصحف والمجلات - سلطة المجلسة الأعلى للصحافة فى الترخيص بإصدار الصحف - ضوابطها.
المواد 13، 14، 15، 19 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة - عدم الرد من المجلس الأعلى للصحافة خلال المدة القانونية يعتبر فى حكم قرار الموافقة أو عدم الاعتراض على صدورها - أساس ذلك - استنهاض المشرع المجلس لمباشرة اختصاصه ومسئوليته وحثه على بحث الإخطارات المقدمة إليه لإصدار الصحف والبت فيها خلال أجل معقول حتى لا تكون سلطة المجلس المذكور سلطة مطلقة من كل قيد زمنى على نحو يشكل تقييداً لحرية إصدار الصحف التى كفلها الدستور والقانون - الموافقة أو عدم الاعتراض مقصور على الأحوال العادية التى يتوافر فى الصحيفة والطلب المقدم بشأنها ما يعد من الأركان الأساسية التى استلزمها الدستور وقانون الصحافة من تحديد ملكية الصحف ونوعية ملاكها وما يماثل ذلك من جوانب أساسية التزم بالنص عليها المشرع الدستورى وقانون تنظيم الصحافة وذلك تنظيماً لحرية إصدار الصحف وتملكها - لا يتأتى الفصل بين كيفية الإخطار عن صحيفة جديدة وبين الشكل القانونى لمالكها أو من له حق إصدارها والذى يجب أن يتخذ وفقاً للقانون وأن يستوفى أولاً للشروط التى تطلبتها المادة (19) المشار إليها متى يكون لهذا الإخطار الأثر الذى رتبه المشرع على تقديمه - مؤدى ذلك - إذا تخلف فى الإخطار شرط أساسى من الشروط اللازمة لأحد الأشخاص القانونية التى حددها القانون حيث اشترط أن يكون مالك الصحيفة متخذاً شكل التعاونيات أو الشركات المساهمة فإنه لا يقيد بالإخطار لعدم تكامل أركانه الجوهرية بمعنى المدة التى تفترض الموافقة ضمناً من المجلس - لا يملك المجلس الأعلى للصحافة أن يباشر سلطة صريحة فى تحديد مركز قانونى معين بالمخالفة لأحكام الدستور وقانون الصحافة فيما يتعلق بإصدار الصحف - من باب أولى لا يمكن من ينسب إليه افتراضاً الموافقة الحكمية على مخالفة الدستور والقانون حيث يتعين أن تفسر إرادته وأن يعمل بها تحت رقابة القضاء وسواء صراحة أو ضمناً فى إطار سيادة القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 12/ 1/ 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 338 لسنة 35ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 15/ 11/ 1988 فى الدعوى رقم 4352 لسنة 42ق والقاضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلا، وفى الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المجلس الأعلى للصحافة مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن بصفته - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء هذا الحكم والقضاء أصليا: بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطيا: برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل الأتعاب عن الدرجتين وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً، مع إلزام الطاعن بصفته المصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/ 7/ 1995 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 5/ 1/ 1998 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 1/ 3/ 1998 حيث قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث عن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده بصفته أقام الدعوى رقم 4352 لسنة 42ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 29/ 5/ 1988 طلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بامتناع جهة الإدارة عن إصدار قرار الترخيص بإصدار صحيفة اليوم، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقال شرحا لدعواه أنه بصفته تقدم إلى السيد أمين عام المجلس الأعلى للصحافة بتاريخ 3/ 4/ 1988 بطلب الموافقة على إصدار صحيفة أسبوعية "اليوم" وأرفق بطلبه كافة المستندات المتطلبة قانونا لذلك، إلا أن المدعى عليه بصفته لم يصدر قراره بشأن هذا الطلب بالمخالفة لنص المادة رقم (15) من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة، وإذ يعتبر عدم إصدار القرار خلال مدة أربعين يوما من تاريخ تقديم الطلب بمثابة عدم اعتراض المجلس الأعلى للصحافة على إصدار الصحيفة، وإذ لم يصدر قرار برفض إصدار تلك الصحيفة، فإن المدعى يطعن فى القرار السلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص الصحيفة وقد توافر فى الطلب المستعجل ركنان، حيث تمثل ركن الجدية فيما سلف ذكره، وأما الاستعجال فإن هذا القرار ينطوى على مساس بالحرية فى التغيير والحرية فى إصدار الصحيفة والمساس بذلك يعد من أبرز صور الاستعجال التى تبرر وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وبجلسة 15/ 11/ 1988 صدر الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلا، وبرفض الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المجلس الأعلى للصحافة مصروفات هذا الطلب.
وأقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بالدفع المثار بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى بأن الثابت أن المجلس الأعلى للصحافة لم يصدر خلال المهلة المحددة فى المادة 15 من القانون رقم 128 لسنة 1980 قراراً صريحا برفض إصدار الصحيفة وكان محل الطعن فى الدعوى الماثلة هو القرار السلبى بالامتناع عن إصدار الترخيص للصحيفة رغم انقضاء الأجل المحدد له للاعتراض على إصدارها وبهذه المثابة فإن الاختصاص بنظر الدعوى الماثلة ينعقد لهذه المحكمة ومن ثم يكون الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى غير قائم على أساس سليم خليقا بالرفض.
وأضافت المحكمة - بالنسبة لركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإذ منح المشرع بمقتضى نص المادة (15) من القانون رقم 148 لسنة 1980 المجلس الأعلى للصحافة أجلا محدداً للبت فى الإخطارات التى تقدم إليه لإصدار الصحيفة بالموافقة أو الرفض بحيث إذا انقضى هذا الأجل الذى قدره المشرع بأربعين يوماً دون أن يصدر المجلس المذكور قراره برفض إصدار الصحيفة فإن ذلك يعتبر بمثابة عدم اعتراض منه على إصدارها وموافقة ضمنية على هذا الإصدار وأن البادى من ظاهر الأوراق أن المدعى بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية الرعاية الثقافية والاجتماعية لأبناء محافظة القليوبية بالقاهرة تقدم بتاريخ 3/ 4/ 1988 بإخطار المجلس الأعلى للصحافة لإصدار صحيفة تحمل اسم "اليوم" وقد انقضت المدة التى حددها القانون دون أن يصدر المجلس المذكور قراره فى هذا الخصوص سواء بالموافقة أو الرفض فمن ثم يعتبر سكوت المجلس عن إصدار قراره فى هذا الشأن خلال هذه المدة بمثابة عدم اعتراض منه على إصدار تلك الصحيفة وموافقة ضمنية على إصدارها، ولا يغير من ذلك الاستناد إلى حكم المادة (19) من ذات القانون بأن حكم المادة (15) سالف الإشارة لا يجد مجالاً لإعماله إلا حيث يكون الإخطار المقدم بشأن إصدار الصحيفة قد استوفى الشروط التى يتطلبها حكم المادة (19) بحيث إذا لم يكن ذلك الإخطار مستوفيا لتلك الشروط فإنه لا يكون ثمة محل لإعمال حكم المادة (15) المشار إليه ـ لا يعتبر ذلك كله من النظر سالف البيان بحسبان أن هذا الإدعاء لا يستقيم ولا يجد مجالا له إذا كان الأمر لا يتعلق بسلطة مقيدة بشروط معينة فى منح الترخيص على وجه لا يمكن التحلل منه أما إذا كان يتعلق بسلطة تقديرية خولها القانون للمجلس بمقتضاها يمكنه الموازنة والترجيح بإعمال تلك الشروط جميعها أو الإعفاء منها كلها أو بعضها بحسب ما ينتهى إليه تقديره فى هذا الخصوص وبهذه المثابة فإن مرور المدة التى حددها المشرع للمجلس المذكور للبت فى الإخطارات التى تقدم إليه بشأن إصدار الصحف سواء بالموافقة أو بالرفض يعد بمثابة عدم اعتراض منه على إصدار الصحيفة وموافقة ضمنية على إصدارها فى نطاق السلطة التقديرية الممنوحة له وفقا لحكم المادة (19) من قانون سلطة الصحافة. ويؤكد ذلك أن المجلس المذكور سلك مسلكاً إيجابياً فى بحث الإخطار المقدم عن الصحيفة عندما طلب المدعى استكمال بعض المستندات اللازمة للموافقة على إصدار الصحيفة وكان فى مكنته بدلا من ذلك أن يخطر المدعى بعدم توافر الشروط المشار إليها أما وقد سكت طوال مدة الأربعين يوماً المشار إليها عن ذلك فإن مسلكه هذا يدل على إتجاه إرادة المجلس إلى إعمال سلطته التقديرية التى خوله إياها القانون فى استثناء الصحيفة المزمع إصدارها من الشروط المنصوص عليها فى المادة 19 المشار إليها ومن ثم فإن قراره السلبى فى هذا الخصوص يكون غير قائم بحسب الظاهر من الأوراق على أساس سليم من القانون ومن ثم يتحقق ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ فضلاً عن توافر ركن الاستعجال المتمثل فى إصدار الصحيفة التى يزمع المدعى إصدارها