مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1617

(176)
جلسة 29 من أغسطس سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة المستشارين/ محمد مجدى محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، والإمام عبد المنعم إمام الخريبى، ومحمود اسماعيل رسلان نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 1457 و1470 لسنة 38 قضائية عليا

( أ ) دعوى - الحكم فى الدعوى - حجية الأحكام الصادرة قبل الفصل فى الموضوع.
الأحكام الصادرة قبل الفصل فى الموضوع، شأن الحكم بوقف التنفيذ، لا تقيد المحكمة عند نظر أصل الطلب موضوعا - الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ هو حكم قطعى له مقومات الأحكام وخصائصها - أثر ذلك: أنه يجوز حجية الأحكام فى خصوص موضوع الطلب ذاته، ولو أنه مؤقت بطبيعته طالما لم تتغير الظروف، كما يحوز هذه الحجية من باب أولى بالنسبة لما فصلت فيه المحكمة من مسائل فرعية قبل البت فى موضوع الطلب كالدفع بعدم اختصاص القضاء الإدارى أصلاً بنظر الدعوى بسبب يتعلق بالوظيفة أو بعدم اختصاص المحكمة أصلاً بنظرها بحسب موضوعها أو بعدم قبولها أصلا لرفعها بعد الميعاد أو لعدم توافر الصفة أو المصلحة للخصوم - قضاء المحكمة فى هذا كله ليس قطعياً فحسب بل هو نهائى وليس مؤقتا فيقيدها عن نظر طلب الالغاء - لا يجوز لمحكمة القضاء الإدارى إذا ما فصلت فى دفع من هذا القبيل أن تعود عند نظر طلب الإلغاء فتفصل فيه من جديد لأن حكمها الأول قضاء نهائى حائز لحجية الأحكام ثم لقوة الشئ المحكوم به - تطبيق.
(ب) مركز البحوث الزراعية - التعيين فى وظيفة مدير المعهد - شروط وآثار.
المادة (21) من قرار رئيس الجمهورية رقم 19 لسنة 1983 فى شأن مركز البحوث الزراعية.
المشرع حدد كيفية تعيين مدير المعهد والسلطة المختصة به والفئة من أعضاء هيئة البحوث التى يجوز اختيار مدير المعهد منها فى الظروف العادية وإجازة التعيين من الخارج فى حالة الضرورة، والشروط التى يتعين توافرها فيمن يشغل هذا المنصب، كما بين المشرع مدة شغل الوظيفة والحد الاقصى لمدة شغلها - إذا كان المشرع قد حدد مدة شغل الوظيفة بثلاث سنوات ولم يجز تنحية مدير المعهد خلال تلك المدة فإنه بصدور قرار التعيين فيها ينشأ للمعين مركز قانونى لا يجوز المساس به خلال تلك المدة إلا إذا أقام فى شأنه ما يعد إخلالاً بواجباته الوظيفية أو مقتضيات مسؤولياته الرئاسية - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 26/ 4/ 1992 أودعت الأستاذة/ ......... المحامية بصفتها وكليه عن السيد/ رئيس الهيئة العامة لمركز البحوث الزراعية بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 1457 لسنة 38 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة دائرة الجزاءات فى الدعوى رقم 4121 لسنة 44 ق بجلسة 2/ 3/ 1992، والقاضى أولاً: "بعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء القرار المطعون فيه لانتفاء شرط المصلحة وإلزام المدعى مصروفات هذا الطلب".
ثانياً: "بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب التعويض وفى الموضوع بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعى مبلغ 1000 ألف جنيه كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقته وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وانتهى تقرير الطعن لما قام عليها من أسباب إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه من حيث إنه صدر على غير ذى صفة وفيما تضمنه من إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمطعون ضده مبلغ 1000 جنيه كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقته مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وبتاريخ 2/ 5/ 1992 أودع الأستاذ/ .......... المحامى بصفته وكيلا عن الأستاذ/ ......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 1470 ط لسنة 38 ق عليا فى حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر فى الدعوى رقم 4121 المشار إليه وانتهى تقرير الطعن إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه لانتفاء شرط المصلحة، وفيما قضى به من تحديد مقدار التعويض المحكوم به لصالح الطاعن بمبلغ 1000 جنيه فقط، والقضاء له بطلباته فى الدعوى وبمقدار التعويض العادل المستحق له عن الأضرار الجسيمة التى أصابته مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا فى الطعنين ارتأت فيه:
أولاً: بالنسبة للطعن رقم 1457 لسنة 38 ق عليا الحكم بقبوله شكلا ورفضه موضوعاً ثانيا: بالنسبة للطعن رقم 1470 لسنة 38 ق عليا الحكم بقبول شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه لانتفاء شرط المصلحة وفيما قضى به من تحديد مقدار التعويض المحكوم به لصالح الطاعن بمبلغ 1000 جنيه فقط بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار وزير الزراعة رقم 1440 لسنة 1989 المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للطاعن التعويض المناسب الذى تقدره المحكمة عن الأضرار التى أصابته نتيجة القرار المطعون فيه مع إلزامها بالمصروفات.
