مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة عشر (من أول أكتوبر سنة 1972 إلى آخر سبتمبر سنة 1973) - صـ 110

(66)
جلسة 2 من يونيه سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد - رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة: أبو بكر محمد عطيه وعبد الفتاح محمد صالح الدهري ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.

القضية رقم 474 لسنة 15 القضائية

دعوى. طعن (طعن الخارج عن الخصومة). ميعاد الطعن.
الطعن في حكم الإلغاء - يجوز للغير الذي تعدى أثر الحكم إلى المساس بحقوقه ومصالحه ومراكزه القانونية المستقرة وذلك إذا لم يعلم بقيام الخصومة ولم يكن في مركز يسمح له بتوقيعها - حساب ميعاد الطعن في هذه الحالة من تاريخ علمه بالحكم - أما إذا كان الغير يعلم بقيام الخصومة أو كان في مركز قانوني يسمح له بتوقيعها فانه لا يقبل منه الطعن على الحكم طالما لم يتدخل في الخصومة التي صدر فيها هذا الحكم - المعول عليه هو علم صاحب الشأن نفسه علما يقينيا وليس علم وكيله وإن كان وكيلا بالخصومة. [(1)]
سبق لهذه المحكمة أن قضت بحكمها الصادر في الطعن رقم 977 لسنة 7 القضائية بجلسة 23 من ديسمبر سنة 1961 بأن حكم الإلغاء يعتبر حجة على الكافة وليست حجته نسبية تقتصر على طرفي الخصومة دون غيرهما، وإنما حجيته مطلقة تتعدي إلى الغير أيضا وفقا لما حرصت على تأييده جميع التشريعات المتتالية لمجلس الدولة، وإلا أنه من الأصول المسلمة التي يقوم عليها حسن توزيع العدالة وكفالة تأدية الحقوق لأربابها ألا يحول دون ذلك صدور حكم حاز قوة الشيء المقضي به بمقولة أن حكم الإلغاء يكتسب حجية عينية تسري على الكافة ما دام هذا الحكم يتعدي أطراف الخصومة ومنهم ذوي الشأن الذين عناهم نص المادتين 15، 23 من القانون رقم 55 لسنة 1959 الخاص بمجلس الدولة والتي يقابلهما نص المادتين 23، 44 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972 بما تضمنه من تحديد ميعاد الطعن بستين يوما من تاريخ صدور الحكم بحيث يمس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حقوق ومصالح ومراكز قانونية مستقرة للغير الذي كان يتعين أن يكون أحد الطرفين الأصليين في المنازعة ومع ذلك توجه إليه ولم يكن في مركز يسمح بتوقعها أو العلم بما حتى يتدخل فيها في الوقت المناسب إذ لا مناص من رفع ضر التنفيذ عن هذا الغير الذي لم يكن طرفا في المنازعة، وذلك بتمكينه من التداعي بالطعن في هذا الحكم من تاريخ علمه حتى يجد له قاضيا يسمع دفاعه، وينصفه إذا كان ذا حق في ظلامته ما دام قد استغلق عليه سبيل الطعن في هذا الحكم أمام محكمة أخرى. والقول بغير هذا فيه حرمان لصاحب المصلحة الحقيقي من حق اللجوء إلى القضاء متظلما من حكم في منازعة لم يكن طرفا فيها ولم يعلم بها وتمس أثار هذا الحكم حقوقا له.
ومن حيث إنه يؤخذ مما سلف أن هذه المحكمة قد أقرت بحق الخارج عن الخصومة في الطعن على الحكم الذي يصدر ويتعدي أثره عليه وذلك إذا لم يعلم بقيام الخصومة أو لم يكن في مركز يسمح بتوقعها، وفي هذه الحالة تحسب مواعيد الطعن من تاريخ علمه بالحكم أما إذا كان الغير يعلم بقيام الخصومة أو كان في مركز قانوني يسمح بتوقعها، فانه لا يقبل منه الطعن على الحكم طالما لم يتدخل في الخصومة أمام محكمة القضاء الإداري، إذ في هذه الحالة يكون هذا الغير قد فوت على نفسه فرصة عرض ظلامته على جهة القضاء، وإذا كانت اعتبارات حسن توزيع العدالة تسوغ إفساح المجال للغير ممن يتعدي أثر الحكم إليه ولم يعلم بقيام الخصومة للطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، فان هذه الاعتبارات ذاتها تأبي مساندة هذا الغير الذي علم بالخصومة ووقف حيالها موقف المتربص فان صدر الحكم لصالحها سكت وان صدر ضده مصالحه نازع فيه وطعن عليه).
والمعول عليه هو علم صاحب الشأن نفسه علما يقينيا بالخصومة، ولا يحاج في هذا الصدد بعلم وكيله حتى لو كان وكيلا بالخصومة باعتبار أن العلم اليقيني لا يتوافر من مجر علم الوكيل بقيام المنازعة وطالما أنه لم يثبت أن هذا الوكيل أخطر موكله بالنزاع وماهيته وحدوده.


[(1)] راجع في هذا المعني الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 23 من ديسمبر سنة 61 في القضية رقم 977 لسنة 7 ق والمنشور بمجموعة العشر السنوات ص 714 بند 321.