أحكام النقض - المكتب الفنى - مدني
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1232

جلسة أول نوفمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، والدكتور محمد زكى عبد البر، واسماعيل فرحات عثمان.

(194)
الطعن رقم 21 لسنة 35 القضائية

ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية". "الديون المعدومة". محكمة الموضوع. نقض. "سلطة محكمة النقض".
الديون المعدومة هى ما فقد الأمل فى تحصيلها. تقدير ذلك من سلطة محكمة الموضوع. خضوعها لرقابة محكمة النقض إن شاب تقديرها مخالفة للقانون أو فساد فى الاستدلال.
الديون المعدومة التى تعتبر بمثابة خسارة على المنشأة هى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - (1) التى فقد الأمل فى تحصيلها. ولئن كان الحكم على الدين بأنه معدوم أو غير معدوم هو مما يدخل فى السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن لمحكمة النقض أن تتدخل إذا كانت الأسباب التى اعتمد عليها القاضى فى حكمه تنطوى على مخالفة للقانون أو لا يكون من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها. وإذ كان ما استند إليه الحكم فى اثبات انعدام الدين الذى للمنشأة فى ذمة والد المطعون عليه لا يكفى لاعتباره كذلك، لأن صلة الأبوة بين المدين ودائنه المطعون عليه (الممول صاحب المنشأه)، وعدم اكتراث المدين بالإجراءات القانونية التى يتخذها الدائن ضده للمطالبة بالدين لا يفقد الأمل فى تحصيله حتى يعتبر معدوماً، خاصة وقد أثبت الحكم أن المدين لا يزال يمتلك محلا بعد أن تصرف بالبيع فى محله الثانى، ولم يبين الحكم ما إذا كان الأمل قد فقد فى
تحصيل الدين رغم وجود هذا المحل، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالقصور مما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أنه بموجب عقد ثابت التاريخ فى 12/ 7/ 1955 اتفق المطعون عليه مع شقيقه جورج مارلاس على إنهاء شركة التضامن القائمة بينهما اعتباراً من 31/ 12/ 1954، وأن يستمر المطعون عليه بمفرده فى إدارة المنشأة ومزاولة نشاطها وهو استيراد وتصدير الدخان وأدوات التدخين، وأن يتحمل وحده بكافة أصول الشركة وخصومها على أساس ميزانيتها فى 1954، وقامت مأمورية الضرائب بفحص الإقرار الذى قدمته المنشأة عن سنة 1944 وأدخلت عليه تعديلات بإضافة أرباح رأسماليه للمطعون عليه قدرها 3245 ج و335 م على أساس أنه قد آلت إليه وحده أصول الشركة وخصومها دون أن يدفع شيئاً مقابل انسحاب شريكه، وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التى أصدرت قرارها فى 30/ 1/ 1960 بتعديل صافى ريع المنشأة عن تلك السنة إلى مبلغ 703 ج و450 م، وأجابت المطعون عليه إلى طلب استبعاد الأرباح الرأسمالية التى أضافتها المأمورية، فقد أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 226 لسنة 1960 تجارى الإسكندرية الابتدائية بالطعن فى هذا القرار طالبة تعديله واعتبار أرباح المنشأة عن سنة 1954 مبلغ 3947 ج و785 م. وبتاريخ 28/ 12/ 1960 حكمت المحكمة برفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 63 لسنة 19 ق، تجارى الإسكندرية، وبتاريخ 11/ 11/ 1964 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، وتقول بياناً لذلك إن المطعون عليه وشقيقه جورج مارلاس اتفقا على إنهاء شركة التضامن القائمة بينهما اعتباراً من 31/ 12/ 1954، وأن يستمر المطعون عليه بمفرده فى إدارة المنشأة، وأن يتحمل جميع اصول الشركة