مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1997 إلى آخر فبراير سنة 1998) - صـ 445

(47)
جلسة 7 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ رائد جعفر النفراوى، وجودة عبد المقصود فرحات، وعلى عوض محمد صالح، وإدوارد غالب سيفين نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 423 لسنة 42 قضائية عليا

دعوى - حكم فى الدعوى - الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ - طبيعته - أثره.
الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ وإن كانت له مقومات الأحكام وخصائصها ومنها جواز الطعن فيه على استقلال أمام المحكمة الادارية العليا - إلا أنه مع ذلك حكم وقتى بطبيعته يقف أثره من تاريخ صدور حكم فى طلب الإلغاء لأن من هذا التاريخ تترتب آثار الحكم الأخير باعتباره حكما فاصلا فى موضوع الدعوى واجباً النفاذ من تاريخ صدوره حتى لو طعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذه إعمالاً لحكم المادة (50) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - مؤدى ذلك: يسقط الحكم الصادر فى الطلب العاجل بصدور حكم فى موضوع الدعوى ويعتبر الاستمرار فى نظر الطعن فى الحكم الصادر فى الشق العاجل غير ذى موضوع. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 18/ 11/ 1995 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الادارية العليا، تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية فى الشق العاجل من الدعوى رقم 5841 لسنة 49 ق بجلسة 9/ 11/ 1995 والذى قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها، وبرفض الدفع بعدم قبولها وبقبولها وبوقف تنفيذ قرار النائب العام بإحالة ملف القضية رقم 2369 لسنة 1994 إدارى العامرية إلى نيابة الإسكندرية العسكرية وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنون فى ختام تقرير الطعن أن تأمر دائرة فحص الطعون بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى واحتياطياً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة قضاياً الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزام الجهة الإدارية المصروفات.
وكانت قد عينت جلسة 26/ 11/ 1995 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وتداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلسة 26/ 11/ 1997 وقد نظرته المحكمة بتلك الجلسة والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وقررت النطق بالحكم بجلسة 7/ 12/ 1997 ومذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين وأودعت هيئة قضايا الدولة - خلال الأجل - مذكرة بدفاع الطاعنين أوضحت فيها أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون حين قضى برفض الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى، ومن ناحية أخرى فإن صدور حكم فى الشق الموضوعى بجلسة 3/ 2/ 1997 برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات، فإنه وقد تم الطعن فى الحكم الصادر فى موضوع الدعوى فيتعين ضم الطعنين إلى بعضهما البعض لكى يصدر حكم فى مسألة الاختصاص الولائى للقضاء الإدارى فى نظر الدعوى ابتداء، واختتمت هيئة قضايا الدولة مذكرتها بطلب الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن.
وبتاريخ 30/ 10/ 1997 أودع محامى المطعون ضده طلباً أوضح فيه أن محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية أصدرت حكما فى الموضوع فى الدعوى رقم 5842 لسنة 49 ق بجلسة 3/ 2/ 1997 وتم الطعن على ذلك الحكم قيد برقم 2728 لسنة 43 ق ومازال مقيداً لم يفصل فيه ولم تحدد جلسة لنظره، وطلب إعادة الطعون المحجوزة للحكم للمرافعة لنظرها مع الطعن رقم 2827 لسنة 43 ق المقام من الخصوم أنفسهم عن ذات الموضوع.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
وحيث إن عناصر المنازعة تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 24/ 9/ 1992 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 5841 لسنة 49 ق بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية طلب فيها الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ قرار النيابة العامة بإحالة الأوراق الخاصة بالمحضر رقم 2369 لسنة 1994 إدارى العامرية إلى النيابة العسكرية وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شارحاً دعواه أن نيابة غرب الإسكندرية الكلية باشرت التحقيق فى المحضر رقم 2369 لسنة 1994 بشأن ما نسب إلى/ ...... وآخرين من حصولهم على حكم قضائى نهائى بملكية أرض بناحية كينج مريوط استناداً إلى شهادة صادرة من حى العامرية تفيد أن الأرض داخلة فى كردون مدينة الإسكندرية لم يراع فى شأنها أخذ رأى التخطيط العمرانى بمحافظة الإسكندرية وأن النيابة المختصة باشرت التحقيق فى الواقعة وانتهت إلى التقرير بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وأيدت نيابة الاستئناف رأى نيابة غرب، إلا أن المكتب الفنى للنائب العام انتهى إلى طلب إقامة الدعوى الجنائية قبل المتهمين بعد اسباغ الوصف والقيد المنطبقين على الواقعة، إلا أن المدعى فوجئ بقرار يصدر من النيابة العامة بإحالة المحضر إلى جهة القضاء العسكرى دون سبب يبرره، مما يصم القرار بعيب مخالفة الدستور والقانون.