ونظر الطعن رقم 1457 أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة والتى قررت بجلسة 11/ 8/ 1997 ضم المطعن رقم 1470/ 38 ق. عليا إلى الطعن رقم 1457 لسنة 38 ق. عليا للارتباط، وبجلسة 8/ 12/ 1997 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثانية) لنظرهما أمامها بجلسة 24/ 1/ 1998 حيث نظر وتدوول نظرهما بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 14/ 3/ 1998 قررت المحكمة حجز الطعنين للحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعنين قد أستوفيا أوضاعهما الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 4121 لسنة 44 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة المذكورة بتاريخ 8/ 4/ 1990 طالبا فى ختامها الحكم:
أولاً: بوقف تنفيذ القرار رقم 1440 لسنة 1989 الصادر بتاريخ 6/ 12/ 1989 بنقله من وظيفة مدير معهد بحوث وقاية النباتات وتعيين الدكتور/ ........ بدلا منه مع تنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من أبعاده عن الوظيفة التى كان يشغلها وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعى التعويض المناسب عن الأضرار التى أصابته من جراء صدور القرار المطعون فيه مع إلزامها المصروفات، وقال المدعى شرحا لدعواه أنه بناء على كفايته العلمية وإخلاصه فى عمله رشح لتولى منصب مدير معهد بحوث وقاية النباتات فصدر القرار رقم 754 لسنة 1987 بتعينه مديرا للمعهد ثم صدر القرار المطعون ضده رقم 1440 لسنة 1989 بتعيين الدكتور/ ........ مديرا للمعهد من تاريخ صدوره فى 6/ 12/ 1989 فتظلم المدعى من هذا القرار لعدم قيامه على سبب صحيح يحمله ويبرره وباعتبار أن إبعاد الطالب عن وظيفته قبل إنتهاء المدة المقررة لشغلها أمر لا يملكه المدعى عليه من تلقاء نفسه وأنه لا يكون إلا بسبب تأديبى.
وأضاف المدعى أنه ليس صحيحاً ما قيل أن نقل مدير المعهد جائز طبقا للمادة 31 من القرار الجمهورى رقم 109 لسنة 1983 وأن المدة المقررة لرئاسة المعهد هى حد أقصى لا يجوز تجاوزه وليست مدة معينة لشغل الوظيفة فضلاً عن أن القرار المطعون فيه يتسم بصفة عقابية واضحة إذ لا يكون الإبعاد عن العمل فجأة إلا لذنب خطير وقع من العامل أو لجريمة صدرت منه تفقده الثقة فى بقائه فيها.
وقد نظرت المحكمة الشق المستعجل من الدعوى وبجلسة 24/ 9/ 1990 قضت المحكمة بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لإنتفاء شرط المصلحة فيه، وألزمت المدعى - مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة بالنسبة لطلبى إلغاء القرار المطعون فيه والتعويض عنه لتحضيرها وإعداد الرأى القانونى فيها، وأسست المحكمة حكمها أن المدعى أحيل إلى المعاش فى 22/ 9/ 1990 لبلوغه السن القانونية وفى تاريخ سابق لصدور الحكم ومن ثم فإن مصلحته فى وقف تنفيذ قرار النقل المطعون فيه تكون غير متحققة.
