أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1220

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ عثمان زكريا، وعضوية السادة المستشارين/ محمد سيد أحمد حماد، وعلى عبد الرحمن، وعلى صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين.

(192)
الطعن رقم 349 لسنة 37 القضائية

عقد. "فسخ العقد". التزام. "منح المدين أجلاً للوفاء بالالتزام". محكمة الموضوع.
خضوع فسخ العقد لتقدير قاضى الموضوع ما لم يشترط بنص العقد. منح المدين أجلا للوفاء بالالتزام. مانع من جواز الحكم بالفسخ متى تم الوفاء فى غضون الأجل. انقضاء الأجل دون وفاء كامل غير موجب للحكم بالفسخ حتما. بقاء العقد قائما والوفاء بالالتزام ممكناً بعد انقضاء الأجل حتى صدور الحكم النهائى.
إذا لم يشترط الفسخ بنص العقد فإنه يكون خاضعاً لتقدير قاضى الموضوع، يحكم به أو يمنح المدين أجلاً للوفاء بالالتزام، ولئن كان الوفاء فى غضون هذا الأجل مانعاً من جواز الحكم بالفسخ، فإن انقضاء الأجل دون وفاء كامل لا يوجب الحكم بالفسخ حتماً إلا بنص فى القانون، ولا يوجد هذا النص فى قواعد الفسخ الواردة بالمادة 157 من التقنين المدنى، كما أن المشرع حذف من مواد البيع نص المادة 610 من المشروع التمهيدى الذى كان يوجب الفسخ دون إنذار المشترى إلى أجل آخر إذا لم يدفع الثمن قبل انقضاء الأجل، وهو النص المقابل للمادة 333 مدنى قديم - تاركا ذلك لحكم القواعد العامة فى فسخ العقود الملزمة للجانبين، والمستفاد من هذه القواعد أن الأجل ورد بالفقرة الثانية من المادة 157 على سبيل الاستثناء من الحق المقرر للدائن بفقرتها الاولى فى طلب الفسخ، ولا ينطوى منح الأجل فى ذاته على حكم الشرط الفاسخ الذى بموجبه يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه. وإنما يبقى العقد قائماً. والوفاء بالالتزام لا يزال ممكناً بعد انقضاء الأجل حتى صدور الحكم النهائى، ويكون لقاضى الموضوع تقدير ظروف التأخير فى الوفاء لا يتعين عليه أن يحكم بالفسخ، ويجوز أن يحكم برفضه إذا هو تبين أن الوفاء المتأخر مما لا يضار به الدائن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 7783 سنة 1965 مدنى كلى القاهرة ضد المطعون عليهن طالبين الحكم بفسخ عقد البيع الابتدائى المؤرخ 12/ 11/ 64 وبإلزامهن بأن يدفعن لهما مبلغ ألف جنيه والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة -
وقالا فى بيان الدعوى إنه بمقتضى العقد المشار إليه باع الطاعن الأول إلى المطعون عليهن ستة قراريط على الشيوع فى كامل أرض وبناء العقار 6 و8 و28 و10 عوائد بشارع عبد الرحمن نصر قسم الزيتون محافظة القاهرة لقاء ثمن قدره 2550 ج قبض منه وقت التعاقد 550 ج، وباع الطاعن الثانى إلى المطعون عليهن ستة قراريط فى العقار ذاته لقاء ثمن قدره 2550 ج قبض منه وقت التعاقد 2000 ج، واتفق الطرفان على تحديد مدة غايتها اربعة شهور للتصديق على العقد النهائى ودفع باقى الثمن إلا أن هذه المدة انتهت فى 12/ 3/ 1965 ولم تنفذ المطعون عليهن الالتزام، وتخلفن عن الحضور بتاريخ 23/ 12/ 1965 إلى مأمورية الشهر العقارى بمصر الجديدة للتصديق على العقد