وما ينطوى عليه هذا الأمر فى النهاية من المساس بحرية الجمعية التى يمثلها فى إصداره هذه الصحيفة وهذه الحرية من الحريات التى كفلها الدستور للمواطن ولا ريب إلى أن المساس بهذه الحرية أو تقييدها من أبرز صور الاستعجال التى تبرر وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله حين قضى باختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى فإنه قد خالف القانون ذلك أن مفاد نص المادة (15) من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة أن المشرع ناط بمحكمة القيم دون غيرها الاختصاص بالفصل فيما يثور من منازعات بشأن مباشرة المجلس الأعلى للصحافة لاختصاصاته المبينة فى هذه المادة، وبالتالى تكون هى القاضى الطبيعى لما يثور من منازعات فى هذا الشأن جمعا لشتات هذه المنازعات أمام جهة قضائية واحدة، وقد ذهبت المحكمة الدستورية العليا إلى أن محكمة القيم تعتبر جهة قضائية أنشئت كمحكمة دائمة لتباشر ما نيط بها من اختصاصات ويؤكد سلامة هذا النظر ما قضت به المحكمة الإدارية العليا من عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر ما يثور من منازعات بشأن القرارات الصادرة من المجلس الأعلى للصحافة وهو بصدد مباشرته لاختصاصاته المبينة فى المادة (15) المشار إليها أما فيما يتعلق بالموضوع فإن الحكم الطعين قد خالف القانون كذلك إذ إن مقتضى نصوص قانون سلطة الصحافة المشار إليه أنه يتعين على من يريد إصدار صحيفة جديدة أن يقدم إخطارا بذلك إلى المجلس الأعلى للصحافة مشتملاً على البيانات التى يجب أن يتضمنها حتى يتثنى للمجلس التحقق من توافر الشروط التى أوجبها القانون فى طلب الترخيص، وأن تتخذ الصحف التى تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة - فيما عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات - شكل تعاونيات أو شركات مساهمة إلى غير ذلك من الشروط، وذلك مؤداه أنه إذا لم يكن الشخص الاعتبارى متخذا شكل جمعية تعاونية أو شركة مساهمة لم يكن لطالب الترخيص الحق فى إصدار الصحيفة وبالتالى فلا يجوز للمجلس الأعلى للصحافة الموافقة على الترخيص، وإنه إذا كان لهذا المجلس الاستثناء من كل أو بعض هذه الشروط وفقا للمادة (19) إلا أنه يلزم أن يكون هذا الاستثناء صريحا دون أن يستفاد ضمنا من مجرد مضى الوقت على النحو الذى تضمنته المادة (15) من القانون، وبمقارنة المادة (15) بالمادة (19) من ذلك القانون يبين أنه يلزم لإعمال الأثر المترتب على المادة (15) أن يكون لطالب الترخيص الحق فى إصدار صحيفته طبقا للمادة 19/ 2 وإلا كان الطلب الذى يقدمه ليس إخطارا بالمعنى القانونى الذى عنته المادة (14) من القانون، وإزاء ذلك ولما كان الثابت أن الجمعية طالبة الترخيص جمعية منشأة طبقا للقانون رقم 32 لسنة 1964، وليست جمعية تعاونية طبقا للقانون رقم 317 لسنة 1956 فبالتالى لا يكون لها الحق فى إصدار الصحيفة طبقا للمادة 19/ 2 المشار إليها ولا يكون من شأن انقضاء المدة المحددة فى المادة (15) من ذلك القانون، عدم الاعتراض على إصدارها وهذا بخلاف ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، وبذلك يكون الحكم قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (13) من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة تنص على أن "حرية إصدار الصحف للأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية والخاصة مكفولة طبقا للقانون." وتنص المادة (14) على أنه "يجب على كل من يريد إصدار صحيفة جديدة أن يقدم إخطارا كتابيا إلى المجلس الأعلى للصحافة موقعاً عليه من الممثل القانونى للصحيفة يشتمل على اسم ولقب وجنسية ومحل صاحب الصحيفة واسم الصحيفة واللغة التى تنشر بها وطريقة إصدارها وعنوانها واسم رئيس التحرير وعنوان المطبعة التى تطبع بها الصحيفة."