كما نظرت المحكمة الشق الموضوعى فى دعوى الإلغاء وطلب التعويض وبجلسة 2/ 3/ 1992 أصدرت حكمها المطعون فيه الذى أسسته بالنسبة لما قضت به من عدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه لانتفاء شرط المصلحة على أن المدعى أحيل إلى المعاش بتاريخ 22/ 9/ 1990 ومن ثم فإن مصلحته فى الاستمرار فى السير فى الدعوى تكون غير متحققة وبالتالى ينتفى معه شرط المصلحة كما أسست المحكمة حكمها فى طلب التعويض أن الأوراق قد خلت مما يشير إلى ما يبرره إقصاء المدعى عن منصبه قبل مضى ثلاث سنوات بل على العكس فإن الأوراق تكشف بجلاء عن كفاءته العلمية وخبرته الواسعة فى مجال تخصصه بالإضافة إلى نشاطه البحثى فى مجال تخصصه كما أن الجهة الإدارية قد حرصت على الاستفادة من خبرته بعد إحالته إلى المعاش وأبقته كرئيس بحوث إلى سن الخامسة والستين فى ذات القرار الذى تضمن رفع اسمه من عداد العاملين بها ومن ثم يكون قرار إقصائه من وظيفته كمدير لمعهد بحوث وقاية النباتات قبل مضى ثلاث سنوات على غير أساس من الواقع أو القانون.
ويقوم الطعن رقم 1457 لسنة 38 ق. عليا على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ إنه صدر ضد نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى، ومن ثم فإنه يكون قد صدر على غير ذى صفة حيث إن الذى يمثل المركز قانونا هو رئيس مجلس إدارة المركز فضلاً عن أن مسئولية الإدارة عن القرارات التى تصدر منها تستلزم قيام خطأ من جانبها بأن يشوب القرار عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة فى حين أن السبب فى صدور القرار هو حسن العمل والصالح العام.
ويقوم الطعن رقم 1470 لسنة 38 ق. عليا على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وللمدعى مصلحة فى طلب الإلغاء لحساب معاشه على أساس الأجور المتغيرة التى كان يستحقها أثناء شغله وظيفة مدير المعهد لو ألغى هذا القرار واعتبر الطاعن شاغلا لها قانونا كما أن للمدعى مصلحة أدبية مباشرة فى إلغاء ذلك القرار وإزالة وصمة تنحيه عن وظيفته التى شغلها بكفاءة واقتدار.
وأضاف تقرير الطعن إلى الحكم المطعون فيه يبخس حق الطاعن فى مقدار التعويض المستحق له إذ إن القرار المطعون فيه لم يترتب عليه فقط إبعاده عن وظيفته كمدير المعهد وحرمانه من بدلاتها ومزاياها المالية الأخرى وما ترتب عليه من حرمانه من حقه فى حساب معاشه على أساس الأجور المتغيرة التى كان يتقاضاها فى أثناء عمادته للمعهد.
ومن حيث إن المستقر فى قضاء هذه المحكمة أن الأحكام الصادرة قبل الفصل فى الموضوع شأن الحكم بوقف التنفيذ وإن كان لا يقيد المحكمة عند نظر أصل هذا الطلب موضوعاً غير أن الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ هو حكم قطعى له مقومات الأحكام وخصائصها وينبنى على ذلك أنه يحوز حجية الأحكام فى خصوص موضوع الطلب ذاته، ولو أنه مؤقت بطبيعته طالما لم تتغير الظروف - كما يحوز هذه الحجية من باب أولى بالنسبة لما فصلت فيه المحكمة من مسائل فرعية قبل البت فى موضوع الطلب كالدفع بعدم اختصاص القضاء الإدارى أصلاً بنظر الدعوى بسبب يتعلق بالوظيفة أو بعدم اختصاص المحكمة أصلاً بنظرها بحسب موضوعها أو بعدم قبولها أصلاً لرفعها بعد الميعاد أو بتوافر الصفة أو المصلحة للخصوم إذ إن قضاء المحكمة فى هذا كله ليس قطعياً فحسب بل هو نهائى وليس مؤقتا فيقيدها عن نظر طلب الإلغاء ولا يجوز لمحكمة القضاء الإدارى إذا ما فصلت فى دفع من هذا القبيل أن تعود عند نظر طلب الإلغاء فتفصل فيه من جديد لأن حكمها الأول قضاء نهائى حائز لحجية الأحكام ثم لقوة الشئ المحكوم به.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن محكمة القضاء الإدارى قد قضت بجلسة 24/ 9/ 1990 عند فصلها فى الشق المستعجل من الدعوى بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لانتفاء شرط المصلحة وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة بالنسبة لطلبى إلغاء القرار المطعون فيه والتعويض عنه لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فيهما، فإن هذا الحكم وإذ صار نهائياً بعدم الطعن عليه - يكون قد فصل فى صفات الخصوم وفى شرط المصلحة التى يتعين توافرها لقبول طلبى وقف التنفيذ والإلغاء، ومن ثم فما كان لمحكمة القضاء الإدارى فى حكمها المطعون فيه - أن تتعرض لطلب الإلغاء بقضاء بعد سبق قضاءها بحكم نهائى فى عدم توافر شرط المصلحة اللازمة لقبول الدعوى. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وإن قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب الإلغاء لانتفاء شرط المصلحة لا يعدو أن يكون ترديدا لحكم سابق حائز لحجية الأحكام ولقوة الشئ المحكوم به ولا يكتسب من ثم الحكم المطعون فيه - فيما قضى به من عدم قبول دعوى الإلغاء لانعدام المصلحة - خصائص الحكم القضائى ومنها جواز الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بعد أن صار الحكم الصادر فى الشق المستعجل والصادر بجلسة 24/ 9/ 1990 نهائياً، فيما قضى به فى شأن صفات الخصوم وشرط المصلحة بعدم الطعن عليه خلال المواعيد المقررة.
ومن حيث إن مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية هو قيام ركن الخطأ فى جانبها بأن يكون قرارها غير مشروع مشوبا بعيب أو أكثر من عيوب المشروعية المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن يكون هذا الضرر ناتجا عن القرار غير المشروع أى أن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إن المادة (21) من قرار رئيس الجمهورية رقم 19 لسنة 1983 فى شأن مركز البحوث الزراعية تنص على أن "يعين مدير المعهد بقرار من وزير الزراعة بعد أخذ رأى مدير المركز لمدة ثلاث سنوات من بين رؤساء البحوث بالمعهد، ويجوز فى حالة الضرورة تجديد تعيين المدير لمدة أخرى مدة واحدة أو تعيين من خارج المعهد ممن تتوافر فيهم شروط هذه المادة".
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المشرع قد حدد كيفية تعيين مدير المعهد والسلطة المختصة به، والفئة من أعضاء هيئة البحوث التى يجوز اختيار مدير المعهد منها فى الظروف العادية، وإجازة التعيين من الخارج فى حالة الضرورة، والشروط التى تعين توافرها فيمن يشغل هذا المنصب، كما بين المشرع مدة شغل الوظيفة والحد الأقصى لمدة شغلها.
ومن حيث إن المشرع قد حدد مدة شغل الوظيفة بثلاث سنوات ولم يجز تنحيه مدير المعهد خلال تلك المدة فإنه بصدور القرار بالتعيين فيها ينشأ للمعين مركز قانونى لا يجوز المساس به خلال تلك المدة إلا إذا قام فى شأنه ما يعد إخلالا بواجباته الوظيفية أو مقتضيات مسئولياته الرئاسية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى قد عين بمقتضى القرار الوزارى رقم 754 لسنة 1987 مديرا لمعهد بحوث وقاية النباتات اعتبارا من 1/ 8/ 1987 إلا أنه صدر القرار المطعون فيه رقم 1440 لسنة 1989 بتعيين السيد الدكتور/ ........ مدير لمعهد بحوث وقاية النباتات وبالتالى تنحية المدعى عن إدارة المعهد دون سبب مشروع كإخلاله بمقتضيات واجباته الرئاسية وإنما اكتفت فى معرض دفاعها على ترديد أن مدة الثلاث سنوات المقررة لشغل الوظيفية هى حد أقصى لا يجوز تجاوزه ولا يحول دون نقل مدير المعهد طبقا للمادة (31) من القرار الجمهورى رقم 19 لسنة 1983، وإذا كانت جهة الإدارة قد أشارت فى مذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 3/ 2/ 1992 - أمام محكمة القضاء الإدارى - إلى أن خلافات قد سادت المعهد خلال فترة شغل المدعى لوظيفة مدير المعهد فإن هذا القول فضلا عن أنه قد جاء مرسلا لا دليل عليه فإنه لا يكشف أيضاً عن أفعال أو تصرفات تشكل إخلالا بواجبات المدعى بمقتضيات مسئولياته الرئاسية، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه يكون قد صدر مخالفا للقانون ومن ثم مشكلاً لركنى الخطأ فى جانب جهة الإدارة.
