مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الثانى (من أول إبريل سنة 1996 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 1581

(173)
جلسة 6 من أغسطس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ على فكرى حسن صالح، ود. حمدى محمد أمين الوكيل، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1513 لسنة 35 القضائية

عقد إدارى - عقد توريد - الجزاءات التى توقعها الإدارة على المتعاقد المقصر - مصادرة خطاب الضمان.
إن حق الهيئة فى مصادرة التأمين قاصر على حالة إنهاء التعاقد لعدم قيام المتعهد بالتوريد فى الميعاد المحدد بالعقد أو خلال المهلة الاضافية فيما يختص بالأصناف التى لم يتم توريدها وبما يوازى 5% من قيمتها - البند الذى يقضى بمصادرة التأمين لا يسرى إذا قبلت الهيئة المشتريه المواد الموردة بالشروط والحدود الواردة فى البند الخاص بالجزاءات والرفض والمواصفات الفنية - حق الهيئة فى هذه الحالة، حالة قبول الشحنة، يقتصر على توقيع غرامة على الشركة الموردة بالنسبة المحددة فى البند الخاص بالجزاءات وخصم هذه الغرامة من التأمين النهائى المودع دون مصادرته كاملا. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 30/ 3/ 1989 أودع الأستاذ/ ........ المحامى نائبا عن الدكتور/ ....... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن سكرتارية المحكمة تقرير طعن قيد برقم 1513 لسنة 35 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى - دائرة العقود والتعويضات - بجلسة 12/ 2/ 1989 فى الدعوى رقم 2519 لسنة 38 ق المقامة من الشركة الطاعنة ضد الهيئة والبنك المطعون ضدهما والذى يقضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعا وألزمت الشركة المدعية المصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلزام الهيئة فى مواجهة المطعون ضده الثانى بأن يدفع للشركة الطاعنة مبلغ 152800 دولار أمريكى، 600000 مارك ألمانى قيمة خطابى الضمان الصادرين من بنك القاهرة لصالح مرفق مياه القاهرة والفوائد القانونية عن كل من المبلغين بالعملة ذاتها وحسب السعر العالمى - من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد مع كافة المصروفات التى حصل عليها بنك القاهرة من الطاعنة مقابل إصدار خطابى الضمان مع إلزام المطعون ضدها الأولى المصروفات.
وبجلسة 2/ 1/ 1996 قدمت الشركة الطاعنة مذكرة ختامية بطلباتها عدلت طلباتها الواردة فى تقرير الطعن وقصرت طلباتها على إلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها الأولى بدفع الفرق بين قيمة خطابى الضمان سالفى الذكر وبين قيمة الغرامة الموقعة على الطاعنة وما استحق على هذا الفرق من فوائد اعتبارا من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد وذلك على أساس السعر المتعامل به فى سنة 1979 وبنفس العملة مع إلزام المطعون ضدها الأولى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة فى درجتى التقاضى.
وقد تم إعلان المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الطاعن المصروفات.
وبجلسة 15/ 6/ 1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - دائره الموضوع - لنظره بجلسة 26/ 7/ 1994 حيث نظرته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 6/ 1/ 1983 أقام الطاعن - ضد المطعون ضدهما الدعوى رقم 357 لسنة 1983 مدنى كلى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طلب فيها إلزام الهيئة المدعى عليها الأولى فى مواجهه المدعى عليه الثانى برد قيمة خطابى الضمان رقمى 19/ 2427 الصادر فى 22/ 6/ 1978 بمبلغ 152800 دولار أمريكى، 19/ 23031 بتاريخ 24/ 11/ 1981 بمبلغ 600000 مارك ألمانى مع الفوائد.