وتنص المادة (15) على أن "يصدر المجلس الأعلى للصحافة قراره فى شأن الإخطار المقدم إليه لإصدار الصحيفة خلال مدة لا تتجاوز أربعين يوما من تاريخ تقديمه إليه ويعتبر عدم إصدار القرار فى خلال المدة سالفة البيان بمثابة عدم اعتراض من المجلس الأعلى للصحافة على الإصدار وفى حالة صدور قرار برفض إصدار الصحيفة يجوز لذوى الشأن الطعن فيه أمام محكمة القيم بصحيفة تودع قلم كتاب هذه المحكمة خلال ثلاثين يوما. وتنص المادة (19) على أن ملكية الأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة للصحف مكفولة طبقا للقانون، ويشترط فى الصحف التى تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة فيما عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات أن تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مساهمة على أن تكون الأسهم جميعها فى الحالتين اسمية ومملوكة لمصريين وحدهم.. ويجوز للمجلس الأعلى للصحافة أن يستثنى من كل أو بعض الشروط سالفة البيان.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاء مستقر بأنه يلزم التفرقة بين سلطات المجلس الأعلى التى أناط القانون التظلم منها أمام محكمة القيم وهى التظلم من قرارات الرفض الصريح لإنشاء الصحف فإن الاختصاص به يظل منوطا بقضاء مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية العامة فى المنازعات الإدارية - وحيث يكون عدم الرد فى هذه الحالة فى حكم القرار الإدارى شأنه فى ذلك شأن القرار الذى يصدر من أية جهة إدارية فى أى شأن من شئونها إذ يستهدف هذا التصرف تحديد المركز القانونى لطالب الترخيص بإصدار الصحيفة وتمخض عن إرادة ملزمة مصدرها القانون، ويراد بالإفصاح عنها أحداث مركز قانونى معين يعتبر فى حد ذاته ممكنا وجائزا قانونا والباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة، والقول بغير ذلك مفاده اختصاص محكمة القيم بما لم يتضمنه نص صريح فى القانون ودون مراعاة للاختصاص الأصلى والولاية العامة المخولة من المشرع الدستورى فى المادة (172) من الدستور لمحاكم مجلس الدولة بالمنازعات الإدارية ويتعارض مع ذلك التنظيم الذى يقوم أساسا على ذلك فى قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة أحكام قانون الصحافة أن المشرع بعد أن أورد الشروط والضوابط اللازمة للترخيص بإصدار الصحف والمجلات فقد أورد استثناء خوله إلى المجلس الأعلى للصحافة حيث خصه بسلطة الإعفاء من كل أو بعض الشروط التى تطلبتها المادة (19) سالفة الذكر بالنسبة إلى الحالات التى تقدم طلباتها إليه ومن ثم فإن سلطة المجلس فى هذا الشأن هى سلطة تقديرية تتيح له الموازنة والترجيح بغية تبين توافر الشروط ووسيلة للإعلام، ومن ثم لا يسوغ فى مجال السلطة التقديرية فى أمور استثنائية متعلقة بحرية إصدار وتملك الصحف افتراض قيام قرارات سلبية دون نص صريح من المشرع حيث يتعارض هذا الافتراض مع واقع الحال ومع صحيح أحكام القانون إذ لا يوجد ما يوجب على المجلس الأعلى للصحافة إقرار الاستثناءات من الأصل العام الذى خوله المشرع التصرف بشأنها لافتراض أن امتناعه يعد قراراً سلبياً بالمعنى والتحديد الذى تضمنه قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إنه ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة كذلك على أن عدم الرد من المجلس الأعلى للصحافة خلال المدة القانونية يعتبر فى حكم قرار الموافقة أو عدم الاعتراض على صدورها فإن قصد المشرع منه استنهاض المجلس لمباشرة اختصاصه ومسئوليته وحثه على بحث الإخطارات المقدمة إليه لإصدار الصحف والبت فيها خلال أجل معقول حتى لا تكون سلطة المجلس المذكور سلطة مطلقة من كل قيد زمنى على نحو يشكل تقييدا لحرية إصدار الصحف التى كفلها الدستور والقانون وهذه الموافقة أو عدم الاعتراض مقصور على الأحوال العادية