مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الثانى (من أول إبريل سنة 1996 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 1571

(172)
جلسة 3 من أغسطس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعث نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ أبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وعبد القادر هاشم النشار، وغبريال جاد عبد الملاك نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2249 لسنة 41 القضائية

عاملون مدنيون - تأديب - سلطة النيابة الإدارية التقديرية فى احالة العامل للمحاكمة التأديبية.
إحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية يدخل فى مجال السلطة التقديرية للنيابة الإدارية وهى الأمينة على الدعوى التأديبية - وبالتالى فلها أن تعدل عن الاحالة بالنسبة لبعض الحالات لأسباب تقررها كعدم الأهمية، ولها أن تحيل حالات أخرى، كل هذا وفقا لما تراه محققاً للصالح العام - عدم إحالة بعض القضايا التى تناولتها النيابة الإدارية بالتحقيق لا تأثير له على سلامة إحالة قضية أخرى حتى ولو تشابهت القضايا موضوعا فى الحالتين. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 1/ 4/ 1995 (السبت) أودع الأستاذ ........ المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الراهن فى حكم المحكمة التأديبية للنقل والمواصلات الصادر فى الدعوى رقم 19 لسنة 36 ق. بجلسة 26/ 2/ 1995 والمتضمن مجازاة الطاعن بالخصم من أجره لمدة خمسة أيام.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به ضد الطاعن والحكم مجدداً بالبراءة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 6/ 4/ 1995 تم إعلان الطعن إلى النيابة الإدارية فى مقرها.
وقد أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به وبراءة الطاعن مما نسب إليه.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وأمامها قدمت النيابة الإدارية بجلسة 10/ 4/ 1996 مذكرة طلبت فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً وعدم إحالته لدائرة المرافعة تأييداً للحكم المطعون فيه وبذات الجلسة تقرر إصدار الحكم بجلسة 8/ 5/ 1996 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين.
وبتاريخ 14/ 4/ 1996 قدم الطاعن حافظة مستندات ومذكرة طلب فيها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءته مما نسب إليه.
وبجلسة 8/ 5/ 1996 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطاعن إلى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الرابعة" وحددت لنظره جلسة 15/ 6/ 1996.
وتم نظر الطعن أمام المحكمة حيث قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية، واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فى أنه بتاريخ 6/ 3/ 1994 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية الصادر فيها الحكم المطعون فيه، وذلك بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية للنقل والمواصلات مشتملة على تقرير اتهام فيها ضد:
1 - ..... المحامى بالهيئة القومية للاتصالات "درجة ثانية".
2 - ......
لأنهما خلال المدة من 9/ 5/ 1990 وحتى 21/ 8/ 1991 بدائرة الهيئة القومية للاتصالات وبوصفهما السابق. لم يؤديا أعمال وظيفتهما بدقة وأهملا فى بذل العناية الكافية فى أداء العمل وخرجا على مقتضى الواجب الوظيفى بأن:
الأول: (الطاعن) تعمد عمداً استلام الموضوعات المحالة إليه والمتمثلة فى القضية 164/ 23 والمحضر الادارى رقم 4091 إدارى الجمالية والقضية 6602/ 49 على النحو الموضح بالأوراق.
الثانى:.......
وطلبت النيابة الإدارية بختام التقرير المشار إليه مجازاة المحالين عما نسب إليهما.
وبجلسة 26/ 2/ 1995 صدر الحكم المطعون فيه متضمنا مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من مرتبه، وأقام قضاءه على أساس أن المخالفة المنسوبة للطاعن ثابتة فى حقه من واقع الأوراق والتحقيقات وما شهد به/ .... مدير عام الإدارة العامة للشئون القانونية بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية الذى قرر أنه باعتباره مدير عام الإدارة قام بإحالة ملفات القضايا المشار إليها للمتهم المذكور (الطاعن) لاتخاذ اللازم بشأنها وذلك فى حدود اختصاصه بتوزيع العمل القانونى على الأعضاء الفنيين فى شأن قضايا الهيئة فرفض استلامها وأشر على الملفات بأنها لا تخص إدارة التحكيم وقد استند فى ذلك إلى سبق صدور القرار رقم 741 فى 14/ 10/ 1984 بإسناد وظيفة مدير إدارة التحكيم له، وأنه لا أساس لذلك من الصحة حيث أعقب هذا القرار صدور القرار رقم 1720 لسنة 1985 بترقية الطاعن إلى وظيفة مدير إدارة التحكيم من الدرجة الأولى بموجب هذا القرار أصبح يشغل هذه الوظيفة بالترقية كما أن هذا القرار قد جب قرار الإسناد، غير أنه قد تم إلغاء قرار ترقية المتهم (الطاعن) إلغاءً مجرداً بموجب حكم قضائى صادر من مجلس الدولة تأيد بحكم صادر من المحكمة الإدارية العليا، وبناء عليه أصبح المتهم المذكور (الطاعن) فى وضعه الوظيفى قبل صدور هذا القرار كعضو فنى بالإدارة القانونية من الدرجة الثانية تحال إليه قضايا الادارة من أى نوع شأنه كباقى أعضاء الإدارة، كما أن رفض استلام المذكور للأعمال المكلف بها كان معاصراً لصدور قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 فى 9/ 6/ 1991 الذى ألغى العمل بنظام التحكيم، ولا مبرر لوجود هذا القسم بعد صدور القانون المشار إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه صدر مشوباً بما يلى:
أولاً: الإخلال بحق الدفاع والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب وينجلى ذلك فيما يلى:
1 - الحكم المطعون فيه لم يتناول بالرد والتعقيب ما قدمه الطاعن من مستندات ومذكرات دفاع تمسك فيها الطاعن بأن النيابة الإدارية ذاتها قد عدلت عن مبدأ إحالة الطاعن للمحاكمة بالنسبة لرفضه استلام بعض الأعمال وذلك بكل من القضيتين رقمى 23 لسنة 92 بتاريخ 22/ 4/ 1992، ورقم 17 لسنة 1992 بتاريخ 15/ 9/ 1992 استناداً إلى عدم الأهمية وكان ذلك بعد صدور القانون رقم 203 لسنة 1992 بشأن قطاع الأعمال العام فى حين أحالت القضية رقم 88 لسنة 1991 إلى المحكمة التأديبية التى صدر فيها الحكم المطعون فيه.
2 - استمرار سريان قرار الإسناد رقم 741 لسنة 1984 بإسناد وظيفة مدير إدارة التحكيم للطاعن وذلك حتى بعد صدور قرار الترقية الجديد رقم 231 لسنة 1992 على خلاف ما ورد بأسباب الحكم المطعون فيه من قولٍ بإلغاء قرار الإسناد بموجب قرار التنفيذ الصادر فى 24/ 4/ 1988.
ثانياً: الخطأ فى تطبيق القانون وفهم الواقع ومخالفة الثابت بالمستندات وذلك لأن مدير الشئون القانونية الذى شهد بالتحقيق ضد الطاعن أراد أن يصور الأمر على أنه امتناع من جانب الطاعن عن استلام القضايا المحالة إليه، فى حيث أن حقيقة الأمر أن الشاهد المذكور أراد أن يسلب الطاعن اختصاصه كمدير لإدارة التحكيم بعد إلغاء قرار الترقية، وأخذ يوزع ملفات التحكيم على الأعضاء الآخرين دون الطاعن، وتوزيع أعمال أخرى على الطاعن تخرج عن اختصاصه.
ومن حيث إنه يتمسك به الطاعن من قول بأن النيابة الإدارية قد عدلت فى قضايا أخرى عن مبدأ إحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية لعدم الأهمية ولم تفعل نفس الشئ بالنسبة للحالة المعروضة فإن المستقر عليه أن إحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية يدخل فى السلطة التقديرية للنيابة وهى الأمينة على الدعوى التأديبية، وبالتالى فلها أن تعدل عن الإحالة بالنسبة لبعض الحالات لأسباب تقررها كعدم الأهمية، ولها أن تحيل حالات أخرى كل هذا وفقاً لما تراه محققا للصالح العام ومن ثم فإن عدم إحالة بعض القضايا التى تناولتها بالنيابة الإدارية بالتحقيق لا تأثير له على سلامة إحالة قضية أخرى حتى ولو تشابهت القضايا موضوعاً فى الحالتين وبالتالى فإن ما يتمسك به الطعن فى هذا الشأن غير مؤثر على سلامة إحالة الطاعن للمحاكمة التأديبيه وإجراءات هذه المحاكمة ويكون هذا الوجه من الطعن غير قائم على أساس صحيح من القانون مستوجباً طرحه.
ومن حيث إنه عما يثيره الطاعن ويتمسك به من قولٍ باستمرار القرار رقم 741 لسنة 1984 بإسناد وظيفة مدير إدارة التحكيم للطاعن حتى بعد ترقيته لوظيفة مدير إدارة من الدرجة الأولى، وأن الموضوع ليس كما صوره مدير الشئون القانونية من أنه امتناع من جانب الطاعن عن استلام الموضوعات المحالة إليه وإنما الموضوع هو مجرد تمسك الطاعن باختصاصاته كمدير إدارة التحكيم المسندة إليه بالقرار سالف الذكر، فإن الثابت أن القرار رقم 741 لسنة 1984 بإسناد وظيفة مدير إدارة التحكيم للطاعن قد صدر إعمالا لحكم المادة 41 من لائحة العاملين بالهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية التى يعمل الطاعن بها والصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحرى رقم 200 لسنة 1982 والتى تقضى بأن: "إذا أظهر العامل كفاية خاصة وتميزا ظاهرا فى أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلى من وظيفته وإن لم يتوافر فيه شروط شغلها أو الترقية إلى الدرجة المخصصة لها بسبب المدة الزمنية فلرئيس مجلس الإدارة أن يكلفه بأعباء هذه الوظيفة الأعلى وفى هذه الحالة يستحق الميزات المقررة للوظيفة الأعلى من البدلات وغيرها، فإذا أحسن القيام بأعبائها أخذ ذلك فى الاعتبار عند الترقية فى نسبة الاختيار......".
ومن حيث إن المستفاد من هذا النص أنه يتعلق بندب العامل إلى وظيفة من الدرجة الأعلى، ومن المستقر عليه أن الندب يعتبر إجراء مؤقتا، ولذلك فإنه ينتهى بالترقية إلى الوظيفة الأعلى، ولما كان الثابت أنه قد أعقب قرار الإسناد سالف الذكر صدور قرار رقم 1720 لسنة 1985 بترقية الطاعن إلى وظيفة مدير إدارة من الدرجة الأولى، فمن ثم فإنه بصدور القرار الأخير يكون قرار الإسناد رقم 741 لسنة 1984 قد انتهى العمل به، وإن كان قرار الترقية رقم 1720 لسنة 1985 قد ألغى إلغاء مجردا بموجب حكم محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة الصادر فى الدعوى رقم 6283 لسنة 38 ق بجلسة 18/ 2/ 1988 وتأيد بحكم هذه المحكمة "بهيئة مغايرة" الصادر فى الطعن رقم 1134 لسنة 34 ق. عليا بجلسة 17/ 12/ 1989 حسب الثابت من الأوراق، إلا أن إلغاء قرار الترقية سالف الذكر ليس من شأنه أن يعود العمل بقرار الإسناد رقك 741 لسنة 1984 الذى انتهى العمل به وسقط فى مجال التطبيق بصدور قرار الترقية المشار إليه باعتبار أنه قرار مؤقت والساقط لا يقوم.
ومن حيث إنه فضلا عما تقدم فإنه أيا ما كان الأمر بالنسبة لمدى انتهاء العمل بقرار الاسناد المشار إليه بعد إلغاء الترقية المشار إليها، فإن المادة 89 من لائحة العاملين بالهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية المشار إليها توجب على العامل "أن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانه وذلك فى حدود القوانين واللوائح والنظم المعمول بها" ومن ثم فإنه لما كان الثابت أن مدير الشئون القانونية بالهيئة المشار إليها هو الذى أحال الطاعن - الذى يستوى أن يكون مجرد عضو فنى أو مدير إدارة - أحال إليه القضايا موضوع التحقيق، فمن ثم فإنه لما كان يجب أن يمتنع عن استلامها مؤشراً عليها بأنها لا تخص إدارة التحكيم، وإنما كان يجب عليه استلامها، وإن كان له رأى آخر يخالف ذلك فكان عليه أن يعرض الأمر على رئاسته "مدير الشئون القانونية" لتقرير ما يراه، أما أنه يؤشر على تلك القضايا المحالة إليه بأنها لا تخص إدارة التحكيم دون اتباع ما تقدم، فإن ذلك يعد رفضا صريحا لتنفيذ الأوامر الصادرة إليه، وامتناعا من جانبه عن استلام تلك القضايا المحالة إليه بما يشكل فى جانبه مخالفة تأديبية يستوجب الجزاء عنها، ويكون ما يتمسك به الطاعن فى هذا الشأن غير قائم على سند صحيح من القانون مستوجباً طرحه.
ومن حيث إنه ولئن كان الأمر على ما تقدم إلا أن الثابت أنه بعد أن الغى قرار الترقية رقم 720 لسنة 1985 المشار إليه إلغاء مجرداً، وعادت الجهة الإدارية وأصدرت بتاريخ 15/ 8/ 1992 القرار رقم 231 لسنة 1992 متضمنا ترقية الطاعن من جديد للدرجة الأولى بوظيفة مدير إدارة قانونية - ومن ثم فإن الجزاءات الجائز توقيعها عليه هى فقط الواردة بالمادة/ 22 من قانون الإدارات القانونية بالمؤسسات والهيئات العامة والوحدات التابعة لها رقم 47 لسنة 1973 والتى تقضى بأن: "العقوبات التأديبية التى يجوز توقيعها على شاغلى الوظائف الفنية الخاضعة لهذا النظام من درجة مدير عام مدير إدارة قانونية هى:
(1 - الإنذار. 2 - اللوم. 3 - العزل)
ومن حيث إنه فى ضوء ما تقدم فإنه ما كان يجوز أن يوقع على الطاعن غير إحدى العقوبات الواردة بالنص المتقدم خاصة أن قرار ترقية الطاعن إلى وظيفة مدير إدارة قانونية قد صدر ليس فقط عند صدور الحكم المطعون فيه بل قبل أن تقيم النيابة الإدارية الدعوى التأديبية ضد الطاعن بتاريخ 6/ 3/ 1994 ومن ثم يكون مجازاة الطاعن بموجب الحكم المطعون فيه بالخصم من أجره لمدة خمسة أيام، قد تضمنت توقيع إحدى العقوبات غير المقررة قانونا بالنسبة للطاعن الأمر الذى يتعين معه تعديل الحكم المطعون فيه فى هذا الشأن ليكون بتوقيع العقوبة الواردة بمنطوق هذا الحكم.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالخصم من أجره لمد ة خمسة أيام، والقضاء بمجازاته بالانذار.