مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الثانى (من أول إبريل سنة 1996 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 1445

(161)
جلسة 14 من يوليو سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ مصطفى محمد المدبولى أبو صافى، والسيد محمد السيد الطحان، وأدوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4322 لسنة 40 القضائية

( أ ) دعوى - الطعن على الأحكام - الطلبات الواردة بتقرير الطعن.
تضمين تقرير الطعن - المقام على الحكم الصادر فى الشق العاجل من الدعوى - طلباً برفض طلب الالغاء الوارد بعريضة الدعوى يكون غير مقبول شكلاً - أساس ذلك:
عدم استنفاد محكمة القضاء الإدارى ولايتها بالفصل فى طلب الإلغاء بقضاء صريح أو ضمنى. تطبيق.
(ب) تراخيص - ترخيص بناء - حدود سلطة المحافظ فى التفويض فى الاختصاص المقرر له قانوناً بإصدار قرار إزالة المبانى المخالفة.
المواد 4، 11، 15، 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء معدلا بالقانون رقم 30 لسنة 1983.
لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها إلا بعد الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة، ولا يجوز الترخيص بالمبانى أو الأعمال المشار إليها إلا إذا كانت مطابقة لأحكام هذا القانون ومتفقة مع الأصول الفنية والمواصفات العامة والقواعد الصحية التى تحددها اللائحة التنفيذية -ويترتب على مخالفة ذلك: وقف الأعمال المخالفة بالطريق الإدارى - وطبقاً لحكم المادة 16 من ذات القانون فإن الأصل أن يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأى اللجنة - المنصوص عليها بتلك المادة - قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التى تم وقفها، ويجوز للمحافظ بعد أخذ رأى اللجنة المشار إليها التجاوز عن الإزالة فى بعض المخالفات التى لا تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران -على أن ثمة مخالفات معينة لا يجوز فيها التجاوز عن الإزالة وهى المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع طبقاً للقانون أو قانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن لإيواء السيارات فإن للمحافظ أن يصدر قراراً بالإزالة فى تلك المخالفات دون الرجوع إلى اللجنة المذكورة - حق المحافظ فى إصدار قراراً بالإزالة فى تلك المخالفات دون الرجوع إلى اللجنة يستلزم أن يصدر القرار من المحافظ بنفسه دون أن يفوض غيره فى ذلك - أساس ذلك: ما ورد بصدر المادة 16 حيث يقضى بأن المحافظ أو من ينيبه بعد العرض على اللجنة أما فى الحالة الأخيره وهى حالة إصدار القرار دون العرض على اللجنة فإن نص هذه المادة قصر إصدار قرار الإزالة على المحافظ دون أن يورد فى ذلك عبارة "أو من ينيبه" مما مؤداه عدم جواز التفويض فى هذه الحالة وهو أمر تبرره خطورة هذه المخالفات مما يتطلب أن يكون مصدر القرار على مستوى معين من المسئولية لا يجوز معه النزول بها إلى مستوى أدنى، ومن ثم يكون تفويض غيره فى ممارسة هذا الاختصاص مخالفاً للقانون. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 3 سبتمبر 1994 أودع الاستاذ ...... المحامى بصفته وكيلا عن .... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 4322 لسنة 40 ق عليا ضد المطعون ضدهم فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى "دائرة منازعات الأفراد والهيئات ب" بجلسة 28/ 7/ 1994 فى الدعوى رقم 1569 لسنة 47 ق والذى قضى أولاً: بقبول تدخل/ ....... "الطاعن" خصماً منضماً إلى الجهة الإدارية. ثانياًَ: بقبول الدعوى شكلاًًًً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 234 لسنة 1992 وإلزام الجهة الإدارية والمتدخل المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وباستمرار تنفيذ قرار الإزالة رقم 234 لسنة 1992، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الطلب الخاص بالقرار السلبى وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكل، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى قررت بجلسة 3/ 7/ 1995 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 8/ 10/ 1995، وتدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة، وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن على النحو المبين بمحاضر الجلسات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراقن وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطاعن يطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الطلب الخاص بالقرار السلبى وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات.