وبجلسة 29/ 11/ 1983 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى الدعوى سالفة الذكر بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة وأبقت الفصل فى المصروفات حيث احيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى ونظرتها المحكمة تحت رقم 2516 لسنة 38 ق وقالت الشركة الطاعنة فى دعواها أنها أبرمت مع هيئة مرفق مياه القاهرة الكبر العقدين رقمى 174/ 78، 62/ 81 - 82 المؤرخين 28/ 5/ 1978، 27/ 10/ 1981 تعهدت فيهما الشركة بتوريد كميات من مادة سلفات الألمنيوم بأسعار محددة فى العقدين ووفقا للمواصفات الفنية والشروط الخاصة المنصوص عليها فى العقدين وقدمت الشركة ضمانا لتنفيذ العمليتين خطابى ضمان صادرين من بنك القاهرة الأول برقم 19/ 2427 المؤرخ 22/ 6/ 1978 عن العقد الأول بمبلغ 152800 دولار أمريكى والثانى برقم 19/ 24037 المؤرخ 24/ 11/ 1981 عن العقد الثانى بمبلغ 600000 مارك المانى وقامت بمصادرة خطابى الضمان سالفى الذكر استيفاءً للغرامة المستحقة لها على أساس أن الشركة الموردة خالفت المواصفات المتفق عليها إلا أن الشركة اعترضت على ذلك وأقامت دعواها برد قيمة خطابى الضمان على أساس أن التوريد تم طبقا للمواصفات.
وبجلسة 26/ 1/ 1986 حكمت المحكمة تمهيديا وقبل الفصل فى الموضوع بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل ليتبين مدة التخزين على المادة التى وردتها الشركة المدعية وظروفه وتأثيرها على نتيجة تحليل هذه المادة مع بيان وسائل التحليل المستخدمة لدى كل من معامل وزارة الصحة والمعمل العالمى المتفق على استخراج شهادة صلاحية المادة الموردة منه وبيان المرجع فى الاختلاف بين نتيجة التحليلين هذا فضلا عن بيان ما إذا كانت المادة قد استخدمت من عدمه وما إذا كان اختلاف المواصفات عما هو متفق عليه يمنع من استخدامها من عدمه.
وأودع مكتب الخبراء تقريره انتهى فيه إلى ما يلي: أحقية الهيئة (المدعى عليها الأولي) فى توقيع غرامة مقدارها 367528.73 دولار أمريكى نظرا لعدم مطابقة المادة الموردة للمواصفات وفقا للنتائج التى أجرتها الهيئة بمعامل وزارة الصحة وفقا لبنود العقد رقم 174/ 78 والشروط العامة للمناقصة للأسباب الموضحة بالتقرير.
ثانياً: حق الهيئة فى مصادرة خطابى الضمان نظرا لعدم سداد الشركة للغرامة المستحقة عليها، وعليها رد الفرق بين قيمة خطاب الضمان وقيمة الغرامة الموقعة على الشركة على أساس السعر المتعامل به فى عام 1979 وبنفس العملة ولا يحق للشركة المدعية المطالبة بأية تعويضات.
وبجلسة 12/ 2/ 1989 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعا وألزمت الشركة المدعية المصروفات مؤسسة قضاءها على نصوص المواد 11، 12/ 5، 21 من الشروط الخاصة بالعقد وما ثبت من الأوراق من أن الرسائل الواردة على البواخر مارينا 3، ومارينا 2، والسندباد حسبما انتهت إليه نتيجة تحاليل معامل وزارة الصحة أنها مخالفة للمواصفات بالقدر الذى يرتب توقيع الغرامات على الشركة الموردة بالنسبة المتفق عليها فى شروط العقد والتى بلغت 367528.73 دولار أمريكى وقد طلبت الهيئة من الشركة بخطابيها المؤرخين 1/ 4، 11/ 5/ 1979 لتوريد كميات من الشبه تعادل قيمة الغرامة الموقعة إلا أنها لم تقبل ذلك بحجة أن ما تم توريده مطابق للمواصفات وفقا لنتائج معمل الشركة والمكتب الرسمى الإيطالى وأن مطالبة الهيئة مؤسسة على التحاليل المحلية الذى لم يتم فيه أخذ العينات أو تخزينها بطريقة سليمة وإزاء موقف الشركة قامت الهيئة استيفاء لحقها بمصادرة خطابى الضمان سالفى الذكر.. وقالت المحكمة أن الخبير فند دفاع الشركة وأثبت وجود ممثل الشركة عند أخذ وتخزين العينات دون اعتراض منه وانتهى إلى أحقية الهيئة فى توقيع الغرامات وفقا لبنود العقدين دون رفض الرسائل نظرا لعدم زيادة المواد غير القابلة للذوبان عن نسبة 2%.