التى يتوفر فى الصحيفة والطلب المقدم بشأنها ما يعد من الأركان الأساسية التى استلزمها الدستور وقانون الصحافة فى تحديد ملكية الصحف، ونوعية ملاكها كذلك تنظيما لحرية إصدار الصحف وتملكها، أما فى الأحوال التى يكون فيها ذوى الشأن تعد فى الإخطار أو ملكية الصحيفة ذاتها متعارضة مع نوعية الملكية التى أجازها المشرع وقرر لها الأولوية والتميز التى نحت بالمشرع الى تنظيم ملكية الصحف وإصدارها على أساس الإخطار وليس الترخيص فإنه لا يكون ثمة أساس من القانون للزعم بأن عدم رد المجلس الأعلى للصحافة فى هذه الحالة يعد موافقة على مباشرته السلطة التقديرية الخاصة بالموافقة على حالات معينة لا تتفق مع المبدأ العام فى تحديد ملكية الصحف وأولويتها ذلك أنه لا يتأتى الفصل بين كيفية الإخطار عن صحيفة جديدة وبين الشكل القانونى لمالكها أو من له حق إصدارها والذى يجب أن يتخذ وفقا للقانون وأن يستوفى أولا للشروط التى تطلبتها المادة (19) المشار إليها حتى يكون لهذا الإخطار الأثر الذى رتبه المشرع على تقديمه فإذا ما تخلف فى الإخطار شرط أساسى عن الشروط اللازمة لإصدار الصحف وفقا للدستور والقانون وبينها شرط ملكية الصحيفة لأحد الأشخاص القانونية التى حددها الدستور والقانون حيث اشترط أن يكون مالك الصحيفة متخذا شكل التعاونيات أو الشركات المساهمة فإنه لا يعتد بالإخطار لعدم تكامل أركانه بياناته الجوهرية بمضى المدة التى تفترض الموافقة ضمنا من المجلس فحيث لا يملك المجلس الأعلى للصحافة أن يباشر سلطة صريحة فى تحديد مركز قانونى معين بالمخالفة لأحكام الدستور وقانون الصحافة فيما يتعلق بإصدار الصحف فمن باب أولى لا يمكن أن ينسب إليه افتراضا الموافقة الحكمية على مخالفة الدستور والقانون حيث يتعين أن تفسر إرادته وأن يعمل بها تحت رقابة القضاء وسواء صراحة أو ضمنا فى إطار سيادة القانون.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أن المطعون ضده وأن تقدم بتاريخ 3/ 4/ 1988 إلى الطاعن بصفته ما اعتبره الأول إخطاراً من مجلس إدارة جمعية الرعاية الثقافية والاجتماعية لأبناء محافظة القليوبية بالقاهرة المشهرة برقم 3532 لسنة 1987 عملا بالمادة (14) من القانون رقم 148 لسنة 1980 وطلب الموافقة على إصدار الجمعية لصحيفة تحمل اسم "اليوم" وإن كان الطاعن بصفته لم يقم بالرد بعد ذلك على المطعون ضده خلال الأجل الذى حددته المادة (15) سالفة البيان، إلا أن البين من ظاهر الأوراق أن الجمعية المشار إليها إنما هى إحدى الجمعيات المنشئة طبقا للقانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة التى تستهدف حسب لائحة النظام الأساسى لها نشر الوعى والانتماء لأبناء محافظة القليوبية بالقاهرة لمحافظتهم وذلك عن طريق إدارة الصحف والمجلات..... والعمل على توفير الخدمات من فصول التقوية وشغل أوقات الفراغ لأبناء المحافظة من الطلاب، مديد المساعدات الاجتماعية المالية والعينية المختلفة لأبناء المحافظة بالقاهرة، العمل على توفير الخدمات الصحية للأعضاء. ........ التى تميز ذلك من الأغراض الاجتماعية، ومن ثم فهى لم تأخذ الشكل الذى حدده القانون رقم 148 لسنة 1980 لإصدار الصحف حسبما سلف بيانه ومن ثم فإن سكوت المجلس الأعلى للصحافة عن الرد على المدعى لعدم اكتمال شرط ملكية الصحيفة على النحو الذى تطلبه القانون المشار إليه والذى لا يعد إخطارا بالمعنى الذى عناه هذا القانون، ومن ثم فلا يعتبر السكوت أو عدم الرد بمثابة موافقة ضمنية على إصدار الصحيفة الأمر الذى يترتب عليه عدم توافر ركنى الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مما يستوجب رفض الطلب دون حاجة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه، وإذ خالف الحكم الطعين هذا النظر ومن ثم يتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات.