مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة عشر (من أول أكتوبر سنة 1972 إلى آخر سبتمبر سنة 1973) - صـ 154

(87)
جلسة 30 من يونيه سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر محمد عطية - رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة: عبد الفتاح صالح الدهرى ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد ويوسف شبلي يوسف - المستشارين.

القضية رقم 991 لسنة 14 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - حق الشكوى.
مساءلة الموظف العام تأديبيا لا تقتصر على الأخطاء والمخالفات التي تقع منه أثناء تأدية أعمال وظيفته بل قد يسأل أيضا عن الأفعال والتصرفات التي تصدر عنه خارج نطاق أعمال وظيفته إذا كان من شأنها الخروج على واجبات الوظيفة أو المساس بها - لا يسوغ للموظف العام أن يتخذ من الشكوى ذريعة للتطاول على رؤسائه للتشهير بهم - انطواء ذلك على إساءة استعمال حق الشكوى - مثال ذلك.
إن مبنى قرار الجزاء أن المدعى خرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته تأسيسا على انه بإرساله البرقية موضوع التحقيق - قد أساء استعمال حق الشكوى واتخذه وسيلة للتشهير برؤسائه واتهامهم بأمور لا دليل عليها ولا ثارة الفرقة بين طوائف العاملين بالمصلحة وانه لا يعفيه من المسئولية عن إرسال هذه البرقية ادعاؤه بأنه أرسلها بصفته رئيسا للرابطة وليس بصفته من العاملين بالمصلحة إذ أن هذه الرابطة لم يكن لها وجود قانوني في تاريخ إرسال البرقية.
من حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن حق الشكوى مكفول إلا أنه لا يسوغ للموظف العام أن يتخذ من الشكوى ذريعة للتطاول على رؤسائه أو للتشهير بهم وإلا حقت مساءلته تأديبيا لما في هذا المسلك من خروج على واجبات الوظيفة وما تقتضيه من احترام الرؤساء وتوقيرهم كما جرى قضاءها كذلك بأن مساءلة الموظف العام تأديبيا لا تقتصر على الأخطاء والمخالفات التي تقع منه أثناء تأدية أعمال وظيفته بل قد يسأل أيضا عن الأفعال والتصرفات التي تصدر عنه خارج هذا النطاق وبوصفه فردا من الناس إذا كانت تنطوي على إخلال بمقتضى الواجب نحو وظيفته.
ومن حيث إن الثابت فيما تقدم أن البرقية محل المساءلة التأديبية صدرت من المدعى وإنها تضمنت اتهام مدير عام المصلحة بأنه اتبع أسلوبا غير مشروع ليخالف به التعليمات المكتوبة الصادرة عنه قاصدا من وراء ذلك إلى حمل الموظفين على تحرير نماذج وصف الوظائف على وجه يخالف القانون يضر بمصالح الموظفين الإداريين والكتابيين بالمصلحة إلا أنه ثبت من التحقيق عدم صحة هذه الادعاءات كما امتنع المدعى عن تقديم الدليل على ما جاء بالشكوى، وعلى ذلك يكون المدعى قد أساء استعمال حق الشكوى واتخذ منها ذريعة للتطاول على رؤسائه الأمر الذي يعتبر خروجا على واجبات وظيفته ويستحق مجازاته عنه تأديبيا أما ذهب إليه المدعى من أنه غير مسئول عن فحوى البرقية المذكورة بمقولة أنها صادرة بناء على قرار من مجلس إدارة الرابطة وانه قام بمجرد إرسالها بصفته رئيسا لهذا المجلس وليس بصفته من العاملين بمصلحة الضرائب فان هذا الدفاع مردود بأن مع التسليم بالوجود القانوني للرابطة المذكورة وقت صدور البرقية فان ذلك لا ينفى مسئولية المدعى عنها بصفته رئيسا لمجلس إدارة الرابطة المشار إليها لأن الموظف العام يسأل تأديبيا - كما سبق البيان - عن الأفعال والتصرفات التي تصدر عنه خارج نطاق أعمال وظيفته إذا كان من شأنها الخروج على واجبات الوظيفة أو المساس بها ولا جدال في أن قيام المدعى بإرسال البرقية يتضمن تأييده الضمني لقرار مجلس إدارة الرابطة في شأنها ولا يسوغ إدعاؤه في هذا الخصوص بأنه كان مجرد مسخر لتنفيذ قرار المجلس ذلك أنه لو كان لا يقر البرقية المذكورة لكان في وسعه أن يمتنع عن إصدارها باسمه وأن يترك ذلك الأجراء لأعضاء المجلس الذين وافقوا على إرسالها وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر مطابقا للقانون وقام على سببه المبرم له ولا مطعن عليه.