أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1225

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد شبل عبد المقصود، وأديب قصبجى، ومحمد فاضل المرجوشى، وحافظ الوكيل.

(193)
الطعن رقم 452 لسنة 37 القضائية

( أ ) ملكية. "أسباب كسب الملكية". "العقد". تسجيل. عقد. "أثر العقد فى نقل الملكية". حكم.
طلب تثبيت ملكية ماكينة دون المنشآت والأرض المقامة عليها. القضاء بإجابته استنادا إلى أن عقد شرائها غير المسجل ناقل للملكية لوقوعه على منقول. لا خطأ.
(ب) أعمال تجارية. "الأعمال التجارية بالتبعية". وكالة. "إثبات عقد الوكالة". إثبات. "طرق الإثبات". "البينة".
اتفاق شخصين على القيام بعمل تجارى يجعلهما تاجرين. تفويض أحدهما للآخر فى القيام بأعمال لازمة لهذا العمل التجارى ومتصلة به يجعلها بدورها تجارية وفقاً لمبدأ الأعمال التجارية بالتبعية. اعتبار عقد الوكالة استناداً إلى ذلك تجاريا وإجازة إثباته بالبينة. لا خطأ.
(ج، د) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
(ج) عدم التمسك ببطلان عمل الخبير أمام محكمة الموضوع. التحدى بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(د) نعى عار عن الدليل. مثال.
1 - إذ كان المطعون ضده الأول قد قصر طلباته أمام محكمة الاستئناف على طلب تثبيت ملكيته للماكينة وحدها، وكان هذا الطلب ينصب على الآلة المتنازع عليها كما كانت قبل تثبيتها، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تقرير أن هذه الآلة ينطبق عليها عقد المطعون ضده الأول، وأن ملكيته لها تثبت بهذا العقد دون تسجيل، لأنه يقع على منقول. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتثبيت ملكيته على سند من ذلك العقد لا يكون مخطئاً فى تطبيق القانون.
2 - اتفاق الطرفين على القيام بعمل تجارى هو استغلال مطحن يجعلهما تاجرين. وإذ كان تفويض المطعون ضده الأول للطاعن ينطوى على أعمال تتصل بهذا العمل ولازمة له، فإن هذه الأعمال تعتبر هى الأخرى أعمالاً تجارية تطبيقاً لمبدأ الاعمال التجارية بالتبعيه المنصوص عليه فى الفقرة التاسعة من المادة الثانية من قانون التجارة. وغير صحيح ما يقوله الطاعن من أن العمل التجارى يعتبر مدنياً بالتبعية لتلك الأعمال لأنه هو الأصل والأصل لا يتبع الفرع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رتب على هذا النظر بحق اعتبار عقد الوكالة تجارياً وأجاز إثباته بالبينة ورد على دفاع الطاعن فى هذا الصدد، فإن النعى عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
3 - لما كان أوراق الطعن قد خلت مما يفيد أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان عمل الخبير بسبب عدم دعوته له أثناء المعاينة أو مخالفته لمنطوق الحكم الصادر بندبه، فإنه لا يقبل منه التحدى بهذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - لما كان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف وصورة رسمية من تقرير الخبير للتدليل على تمسكه بذلك الدفاع أمام محكمة الموضوع وعلى ما ورد بتقرير الخبير خاصاً به، فإن نعيه يكون مجردا من الدليل.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 297 لسنة 1963 مدنى كلى بنها ضد الطاعن والمطعون ضدهما الثانى والثالث، وطلب الحكم بتثبيت ملكيته لماكينة الطحين المبينة بصحيفة الدعوى مع الزام الطاعن بالمصروفات، وقال فى بيان دعواه إنه اشترى هذه الماكينة من السيد/ وهبه البرتقلى وفوض الطاعن فى استلامها من البائع وإقامتها على قطعة أرض اشتراها من المطعون ضدهما الثانى والثالث وإعداد المبانى اللازمة لها وتشغيلها، وإذ نازعه الطاعن فى ملكيتها فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان، وفى 30 ديسمبر سنة 1964 قضت محكمة بنها الابتدائية برفض الدعوى، فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافه برقم 92 لسنة 15 ق، وفى 21 يونيه سنة 1967 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون ضده الأول لماكينة الطحين الموضحة وصفاً وبياناً بصحيفة الدعوى. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأى.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب حاصل السبب الخامس منها بطلان الحكم المطعون فيه، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن المطعون ضده الأول طلب أمام محكمة أول درجة تثبيت ملكيته للماكينة والمبانى والأرض المقامة عليها إلا أن محكمة الاستئناف فسرت هذه الطلبات بأنها تنصرف إلى الماكينة دون الأرض والمبانى، فخرجت بذلك عن نطاق تلك الطلبات، وغيرت سبب الدعوى مما يجعل حكمها باطلاً.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد سجل فى تقريراته أن المطعون ضده الأول طلب أمام محكمة أول درجة تثبيت ملكيته لماكينة الطحين المبينة المعالم بصحيفة الدعوى وجميع محتوياتها ومشتملاتها من مبان وآلات وغيرها، بينما طلب فى صحيفة الاستئناف إلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكيته لماكينة الطحين الموضحة وصفاً وبياناً بصحيفة الدعوى، وكان هذا الذى سجله الحكم يفيد أن المطعون ضده الأول طلب أمام محكمة الاستئناف تثبيت ملكيته للماكينة وحدها دون المبانى والأرض المقامة عليها، وكان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من صحيفة الدعوى وأخرى من صحيفة الاستئناف للتدليل على ما يدعيه، فإن نعيه على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص يكون مجردا عن الدليل. لما كان ذلك وكان طلب المطعون ضده الأول تثبيت ملكيته لتلك الماكينة أمام محكمة الاستئناف يدخل فى نطاق طلباته أمام محكمة أول درجة وكانت محكمة الاستئناف قد فصلت فى هذا الطلب على أساس الوقائع المطروحة عليها فإنها تكون قد التزمت بقضائها هذا حدود طلبات المدعى فى الدعوى ولم تغير سببها، ومن ثم يكون النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب فى غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بتثبيت ملكية المطعون ضده الأول لماكينة الطحين بناء على عقد غير مسجل، فى حين أن تثبيت هذه الماكينة فى الارض والبناء يجعل من هذا المجموع المتكامل عقاراً بطبيعته طبقاً لنص المادة 82 من القانون المدنى، ومن ثم فإن ملكيته لا تنتقل فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة للغير إلا بالتسجيل.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه لما كانت الواقعة التى طرحها المطعون ضده الأول فى دعواه هى أنه اشترى الماكينة محل النزاع بعقد عين فيه أوصافها وفوض الطاعن فى استلامها من البائع ونقلها إلى مكانها وإقامة المبانى اللازمة لها وتشغيلها، وأن الطاعن أنكر عليه ملكية هذه الماكينة، وكان المطعون ضده الأول قصر طلباته أمام محكمة الاستئناف وعلى ما سلف بيانه فى الرد على السبب السابق على طلب تثبيت ملكيته للماكينه وحدها، وكان هذا الطلب ينصب على الآلة المتنازع عليها كما كانت قبل تثبيتها، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تقرير أن هذه الآلة ينطبق عليها عقد المطعون ضده الأول، وأن ملكيته لها تثبت بهذا العقد دون تسجيل لأنه يقع على منقول. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتثبيت ملكيته على سند من ذلك العقد لا يكون مخطئا فى تطبيق القانون ومن ثم يكون النعى عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثانى والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم خلص إلى أن تفويض المطعون ضده الأول له فى إقامة الماكينة وتشييد البناء اللازم لها وتحرير عقد شراء الأرض المقامة عليها هو من الأعمال التجارية التى يسوغ إثباتها بكافة طرق الإثبات، وفى هذا خلط بين المحل بمقوماته من أرض وبناء وبين ممارسة النشاط التجارى فى هذا المحل، علاوة على أن تلك الأعمال تسبق هذا النشاط فتعتبر أعمالاً مدنية، وهى التى ينصرف إليها النزاع الحالى ولا يتعداها إلى النشاط التجارى، كما أن العمل التجارى يكتسب الصفة المدنية بتبعيته للعمل المدنى طبقاً لنظرية الأعمال المدنية بطريق التبعية، ويضيف الطاعن أنه تمسك لدى محكمة الموضوع بعدم جواز إثبات عقد الوكالة بغير الكتابة لأن قيمته تزيد على عشرة جنيهات إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع الجوهرى