أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1035

جلسة 31 من أكتوبر سنة 1973

المؤلفة من السيد نائب رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل رئيسا والسادة المستشارين/ محمد أسعد محمود وجودة أحمد غيث وإبراهيم السعيد ذكرى وإسماعيل فرحات عثمان - أعضاء.

(180)
الطعن رقم 113 لسنة 36 القضائية

(1، 2) ضرائب. "رسم الدمغة". بنوك.
(1) الوديعة فى البنك لأجل. تكييفها. اختلافها عن الحساب الجارى الذى يتوافر فيه شروط تبادل المدفوعات.
(2) إيصالات الودائع بالبنك. تضمنها شروط الوديعة وتعهد البنك بردها. تكييفها. عقد قرض. خضوعها لرسم الدمغة.
1- الأصل أن النقود المودعة تنتقل ملكيتها إلى البنك الذى يلتزم برد مثلها فتكون علاقة البنك بالعميل الذى يقوم بإيداع مبالغ فى حسابه لدى البنك هى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - (1) علاقة وديعة ناقصة، تعتبر بمقتضى المادة/ 726 من القانون المدنى قرضا، والعملية على هذه الصورة منبتة الصلة بالحساب الجارى الذى يتفق الطرفان على فتحه، إذ يقوم العميل فى الوديعة لأجل، بإيداع مبالغ فى الحساب دون أن يكون من حقه سحبها خلال فترة معينة فيظل دائماً دائناً للبنك بمبلغ القرض، ويعتبر الحساب مجمداً، الأمر الذى لا يتوافر معه شرط تبادل المدفوعات، وهو من خصائص الحساب الجارى(2).
2- تخضع عقود القرض لرسم الدمغة وفقاً لنص المادتين الرابعة والخامسة من الفصل الثانى من الجدول رقم 2 من قانون الدمغة رقم 224 لسنة 1951، ولا محل لتحدى الطاعن - البنك - بأن مقتضى ذلك أن يفرض رسم الدمغة على إيصالات الودائع التى أعفاها المشرع من الرسم طبقاً لنص المادة/ 1 (أولاً) من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون سالف الذكر، ذلك أن الإيصالات المذكورة لا تقتصر على مجرد إثبات واقعة الاستلام، بل تتضمن فى نفس الوقت شروط الوديعة ويتعهد البنك برد المبلغ المودع، فتعتبر فى حقيقتها عقد قرض يخضع لرسم الدمغة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر واخضع لرسم الدمغة عقود الودائع لأجل باعتبارها فى الحقيقة قروضاً من العملاء إلى البنك يلتزم بردها بعد مدة محددة نظير فائدة معينة مقابل استعمالها، فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن بنك "أيوينان ليمتد" الذى آلت أصوله وخصومه إلى بنك الجمهورية المندمج فى بنك بورسعيد - الطاعن - أقام الدعوى رقم 198 سنة 1956 تجارى الإسكندرية الابتدائية ضد مصلحة الضرائب - المطعون عليها - طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 8920 جنيهاً و967 مليماً، وقال بياناً للدعوى أن المصلحة ربطت عليه رسوم دمغة عن أعمال مصرفية فى الفترة من سنة 1951 حتى سنة 1955 من بينها مبلغ 856 جنيهاً و94 مليماً قيمة رسوم دمغة على عمليات الودائع لأجل استناداً إلى أن الايصالات التى تم بمقتضاها الإيداع ليست إلا عقود قرض صادرة من العملاء إلى البنك وأنها بهذا الوصف تخضع للرسم التدريجى والنسبى المقرر على السلف، وإذ لا تستحق مصلحة الضرائب هذه الرسوم، لأن العلاقة القانونية التى تربط العميل بالبنك هى علاقة المودع بالمودع لديه وليست علاقة المقرض بالمقترض وقد اضطر البنك لتسديد الرسوم المطالب بها درءاً لإجراءات التنفيذ الجبرى ومن حقه أن يسترد ما دفعه بغير وجه حق، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته، وبتاريخ 23/ 4/ 1959 حكمت المحكمة برفض الدعوى فيما يتعلق بمبلغ 856 جنيهاً و94 مليماً قيمة رسوم الدمغة المقررة على عمليات الودائع لأجل. استأنف البنك هذا الحكم بالاستئناف رقم 115 سنة 16 ق تجارى الإسكندرية طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، وبتاريخ 30/ 