وخصومها على أساس ميزانيتها فى سنة 1954، وقد تضمنت ميزانية هذه السنة فى جانبها مبلغ 6657 ج و200 م قيمة ديون مستحقة للمنشأة يخص منها الشريك المنسحب النصف، وقد آل هذا النصيب دون مقابل إلى المطعون عليه بمقتضى عقد فسخ الشركة سالف الذكر فيعتبر ربحاً رأسمالياً يخضع للضريبة، غير أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر تأسيساً على أن هذا الدين يعتبر معدوماً، واستند فى ذلك إلى أن المدين هو والد الشريكين وكان يتعامل مع منشأتهما ثم باع أحد محليه إلى المطعون عليه، وأن سوء مركزه المالى قد أثر على عمله فأصبح لا يكترث لما يوجه إليه من إجراءات. وتقول الطاعنة إن هذه الأسباب غير كافية ولا تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم، لأن كون المدين أباً للدائن لا يعنى أن الدين معدوم، كما أن عدم اكتراث المدين بالاجراءات التى تتخذ ضده للمطالبة بالدين لا يقضى على الأمل فى تحصيله طالما أن الحكم قد قرر أن المدين كان يملك محلين ولا يتصرف بالبيع إلا فى واحد منهما، مما مؤداه أنه وإن كان مركزه المالى قد تعثر إلا أنه لم يصبح معسراً على نحو يستحيل معه على المطعون عليه الحصول على دينه.
وحيث إن هذا النعى صحيح، ذلك أنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أنه لم يثبت حصول المطعون عليه على أى ربح نتيجة لانسحاب شريكه من الشركة التى كانت قائمة بينهما، لأن الديون التى كانت مستحقة للمنشأة وآلت إلى المطعون عليه دون مقابل طبقاً لعقد فسخ هذه الشركة تعتبر ديوناً معدومة، وأقام الحكم قضاءه فى هذا الخصوص على ما يأتى: "فإذا كان هذا الدين على عاتق والد الشريكين الذى كان على صلة تعامل بالمنشأة ثم باع أحد محليه إلى أحد الشريكين، وكانت الظروف كلها تنادى بأن الوالد المدين قد أثر سوء مركزه المالى على عمله وأنه مكترث بما عسى أن يوجه إليه من إجراءات قانونية فإن هذا الدين دون شك يعتبر معدوماً، إذ لا أمل فى تحصيله وقد استبعد فعلاً من أرصدة الدائنين فلم يرحل فى السنوات التالية، بل أن اللجنة الداخلية المنعقدة بتاريخ 19 من مارس سنة 1959 قد أوضحت أن الشريكين لم يستطيعا الحصول على هذا الدين نظراً لصلة الأبوة مما يشكك فى إمكان تحصيله فعلاً". ولما كانت الديون المعدومة التى تعتبر بمثابة خسارة على المنشأة هى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - التى فقد الأمل فى تحصيلها، ولئن كان الحكم على الدين بأنه معدوم أو غير معدوم هو مما يدخل فى السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، إلا أن لمحكمة النقض أن تتدخل إذا كانت الأسباب التى اعتمد عليها القاضى فى حكمه تنطوى على مخالفة القانون أولاً يكون من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها، ولما كان ما استند إليه الحكم المطعون فيه على النحو سالف البيان فى إثبات انعدام الدين الذى للمنشأة فى ذمة والد المطعون عليه لا يكفى لاعتباره كذلك، لأن صلة الأبوة بين المدين ودائنه المطعون عليه وعدم اكتراث المدين بالاجراءات القانونية التى يتخذها الدائن ضده للمطالبة بالدين لا يفقد الأمل فى تحصيله حتى يعتبر معدوما، خاصة وقد أثبت الحكم أن المدين لا يزال يمتلك محلاً بعد أن تصرف بالبيع فى محله الثانى. ولم يبين الحكم ما إذا كان الأمل قد فقد فى تحصيل الدين رغم وجود هذا المحل. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.


(1) نقض 31/ 12/ 1964 مجموعة المكتب الفنى السنة 15 صـ 1237.