ولا وجه لما تذهب إليه جهة الإدارة من أن المادة (31) من القرار الجمهورى السالف الإشارة إليه قد نصت على أن "يجوز بقرار من وزير الزراعة نقل أعضاء هيئة البحوث من معهد إلى آخر بالمركز أو من محطة أقليمية إلى أخرى ويجوز نقلهم من معهد إلى محطة أقليمية بناء على طلب مسبب من مدير المعهد، وبعد موافقة مدير المركز ويجوز النقل من قسم إلى آخر فى نفس المعهد بقرار من مدير المركز بناء على طلب مدير المعهد وموافقة رئيس القسمين المختصين".
وبالتالى فإن نقل المدعى هو أمر جائز ومشروع وأن مدة الثلاث سنوات المنصوص عليها فى المادة (31) هى مدة قصوى لا تمنع النقل قبل تمامها، ولا وجه لهذا القول ذلك أن منصب أو وظيفة مدير المعهد قد وردت فى الجدول المنصوص عليه فى المادة (76) كوظيفة أعلى من وظيفة "رئيس بحوث" فهذه المادة قد تضمنت وظائف هيئة البحوث بالمركز بأنها "مدير المركز - وكيل المركز - مدير المعهد - وكيل المعهد - رئيس قسم - رئيس بحوث - باحث أول - باحث"، وقد ورد تحت عنوان "أعضاء هيئة البحوث" أحكام التعيين والندب والنقل والإعارة والإجازات وسببت المادة (36) بأن أعضاء هيئة البحوث بالمركز هم:
"رؤساء البحوث والباحثون الأول والباحثون" ما مؤداه أن الأحكام الخاصة بالنقل الواردة فى المادة (31) لا تسرى سوى على من حددتهم المادة (26) المشار إليها وليس من بينهم مديروا المعاهد ووكلائها ورؤساء الأقسام".
ومن حيث إنه عن ركن الضرر فلا شك أن تنحية المدعى قبل فوات المدة المقررة لشغله وظيفته قد أصابه بأضرار مادية تمثلت فى حرمانه من البدلات والمزايا المقررة لشاغل الوظيفة كما ستؤثر بلا شك على عناصر الأجر المتغير الداخلة فى حساب معاشه فضلا عما أصاب المدعى من أضرار أدبية لما تضمنه إقصاؤه عن إدارة المعهد من مساس بقدره ومقدرته وكفاءته فى الإدارة بين زملائه وأقرانه فى وقت شارفت فيه خدمته على الانتهاء.
ومن حيث إن الأضرار التى أصابت المدعى كانت نتيجة لقرار جهة الإدارة غير المشروع ومن ثم فإن علاقة السببية بين الخطأ والضرر تكون قائمة، مما تكتمل معه أركان المسئولية".
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن انتهى إلى تعويض المدعى عن قرار جهة الإدارة غير المشروع إلا أن تقديره للتعويض عن الأضرار المادية والأدبية بمبلغ 1000 جنيه (ألف جنيه) جاء قاصرا عن جبر تلك الأضرار خاصة وإن بعضها - كحرمانه من حساب ما كان سيتقاضاه من بدلات وميزات فى عناصر الأجر المتغير - ستؤثر تأثيراً غير محدود بمدة زمنية معين على ما يتقاضاه من معاش، فإن هذه المحكمة تقدر التعويض الذى يستحقه المدعى عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقته بمبلغ (5000 جنيه) خمسة آلاف جنيه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة أولاً: بعدم قبول الطعن رقم 1457 لسنة 38 ق. عليا شكلا لرفعه بعد الميعاد وذلك فى شقه الخاص بطلب إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من قبول الدعوى - لرفعها على ذى صفة، وبقبول الطعن شكلا فى الشق الخاص بطلب إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من طلب التعويض ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ثانياً: بعدم قبول الطعن رقم 1470 لسنة 38 ق. عليا شكلا لرفعه بعد الميعاد وذلك فى شقه الخاص بطلب الغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه لانتفاء شرط المصلحة، وبقبول الطعن شكلا فى شقه الخاص بطلب إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تحديد مقدار التعويض، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعى (الطاعن) مبلغ 5000 جنيه (خمسة ألاف جنيه) كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقته، وألزمت الجهة الادارية والطاعن مصروفات الطعن مناصفة.