12/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن البنك فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن البنك ينعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه تأسيساً على أن عمليات الودائع لأجل هى عقود قرض من العملاء إلى البنوك وفقاً لنص المادة 726 من القانون المدنى فتخضع لرسم الدمغة التدريجى والنسبى، فى حين أن الوديعة المصرفية مزيج من نظم قانونية متعددة لا تندرج تحت وصف عقد معين من العقود المسماة فى القانون المدنى ولا تعدو أن تكون عملية مصرفية من نوع خاص أوجدها العرف، يدل على ذلك اختلاف مصادر الوديعة بالحساب الجارى فقد يكون الايداع مباشرة أو بطريق نقل المبالغ من حساب عميل إلى حساب عميل آخر أو من البنك ذاته بناءً على تكليف من العميل، لا يغير من هذا النظر أن الإيداع يتم مقابل فائدة، ذلك أن الفائدة لا تنتج من عقد الوديعة وإنما نتيجة لقيد المبالغ المودعة بالحساب الجارى، وإذا كانت عملية الإيداع لأجل تتم تنفيذاً لعقد آخر هو عقد الحساب الجارى فإن الإيصالات الصادرة من البنك باستلام مبالغ لا تعتبر عقوداً بحيث تخضع لرسم الدمغة على القروض بل تعفى هذه الإيصالات من رسم الدمغة عملاً بالمادة/ 1 (أولاً) من الجدول رقم/ 5 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه الودائع لأجل قروضاً يفرض عليها رسم دمغة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كان الثابت فى الدعوى أن ما أخضعته مصلحة الضرائب لرسم الدمغه هو عمليات الودائع لأجل باعتبارها قروضاً من العملاء إلى البنك، ولما كان الأصل أن النقود المودعة تنتقل ملكيتها إلى البنك الذى يلتزم برد مثلها فتكون علاقة البنك بالعميل الذى يقوم بإيداع مبالغ فى حسابه لدى البنك هى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - علاقة وديعة ناقصة تعتبر بمقتضى المادة 726 من القانون المدنى قرضا، ولما كانت العملية على هذه الصورة منبتة الصلة بالحساب الجارى الذى يتفق الطرفان على فتحه إذ يقوم العميل فى الوديعة لأجل بإيداع مبالغ فى الحساب دون أن يكون من حقه سحبها خلال فترة معينة فيظل دائماً دائناً للبنك بمبلغ القرض ويعتبر الحساب مجمداً - الأمر الذى لا يتوافر معه شرط تبادل المدفوعات، وهو من خصائص الحساب الجارى، ولما كانت عقود القرض تخضع لرسم الدمغة وفقاً لنص المادتين الرابعة والخامسة من الفصل الثانى من الجدول رقم/ 2 من قانون الدمغة رقم 224 لسنة 1951، وتنص أولاهما على أن "كل سلفة يقدمها أصحاب المصارف أو غيرهم من الأشخاص الذين يقومون عادة بهذا النوع من العمليات يفرض عليها رسم دمغة على الوجه الآتى ....."، وتنص المادة الثانية على أن "يسرى على عقود الاقتراض الأخرى للنقود وكذا عقود الاعتراف بالدين ذات الرسم المقرر على السلف"، وكان لا محل لتحدى الطاعن بأن مقتضى ذلك أن يفرض رسم الدمغة على إيصالات الودائع التى أعفاها المشرع من الرسم طبقا لنص المادة/ 1 (أولاً) من الجدول رقم/ 5 الملحق بالقانون سالف الذكر، ذلك أن الإيصالات المذكورة لا تقتصر على مجرد إثبات واقعة الاستلام بل تتضمن فى نفس الوقت شروط الوديعة وتعهد البنك برد المبلغ المودع فتعتبر فى حقيقتها عقد قرض يخضع لرسم الدمغة على ما سلف البيان، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر واخضع لرسم الدمغة عقود الودائع لأجل باعتبارها فى الحقيقة قروضاً من العملاء إلى البنك يلتزم بردها بعد مدة محددة نظير فائدة معينة مقابل استعمالها، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه ويكون النعى بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 4 نوفمبر سنة 1965 مجموعة المكتب الفنى السنة 16 صـ 973.
(2) نقض 25 يناير سنة 1968 مجموعة المكتب الفنى السنة 19 صـ 116.