ودفعت هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائياً بنظر الدعوى لأن القرار المطعون فيه صادر من النيابة العامة فى حدود الاختصاص القضائى لها كما دفعت بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة بعد أن صدر حكم من المحكمة العسكرية فى موضوع المحضر محل القرار المطعون فيه وطلبت هيئة قضايا الدولة رفض طلب وقف التنفيذ.
وبجلسة 9/ 11/ 1995 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل وقضت برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان وبإحالة الدعوى إلى هيئة قضايا الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع.
وأسست المحكمة قضاءها على أن مباشرة النيابة العامة التحقيق فى الجرائم والتصرف فيه ومباشرة الإدعاء أمام المحاكم الجنائية يكون عملاً قضائياً ينأى عن رقابة القضاء الإدارى إلا أنه متى خرجت النيابة فى تصرفاتها عن ذلك الإطار وأتت عملاً أو تصرفاً يخرج عن ذلك فإن تصرفها يفقد حينئذ صفة العمل القضائى ويخضع لرقابة المشروعية التى يتولاها القضاء الإدارى وهو ما عليه حال القرار المطعون فيه، ومن ناحية أخرى فإن مصلحة المدعى لازالت قائمة ومستمرة فى تعييب القرار لأنه حرمه من حق طبيعى كفله الدستور وهو مثول الشخص أمام قاضيه الطبيعى - القاضى الجنائى - وأضافت المحكمة أن الدعوى أقيمت فى الميعاد، وأن ركنى الجدية والاستعجال متوافر فى طلب وقف التنفيذ مما يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه صدر مشوباً بالبطلان لأن مسودته التى سلمت للخصوم للتنفيذ بمقتضاها خلت من بيان جوهرى رتبت المادة 178 من قانون المرافعات جزاء البطلان عليه، كما أخطأ الحكم حين قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائى للمحكمة وبرفض الدفع بعدم القبول وذلك كله على نحو ما هو موضح تفصيلاً بتقرير الطعن.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى واضطرد على أن الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ وإن كانت له مقومات الأحكام وخصائصها ومنها جواز الطعن فيه على استقلال أمام المحكمة الإدارية العليا إلا أنه مع ذلك حكم وقتى لطبيعته يقف أثره من تاريخ صدور حكم فى طلب الإلغاء لأن من هذا التاريخ تترتب آثار الحكم الأخير باعتباره حكماً فاصلاً فى موضوع الدعوى واجباً النفاذ من تاريخ صدوره حتى لو طعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذه إعمالاً لحكم المادة (50) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ومن ثم يسقط الحكم الصادر فى الطلب العاجل بصدور حكم فى موضوع الدعوى، ويعتبر الاستمرار فى نظر الطعن فى الحكم الصادر فى الشق العاجل غير ذى موضوع.
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم ولما كان الطعن الماثل ينصب على طلب إلغاء الحكم المطعون فيه الصادر فى الشق العاجل من الدعوى رقم 5841 لسنة ق 49 ق بجلسة 9/ 11/ 1995 إلا أنه أثناء نظر الطعن صدر حكم فى موضوع الدعوى المشار إليها بجلسة 3/ 2/ 1997 قاضياً برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات وقد تم الطعن فى ذلك الحكم ومن ثم فإن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الشق العاجل من الدعوى بجلسة 9/ 11/ 1995 محل الطعن الماثل - يكون قد استنفذ غرضه وانتهى أثره ويصبح الطعن (424 لسنة 42 ق) المقام بشأنه غير ذى موضوع بعد أن انتفى عنصر النزاع فيه ويتعين الحكم بانتهاء الخصومة، ولا ينال من ذلك ما جاء بالمذكرة المقدمة من هيئة قضايا الدولة من أنه وقد طعن فى الحكم الصادر فى الشق الموضوعى من الدعوى فإنه يتعين ضم الطعنين لكى يصدر حكم واحد فى مسألة اختصاص مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى، لأنه متى تعلق الأمر بنظر طعن فى حكم صدر فى طلب وقف التنفيذ وأثناء نظر الطعن صدر حكم فى طلب الإلغاء فإنه يكون من المتعين أن تقضى المحكمة المنظور أمامها الطعن باعتبار الطعن الماثل أمامها فى الشق العاجل غير ذى موضوع وأنه ما دام قد طعن فى الحكم الصادر فى موضوع الدعوى فإن ذلك يفتح الباب أمام المحكمة الإدارية العليا لتزن الحكم برمته بميزان القانون وتسلط عليه رقابتها.
ومن حيث إنه يخلص من كل ذلك إلى أن الطعن الماثل يضحى غير ذى موضوع بعد صدور حكم فى الشق الموضوعى من الدعوى أثناء نظر هذا الطعن ويكون من المتعين الحكم باعتبار الخصومة منتهية وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وباعتبار الخصومة منتهية والزمت الطاعن المصروفات.