ومن حيث إن المطعون ضده الأول أقام الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، وطلب الحكم فيها بما يلى: أولاً: وقف تنفيذ القرار رقم 234 لسنة 1992 بإزالة الدور الثامن فوق الأرضى من العقار محل النزاع، ثانياً: إلغاء القرار المطعون فيه. ثالثاً: بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إصدار قرار الترخيص باستكمال بناء العقار سالف الذكر، وقد صدر الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل فى طلب وقف التنفيذ، ولم يتناول طلبى الإلغاء المشار إليهما، وإنما تم إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فيهما، ومن ثم فإن تضمين تقرير الطعن طلباً برفض أحد طلبى الإلغاء سالفى الذكر وهو الطلب الخاص بالقرار السلبى الوارد ضمن طلبات المدعى فى البند ثالثاً من عريضة الدعوى والذى لا يزال فى ولاية محكمة القضاء الإدارى لم تفصل فيه بقضاء صريح أو ضمنى - يكون غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه عن الدفع من المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن تأسيساًَ على أن الطاعن ليس إلا متدخلا تدخلا انضمامياً إلى جانب الجهة الإدارية الصادر ضدها الحكم الطعين وقد قبلت هذا الحكم ولم تطعن فيه على ما يبين من الشهادة الصادرة من قسم الجدول بالمحكمة الإدارية العليا بتاريخ 13/ 12/ 1994 والمودعة حافظة مستندات الطاعن المقدمة بجلسة 2/ 1/ 1995 فإن من المستقر عليه فى الفقه والقضاء: "أن الطاعن وقد تدخل فى الدعوى ابتداء أمام محكمة أول درجة (القضاء الإداري) وقضت بقبول تدخله منضماً إلى الجهة الإدارية فإن الحكم الصادر فى الدعوى يكون حجة له أو عليه ويحق له الطعن فيه بأوجه الطعن المقررة قانوناً ولو كان الخصم الأصلى الذى انضم إليه "الجهة الإدارية فى النزاع الماثل" لم يطعن فى الحكم، ومن ثم يكون الدفع غير قائم على سند من القانون خليقاً بالرفض، وإذ كان ذلك - وكان الطعن فى هذا الشق منه قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 3/ 12/ 1992 أقام ........ "المطعون ضده الأول" الدعوى رقم 1569 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإدارى "دائرة منازعات الأفراد ب" ضد: 1 - محافظ القاهرة 2 - رئيس حى البساتين والمعادى 3 - مدير الإدارة الهندسية لحى المعادى والبساتين طالبا فى ختام عريضتها الحكم: أولاً: بوقف تنفيذ القرار رقم 234 لسنة 1992 فيما تضمنه من إزالة الدور الثامن فوق الأرضى فى العقار محل النزاع. ثانياً: إلغاء القرار المطعون فيه. ثالثاً: إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إصدار قرار الترخيص باستكمال بناء العقار المشار إليه طبقاً لقرار محافظ القاهرة رقم 17 لسنة 1991 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقال شرحا للدعوى إنه يملك رقم 10 شارع (6) بالمعادى وحصل على ترخيص بناء رقم 72 لسنة 1990 ببناء بدروم به جراج وغرفة بواب وحديقة وأرضى وأربعة أدوار متكررة ودور خدمات وصدر هذا الترخيص فى حدود اشتراطات شركة المعادى التى تضمنت ألا يجاوز الارتفاع 15متراً بالإضافة إلى دور الخدمات، وأعقب ذلك أن تقدم بطلب تعلية إلى المدعى عليه الثانى طبقاً لقرار محافظ القاهرة رقم 17 لسنة 1991 الذى حدد ارتفاع المبانى بما لا يجاوز 1.25 من عرض الطريق بحد أقصى 30 مترا على مستوى مدينة القاهرة إلا أن المذكور امتنع عن إصدار الترخيص بالتعلية، فتقدم بطلب إلى المدعى عليه الأول فإحالة إلى المستشار القانونى للمحافظة الذى أبدى رأيه بأنه لا مانع قانوناً من إجابة المدعى إلى طلبه إذا كان الارتفاع فى حدود مرة وربع من عرض الشارع بما لا يجاوز 30 متراً ووافق المحافظ على ما انتهى إليه رأى المستشار القانونى وأخطر بذلك بتاريخ 29/ 6/ 1992، الأمر الذى يكون مستحقاً معه الحصول على الترخيص بالتعلية لعدد تسعة أدوار "أرضى وثمانيه أدوار متكررة "حسب قرار محافظ القاهرة رقم 17 لسنة 1991 إلا أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه رقم 234 لسنة 1992 بإزالة الدور الثامن فوق الأرضى وما يستجد من أعمال لتجاوز الارتفاع القانونى. ونعى على هذا القرار مخالفته القانون، واختتم عريضة الدعوى بالطلبات المشار إليها، ورداً على الدعوى قدمت الجهة الإدارية حافظة مستندات ومذكرة بدفاعها طلبت فى ختامها رفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعى المصروفات، وبصحيفة معلنة طلب ......... قبول تدخله خصماً منضماً إلى الجهة الإدارية وقدم مذكرتين بدفاعه وعدة حوافظ مستندات كما قدم المدعى مذكرة بدفاعه.