وأضافت المحكمة أن العقدين يؤكدا أحقية الهيئة المدعى عليها فى الاعتماد على التحليل المحلى وأن أحقية الهيئة فى مصادرة خطابى الضمان راجع إلى خطأ الشركة لعدم مطابقة ما وردته من كميات بالرسائل الواردة على البواخر مارينا 3، مارينا 2، واليستريا للمواصفات على النحو التفصيلى الوارد بتقرير الخبير ومن ثم أحقية الهيئة فى اقتضاء مبالغ الغرامة المستحقة على الشركة والبالغ مقدارها 367528.73 دولار أمريكى ومن ثم يكون مصادرة الضمان أمراً متفقاً ونصوص العقدين سالفى الذكر ويكون مطالبة الشركة استردادها على غير سند لتحقيق سند مصادرتهما وموجبه.
وقد طعنت الشركة فى هذا الحكم مطالبة بإلغائه للأسباب الواردة فى تقرير الطعن إلا أنها قدمت مذكرة لاحقة بجلسة 2/ 1/ 1996 عدلت فيها عن طلباتها الختامية الواردة فى تقرير الطعن قائلة أنها لا منازع فى أحقية الشركة فى مصادرة خطابى الضمان فى حدود ما يغطى الغرامة المستحقة لها لتعويض جزائى مقدر سلفا باتفاق الطرفين وما ينكره على هذه الأخيرة هو استحقاقها لأى تعويض وفقا للقواعد العامة لأنها لم تطلب فسخ العقد ولم يكن يجوز لها أن تطلب ذلك طبقا للعقد ذاته الذى يمنعها من رفض الشحنة وطلب فسخ العقد لأن نسبة المواد غير القابلة للذوبان فى الماء لم يتجاوز نسبة 2% وأن ما تستحقه الهيئة فى مثل هذه الحالة هو الغرامة المحددة سلفا كتعويض جزائى لمخالفة الكمية الموردة للمواصفات بنسبة وإن لم تجاوز الـ 2% إلا أنها تجاوزت النسب المتفق عليها فى العقد وهو ما يؤدى إلى قيام سبب اقتضاء الغرامة وفقا للعقد كما أن الخبير أيد الشركة فى اقتضاء الفرق بين الغرامة وقيمة خطاب الضمان كما أن الحكم ذاته جاء به فى صحيفة 6 أحقية الهيئة فى اقتضاء مبلغ الغرامة المستحقة على الشركة ومقدارها 367528.73 دولار أمريكى ومن ثم يكون مصادرة الضمان متفقا مع نصوص العقدين سالفى الذكر وأضافت الشركة الطاعنة أن ذلك يوضح أن الحكم المطعون فيه لم يقر بحق الهيئة المطعون ضدها الأولى فى الحصول على قيمة خطابى الضمان كاملة بل أقر بهذا الحق فى حدود الغرامة الموقعة على الطاعنة وينبغى حمل قول الحكم على أن المقصود به أحقية الهيئة فى اقتضاء حقها فى الغرامة المستحقة لها من قيمة خطابى الضمان اللذين تمت مصادرتهما وليس أحقيتها فى الاحتفاظ بقيمة خطابى الضمان كاملة لأن ذلك ينطوى على اثراء بلا سبب فضلا عن مجافاته لأبسط قواعد العدالة.
كما ورد فى السبب الثانى من تقرير الطعن أن الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض الدعوى بنى قضاءه على ما ورد بتقرير الخبير المقدم فى الدعوى ومع ذلك فقد أخطأ فى تطبيقه القانون إذ إنه بالرجوع إلى تقرير الخبير نجد أنه انتهى فى تقريره إلى أحقية الطاعنة فى مبالغ قبل مرفق مياه القاهرة وهذه المبالغ هى الفرق بين قيمة الغرامة التى أوقفها مرفق المياه القاهرة على الشركة الطاعنة ومقدارها مبلغ 367528.73 دولار أمريكى بمقولة عدم مطابقة المادة الموردة للمواصفات المتعاقد عليها وبين قيمة خطابى الضمان الصادرين بناء على طلب الطاعنة من بنك القاهرة ولصالح مرفق مياه القاهرة والتى قام الأخير بالحصول على قيمتها من البنك والبالغة 152.800 دولار أمريكى، 600000 مارك ألمانى وكان الواجب على المحكمة أن تضمن حكمها ومنطوقه إلزام مرفق مياه القاهرة بسداد الفرق السابق بيانه وإذ لن يتضمن منطوق الحكم ذلك فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون.
وبجلسة 20/ 4/ 1994 تقدمت الهيئة المطعون ضدها بمذكرة فى الطعن انتهت للأسباب المبينة بها إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة كما تقدمت الهيئة بمذكرة أخرى بجلسة 13/ 6/ 1995 وردت فيها على ما أثارته الهيئة من حقها فى صرفه من قيمة خطاب الضمان رقم 19/ 12427 بتاريخ 22/ 6/ 1978 موضوع العقد رقم 174 لسنة 1978 وخطاب الضمان رقم 19/ 31 - 23 بتاريخ 24/ 11/ 1981 موضوع العقد رقم 62 لسنة 81/ 82 وقيمة الغرامة المستحقة للهيئة المطعون ضدها الأولى والمقدرة بمبلغ 367528.73 دولار أمريكى والفوائد وانتهت المذكرة إلى طلب رفض طلبات الشركة الأصلية والمعدلة لعدم قيامها على أساس من القانون وإلزامها المصروفات مستندة فى ذلك إلى أن هذا الطلب من الشركة - وهو الفرق بين قيمة خطابى الضمان وقيمة الغرامة المستحقة للهيئة إلى ما يلي:
1 - لا يجوز قبول طلبات معدلة من الشركة أمام المحكمة الإدارية العليا.
2 - عدم أحقية الشركة الطاعنة فى استرداد الفرق بين قيمة خطابى الضمان وقيمة الغرامة الموقعة على أساس نصوص العقد.
وبجلسة 2/ 1/ 1996 تقدمت الشركة بمذكرة تضمنت الرد على مذكرة الهيئة المقدمة بجلسة 13/ 6/ 1995 حول عدم جواز قبول الطلبات المعدلة من الشركة أمام المحكمة الإدارية العليا وعدم أحقية الشركة الطاعنة فى استرداد الفرق بين قيمة خطابى الضمان وقيمة الغرامة الموقعة.
