مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الثانى (من أول إبريل سنة 1996 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 1513

(166)
جلسة 27 من يوليو سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعث نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ أبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وعبد القادر هاشم النشار، وغبريال جاد عبد الملاك نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2431 لسنة 41 القضائية

تأديب ـ ضمانات المحاكمة التأديبية ـ تسبيب الأحكام التأديبية.
تسبيب الحكم يعتبر شرطاً من شروط صحته، لذا يجب أن يصدر الحكم مشتملا على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلا، كذلك القصور فى أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم ـ الحكمة التى اقتضت تسبيب الأحكام واضحة وهى حمل القاضى على العناية بحكمه لتوخى العدالة فى قضائه كما أنها تحمل إقناع الخصوم بعدالة الأحكام حتى تنزل من النفوس منزلة الاحترام وفوق كل هذا فهى لازمة لتمكين محكمة الطعن من اجراء الرقابة على الحكم ـ الأحكام التأديبية يجب أن تكون الأسباب فيها مكتوبة على النحو الذى يوضح وضوحاً كافياً ونافياً للجهالة الأسانيد الواقعية والقانونية التى بنت عليها عقيدتها بالإدانة أو البراءة وتحقيقاً لأوجه الدفاع الجوهرية للمتهم وما انتهت إليه بشأن كل وجه منها سواء بالرفض أو القبول وذلك ليتسنى للمحكمة الإدارية العليا إعمال رقابتها القانونية على تلك الأحكام بما يكفل تحقيق سلامة النظام القضائى لمحاكم مجلس الدولة وضماناً لأداء المحاكم التأديبية لرسالتها فى تحقيق العدالة ولضمان حسن سير المرافق العامة والاحترام الكامل للحقوق العامة للعاملين المقدمين لتلك المحاكم وعلى رأسها حق الدفاع عن براءتهم مما نسب إليهم. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 12/ 4/ 1995 (الأربعاء) أودع الاستاذ ...... المحامى، نيابة عن الاستاذ ....... المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن. تقرير الطعن الراهن، فى حكم المحكمة التأديبية بالمنصورة الصادر فى الدعوى رقم 32 لسنة 19 ق بجلسة 26/ 3/ 1995 والقاضى بمجازاة المتهم ....... (الطاعن) بالوقف عن العمل لمدة شهر مع صرف نصف الأجر. وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به قبول الطعن شكلاً ولوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه وما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 19/ 4/ 1995 تم إعلان تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية فى مقرها.
وقد أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة شهر مع صرف نصف الأجر، وببراءته مما نسب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قدمت النيابة الإدارية - بجلسة 27/ 12/ 1995 مذكرة طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفض طلب وقف التنفيذ، وعدم إحالة الطعن للمحكمة الإدارية العليا (موضوع) وبجلسة 28/ 2/ 1996 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدئرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 6/ 4/ 1996. وتم تداول الطعن أمام المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فى أنه بتاريخ 22/ 10/ 1990 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية الصادر فيها الحكم المطعون فيه بايداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة مشتملة على تقرير اتهام ضد الطاعن الموثق بمكتب توثيق ميت غمر درجة ثالثة لأنه خلال الفترة من سنة 1986 حتى سنة 1989 بمقر عمله بدائرة محافظة الدقهلية لم يؤد العمل المنوط به بدقة وأمانة ولم يحافظ على كرامة وظيفته وسلك مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب ولم يحافظ على أموال الجهة التى يعمل بها وخالف القواعد المالية وأتى ما من شأنه المساس بمصلحة الدولة المالية بأن:
1 - لم يثبت مفردات الرسوم والأرقام الصحيحة للقسائم ببعض محاضر التصديق.
2 - حصل رسوما بالزيادة عن المستحق من أطراف محضر التصديق رقم 3148/ ب فى 9/ 10/ 1988 وسترا لذلك كشط توقيعه بالسجلات.
3 - صدق على بعض المحاضر رغم عدم قيام أطرافها بسداد الرسوم المستحقة عليها وسترا لذلك أثبت فى البعض منها أرقام قسائم تدل على السداد تحمل أسماء من غير أطراف العقد.
4 - أهمل فى تلخيص المحضر رقم 2706/ ح لسنة 1987 ميت غمر وأضاف بنودا جديدة تحوى بيانات مخالفة للحقيقة حيث ضمنه أن الشركة المقامة شركة توصية بسيطة رغم أنها شركة محاصة مما فوت على خزينة الدولة رسما نسبيا قدره 211.050 جنيها.
5 - لم يراع الدقة لدى إثبات بيانات محضرى التصديق رقم 1589/ ب فى 10/ 5/ 1989، ورقم 1621/ ب فى 11/ 5/ 1989 بعدم إرفاق شهادة بيانات من المرور بشأن المالك الحقيقى للسيارة موضوع التعامل مما أدى إلى ضياع مبلغ 244 جنيها قيمة رسوم مستحقة.
وقد طلبت النيابة الإدارية فى ختام تقرير الاتهام سالف الذكر محاكمة الطاعن عما نسب إليه.
وبجلسة 26/ 3/ 1995 صدر الحكم المطعون فيه بمنطوقه سالف الذكر وأقام قضاءه على أساس أن الاتهامات المنسوبة للطاعن عدا الواقعة الثانية، جميعها ثابتة فى جانب الطاعن من واقع تقرير لجنة فحص أعمال المتهم (الطاعن) ومن شهادة ...... عضو اللجنة ورئيسها ...... وأن تلك الاتهامات تمثل مخالفة للتعليمات.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه صدر مشوبا بما يلى:
1 - القصور فى التسبيب والتفاته عن دفاع الطاعن والمستندات المقدمة منه أمام المحكمة التأديبية ومنها تقرير اللجنة الإدارية التى أثبتت عدم مسئوليته عن كل الاتهامات المنسوبة إليه.
2 - تناقص أسباب الحكم المطعون فيه ذلك أنه انتهى إلى عدم مسئولية الطاعن عن الواقعة الثانية المتعلقة بتحصيل رسوم بالزيادة وذلك إتفاقا منه مع تقرير اللجنة الإدارية الذى انتهى إلى أن الطاعن غير مختص بتقدير الرسوم وان المختص بذلك هم الإداريون، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل ما انتهى إليه تقرير اللجنة الإدارية بالنسبة لباقى الاتهامات.
3 - انتفاء مسئولية الطاعن بالنسبة للاتهامات التى أدانه الحكم المطعون عليه عنها وذلك على النحو الذى أثبته تقرير المأمورية المؤرخ 11/ 2/ 1983 والذى أغفل الحكم المطعون فيه التعرض له أو مناقشته.
ومن حيث إن المقرر قانونا أن تسبيب الحكم يعتبر شرطا من شروط صحته ولذا فإنه يجب أن يصدر الحكم مشتملا على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلا كذلك أيضا فإن القصور فى أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم ولذا فقد أوجبت المادة 43 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أن "تصدر الأحكام مسببة" وتسبيب الأحكام يعنى بيان الأدلة الواقعية والحجج القانونية التى بنت عليها المحكمة حكمها، والحكمة التى اقتضت تسبيب الأحكام واضحة وهى حمل القاضى على العناية بحكمه لتوخى العدالة فى قضائه كما أنها تحمل على إقناع الخصوم بعدالة الأحكام حتى تنزل من النفوس منزلة الاحترام وفوق كل هذا فإنها لازمة لتمكين محكمة الطعن من إجراء الرقابة على الحكم وتحقيقا لهذه الأمور فإن الأحكام التأديبية بجب أن تكون للأسباب فيها مكتوبة على النحو الذى يوضح وضوحا كافيا ونافيا للجهالة الأسانيد الواقعية والقانونية التى بنت عليها عقيدتها بالادانة أو البراءة وتحقيقا لأوجه الدفاع الجوهرية للمتهم وما انتهت إليه بشأن كل وجه منها سواء بالرفض أو بالقبول وذلك ليتسنى للمحكمة الإدارية العليا إعمال رقابتها القانونية على تلك الأحكام بما يكفل تحقيق سلامة النظام القضائى لمحاكم مجلس الدولة وضمانا لأداء المحاكم التأديبية لرسالتها فى تحقيق العدالة التأديبيه ولضمان حسن سير المرافق العامة والاحترام الكامل للحقوق العامة للعاملين المقدمين لتلك المحاكم وعلى رأسها حق الدفاع عن براءتهم مما نسب إليهم.
ومن حيث إن الثابت أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى مجازاة الطاعن عن المخالفات التى أدانه عنها استنادا إلى القول بأن تلك المخالفات ثابتة فى جانبه من واقع تقرير لجنة فحص الأعمال وشهادة عضو ورئيس تلك اللجنة وذلك دون أن يورد مضمون ما ورد بتقرير تلك اللجنة ولا شهادة عضو تلك اللجنة أو رئيسها، كما أن الثابت أيضا أن الطاعن كان قدم صورة رسمية المأمورية المؤرخ 11/ 2/ 1983 الذى انتهى إلى عدم مسئولية الطاعن عن الاتهامات المنسوبة إليه، ولم يعن الحكم المطعون فيه بمناقشة ما ورد بذلك التقرير أو الرد عليه، فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد شابه قصور شديد فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع المقرر للمتهم، ولا يغير من ذلك ما هو مستقر عليه من أن المحكمة التأديبية غير ملزمة بتعقب جميع الخصومة فى جزئياتها إذ أن مناط ذلك أن تبرر إجمالا الحجج التى كونت منها عقيدتها، وإذ كان الثابت فى الحالة المعروضة أن المحكمة التأديبية لم تبرز الحجج التى كونت عقيدتها عليها واكتفت بالقول بأن المخالفات ثابتة من واقع تقرير لجنة الفحص وشهادة عضو ورئيس تلك اللجنة دون أن تورد مضمون ذلك على النحو المتقدم، فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر مشوبا بعيبين جوهريين وهما القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع وإن أيا من هذين العيبين يكفى لبطلان الحكم المطعون.
ومن حيث إنه وقد تبين بطلان الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم لفقده أحد مقومات الأحكام الأساسية ومنها التسبيب، فمن ثم فإن الأمر يستوجب إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى.
ومن حيث إن الفصل فى موضوع الطعن يغنى عن التعرض لطلب وقف التنفيذ.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبيه بالمنصورة للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى.