مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1635

(178)
جلسة 29 من أغسطس سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يسرى زين العابدين نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة المستشارين/ د. إبراهيم على حسن، وأحمد شمس الدين عبد الحليم خفاجى، وفتحى محمد محمد عبد الله، ومصطفى عبد المنعم صالح نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2619 لسنة 40 قضائية عليا

اختصاص - ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى - الطعن فى قرارات صندوق إسكان أفراد القوات المسلحة - (قرار إدارى).
- قرارات صندوق إسكان أفراد القوات المسلحة لا تعد قرارات إدارية - أساس ذلك أن وزارة الدفاع أنشأت هذا الصندوق لإنشاء مساكن لأفراد القوات المسلحة ليس بصفتها سلطة عامة وإنما بوصفها فردا من الأفراد يتمتع بحقه فى شراء وبناء وتمتلك الاراضى والوحدات السكنية - أثر ذلك: عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظر الطعن فى القرارات التى يصدرها الصندوق - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 25/ 5/ 1994، أودع الأستاذ .......... المحامى بصفته وكيلا عن الطاعنين تقرير طعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، قيد بجدولها تحت رقم 2619 لسنة 40 ق طعنا فى الحكم الصادر فى الشق العاجل فى الدعوى رقم 1118 لسنة 47 ق من محكمة القضاء الإدارى دائرة الأفراد ج بجلسة 31/ 3/ 1994 والقاضى بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعين مصروفاته.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه - لما ورد به من أسباب الحكم بقبول شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 19/ 5/ 1997، وتدوولت على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 1/ 12/ 1997 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى - موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 4/ 1/ 1998.
وبجلسة 4/ 1/ 1998 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة موضوع - بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص.
وتدوول نظر الطعن على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 5/ 7/ 1998 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 9/ 8/ 1998، ومد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاتمام المداولة حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 1118 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإدارى - دائرة الأفراد ج - طالبين فى ختامها الحكم بإيقاف تنفيذ القرار الإدارى الصادر باقامة مبان على المساحة محل النزاع وبإلغاء هذا القرار مع إلزام جهة الإدارة المصروفات، واستند الطاعنون فى دعواهم إلى أنهم فى غضون عام 1985 تسلم كل منهم شقة تم حجزها بعمارات أقيمت بتقسيم عزت (تقسيم مدنية المخلفات - سابقا) وحاليا مدينة الصفا، وشيد هذا التقسيم بمواصفات خاصة بحيث يترك بين عدة عمارات مساحة واسعة تنتفع به هذه العمارات كما أن من مواصفات هذا التقسيم ألا يزيد ارتفاع كل عمارة على ستة أدوار يتكون كل دور من أربع شقق وتحتوى كل عمارة على أربعة وعشرون شقة، وأضافوا أنهم ينتفعون هم وشاغلوا هذه العمارات داخل هذا التقسيم بمساحة الأرض الفضاء فى إقامة شعائر صلاة العيدين كما تستخدم كمكان لانتظار السيارات وإقامة الأفراح والمآتم لسكان المنطقة كما ورد بالتخطيط الخاص بهذا التقسيم اعتبار هذه المساحة منفعة عامة لجميع سكان العمارات التى يشملها التقسيم إلا أنهم فوجئوا يوم 12/ 11/ 1992 بأحد المهندسين المدنيين ومعه آخر يعمل مقاولا وثالث تابع للإدارة الهندسية للقوات المسلحة يقومون بتخطيط مدخل التقسيم المذكور بعد إخلائه من السيارات الخاصة تمهيداً لإقامة بناء عليه عبارة عن سوق تجارى، رغم ما ينطوى عليه هذا الإجراء من حرمانهم من الانتفاع بمساحة الأرض الفضاء التى تعتبر جزءا لا يتجزأ من وحداتهم السكنية المملوكة لهم فضلا فى ذلك من اعتداء على حرياتهم وحقوقهم المشروعه هم وأولادهم فى الانتفاع بهذه المساحة طبقا للدستور والقانون والشريعة الإسلامية وبجلسة 31/ 3/ 1994، أصدرت المحكمة حكمها الطعين فى الشق العاجل منها ويقضى بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعين مصروفاته.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يشترط للاستجابة له توافر ركنين مجتمعين هما ركن الجدية وركن الاستعجال، وإنتهت إلى عدم توافر ركن الجدية تأسيسا على أن البادئ من ظاهر الأوراق - وبالقدر اللازم للفصل فى طلب وقف التنفيذ أن وزارة الدفاع تمتلك مجموعة من العمارات بينها العمارة التى يقطنها المدعون (الطاعنون) بمدينة الصفا امتداد شارع رمسيس الأول بأول مدينة نصر القاهرة. والبادى من مطالعة العقد النموذجى المحرر بين الوزارة وشاغلى تلك العمارات أن هؤلاء يمتلكون فحسب الوحدات السكنية المخصصة لهم أما الأرض المقام عليها هذه الوحدات فهى مملوكة لوزارة الدفاع التى يكون لها وحدها بموجب أحكام هذا العقد حق الانتفاع بما يكون بالدور الأرضى بالعمارات من محلات أو مخازن أو مكاتب أو مسطحات أخرى كالأراضى والأفنية الكائنة أمام العمارات، وكذا حق استعمالها واستغلالها والتصرف فيها بأى وجه دون اعتراض من شاغلى وحدات هذه العمارات ومن ثم فإن قرار جهة الإدارة بإقامة مبان على المساحة محل النزاع يكون مستندا للحق المخول لها بموجب أحكام العقد المبرم بينها وبين المدعين (الطاعنين) وعليه فإن هذا القرار صادف محله وجاء موافقا لأحكام ذلك العقد الأمر الذى يؤدى إلى تخلف ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ وانتهت إلى رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وإذا لم يلق هذا القضاء قبولا من الطاعنين، أقاموا طعنهم الماثل تأسيساً على أن الحكم الطعين خالف القانون وأخطأ تطبيقه وتأويله، ذلك أن المساحة المتنازع عليها تعد من قبيل المنافع لقاطنى العمارات المحيطة بها وفقا لما جرى العرف عليه فى هذه التقسيمات من ترك مساحات واسعة كحدائق وأخرى لانتظار السيارات لقاطنى هذه العمارات الأمر الذى يجعل هذا القرار مشوبا بعيب التعسف فى استعمال السلطة لانطوائه على حرمان الطاعنين من الانتفاع بالمساحات المخصصة لانتفاعهم بالمخالفة لأحكام القانون والدستور ومن ثم فإنهم يصممون على طلبهم إلغاء الحكم الطعين.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن وزارة الدفاع تمتلك مجموعة من العمارات والأبنية صالحة للسكنى ورغبة منها فى المساهمة فى حل مشكلة الإسكان باعتبارها مشكلة قومية، فقد رأت أن تملك الأفراد وضباط القوات المسلحة والعاملين بها من ضباط الصف ذوى الراتب العالى تلك الوحدات السكنية دون الأرض المقامة عليها وفقاً للشروط المنصوص عليها فى العقود المبرمة بينها وبين هؤلاء الأفراد، وقد ورد فى البند التاسع من هذا العقد ما نصه "..... الأرض المقام عليها البناء وكذا أسطح العمارة ملكا للطرف الأول (وزارة الدفاع) كما ورد بالبند الثالث عشر منه يقر الطرف الثانى (المشترى) بأنه ليس له أية حقوق على ما يكون بالدور الأرضى بالمبنى من محلات أو مخازن أو مكاتب أو مسطحات أخرى، ويكون للطرف الأول (وزارة الدفاع) وحده الحق فى الانتفاع بها أو استعمالها أو التصرف فيها بأى وجه دون أى اعتراض من الطرف الثانى (المشترى) والمستفاد من تلك النصوص أن الطاعنين يمتلكون فقط الوحدات السكنية المملوكة لهم دون الأرض المملوكة للوزارة ولها وحدها حق الانتفاع بها واستعمالها والتصرف فيها دون أى اعتراض من المشترين.
واتساقا مع هذا الفهم قرر مجلس إدارة صندوق إسكان أفراد القوات المسلحة بجلسته المنعقدة فى 24/ 3/ 1991 ( أ ) الموافقة على تعديل موقع إنشاء المسجد ليكون بمنطقة إسكان الضباط بامتداد رمسيس بدلا من إسكان الدرجات الأخرى بمنطقة المخلفات.
(ب) يمكن استغلال قطعة الأرض التى يشغلها أحد ساكنى منطقة امتداد رمسيس لصالح صندوق إسكان أفراد القوات المسلحة - وجارى إعداد تخطيط الدراسة على ضوء مساحة، الأرض المتيسرة.
ومن حيث إن قرار صندوق إسكان أفراد القوات المسلحة، لا يعدو قرارا إداريا، إذ إن وزارة الدفاع أنشأت هذا الصندوق لإنشاء مساكن لأفراد القوات المسلحة ليس بصفتها سلطة عامة وإنما بوصفها فردا من الأفراد يتمتع بحقه فى شراء وبناء تمليك الأراضى والوحدات السكنية بالشروط الواردة بالعقد ملكية خاصة يؤيد ذلك أن العقد ورد بالبند العشرين منه أن كل نزاع ينشأ بخصوص تنفيذ هذا العقد أو تفسير بنوده تختص به المحكمة الابتدائية التى يقع فى دائرتها العقار محل النزاع وتعتبر الوحدة المبيعة موطنا قانونيا للطرف الثانى فى كل ما يتعلق بهذا العقد.......".
ومن حيث إن حقوق الطاعنين على الأرض محل النزاع إنما - يحكمها العقد المبرم بينهم وبين وزارة الدفاع بصفتها مالكة لمبانى ووحدات وأرض التقسيم، ملكية خاصة، وكان الفصل فيما إذا كانت الأرض محل انتفاع مالكى الوحدات السكنية حقا لهم أم لا، أمر يخضع لتنفيذ العقد المبرم بين المالك لهذه الوحدات والأفراد المملكين لها يحتاج إلى تفسير نصوص هذا العقد، وقد نص العقد على أن كل نزاع ينشأ بخصوص هذا العقد أو تفسير بنوده، تختص به المحكمة الابتدائية، وبالتالى فإن الاختصاص بنظر الدعوى المرفوعة من الطاعنين (المدعيين) ينعقد للمحكمة الابتدائية التى يقع فى دائرتها العقار محل النزاع باعتبارها الجهة المختصة بتنفيذ وتفسير العقد والفصل فى ملكية الأرض محل النزاع وبالتالى فإن صدور الحكم الطعين بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف التنفيذ يكون مخالفا لأحكام القانون لتصديه لطلب وقف التنفيذ دون الحكم بعدم الاختصاص بنظر الدعوى بشقيها وبإحالتها إلى المحكمة الابتدائية الكائنة بدائرتها العقار محل النزاع للاختصاص.
وإذ قضى الحكم الطعين بخلاف ذلك، فإنه يتعين إلغاؤه والقضاء مجددا بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر هذا النزاع وإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة الابتدائية الواقع فى دائرتها العقار محل النزاع للاختصاص طبقا لحكم المادة 110 من قانون المرافعات - مع إبقاء الفصل فى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة وسط القاهرة الابتدائية للاختصاص لنظرها بجلسة تحددها وتخطر بها الخصوم وأبقت الفصل فى المصروفات.