مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1997 إلى آخر فبراير سنة 1998) - صـ 63

(8)
جلسة 18 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ محمد مجدى محمد خليل، عويس عبد الوهاب عويس، السيد محمد العوضى، محمود اسماعيل رسلان نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1397 لسنة 36 قضائية علياا

إدارات قانونية بالهيئات والمؤسسات العامة - أعضاؤها - حظر ممارسة أعمال المحاماة لغير الجهة التابعين لها - الاستثناء من الحظر - شروط - الحكم بعدم الدستورية - مناطه.
المادة رقم 8 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984.
االمشرع أورد قاعدة عامة حظر فيها على محامى الإدارات القانونية الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهات التى يعملون بها ورتب جزاء البطلان على مخالفة هذا الحظر - إلا أنه أورد استثناءً على هذه القاعدة حدد نطاقه بالقضايا الخاصة بهم وبازواجهم وأقاربهم حتى الدرجة الثالثة بشرط ألا تكون تلك القضايا متعلقة بالجهات التى يعملون بها - لكن المحكمة الدستورية العليا إنتهت إلى عدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة (8) من قانون المحاماة من حظر مباشرة محامى الإدارات القانونية بشركات القطاع العام لاعمال المحاماة بالنسبة إلى القضايا الخاصة بهم وتكون متعلقة بالجهات التى يعملون بها. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 19/ 3/ 1990 أودعت الاستاذة ...... المحامية عن نفسها قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1397 لسنة 36 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 22/ 1/ 1990 فى الدعوى رقم 5323 لسنة 39 ق المقامة من الطاعنة ضد البنك المركزى المصرى، والقاضى ببطلان عريضة الدعوى وإلزام المدعية المصروفات، وانتهى تقرير الطعن - لما بنى عليه من أسباب - إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ووقف تنفيذ الحكم المطعون عليه وإلغاء الحكم المطعون عليه فيما قضى به من بطلان صحيفة الدعوى رقم 5323 لسنة 39 ق وإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعنة جملة المبالغ المبينة تفصيلاً فى إقرار المديونية المقدم منه بجلسة 27/ 8/ 1986 بالإضافة إلى فوائد التأخير القانونية وإلزامه بدفع التعويض عن الاضرار المادية والنفسية التى لحقت المدعية من جراء امتناعه عن سداد أجرها فى حينه وذلك على ما هو مبين بالطلب الثالث من عريضة الدعوى وتعديله المقدم بجلسة 27/ 3/ 1989 أمام محكمة القضاء الإدارى مع إلزام المطعون ضده بصفته بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا مع الزام الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التى قررت بجلسة 12/ 5/ 1997 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - لنظره بجلسة 7/ 6/ 1997 حيث نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة الماثلة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المدعية (الطاعنة) أقامت الدعوى رقم 5323 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بعريضة موقعة من المدعية ومودعة قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 7/ 7/ 1985 طالبة فى ختامها الحكم:
أولاً: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه واحتياطياً باستمرار صرف راتبها ومقداره 300 جنيه شهرياً وذلك اعتباراً من 3/ 1/ 1985 وعلى أن يكون التنفيذ بمسودة الحكم الأصلية.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعية مبلغ (3000) جنيه على سبيل التعويض.
ثالثاً: أحقية المدعية فى صرف ما استحق لها من أجور وما فى حكمها خلال عام 1984 والمبينة تفصيلا فى طلبها المؤرخ 28/ 1/ 1985 إلى الجهة المدعى عليها وما استجد من علاوة على ذلك بالإضافة إلى فوائد التأخير القانونية المستحقة لها من جراء التأخير المتعمد من جانب المدعى عليه فى الوفاء وذلك إعمالا لحكم المادة 226 مدنى.
رابعاً: أحقية المدعية فى صرف أجرها عن المدة من 4/ 10/ 1984 حتى 2/ 1/ 1984، إعمالا لأحكام المادة (692) مدنى نظراً لابدائها استعدادها الفعلى لأداء العمل ومنع المدعى عليه لها منه بسبب يرجع إليه وذلك مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 22/ 1/ 1990 قضت المحكمة ببطلان عريضة الدعوى وألزمت المدعية المصروفات وأسست المحكمة حكمها على أنه وفقاً لنصوص المواد 8، 66، 76 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 يحظر على عضو الإدارة القانونية ممارسة أى عمل من أعمال المحاماة ضد الجهة التى يعمل بها وإلا كان العمل باطلاً كما أوجبت المادة (25) من القانون رقم 47 لسنة 1972 فى شأن مجلس الدولة أن تكون عريضة الدعوى موقعة من محام مقبول أمام المحكمة، ولما كان الثابت أن المدعية وهى عضو بالإدارة القانونية فى الجهة المدعى عليها هى التى وقعت بنفسها عريضة الدعوى ومن ثم فقد لحق البطلان عريضة الدعوى وهو ما يتعين القضاء به.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل، أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك أن المادة (25) من قانون مجلس الدولة قد أوجبت توقيع محام من المقبولين أمامها على عريضة الدعوى وقت رفعها وأنه متى وقع هذا الإجراء صحيحاً فلا يسوغ اعادة النظر فيه فى ضوء ما استجد أثناء نظر الدعوى من وقائع وعلى ذلك فإن الطاعنة وقد أنهيت خدمتها فلا يسرى عليها القيد المنصوص عليه بالمادة (66) من قانون المحاماة ولا يغير من ذلك صدور حكم المحكمة الإدارية العليا أثناء انعقاد الخصومة بانعدام قرار إنهاء خدمة الطاعنة لدى المطعون ضده، فضلاً عن أن نص المادة الثامنة من قانون المحاماة عدل بموجب القانون رقم 227 لسنة 1984، ليؤكد حق هذه الفئة من المحامين فى ممارسة أعمال المحاماة لدعاويهم الخاصة.
