مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الثانى (من أول إبريل سنة 1996 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 1265

(140)
جلسة 16 من يونيو سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الرحمن سلامة، ومصطفى محمد المدبولى أبو صافى، والسيد محمد السيد الطحان، وأدوارد غالب سيفين نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3024 لسنة 35 القضائية

دعوى - الحكم فى الدعوى - حجية الأحكام.
المادة (101) من قانون الاثبات رقم 25 لسنة 1968.
يشترط للحكم بعدم جواز الدعوى لسبق الفصل فيها الاتحاد فى الخصوم وفى المحل وفى السبب - إذا تخلف شئ من ذلك فلا يجوز الحكم بعدم جواز نظر الدعوى - القواعد الخاصة بقوة الأمر المقضى هى من القواعد الضيقة التفسير التى يجب الاحتراس من توسيع مداها منعا للأضرار التى قد تترتب على هذا التوسع فكلما أختل أى شرط من شروط تلك القاعد كالمحل أو السبب أو الخصوم بأن اختلف أى منهما فى الدعوى الثانية عما كان عليه فى الدعوى الأولى وجب الحكم بأن لا قوة للحكم الأول تمنع من نظر الدعوى الثانية ومن ثم يتعين رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 14/ 6/ 1989 أودعت هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 3024 لسنة 35 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بجلسة 19/ 4/ 1989 فى الدعوى رقم 647 لسنة 2 ق المرفوعة من ....... ضد محافظة الدقهلية والذى قضى:
أولاً: فى خصوص طلب إلغاء القرار المطعون فيه بعدم جواز نظره لسابقة الفصل فيه.
ثانياً: فى خصوص طلب التعويض عن القرار المطعون فيه برفض هذا الطلب وإلزام المدعى المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراًً بالرأى القانونى مسبباً ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى قررت بجلسة 20/ 11/ 1995 احالته إلى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 14/ 1/ 1996، وتدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة، وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 17/ 9/ 1980 أقام....... الدعوى رقم 647 لسنة 2 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة "الدائرة الأولى" ضد محافظ الدقهلية، رقم 200 لسنة 1980 مع ما يترتب على ذلك من آثار وبالتعويض المناسب للمدعى عن الأضرار التى لحقته بسبب القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقال شرحاً للدعوى أنه يستأجر وأخوته قطعة أرض من مصلحة الأملاك الأميرية التابعة لتفتيش كفر سعد بناحية جمصة غرب بحوض البحرية بدمياط وأقاموا عليها مبان سكنية خاصة لهم، وقد أصدر محافظ الدقهلية القرار رقم 82 لسنة 1979 بإزالة هذه المبانى استناداً إلى أن هذه الأرض تقع ضمن حدود مصيف جمصة التابع لمحافظة الدقهلية فأقام المدعى وأخوته الدعوى رقم 777 لسنة 1 ق أمام ذات المحكمة طالباً فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ الدقهلية رقم 82 لسنة 1979 قضت فى الشق العاجل من الدعوى بجلسة 10/ 2/ 1980 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 82 لسنة 1979 استناداً إلى أن محافظ الدقهلية لا ولاية له فى إصداره لخروج قطعة الارض موضوع المنازعة عن حدود محافظة الدقهلية، فتقدم بطلب إلى الجهة الإدارية لتنفيذ هذا الحكم إلا أن إدارة مصيف جمصة سخرت بعض المعترضين على التنفيذ وتحرر عن ذلك المحضر رقم 829 لسنة 1980 إدارى كفر سعد وصدر فى شأنه قرار رئيس نيابة دمياط بحماية وضع يد المدعى وأخوته باعتبارهم واضعى اليد على الأرض منذ عام 1968 وحتى تاريخه، وأضاف المدعى وأنه وأخوته أقاموا مبان على أرض النزاع تكلفت ثلاثين ألف جنيه ولكن إدارة المصيف قامت باستصدار قرار جديد من محافظ الدقهلية هو القرار رقم 200 لسنة 1980" محل الطعن فى النزاع الماثل بإزالة المبانى القائمة على قطعة الأرض المذكورة وقامت الجهة الإدارية بتنفيذ القرار تنفيذاً جزئياً بهدم الجزء الأكبر من المبانى القائمة، وأشار المدعى إلى أن اصدار القرار رقم 200 لسنة 1980 هو بمثابة تحايل للتوصل إلى القرار رقم 82 لسنة 1980 المقضى بوقف تنفيذه وهو ما كان يجب أن تنأى الجهة الإدارية عنه احتراماً لحجية الأحكام القضائية وأن إصرار الادارة على تنفيذ القرار رقم 200 لسنة 1980 يؤدى إلى أضرار يتعذر تداركها. وبجلسة 8/ 2/ 1981 قضت محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بإثبات ترك المدعى الخصومة فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وحال تحضير الدعوى قدم الحاضر عن الجهة الإدارية حافظة مستندات ودفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الدعويين رقمى 777 لسنة 1 ق و65 لسنة 2 ق المحكوم فيهما بجلسة 26/ 1/ 1984 برفضهما.
وبجلسة 19/ 4/ 1989 قضت محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة "الدائرة الأولى":
أولاً: فى خصوص طلب إلغاء القرار المطعون فيه بعدم جواز نظره لسابقة الفصل فيه.
ثانياً: فى خصوص طلب التعويض عن القرار المطعون فيه برفض هذا الطلب وإلزام المدعى المصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أنه سبق لتلك المحكمة أن قضت بجلسة 26/ 1/ 1984 برفض الدعوى وذلك بالنسبة لطلب المدعى إلغاء قرار محافظ الدقهلية رقم 82 لسنة 1979 فيما تضمنه من إزالة التعدى الواقع منه على أملاك الدولة الخاصة بمصيف جمصة السياحى بعد أن تأكد لها مشروعية القرار المطعون فيه، وأصبح هذا الحكم نهائياً لعدم الطعن فيه، ومن ثم فأنه يكون قد حاز قوة الشئ المقضى به فإذا ما عاد المدعى وطعن فى قرار محافظ الدقهلية رقم 200 لسنة 1980 الذى يعتبر ترديداً للقرار رقم 82 لسنة 1979 بموجب الدعوى الماثلة فإنه يتعين الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها طالما أنها اتحدت مع الدعوى السابقة فى الخصوم والمحل والسبب. وأضافت المحكمة بالنسبة لطلب التعويض أنه متى كان الثابت أن القرار المطعون فيه رقم 200 لسنة 1980 هو ترديد للقرار رقم 82 لسنة 1979 الذى قضت المحكمة بمشروعيته بحكمها الصادر فى الدعوى رقم 777 لسنة 2 ق المشار إليها فإنه ينتفى والحال هذه ركن الخطأ الموجب لمسئولية الجهة الإدارية فلا تسأل عن نتائج هذا القرار مهما بلغت جسامة الضرر المترتب عليه لانتفاء ركن الخطأ، ومن ثم لا يستحق المدعى تعويضاً عن هذا القرار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك لأن الثابت أن موضوع الدعوى رقم 647 لسنة 2 ق الصادر فيها الحكم المطعون فيه هو طلب إلغاء قرار محافظ الدقهلية رقم 200 لسنة 1980 فيما تضمنه من ازالة التعديات الواقعة من/ ...... (المدعي) وأخوته على قطعة الأرض بالمنطقة (ب) بمصيف جمصة السياحى، وطلب التعويض عن الأضرار التى سببها هذا القرار للمدعى، فى حين أن موضوع الدعوى رقم 227 لسنة 1 ق كان إلغاء قرار محافظ الدقهلية رقم 82 لسنة 1979 فيما تضمنه من ازالة التعدى الواقع من المدعى على أملاك الدولة الخاصة بمصيف جمصة السياحى، ومن ثم يختلف موضوع الدعوى رقم 647 لسنة 2 ق دون النظر لاتفاق القرارين محل طعن كل من الدعويين من حيث المضمون ذلك لأن لكل قرار منهما ذاتيته المستقلة عن القرار الأخر الذى يجعل موضوع كل دعوى مختلفاً عن موضوع الدعوى الأخرى وبذلك يتخلف شروط الحكم بعدم جواز الدعوى لسابقة الفصل فيها لإختلاف المحل فى كل من الدعويين.