النهائى ودفع باقى الثمن رغم الإنذار المعلن إليهن فى 14/ 12/ 1965 باعتبار العقد مفسوخاً وأحقيتهما فى التعويض المتفق عليه ومقداره ألف جنيه، وانتهى الطاعنان من ذلك إلى طلب الحكم لهما بالطلبات، وبتاريخ 23/ 5/ 1966 حكمت المحكمة بمنح المدعى عليهن شهرين أجلاً لتنفيذ التزامهن، ثم عادت فحكمت بتاريخ 19/ 12/ 1966 بفسخ عقد البيع، واستأنف المدعى عليهن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وطلبن إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 260 سنة 84 قضائية، وبتاريخ 15/ 4/ 1967 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، وطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين فى التقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل سببى الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى الفسخ مستنداً فى ذلك إلى أن الطاعنين لم يسلما المشتريات المستندات اللازمة لتحرير العقد النهائى، وأن ذمة المشتريات قد برئت بعرض باقى الثمن وإيداعه بتاريخ 6/ 8/ 1966، وهو من الحكم خطأ فى تطبيق القانون ومخالفة للثابت بالأوراق من وجهين (أولهما) أن الحكم أسند للطاعنين التقصير لأنهما لم يسلما المشتريات مستندات التمليك، فى حين أن الثابت بالعقد الابتدائى أن الكشوف الخاصة بالعقار عن سنة 1964 قد سلمت إلى المشتريات فى تاريخ التعاقد إلا أن هذه الكشوف لم تقدم فور العقد إلى مأموريه الشهر العقارى، وإنما قدمت المشتريات طلب البيانات المساحية دون الكشوف بتاريخ 5/ 4/ 1965 بعد انقضاء المدة المتفق عليها للتصديق على العقد النهائى، وأوقفت المأمورية طلباتهن بسبب عدم تقديم الكشوف، وفى حين أن صورة فوتوغرافية من إقرار البائعة الأصلية قد سلمها الطاعنان إلى المشتريات فى تاريخ العقد الابتدائى، وأنهما احتفظا بأصل الإقرار لأنه يتضمن حقوقاً لهما قبل البائعة وهو غير لازم لإعداد العقد النهائى وإنما لازم للتوقيع عليه. (وثانيهما) أن محكمة أول درجة أصدرت حكماً بمنح المشتريات أجلاً لدفع باقى الثمن والتصديق على العقد النهائى، وكان ذلك بناء على طلب المشتريات ولم يرفع استئناف عن هذا الحكم فور صدوره فحاز قوة الشيء المحكوم فيه، ورغم أن الأجل قد انقضى فى 22/ 7/ 1966 قبل عرض الثمن وإيداعه بتاريخ 6/ 8/ 1966، ودون تجهيز الأوراق المطلوبة لمأمورية الشهر العقارى وإعداد العقد النهائى للتوقيع فإن الحكم المطعون فيه اكتفى بالتحدث عن تقصير الطاعنين فى إتمام إجراءات العقد النهائى خلال الأجل المحدد فى العقد ولم يتحدث عن تخلف المشتريات عن القيام بتنفيذ الالتزام خلال المهلة القضائية وذهب إلى أن من حق المشتريات توقى الفسخ إلى ما قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم فخالف بذلك قوة الأمر المقضى، لأن الحكم الصادر بمنح الأجل يقوم على أن عدم تنفيذ العقد لا يرجع إلى تقصير من جانب الطاعنين وإنما إلى تقصير من المشتريات، كما أن من المقرر أن القاضى لا يستطيع أن يمنح المدين أجلاً آخر، وأن العقد يعتبر مفسوخاً بعد انقضاء الأجل دون أن يفى المدين بالتزامه ولو لم ينص القاضى على ذلك فى حكمه.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الفسخ إذا لم يشترط بنص العقد، فإنه يكون خاضعاً لتقدير قاضى الموضوع يحكم به أو يمنح المدين أجلاً للوفاء بالالتزام وأنه وإن كان الوفاء فى غضون هذا الأجل مانعاً من جواز الحكم بالفسخ فإن انقضاء الأجل دون وفاء كامل لا يوجب الحكم بالفسخ حتماً إلا بنص فى القانون، ولا يوجد هذا النص فى قواعد الفسخ الواردة بالمادة 157 من التقنين المدنى، كما أن المشرع حذف من مواد البيع نص المادة 610 من المشروع التمهيدى الذى كان يوجب الفسخ دون إنذار المشترى إلى أجل آخر إذا لم يدفع الثمن قبل انقضاء الأجل - وهو النص المقابل للمادة 333 مدنى قديم - تاركاً ذلك لحكم القواعد العامة فى فسخ العقود الملزمة للجانبين، والمستفاد من هذه القواعد أن الأجل ورد بالفقرة الثانية من المادة 157 على سبيل الاستثناء من الحق المقرر للدائن بفقرتها الأولى فى طلب الفسخ، ولا ينطوى منح الأجل فى ذاته على حكم الشرط الفاسخ الذى بموجبه يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه وإنما يبقى العقد قائماً والوفاء بالالتزام لا يزال ممكناً بعد انقضاء الأجل حتى صدور الحكم النهائى، ويكون لقاضى الموضوع تقدير ظروف التأخير فى الوفاء ولا يتعين عليه أن يحكم بالفسخ، ويجوز أن يحكم برفضه إذا هو تبين أن الوفاء المتأخر مما لا يضار به الدائن، وإذ كان يبين من الرجوع إلى العقد الابتدائى المودع بملف الطعن أنه تضمن تعهد المشتريات بدفع باقى الثمن عند التصديق على العقد النهائى، ولا يتضمن الاتفاق على الشرط الفاسخ الصريح وكان الواقع الثابت بالحكم المطعون فيه أن مأمورية الشهر العقارى أوقفت الطلبين المقدمين من المشتريات بتاريخ 5/ 4/ 1965 لاستخراج كشف التحديد وطلبت الكشوف الخاصة بسنة 1965، وأن الطاعنين لم يسلما المشتريات هذه الكشوف وأصل الإقرار الملحق بالعقد العرفى الصادر لهما من البائعة رغم إنذارهما بتسليمها لتقديمها إلى الشهر العقارى. إذ كان ذلك وكان الحكم قد أقام قضاءه على قوله "أن المستأنف عليهما قد أخلا ابتداء بالتزامهما المترتب على عقد البيع بعدم تقديم مستندات التمليك اللازمة لتحرير العقد النهائى". وأن "قضاء محكمة الدرجة الأولى بمنح مهلة للمستأنفات لدفع باقى الثمن والتصديق على العقد النهائى يكون قضاء خاطئاً، إذ كان يجب إعطاء المهلة ابتداء للمستأنف عليهما لتنفيذ التزامهما" وأن "الثابت قيام المستأنفات بعرض باقى الثمن وقدره 2570 جنيهاً على يد محضر على المستأنف عليهما بتاريخ 6/ 8/ 1966، وإذ رفض الأخيران استلامه أودعته المستأنفات خزانة المحكمة فى نفس اليوم، ثم قمن بإعلان محضر الايداع إلى المستأنف عليهما فى اليوم التالى مباشرة، وكان العرض والإيداع غير مقيدين بأى شرط يتنافى مع طبيعتهما أو مرماهما، فإن ذمتهن تكون قد برئت من باقى الثمن" وكان الواقع الذى حصله الحكم له أصله الثابت بالأوراق وما رتبه على هذا الواقع هو مما يدخل فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير مبررات طلب الفسخ وظروف التأخير فى الوفاء، فإن الحكم إذ قضى برفض دعوى الفسخ لا يكون قد خالف الثابت بالاوراق أو أخطأ فى تطبيق القانون.