ومن حيث إن المادة الثامنة من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 تنص على أن "مع عدم الاخلال بأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية لمحامى الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهة التى يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً.
كما لا يجوز للمحامى فى هذه الإدارات القانونية الحضور أمام المحاكم الجنائية إلا فى الادعاء بالحق المدنى فى الدعاوى التى تكون الهيئة أو الشركة أو المؤسسة طرفاً فيها وكذلك الدعاوى التى ترفع على مديرها أو العاملين بها بسبب أعمال وظائفهم.
ولا يسرى هذا الحظر بالنسبة للقضايا الخاصة بهم وبأزواجهم وبأقاربهم حتى الدرجة الثالثة وذلك فى غير القضايا المتعلقة بالجهات التى يعملون بها.
ومن حيث إن مؤدى هذا النص أن المشرع وإن أورد فى الفقرتين الأولى والثانية قاعدة عامة حظر فيها على محامى الإدارات القانونية الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 أن يزاولوا أعمال المحاماة بغير الجهات التى يعملون بها ورتب جزاء البطلان على مخالفة هذا الحظر، إلا أنه أورد فى الفقرة الثالثة استثناء على هذه القاعدة حدد نطاقه بالقضايا الخاصة بهم وبأزواجهم وأقاربهم حتى الدرجة الثالثة بشرط ألا تكون تلك القضايا متعلقة بالجهات التى يعملون بها. ومن ثم ظلت القضايا التى يقيمها المحامى عضو الإدارة القانونية ضد جهة عمله محظوراً عليه التوقيع على صحف دعاويها وإلا عد هذا التوقيع باطلاً لا يعتد به.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بأن حق الشخص فى اختيار محام يكون وكيلاً عنه فى دعواه يعكس فى العديد من الأحوال ما آل إليه تطور النظم القضائية وما يكتنفها من قواعد معقدة تدق على الكثيرين أياً كان شكل ثقافتهم أو عمقها وعلى الأخص فى مجال تطبيق بعض أفرع القانون إلا أن حق الدفاع أصالة كان دائماً أسبق وجوداً من الحق فى اختيار محام وكان كذلك أكثر اتصالا بخصائص الشخصية الإنسانية وارتباطاً بتكاملها فإذا كان من يتولى هذا الدفاع محامٍ فإن من المفترض أن يكون قادراً على إدارة شئون قضاياه الشخصية.
ولئن كان المشرع قد دل بنص الفقرة الأولى من المادة (8) من قانون المحاماة على أن الاصل المقرر هو أن من يعملون من المحامين بالإدارات القانونية لإحدى شركات القطاع العام لا يمارسون بغير جهات عملهم أعمال المحاماة المنصوص عليها فى المادة 3 من هذا القانون وإلا كان العمل باطلاً إلا أن الفقرة الثالثة من المادة 8 المشار إليها خولتهم مباشرة أعمال المحاماة هذه بالنسبة إلى قضاياهم الشخصية بشرط ألا تكون جهة عملهم خصماً فيها لتحول بينهم وبين مقاضاتها دفاعاً عن الحقوق التى يطلبونها لأنفسهم - وبوصفهم أصلاء فيها - ولتمنعهم بالتالى من أن يباشروا قبلها أعمال المحاماة المنصوص عليها فى المادة الثالثة من قانون المحاماة، حال كونهم مؤهلين للقيام بها كوكلاء عنها ولا يغدو حرمانهم من مباشرتها فيما يخصهم من القضايا أن يكون عدواناً على الطبيعة الشخصية لحق الدفاع التى كفلتها الفقرة الأولى من المادة 69 من الدستور من خلال ضمانها حق الدفاع أصالة لكل مواطن". لذا فقد انتهت المحكمة الدستورية العليا فى حكمها الصادر بجلسة 2/ 12/ 1995 فى القضية رقم 615 لسنة 17 ق دستورية إلى عدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة (8) من قانون المحاماة من حظر مباشرة محامى الإدارات القانونية بشركات القطاع العام لأعمال المحاماة بالنسبة إلى القضايا الخاصة بهم وتكون متعلقة بالجهات التى يعملون بها.
ومن حيث إن الدعاوى الدستورية هى بطبيعتها من الدعاوى العينية ومن ثم فإن الحكم الصادر فيها سواء بتوافق النص المطعون فيه أو تعارضه مع أحكام الدستور له حجية مطلقة قبل الكافة وتلتزم به جميع سلطات الدولة ولا يجوز التحلل منه أو مجاوزة مضمونة.
وبهذا قضت المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا حين نصت على أن "أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة.."
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم، فإن توقيع المدعية (الطاعنة) وهى محامية ومقيدة أمام محكمة النقض على عريضة دعواها الصادر فيها الحكم المطعون فيه والمقامة ضد الجهة التى تعمل فيها يكون توقيعاً من محام مقبول على النحو الذى استلزمته المادة (25) من قانون مجلس الدولة ويكون الحكم المطعون فيه وإذ قضى ببطلان عريضة الدعوى تأسيساً على أن المدعية هى التى وقعت بنفسها عريضة الدعوى قد خالف صحيح حكم القانون مما يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها مجدداً بهيئة مغايرة.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الادارى للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، وأبقت الفصل فى المصروفات.