ومن حيث إن المادة 101 من قانون الاثبات تنص على أن "الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً ومفاد ذلك وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه يشترط للحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها الاتحاد فى الخصوم وفى المحل وفى السبب، فإذا تخلف شئ من ذلك فلا يجوز الحكم بعدم جواز نظر الدعوى، ومن المستقر عليه أن القواعد الخاصة بقوة الأمر المقضى هى من القواعد الضيقة التفسير التى يجب الاحتراس من توسيع مداها منعاً للأضرار التى قد تترتب على هذا التوسع فكلما اختل أى شرط من شروط تلك القاعدة كالمحل أو السبب أو الخصوم بأن اختلف أى منهما فى الدعوى الثانية عما كان عليه فى الدعوى الأولى وجب الحكم بأن لا قوة للحكم الأول تمنع من نظر الدعوى الثانية ومن ثم يتعين رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق "محضر المعاينة" التى أجراها مفوض الدولة عند تحضير الدعوى رقم 777 لسنة 1 ق بتاريخ 11/ 5/ 1981 أن التعدى المنسوب إلى المدعى والصادر بازالته القرار رقم 82 لسنة 1979 يقع على القطعتين رقمى 114 و115 حسب التقسيم الوارد بالخريطة المقدمة من إدارة مصيف جمصة، وأن التعدى المنسوب إلى ذات المدعى والصادر بازالته القرار رقم 200 لسنة 1980 يقع على قطعة أخرى برقم 105 وهى ذات المنطقة تقريباً ص 6 من المحضر وقد وردت ذات البيانات بتقرير مفوض الدولة فى ذات الدعوى (مايو سنة 1981 ص 7) والذى أعد فى شأن طلب الإلغاء، ولما كان ذلك، وكان موضوع الدعوى رقم 647 لسنة 2 ق هو القرار رقم 82 لسنة 1979، وموضوع الدعوى رقم 647 لسنة 2 ق الصادر فيها الحكم الطعين هو القرار 200 لسنة 1980 ومن ثم يكون موضوع كل من الدعويين مختلفاً عن الأخر ويتخلف تبعاً لذلك شرط اتحاد المحل ويكون الدفع بعدم جواز نظر الدعوى رقم 647 لسنة 2 ق لسابقة الفصل فيها فى الدعوى رقم 777 لسنة 1 ق غير قائم على سنده الصحيح لتخلف أحد شروطه وهو اختلاف المحل فى كل من الدعويين عن الأخرى، ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بغير هذا النظر قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله متعيناً إلغاءه فى هذا الشق.
ومن حيث إن الطعن وان انصب على ما قضى به الحكم الطعين فى البند الأول: من عدم نظر الدعوى فى طلب الإلغاء لسابقة الفصل فيها فى الدعوى رقم 777 لسنة 1 ق إلا أن قضاء هذه المحكمة جرى بأن الطعن من هيئة مفوضى الدولة أمام المحكمة الإدارية العليا يفتح الباب أمام المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ومن ثم فأنه متى كانت هيئة مفوضى الدولة قد قصرت طعنها على الشق الأول من الحكم الخاص بعدم جواز نظر الدعوى فى طلب الإلغاء لسابقة الفصل فيه دون الشق الخاص برفض طلب التعويض وكان الشقان مرتبطين أحدهما بالآخر ارتباطاً جوهرياً حيث انبنى رفض طلب التعويض على انتفاء ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية لرفض طلب الإلغاء فى الدعوى رقم 777 لسنة 1 ق وإذ استبان مما تقدم اختلاف موضوع هذه الدعوى عن الدعوى رقم 647 لسنة 2 ق مما لم يعد معه الحكم الصادر فى الدعوى الأول سبباً صالحاً للحكم برفض طلب التعويض فى الدعوى الثانية ويغدو الحكم الصادر فى طلب التعويض فاقداً لأساسه القانونى لإبتنائه على ما قضى به فى الشق الخاص بطلب الإلغاء والذى ثبت فساده على الوجه المتقدم، ومن ثم فلا مندوحة من اعتبار الطعن فى الشق الأول من الحكم وهو الخاص بطلب الإلغاء مثيراً للطعن فى الشق الخاص بطلب التعويض، وإلغاء الحكم المطعون فيه كذلك بالنسبة لهذا الشق من الدعوى.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم، فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الادارى بالمنصورة للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى، وأبقت الفصل فى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى رقم 647 لسنة 2 ق إلى محكمة القضاء الادارى بالمنصورة للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى، وأبقت الفصل فى المصروفات.