مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1415

(155)
جلسة 28 من يونيه سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يسرى زين العابدين نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة المستشارين/ د. إبراهيم على حسن، وأحمد شمس الدين عبد الحليم خفاجى، يحيى سيد محمد نجم، ود. عبد الله إبراهيم فرج ناصف نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3635 لسنة 41 قضائية عليا

تأديب - مسئولية صاحب الوظيفة القيادية - حدودها.
ـ إن كل عامل يشغل موقعاً قيادياً على أى مستوى كان مسئولاً عن إدارة العمل الذى يتولى قيادته بدقة وأمانة - مقتضى ذلك أنه ملتزم بمباشرة مهام الإدارة العملية للعمل المعهود به إليه بما ينطوى عليه ذلك من عناصر التخطيط والتنظيم والقيادة والتنسيق والرقابة - العامل فى هذه الحالة يكون عليه مباشرة أعباء هذه المهام بأقصى درجات الإخلاص والجدية الهادفة إلى تحقيق غايات العمل الذى يتولى قيادته ويكون العامل صاحب الموقع القيادى مسئولاً عن كل خطأ أو تقصير ثبت أنه وقع من أحد العاملين تحت رئاسته طالما ثبت أنه علم به ولم يقومه أو كان بوسعه ذلك ولكنه قصر فى أداء مهمة المتابعة الهادفة إلى تحقيق الانضباط على طريق تحقيق الغايات المستهدفة من الإدارة الرشيدة - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الخميس 10/ 8/ 1995 أودع الاستاذ ......... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن ...... قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3635 لسنة 41ق.ع فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بمستوى الإدارة العليا بجلسة 21/ 6/ 1995 فى الدعوى رقم 105 لسنة 36ق والقاضى بمجازات الطاعن بعقوبة اللوم.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما أسند إليه.
وبتاريخ 20/ 8/ 1995 أعلن تقرير الطعن إلى الهيئة المطعون ضدها.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام رافعه بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة الرابعة لفحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 9/ 4/ 1997 قررت إحالته إلى الدائرة الثالثة لفحص الطعون للاختصاص التى أحالته بعد نظره على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى الدائرة الخامسة لفحص الطعون للاختصاص وحددت لنظره جلسة 25/ 11/ 1997 وتم نظر الطعن أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 21/ 4/ 98 قررت الدائرة الخامسة لفحص الطعون إحالة الطعن للمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة - موضوع) وحددت لنظره جلسة 17/ 5/ 1998 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 14/ 6/ 1998 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن النيابة الإدارية أودعت بتاريخ 24/ 9/ 1994 قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا تقرير اتهام ضد: -
1 - ........ المحامى بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار (درجة أولى).
2 - ........ (الطاعن) رئيس القطاع القانونى بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار (الدرجة العالية).
لأنهما خلال الفترة من 25/ 11/ 1989 حتى 11/ 6/ 1993 بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار خرجا على مقتضى الواجب الوظيفى ولم يحافظا على أموال الشركة التى يعملون بها بأن: -
الأول: (1) لم يقم بتحريك الدعوى الجنائية بخصوص عدد 40 شيكاً حررها العميل........ للشركة بدون رصيد.
(2) تراخى فى رفع الدعوى الجنائية بخصوص 10 شيكات خاصة بالعميل المذكور لمدد تتراوح بين سنتين وثلاثة أشهر.
(3) تسبب فى سقوط 9 شيكات قيمتها 246.735.100 جنيهاً بالتقادم الثلاثى وتحولها إلى دين مدنى.
(4) تقاعس فى اتخاذ الإجراءات القانونية برفع دعوى نزع ملكية العقار المرهون من العميل لصالح الشركة فور توقفه عن السداد وحتى وفاته فى 11/ 6/ 1993 بالمخالفة لحق الرهن، مما أدى إلى عدم إمكان اقتضاء الشركة مديونيتها من العميل المذكور وورثته والتى تقدر بمبلغ 881.226.560 جنيهاً على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
(5) لم يقم برفع الدعاوى المدنية ضد ورثة العميل المذكور للمطالبة بالمديونية خارج حدود عقد الرهن مما مكنهم من رفع دعاوى قضائية ضد الشركة لمنازعتها بغرض الحيلولة بينها وبين اقتضاء حقوقها قبلهم.
الثانى: أهمل فى الإشراف على المخالف الأول، مما أدى إلى ارتكابه للمخالفات السالفة.
ورأت النيابة الإدارية أن ما ارتكبه المخالفان يشكل المخالفة المالية المنصوص عليها بالمواد 78/ 1، 4، 80 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 والمادتين 42، 44 من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورين تأديبياً طبقاً لنصوص المواد المشار إليها بعاليه والمادتين 82، 84 من القانون رقم 48 لسنة 78 والمواد 21، 22، 23 من القانون رقم 47 لسنة 73 بشأن الإدارات القانونية والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981، 12 لسنة 89 والمادتين 15/ 1، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 84.
وأرفقت النيابة الإدارية بتقرير الاتهام قائمة بأدلة الثبوت ومذكرة التفتيش الفنى على الإدارات القانونية بشأن الشكوى رقم 211/ 93/ 94 وملف القضية رقم 211 لسنة 93، 94 تفتيش فنى على الإدارات القانونية.