وبجلسة 28/ 7/ 1994 قضت محكمة القضاء الإدارى "دائرة منازعات الأفراد ب" أولاً: بقبول تدخل ....... منضما إلى الجهة الإدارية. ثانياً: بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 234 لسنة 1992 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن المدعى أقام الدور الثامن فوق الأرضى بالعقار محل النزاع بدون الحصول على ترخيص مخالفاً بذلك أحكام المادة (4) من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء معدلاً بالقانون رقم 30 لسنة 1983 وأنه لما كانت هذه المخالفة من المخالفات التى يتعين عرضها على اللجنة المنصوص عليها فى المادة (16) من القانون المشار إليه قبل إصدار قرار بتصحيحها أو إزالتها وأن هذا الإجراء يعد من الإجراءات الجوهرية التى يترتب البطلان على مخالفتها، وقد تبين من مراجعة القرار المطعون فيه أنه صدر بدون عرضه على اللجنة المشار إليها، كما أنه صدر من غير مختص إذ أن المختص بإصداره هو نائب المحافظ للمنطقة الواقع بدائرتها العقار الصادر فى شأنه القرار المطعون فيه عملا بقرار التفويض رقم 175 لسنة 1991 وليس رئيس حى المعادى والبساتين ومن ثم يكون قد توافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار محل الطعن.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ تطبيقه وتأويله ذلك أنه بالرجوع إلى ديباجة القرار المطعون فيه يبين أنه صدر استناداً إلى قرار المحافظ رقم 199 لسنة 1991 بشأن تفويض رؤساء الأحياء فى السلطة المخولة له فى القانون رقم 106 لسنة 1976 معدلا بالقانون رقم 30 لسنة 1983 مما يقطع بصدور القرار ممن يملك سلطة إصداره قانوناً بموجب هذا التفويض إذ إن هذا القرار لاحق لقرار التفويض رقم 175 لسنة 1991 الذى أشار إليه الحكم المطعون فيه وناسخ له كما أن القرار المطعون فيه صدر استناداً لمخالفة قيود الارتفاع المقررة قانوناً وأن من حق المحافظ إصدار قرار الإزالة فى هذه الحالة دون العرض على اللجنة وقد فوض اختصاصه فى هذا الشأن إلى رؤساء الأحياء على النحو الوارد بقرار التفويض رقم 199 لسنة 1991 سالف الذكر، ومن ثم كان يجب الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لمخالفة البناء محل النزاع لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 سواء من حيث إقامته بدون ترخيص أو من حيث مخالفته لاشتراطات البناء فى منطقة المعادى وقدم كل من الطاعن والمطعون ضده الأول عدة حوافظ مستندات ومذكرات بدفوعه وأوجه دفاعه.
ومن حيث إنه طبقاً لاحكام المواد 4 و11 و15 و16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء معدلا بالقانون رقم 30 لسنة 1983 وما جرى به قضاء هذه المحكمة فإنه لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها..... إلا بعد الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة، ولا يجوز الترخيص بالمبانى أو الأعمال المشار إليها إلا إذا كانت مطابقة لأحكام هذا القانون ومتفقة مع الأصول الفنية والمواصفات العامة ومقتضيات الأمن والقواعد الصحية التى تحددها اللائحة التنفيذية وفى حالة مخالفة الأحكام المشار إليها وغيرها من الأحكام المتعلقة بتنظيم المبانى والمنصوص عليها فى الباب الثانى من القانون سالف الذكر توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإدارى بقرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم يتضمن بيانا بهذه الأعمال. وطبقاً للمادة (16) من ذات القانون فإن الأصل أن يصدر المحافظ أو من ينيبه بعد أخذ رأى لجنة تشكل بقرار منه من ثلاثة من المهندسين المعماريين والمدنيين قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التى تم وقفها خلال خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ إعلان قرار وقف الأعمال إلى ذوى الشأن، ومع عدم الإخلال بالمحاكمة الجنائية يجوز للمحافظ بعد أخذ رأى اللجنة المشار إليها التجاوز عن الإزالة فى بعض المخالفات التى لا تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران وذلك فى الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية، على أن ثمة مخالفات معينة لا يجوز فيها التجاوز عن الإزالة وهى المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً للقانون أو قانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن لإيواء السيارات فإن للمحافظ أن يصدر قراراً بالإزالة فى تلك المخالفات الأخيرة دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها يستلزم أن يصدر القرار من المحافظ نفسه دون أن يفوض غيره فى ذلك وهو ما يؤيده صدر المادة (16) سالفة الذكر حيث يقضى بأن يصدر القرار من المحافظ أو من ينيبه بعد العرض على لجنة أما فى الحالة الأخيرة وهى حالة إصدار القرار دون العرض على اللجنة فإن عجز هذه المادة قصر إصدار قرار الإزالة على المحافظ دون أن يورد فى ذلك عبارة "أو من ينيبه" مما مؤداه عدم جواز التفويض فى هذه الحالة وهو أمر تفرضه خطورة المخالفات التى تبرر إصدار القرار دون انتظار العرض على اللجنة مما يتطلب أن يكون مصدر القرار على مستوى معين من المسئولية لا يجوز معه النزول بها إلى مستوى أدنى وهو ما يحقق التوازن بين حالتى إصدار القرار بعد أخذ رأى اللجنة وإصداره دون أخذ رأيها إذ فى الحالة الأولى يكفى أن يصدر القرار ممن يفوضه المحافظ فى ذلك أما فى الحالة الثانية فيتعين أن يصدر القرار من المحافظ نفسه دون غيره، ومن ثم يكون تفويض المحافظ غيره فى ممارسة هذا الاختصاص مخالفا للقانون.