مما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن النعى بهذين السببين مردود بأن الحكم المطعون فيه أورد فى شأن ما يثيره الطاعن فيهما قوله "إن الحكم الموضوعى المستأنف أخطأ فى اعتبار النزاع مدنياً لا تجارياً وبالتالى أخطأ فى العدول عن حكم التحقيق وما رتب عليه، ذلك لأن إقامة ماكينة الطحين بناحية كفر شكر بقصد استغلالها هو عمل تجارى بحت طبقاً للمادة 2 من قانون التجارة ويعتبر القائمون به تجاراً فالمستأنف (المطعون ضده الأول) رغم أنه موظف بوزارة العدل يعتبر تاجراً، والمستأنف عليه (الطاعن) وهو ميكانيكى يعتبر كذلك تاجراً (وليس مجرد صانع) وذلك بالنسبة لتنفيذ المشروع باقامة الماكينة وتشغيلها واستغلالها بقصد الربح الذى يوزع على الطرفين، الأول بحق الثلاثة أرباع باعتباره صاحب الماكينة، والثانى بحق الربع باعتباره مباشرها الذى يتولى تشغيلها وإدارتها على ما شهد به أحمد حسن ذكرى، ومن ثم ولما كان المشروع تجارياً وكان الخصمان بالنسبة له من التجار فإن العلاقة بينهما فيما يتعلق به تعتبر علاقة تجارية يجوز إثباتها وما يتفرع عنها أو يتصل بها من علاقات بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة، فإذا كان المستأنف (المطعون ضده الأول) قد اشترى الماكينة محل النزاع من الأستاذ وهبه الزنفلى بموجب العقد المقدم منه وعهد إلى المستأنف عليه الأول (الطاعن) بنقلها من مكان إقامتها بدائرة مركز زفتى إلى ناحية كفر شكر مركز بنها، وفى إقامتها وتشغيلها واستغلالها فإن ذلك كله يعتبر من الأعمال التجارية، ومن ثم يكون الحكم الموضوعى المستأنف قد جانبه الصواب فى اعتباره توكيل المستأنف (المطعون ضده الأول) للمستأنف عليه الأول (الطاعن) فى هذه الأمور عملاً مدنياً لا يجوز إثباته إلا بالكتابة بمقولة إن قيمته تزيد على عشرة جنيهات، وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه صحيح فى القانون. ذلك لأنه متى كان قد أثبت أن اتفاق الطرفين على القيام بعمل تجارى هو استغلال المطحن يجعلهما تاجرين، وكان تفويض المطعون ضده الأول للطاعن ينطوى على أعمال تتصل بهذا العمل ولازمة له فإن هذه الأعمال تعتبر هى الأخرى أعمالاً تجارية تطبيقاً لمبدأ الأعمال التجارية بالتبعية المنصوص عليه فى الفقرة التاسعة من المادة الثانية من قانون التجارة وغير صحيح ما يقوله الطاعن من أن العمل التجارى يعتبر مدنياً بالتبعية لتلك الأعمال، لأنه هو الأصل والأصل لا يتبع الفرع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رتب على هذا النظر بحق اعتبار عقد الوكالة تجاريا وأجاز إثباته بالبينة، ورد على دفاع الطاعن فى هذا الصدد فإن النعى عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان تقرير الخبير لعدم دعوته له أثناء المعاينة ولخروجه عن حدود مهمته إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهرى مما يشوبه بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه لما كانت أوراق الطعن قد خلت مما يفيد أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان عمل الخبير بسبب عدم دعوته له أثناء المعاينة أو مخالفته لمنطوق الحكم الصادر بندبه فإنه لا يقبل منه التحدى بهذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك فى دفاعه بأن قوة الماكينة الحالية هى 32 حصاناً وبأن قوة الماكينة التى يدعى المطعون ضده الأول ملكيتها هى 30 حصاناً، كما قرر الأخير أن رقم هذه الماكينة هى 7107 بينما تحمل الماكينة الأولى رقم 16278، وقد أثبت الخبير ذلك فى تقريره الذى اعتمد عليه الحكم المطعون فيه، دون أن يحقق هذا الدفاع الجوهرى مما يشوبه بالقصور والإخلال بحق الدفاع، وإذ عول الحكم على هذا الدليل المتناقض فإنه يكون مشوباً بالفساد فى الاستدلال.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه لما كان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف وصورة رسمية من تقرير الخبير للتدليل على تمسكه بذلك الدفاع أمام محكمة الموضوع وعلى ما ورد بتقرير الخبير خاصا به فإن نعيه يكون مجردا من الدليل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.