ووقالت الشركة الطاعنة فى مذكرتها (ص11) أنها لا تنازع فى أحقية الهيئة المطعون ضدها فى مصادره خطابى الضمان فى حدود ما يغطى الغرامة المستحقة لها وما تنكره على المطعون ضدها هو استحقاق هذه الأخيرة أى تعويض وفقا للقواعد العامة لأنها لم تطلب فسخ العقد ولم يكن يجوز لها أن تطلب ذلك طبقا للعقد ذاته الذى يمنعها من رفض الشحنة وطلب فسخ العقد.... وقصارى ما تستحقه الهيئة المطعون ضدها هو الغرامة المحددة سلفا كتعويض جزائى لمخالفة الكمية الموردة للمواصفات بنسبة لا تجاوز 2% وهو ما يؤدى إلى قيام السبب الصحيح عقديا لاقتضاء هذه الغرامة كما أن هذا هو ما انتهى إليه تقرير الخبير المقدم أمام محكمة القضاء الإدارى والذى ورد به ص 13 (وعلى الهيئة المدعى عليها الأولى رد الفرق بين قيمة خطابى الضمان وقيمة الغرامة الموقعة على الشركة المدعية على أساس السعر المتعامل به فى عام 1979 وانتهت المذكرة إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها بدفع الفرق بين قيمة خطابى وقيمة الغرامة الموقعة على الطاعنة وما استحق على هذا الفرق من فوائد اعتبارا من تاريخ المطالبة الرسمية وحتى تمام السداد وعلى أساس السعر المتعامل به فى 1979 وبنفس العملة مع إلزام المطعون ضدها الأولى بالمناسب من المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى والتى تعتبر هى الطلبات الختامية للطاعن فى هذا الطعن.
ومن حيث إن الطلبات الختامية للطاعن على النحو الوارد فى مذكرته المودعة بجلسة 2/ 1/ 1996 السابق بيانها تنحصر فى طلبه قبول الطعن شكلا ً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها الأولى بدفع الفرق بين قيمة خطابى وقيمة الغرامة الموقعة على الطاعنة وما استحق على هذا الفرق من فوائد اعتبارا من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد وذلك على أساس السعر المتعامل به فى سنة 1979 وبنفس العملة وأنها لا تنازع أحقية الهيئة فى مصادرة خطابى الضمان فى حدود ما يغطى الغرامة المستحقة لها.
ومن حيث إن النص الخاص بالجزاءات والرفض بالعقد رقم 174 لسنة 1978 يقضى بأن (أى شحنة لا تطابق المواصفات المطلوبة ستخضع للجزاءات أو الرفض بالشروط الآتية:.....
2 - توقيع غرامة بنسبة 3% من قيمة كل شحنة عن كل 0.1% زيادة فى نسبة المواد غير القابلة للذوبان فى الماء المحددة وهى 0.5% فإذا تجاوزت الزيادة نسبة 2% ترفض الشحنة"
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه وفقا لهذا النص استحق للهيئة غرامة بلغت قيمتها مبلغ 367528.73 دولار أمريكى طالبت الهيئة المطعون ضدها الشركة بأدائه بكتابيها المؤرخين 10/ 4/ 1979، 11/ 5/ 1979 بعد أن استقر تحليل العينات فى ثلاث رسائل وردت تنفيذا لعقد 174/ 78 هى الرسائل الواردة على البواخر مارينا 3، الباخرة ليستريا، والباخرة مارينا 2 وأسفر تحليل وزارة الصحة لشحنة الباخرة الأولى أن نسبة المواد غير القابلة للذوبان فى الماء هى 1.62% والثانية 1.735% والثالثة 1.73% وأن الشركة الطاعنة فى هذا الطعن لم تعد تنازع حسب طلباتها الختامية فى استحقاق هذه الغرامة أو مقدارها وقصرت طلباتها على رد باقى خطابى الضمان عن عقد 174/ 78، وعقد 62 لسنة 81/ 1982 بعد خصم مبلغ الغرامة سالفة الذكر ومن ثم يقتصر البحث على هذا الطلب.
ومن حيث إنه وفقا لنص المادة 11 من العقد رقم 174 لسنة 1978 يعتبر دفتر الشروط العامة لمشتريات الهيئة والمواصفات الفنية وعطاء الطرف الثانى (شركة ومحضر المفاوضة بين الطرفين فى 27/ 5/ 1978 جزءاً لا يتجزأ من هذا العقد).
