مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1629

(177)
جلسة 29 من أغسطس سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يسرى زين العابدين نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد شمس الدين عبد الحليم خفاجى، وفتحى محمد محمد عبد الله، ود. محمد رضا سليمان، ود. عبد الله إبراهيم فرج ناصف نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4424 لسنة 39 قضائية عليا

ـ تعويض - تقادم المطالبة بالتعويض عن العمل غير المشروع - مناطه.
المادة رقم 172 من القانون المدنى.
ـ المطالبة بالتعويض الناشئ عن العمل غير المشروع تتقادم بانقضاء ثلاث سنوات - مدة الثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذى يثبت فيه علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه - هذا العلم لا يفترض وإنما يلزم أن يكون ثابتاً من الأوراق على وجه القطع بدليل من الأوراق - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت 11 من سبتمبر 1993 أودع الاستاذ ........ المحامى عن رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتسويق الأسماك والعضو المنتدب قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط فى الطعن رقم 12 لسنة 20 ق. بجلسة 13 من يوليو سنة 1993 والذى قضى:
أولاً: بالنسبة للشق الأول من القرار المطعون فيه والمتضمن خصم عشرة أيام من أجر الطاعن بعدم قبوله شكلا، لرفعه بعد الميعاد.
ثانياً: بالنسبة للشق الثانى من القرار المطعون فيه والمتضمن عدم صرف أجر الطاعن خلال مدة الإيقاف بعدم قبوله لانتفاء المصلحة.
ثالثاً: بالنسبة للشق الثالث من القرار المطعون فيه والمتضمن تحميل الطاعن بمبلغ 937.02 جنيها، بقبوله شكلا وفى الموضوع ببطلانه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع أولاً: ببطلان الحكم المطعون عليه فيما قضى به بالنسبة للشق الثالث بقبوله شكلاً.
ثانياً: إلغاء الحكم وتأييد التحميل بمبلغ 937.121 جنيها والصادر بشأنه قرار الجزاء موضوع الطعن. مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف والأتعاب.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن، وارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من بطلان تحميل المطعون ضده بمبلغ 937.020 جنيها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 13 من يناير 1998 وبجلسة العاشر من مارس سنة 1998 طلب الطرفان حجز الطعن للحكم فقررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة التاسع من يونيه 1998 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة موضوع) وحددت لنظره جلسة الخامس من يوليو سنة 1998 وفى هذه الجلسة حضر الطرفان وطلبا حجز الطعن للحكم فقررت المحكمة اصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته منطوية على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن أقيم خلال الأجل القانونى المقرر وقد استوفى سائر أوضاعه فإنه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فى أن المطعون ضده كان قد أقام الطعن التأديبى رقم 12 لسنة 20 ق أمام المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط طعنا على القرار رقم 128 لسنة 1992 الصادر بتاريخ 19/ 6/ 1992 الصادر بمجازاته بخصم أجر عشره أيام من راتبه لما نسب إليه من مخالفة واجبات وظيفته، ذلك أنه قام ببيع الأسماك المملحة بأزيد من السعر الجبرى مما ترتب عليه تحرير محضر الجنحة رقم 2415 لسنة 1986 طوارئ سوهاج ضده، والتى قضى فيها بجلسة 12/ 11/ 1986 بمعاقبته بالغرامة (300 جنيه) والمصادرة والمصاريف والغلق لمدة أسبوعين، ثم خفض قيمة الغرامة إلى مبلغ مائة جنيه قام بسدادها من ماله الخاص وتم تنفيذ الحكم بالغلق لمدة أسبوعين اعتبارا من 9/ 1/ 1992 مما دفع الشركة الطاعنة لإجراء تحقيق فى الواقعة قامت على أثره بإصدار القرار رقم (128) لسنة 1992 متضمنا مجازاته بخصم أجر عشرة أيام من راتبه وتحميله بمبلغ 937.020 جنيها قيمة ما فات الشركة من كسب من جراء غلق الفرع لمدة 15 يوما مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 13/ 7/ 1993 صدر الحكم المطعون فيه متضمنا القضاء ببطلان تحميل الطاعن (المطعون ضده فى الطعن الماثل) بمبلغ 937.02 جنيها على سند من سقوط الحق فى المطالبة بالتعويض الناشئ عن العمل غير المشروع بمضى ثلاث سنوات من اليوم الذى يثبت فيه علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه والتى حسبها الحكم المطعون فيه من تاريخ التصديق على الحكم الصادر فى الجنحة رقم 2415 لسنة 1986 من الحاكم العكسرى فى 8/ 2/ 1988.