وبجلسة 21/ 6/ 1995 أصدرت المحكمة حكمها المطعون عليه بمجازاة المحال الأول ...... بالحرمان من العلاوة الدورية المستحقة عن سنتين، وبمجازاة المحال الثانى (الطاعن) ........ باللوم.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للمحال الأول على أساس ثبوت المخالفات المنسوبة إليه فى حقه، كما أقامت قضاءها بالنسبة للطاعن على أن الثابت من الأوراق أن المحال الثانى (الطاعن) يعمل رئيساً للقطاع القانونى بالشركة المشار إليها وأن المحال الأول يعمل بها محامياً وأن الطاعن هو الذى أحال للمحال الأول موضوع توقف العميل........ عن السداد وأحال إليه الشيكات التى حررها مع أنها بدون رصيد وقد ثبت بشأن المحال الأول مدى التراخى والإهمال فى أداء ما اسند إليه بخصوص هذا العميل وقد جاءت الأوراق خلواً من أى دور قام به المحال الثانى (الطاعن) باعتباره على رأس القطاع القانونى بأن موقفه كان سلبياً ولم يثبت أنه كان يتابع المحال الأول فيما أسنده إليه من عمل، ومن ثم تكون المخالفة المنسوبة إلى المحال الثانى (الطاعن) ثابتة فى حقه إذ إن العامل صاحب الموقع القيادى مسئول عن كل خطأ أو تقصير يثبت أنه وقع من أحد العاملين تحت رئاسته طالما ثبت أنه علم به لكنه قصر فى أداء مهمة المتابعة الهادفة إلى تحقيق الانضباط ولا ينال من مسئولية المحال الثانى (الطاعن) ما قرره فى معرض دفاعه من أن المسئولية تقع على مدير إدارة القضايا ومدير عام القضايا باعتبارهم الرؤساء المباشرين للمحال الأول إذ أنه وقد أحال الموضوع برمته إلى المحال الأول دون أن يحيله إلى أى من الرؤساء المباشرين المشار إليهما فلا أقل من أن يتابعه فيما يقوم به من عمل وهو ما لم يحدث.
ومن ثم يتعين مساءلة المحال الثانى (الطاعن) عما نسب إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن ومخالفة الحكم المطعون فيه لمبادئ المحكمة الإدارية العليا سواء الواردة بحكمها الصادر فى الطعن رقم 532 لسنة 23 ق بجلسة 2/ 6/ 1984 أو الواردة بحكمها الصادر فى الطعن رقم 813 لسنة 34 ق بجلسة 6/ 12/ 1989.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن كل عامل يشغل موقعاً قيادياً على أى مستوى كان مسئولاً عن إدارة العمل الذى يتولى قيادته بدقة وأمانة ومقتضى ذلك أنه ملتزم بمباشرة مهام الإدارة العليا للعمل المعهود به إليه بما ينطوى عليه ذلك من عناصر التخطيط والتنظيم والقيادة والتنسيق والرقابة. بحيث يكون عليه مباشرة أعباء هذه المهام بأقصى درجات الإخلاص والجدية الهادفة إلى تحقيق غايات العمل الذى يتولى قيادته ويكون العامل صاحب الموقع القيادى مسؤولا عن كل خطأ أو تقصير يثبت أنه وقع من أحد العاملين تحت رئاسته طالما ثبت أنه علم به ولم يقومه أو كان بوسعه ذلك ولكنه قصر فى أداء مهمة المتابعة الهادفة إلى تحقيق الانضباط عن طريق تحقيق الغايات المستهدفة من الإدارة الرشيدة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أعمل المبدأ المتقدم على الطاعن الذى يثبت من الأوراق أنه احال بصفته رئيسا للقطاع القانونى بالشركة التى يعمل بها إلى المحال الأول الذى يعمل محامياً بها موضوع توقف العميل....... عن سداد مديونيته وأحال له الشيكات التى حررها العميل وتبين أنها بدون رصيد وقد ثبت من الحكم المطعون عليه التراخى والإهمال من المحال الأول فى أداء ما أسند إليه بخصوص هذا العميل ولم يثبت أن الطاعن قام بمعاقبة المحال المذكور فيما أحاله إليه ولا يجدى الطاعن القول بأن متابعة أعمال المحامى المذكور هى من اختصاص مدير عام القضايا أو مدير إدارة القضايا حسب بطاقات وصف وظيفة كل منهما إذ إن الطاعن كان يتعين عليه إعمالاً لبطاقتى الوصف المشار إليهما أن يحيل موضوع العميل المذكور إلى من يليه فى الوظيفة ليقوم بدوره بإحالته إلى المختص بذلك حسب نظام العمل، أما وقد قام الطاعن باحالة الموضوع المشار إليه مباشرة إلى المحامى المذكور فقد وجبت عليه متابعة الموضوع والإشراف والتوجيه والرقابة على من كلفه بذلك العمل وهو ما لم يحدث ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى ثبوت المخالفة المنسوبة إلى الطاعن فى حقه وقوامها أنه أهمل فى الإشراف على المخالف الأول ...... مما أدى إلى ارتكابه للمخالفات التى ثبتت فى حق الأخير يكون ذلك الحكم قد جاء متفقاً وصحيح حكم القانون فيما قضى به من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.