ومن حيث إنه يبين من ظاهر الأوراق وعلى الأخص قرار الإزالة رقم 234 لسنة 1992 المطعون فيه وقرار وقف الأعمال رقم 198 لسنة 1992 ومحضر إعلان قرار إيقاف الأعمال ومحضر المخالفة الصادر فى شأنها قرار الإيقاف والإزالة المشار إليهما والوارد ضمن حافظة مستندات الجهة الإدارية المقدمة إلى محكمة القضاء الإدارى بجلسة 13/ 1/ 1994 أن المطعون ضده الأول قام ببناء الدور الثامن فوق الأرضى بالعقار محل النزاع دون الحصول على ترخيص بذلك طبقاً لما تقدم، وكانت هذه المخالفة مما يلزم عرض الأمر فى شأنها قبل إصدار قرار بإزالتها على اللجنة الفنية المنصوص عليها فى المادة (16) من القانون المشار إليه، ولم يكشف ظاهر الأوراق عن أنه تم العرض على تلك اللجنة قبل إصدار القرار الطعين، فضلا عن أن هذا القرار صدر من رئيس حى المعادى والبساتين وليس من نائب المحافظ المختص طبقاً للتفويض الصادر به قرار المحافظ رقم 175 لسنة 1991 ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر كذلك من غير المختص قانوناً بإصداره الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ، ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعن من أن القرار الطعين صدر كذلك استناداً إلى تجاوز الحد الأقصى للارتفاع ومخالفة اشتراطات شركة المعادى، فإنه وبفرض التسليم بأن هذه المخالفات تنطوى تحت عدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً للقانون والمشار إليها فى الفقرة الأخيرة من المادة (16) سالفة الذكر فإن قرار الإزالة بالنسبة لها يتعين أن يصدر من المحافظ دون غيره ويبين من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه - كما سبق البيان - صدر من رئيس حى المعادى والبساتين استناداً إلى التفويض الصادر من المحافظ بالقرار رقم 199 لسنة 1991 والذى يفوض فيه رؤساء الأحياء بإصدار قرارات الإزالة وتصحيح الأعمال المخالفة طبقاً للمادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 وذلك فى حالات المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً للقانون وقانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 والمخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بخطوط التنظيم والمخالفات المتعلقة بعدم توفير أماكن تخصص لإيواء السيارات، وقد سبقت الإشارة إلى أن هذه الحالات مما لا يجوز للمحافظ أن يفوض اختصاصه فيها ويكون التفويض منه فى هذا الشأن قائماً على غير سند من القانون، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه وقد صدر استناداً إلى التفويض الوارد فى قرار المحافظ رقم 199 لسنة 1991 وفى حالة من الحالات التى لا يجوز التفويض فيها، الأمر الذى يؤدى إلى اعتباره مشوبا بوجه من أوجه عدم المشروعية مما يجعله مرجح الإلغاء ومن ثم يتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه، كما يتوافر ركن الاستعجال فى هذا الطلب لما يترتب على تنفيذ القرار من نتائج قد يتعذر تداركها تتمثل فى هدم البناء وحرمان صاحبه من الانتفاع به وإخلائه من ساكنيه فى وقت تفاقمت فيه أزمة الإسكان وأصبح تدبير سكن جديد ليس الأمر اليسير ويتعين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذات النظر المتقدم، فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا، بالنسبة لطلب إلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفضه موضوعا استنادا إلى الاسباب الواردة بهذا الحكم، وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا بالنسبة لطلب إلغاء الحكم المطعون فيه، ورفضه موضوعا على النحو المبين بالاسباب، وألزمت الطاعن المصروفات.