وإذ لم ترتض الشركة هذا القضاء، فقد أقامت طعنها على أساسين.. أولهما: أن ركن الشكل لا يتجزأ، فطالما حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة للشق الخاص بالجزاء فكان ينبغى أن تقضى بعدم قبوله شكلا كذلك فيما يتعلق بالشق الخاص بالتحميل... وثانيهما: أن الحكم قد أخطأ إذ حسب ميعاد تقادم حق الشركة فى التحميل اعتبارا من تاريخ سابق على تاريخ علمها الحقيقى بالحكم الصادر ضد المطعون ضده وذلك فى 9/ 1/ 1992.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من وجهى الطعن، فإنه مردود بأن قضاء المحكمة قد جرى بأن المنازعة فى التحميل وإن كانت مرتبطة بقرار الجزاء، إلا أنها لا تتقيد بالمواعيد المقررة قانونا لدعوى الإلغاء لأنها من قبيل دعاوى الاستحقاق، وعلى ذلك فإن طعن المطعون ضده على قرار تحميله بقيمة الضرر الذى أصاب الشركة من جراء خطئه لا يتقيد بميعاد دعوى الإلغاء.
ومن حيث إنه عن الوجه الثانى من وجهى الطعن، والمتعلق بتحديد تاريخ علم الشركة الطاعنة بوقوع الضرر، فإن المادة 172 من القانون المدنى تنص على أن "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسؤول عنه، وتسقط هذه الدعوى فى كل حال بانقضاء خمسة عشر سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع".
ومن حيث إنه وفقا لهذا النص فإن المطالبة بالتعويض الناشئ عن العمل غير المشروع تتقادم بانقضاء ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذى يثبت فيه علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وهذا العلم لا يفترض كما تحاول مذكرة المطعون ضده القول به، وإنما يلزم أن يكون ثابتاً من الأوراق على وجه القطع بدليل سند من الأوراق.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه لا يوجد ما يدل على علم الشركة الطاعنة بالحكم الصادر ضد المطعون ضده فى الجنحة رقم 2415 لسنة 1986 طوارئ سوهاج والذى صدق عليه بتاريخ 8/ 2/ 1988 إلا فى 9/ 1/ 1992 تاريخ إغلاق المنفذ، إذ لم تختصم الشركة ولم تعلن بالحكم المذكور ولم يرد بالأوراق ما يفيد علمها يقينا به من أى مصدر معتمد به.
ومن حيث إن واقعة غلق المنفذ هى التى مثلت الضرر الذى أصاب الشركة بتفويت الكسب الذى كان لتحقق خلال مدة الغلق.
ومن حيث إن الشركة قد أصدرت قراراها بالتحميل فى 19/ 6/ 1992 قبل مضى مدة التقادم المسقط لحقها فى التعويض.
ومن حيث إن المطعون ضده لم ينازع فى قيمة التعويض الذى قدرته الشركة.
ومن حيث إن الحكم المطعون عليه قد خالف هذا النظر فإنه يكون فى هذا الشق من قضائه واجب الالغاء.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة "بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من بطلان تحميل المطعون ضده بمبلغ (937.020 جنيها) مع ما يترتب على ذلك من آثار".