ومن حيث إن المادة 12/ 5 من الشروط المشار إليها وكذلك النص المماثل له فى شروط عقد 62 لسنة 81/ 82 تنص على أن "رد خطاب الضمان المشار إليه سلفا لن يعتبر بأى حال من الأحوال محددا بمسئولية المورد عن التزاماته لهذا العقد".
كما نصت المادة 21 من تلك الشروط على أن "كل المبالغ التى تستحق على المواد المتعاقد عليها لا تدفع منه للهيئة بموجب العقد سواء الجزاءات أو التلفيات أو الخسائر أو المصاريف الإدارية أو خلافه سوف تخصم من أى مبالغ مستحقة أو تستحق للمتعاقد بموجب هذا العقد أو أى عقد آخر أو لأى سبب آخر أو من أى مبالغ مستحقة أو قد تستحق له من أى جهة حكومية أو سوف تخصم من خطاب الضمان".
وتنص المادة 16 من الشروط العامة للهيئة النسخة العربية على أن ".... مبلغ التأمين يحفظ بالهيئة ليكون بمثابة ضمان لتوريد الأصناف أو لإجراء العمل على الوجه الأكمل ولتحصيل الجزاءات والتعويضات وغير ذلك من المبالغ التى تستحق على المتعهد طبقا لهذا العقد وذلك إلى أن يتم تنفيذ العقد نهائيا...".
"وللهيئة الحق فى أى وقت أن تخصم من هذا التأمين أى مبالغ تستحق على المتعهد - ولا يقوم بدفعها فورا جميع المبالغ الحاصل بشأنها الضمان دون أن يطلب إليها أن يثبت للبنك أن المبلغ جميعه أو جزءاًَ منه أصبح مستحق الدفع...."
وحيث إن مؤدى النصوص المتقدمة يكون للهيئة طبقا لنصوص كل من العقدين أن تخصم من التأمين النهائى أية مبالغ تكون مستحقة لها قبل المورد ولا يقوم بأدائها سواء استحقت تلك المبالغ بموجب العقد الصادر له خطاب الضمان (التأمين النهائي) أو أى عقد آخر.
ومن حيث إن الثابت أن الشركة الموردة (الطاعنة) قامت بتنفيذ عقد التوريد وقبلت الهيئة المشترية المواد الموردة وقامت باستعمالها فعلا فلا يكون من حق الهيئة مصادرة التأمين ذلك أن حق الهيئة فى مصادرة التأمين قاصر على الحالة التى وردت فى المادة 74 من الشروط العامة للهيئات - النسخة العربية - وهى حالة إنهاء التعاقد حيث نصت تلك المادة على أنه "إذا تأخر المتعهد فى توريد كل الكميات المطلوبة أو جزء منها فى الميعاد المحدد بالعقد وتدخل فى ذلك الأصناف المرفوضة توقع عليه غرامة مقدارها...." .... "وللهيئة فى حالة عدم قيام المتعهد فى التوريد فى الميعاد المحدد بالعقد أو خلال المهلة الإضافية أن يتخذ أحد الإجرائين التاليين وفقا لما تقتديه مصلحة العمل...."
أ - شراء الأصناف التى لم يقم المتعهد بتوريدها من غيره على حسابه..
ب - أو إنهاء التعاقد فيما يختص بهذا الأصناف ومصادرة التأمين بما يوازى 5% من قيمتها...."
ومؤدى ما تقدم أن هذا النص الذى يقضى بمصادرة التأمين بالنسبة المشار إليها لا يسرى على النزاع محل الطعن الذى قامت الشركة الموردة بتنفيذ العقد وقبلت الهيئة المشترية المواد الموردة فى الحدود وبالشروط الواردة على البند الخاص بالجزاءات والرفض والمواصفات الفنية طالما أن نسبة المواد غير القابلة للذوبان فى الماء لا تجاوز 2%.
ومن حيث إن حق الهيئة فى هذه الحالة وعلى النحو السابق بيانه وهى حالة قبول الشحنة يقتصر على توقيع غرامة على الشركة الموردة بالنسبة المحددة فى البند الخاص بالجزاءات وخصم هذه الغرامة من التأمين النهائى المودع للعقد محل النزاع أو أى مبالغ أخرى مستحقة أو تستحق للشركة من هذا العقد أو أى عقد آخر أو لأى سبب آخر أو من أى مبالغ تكون مستحقة لها أو تستحق لدى جهة حكومية وذلك عملا بنص المادتين 12/ 5، 21 من دفتر الشروط العامة الخاص بالعقد 174 لسنة 1978 والذى تم توقيع الغرامة وفقا له، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الهيئة المطعون ضدها استحق لها قبل الشركة الطاعنة - مبلغ 367528.73 دولار أمريكى - وهو مبلغ غير متنازع عليه من الطرفين إعمالا للنص الخاص بالجزاء والمواصفات الفنية الخاصة بالعقد 174 لسن 1978 على النحو السابق بيانه وعن ثلاث شحنات خاصة بهذا العقد وأن الهيئة طالبت الشركة بسداد الغرامة بأن أرسلت لها فى 10/ 4/ 1971 بعد صدور نتيجة آخر إعادة تحليل فى 1/ 4/ 1979 وطالبتها بتوريد نسبة بقيمة الغرامة التى تم توقيعها طبقا لما أظهرته نتائج التحليل وأكدتها نتائج إعادة التحليل بمعرفة معامل وزارة الصحة وبذلك يكون من حق الهيئة وفقا لنصوص العقد خصم تلك الغرامة من التأمين النهائى المودع عن العقد 174 لسنة 1978 وإذ لم يكف هذا التأمين لتغطية الغرامة المستحقة للهيئة فيكون لها الحق فى خصم الباقى من الغرامة من أية مبالغ أخرى مستحقة للشركة الموردة - ويدخل فى ذلك قيمة التأمين النهائى المودع من أى عقد آخر مبرم مع تلك الشركة على أن يقتصر حق الشركة فى خصم مستحقاتها من الغرامة من التأمين النهائى المودع عن العقد الثانى 62 لسنة 81/ 82 النهائى بعد خصم الغرامة المستحقة للهيئة المطعون ضدها من حق الشركة الطاعنة وهذا هو مقتضى نصوص العقد المبرم بين الشركة والهيئة وما تقضى به الشروط العامة بلائحة الهيئة وإذ قامت الهيئة بخصم مستحقاتها من التأمين النهائى للعقد 174 لسنة 1978 ونظرا لعدم كفايته لتغطية الغرامة المستحقة قامت بمصادرة التأمين النهائى من العقد 62 لسنة 81/ 1982 كاملا دون أن يقتصر ذلك على خصم باقى الغرامة المستحقة لها فقط فإنه يكون قد أخطأت بمصادرة كامل التأمين النهائى عن العقدين وكان يتعين عليها الإفراج عن باقى التأمين النهائى عن عقد 62 لسنة 81/ 1982 بعد خصم الغرامة المستحقة لها وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك وقضى برفض طلب الشركة رد قيمة خطابى الضمان مؤيدا حق الهيئة فى مصادرتها كامل خطابى الضمان (التأمين النهائي) فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق أحكام العقد على وقائع النزاع بين الشركة الطاعنة والهيئة المطعون ضدها بما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء بأحقية الشركة الطاعنة فى الفرق بين قيمة الغرامة المستحقة عليها ومقدارها 367528.73 ألف دولار ثلاثمائة وسبعة وستون ألفاً وخمسمائة وثمانية وعشرون دولاراً أمريكيا، 73 سنتا من قيمة خطابى الضمان المقدمين كتأمين نهائى عن عقد رقم 174 لسنة 1978 ومقداره 152.800 دولار أمريكى (مائة واثنان وخمسون ألفاً وثمانمائة دولار أمريكي) المقدم عنه خطاب الضمان رقم 9/ 2437 بتاريخ 22/ 6/ 1978 وخطاب الضمان رقم 19/ 23131 بتاريخ 24/ 11/ 1981 بمبلغ 600000 فرنك ألمانى (ستمائة ألف فرنك ألماني) المقدم كتأمين نهائى عن عقد 62 لسنة 81/ 1982 وذلك على أساس سعر الصرف فى تاريخ استحقاق الغرامة والمطالبة بها فى مايو سنة 1979 تاريخ مطالبة الهيئة الشركة بسداد الغرامة المستحقة عليها وفقا للعقد.
وحيث إنه عن الفوائد المستحقة عن المبالغ استحقاق الشركة على النحو السابق بيانه فإنه وفقا لنص المادة 226 من القانون المدنى التى تنص على أنه:
"إذا كان محل الالتزام مبلغا من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين فى الوفاء به كان ملزما بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد مقدارها أربعة فى المائة فى المسائل المدنية وخمسة فى المائة فى المسائل التجارية وتسرى هذه الفوائد من تاريخ المطالبة بها ما لم يحدد الاتفاق أو العرف التجارى تاريخا آخر لسريانها وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره.
ومن حيث إنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة تطبيق حكم هذه المادة مع العقود الإدارية باعتبارها أصل من الأصول العامة فى الالتزامات ولا يتعارض مع طبيعة الروابط الإدارية.
ومن حيث إن الفوائد التأخيرية وفقا لنص المادة 226 سالفة الذكر - إنما يستحق كتعويض عن التأخير فى الوفاء بالتزام محله مبلغ من النقود معلوم المقدار وقت الطلب أى أن أساس التعويض فى هذه الحالة هو التأخير فى الوفاء بالمبلغ النقدى والتعهد الذى هو أحد عناصر التعويض مفترض بنص المادة 228 من القانون المدنى التى نصت على أنه "لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير قانونية أو اتفاقية أن يثبت الدائنية ضرراً لحقه من هذا التأخير".
وومن حيث إن المبلغ يعتبر معلوم المقدار عند الطلب إذا كان تحديده يقوم على أسس ثابتة وليس للقضاء فيها سلطة تقدير ولما كان ذلك يسرى على البائع محل هذا الطعن إذ إن تحديدها يقوم على أسس ثابتة واردة فى العقد وليس للقضاء على تقدير فى تحديدها ومن ثم تكون معلومة المقدار وحالة الأداء وقت الطلب يستحق عليها فوائد التأخير القانونية وفقا لنص المادة 226 من القانون المدنى.
ووحيث إنه عن نسبة تلك الفوائد فإنه لما كان العقد هو عقد توريد فإنه يعد عملا تجاريا وفقا لنص المادة الثانية من القانون التجارى التى نصت على أنه "يعتبر بحسب القانون عملا تجاريا ما هو آت كل تعهد بتوريد أشياء...." وإذ يعتبر عقد التوريد وفقا لما تقدم عملا تجاريا ويندرج ضمن المسائل التجارية فإن الفوائد القانونية بالنسبة للمبالغ المستحقة عنه يكون بمقدار 5% وفقا لنص المادة (226) من القانون المدنى سالفة البيان.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام الهيئة المطعون ضدها بأن تؤدى الشركة الفرق بين الغرامة المستحقة لها قبل الشركة عن عقد 174 لسنة 78 ومقدارها 367528.73 دولار أمريكى (ثلاثمائة وسبعة وستون ألفا وخمسمائة وثمانية وعشرون دولارا أمريكيا و73 سنتا) وبين قيمة خطابى الضمان المقدمين كتأمين نهائى فى العقدين رقمى 174 لسنة 1978، 62 لسنة 81/ 1982 وعلى أساس سعر الصرف السارى وقت استحقاق تلك الغرامة فى مايو سنة 1979 والفوائد القانونية عن هذا الفرق بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصاريف.