مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1997 إلى آخر فبراير سنة 1998) - صـ 463

(49)
جلسة 13 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ محمد مجدى محمد خليل، والسيد محمد العوضى، ومحمد عبد الحميد مسعود، ومحمود إسماعيل رسلان نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2800 لسنة 35 قضائية عليا

تأمين اجتماعى - إصابة عمل - الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق - شروطها.
المادة الخامسة من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، قرار وزير التأمينات رقم 239 لسنة 1977 فى شأن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل.
يلزم لاعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق إصابة عمل توافر شروط محددة تختص الهيئة العامة للتأمين والمعاشات (الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى حالياً) بالبت فى مدى توافر شرطين منها وهما بذل مجهود إضافى غير عادى وأن يكون هذا المجهود الاضافى ناتجا عن تكليف المؤمن عليه بعمل إضافى غير عمله الأصلى - تختص الجهة الطبية بالتأكد من توافر الشروط الأربعة الباقية والتى حاصلها ارتباط الإجهاد بالاصابة وكفاية فترة الارهاق لاحداث الاصابة وحدة المظاهر المرضية للإصابة وأن ينتج عن الإجهاد إصابة فى المخ أو فى القلب. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 3/ 6/ 1989 أودع الاستاذ ....... المحامى بصفته وكيلا عن السيدة ....... عن نفسها وبصفتها وصية عن أولادها القصر/ .......، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 2800 لسنة 35 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 4/ 4/ 1989 فى الدعوى رقم 310 لسنة 38 ق والقاضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها ورفضها موضوعاً وإلزام المدعية المصروفات، وانتهى تقرير الطعن - لما قام عليه من أسباب - إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم باعتبار وفاة مورث الطاعنة فى حكم إصابة العمل وما يترتب على ذلك من آثار وتسوية معاشها تبعاً لذلك مع إلزام الهيئة المطعون ضدها الأولى بالمصاريف والاتعاب عن الدرجتين وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه - وللأسباب التى تضمنها - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باعتبار وفاة مورث الطاعنة فى حكم إصابة العمل مع ما يترتب على ذلك من آثار وتسوية معاشها المستحق لها على هذا الأساس.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التى قررت بجلسة 29/ 9/ 1996 احالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره أمامها بجلسة 26/ 10/ 1996 حيث نظر الطعن وتدوول على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعة الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص - حسبما يبين من سائر أوراق الطعن - فى أن السيدة/ ...... عن نفسها وبصفتها وصية عن أولادها القصر...... و..... وباعتبارهم ورثة المرحوم/ ....... أقامت الدعوى رقم 310 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الادارى بالإسكندرية بعريضة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 3/ 11/ 1983 طالبة الحكم باعتبار وفاة مورثها المرحوم/ ....... ناجمة عن إجهاد وإرهاق فى العمل وفى حكم إصابة العمل وتسوية المعاش على هذا الأساس وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة المدعى عليها الأولى بالمصروفات، وقالت المدعية شرحا لدعواها أن مورثها المرحوم/ ...... كان يعمل بمصلحة الجمارك منذ عام 1963 ونظراً للإجهاد المضنى والإرهاق الشديد الذى كان يعانيه بسبب أعباء العمل فقد أدى ذلك إلى وفاته بتاريخ 19/ 5/ 1980 وقد تقدمت المدعية للهيئة المدعى عليها الأولى بطلب لتسوية معاش مورثها على أساس اعتبار الوفاة إصابة عمل ناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق إلا أنها أصدرت قرارها بتاريخ 21/ 4/ 1983 برفض طلبها، فتقدمت بتظلم إلى لجنة التظلمات فى 21/ 8/ 1983 ثم أقامت دعواها الماثلة.
وبجلسة 4/ 4/ 1989 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها ورفضها موضوعاً وألزمت المدعية المصروفات، وأسست المحكمة حكمها فى موضوع الدعوى على أن الجهة الطبية المختصة وهى الجهة الفنية التى أناط بها القانون التحقق من توافر رابطة السببية بين الإجهاد وبين حدوث الإصابة لم تقرر توافر هذه الرابطة الأمر الذى ينتفى معه أحد الشروط التى تطلبها قرار وزير التأمينات رقم 239 لسنة 1977 لاعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق إصابة عمل، وبالتالى لا تعتبر وفاة مورث المدعية إصابة عمل.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون إذ وفاة الطاعنين نتجت عن إصابة عمل نتيجة الإجهاد والإرهاق فى العمل فقد كان يشغل وظيفة مراقب المتابعة القضائية وهى وظيفة تقتضى متابعة الأحكام التى تصدر ضد المصلحة وإحالة العاملين المنسوب إليهم مخالفات إلى النيابة الإدارية، وكلف بالإضافة إلى عمله بأعمال أخرى منها إجراء التحقيقات فى موضوعات هامة والاشتراك فى إعداد قانون الجمارك الجديد والقيام بأعمال السكرتارية الفنية للجنة توزيع الغرامات كما قام بأعمال زميله السيد/ ...... خلال سفره للخارج وكثيراً ما كان ينتدب محكماً وهذه الأعباء كلها تضمنها تقرير جهة العمل عن وفاة المرحوم مورث المدعية وهو خير شاهد على مدى الإجهاد الذى نتجت عنه الوفاة، وأضاف تقرير الطعن أن ما أثبته الطبيب الذى حضر فور الإعياء والإرهاق كاف كل الكفاية لوجود رابطة السببية بين الأعمال الإضافية التى كان كاهل مورث الطاعنة مثقل بها والارهاق الشديد الذى كان يعانيه وبين ما حدث لمورث الطاعنة.
ومن حيث إن المادة الخامسة من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 تنص على أن "فى تطبيق أحكام هذا القانون يقصد: (أ)...... (هـ) بإصابة العمل: الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم (1) المرفق أو الإصابة نتيجة حادث وقع أثناء العمل أو بسببه وتعتبر الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل متى توافرت فيها الشروط والقواعد التى يصدر بها قرار من وزير التأمينات بالاتفاق مع وزير الصحة. ويعتبر فى حكم ذلك كل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله أو عودته منه بشرط أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعى" وإعمالاً لهذا النص فقد أصدر وزير التأمينات القرار رقم 239 لسنة 1977 فى شأن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل والذى يحكم واقعات النزاع والذى ألغى بعد ذلك بالقرار رقم 74 لسنة 1985 - ونص فى المادة الأولى على أن "تعتبر الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل متى كانت سن المصاب أقل من الستين وتوافرت فى الإصابة الشروط الآتية مجتمعة:
1 - أن يكون الإجهاد أو الإرهاق ناتجاً عن بذل مجهود إضافى يفوق المجهود العادى للمؤمن عليه سواء بذل هذا المجهود فى وقت العمل الأصلى أو فى غيره.
2 - أن يكون المجهود الإضافى ناتجاً عن تكليف المؤمن عليه بإنجاز عمل معين فى وقت محدد معين بالإضافة إلى عمله الأصلى.

3 - أن تقرر الجهة المختصة بالعلاج أن هناك ارتباط مباشر بين حالة الإجهاد أو الإرهاق من العمل والحالة المرضية.
4 - أن تقرير الجهة الطبية المختصة بالعلاج أن الفترة الزمنية للإجهاد أو الإرهاق كافية لوقوع الحالة المرضية.
5 - أن تكون الحالة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق ذات مظاهر مرضية حادة.
6 - أن ينتج عن الإجهاد أو الإرهاق فى العمل إصابة المؤمن عليه بأحد الأمراض التالية:
( أ ) نزيف المخ أو انسداد شرايين المخ متى ثبت ذلك بوجود علامات اكلينيكية واضحة.
(ب) الانسداد بالشرايين التاجية بالقلب متى ثبت ذلك بصفة قاطعة."
وتنص المادة الثانية من هذا القرار على أن "...... وفى حالة الوفاة قبل مباشرة علاجه بمعرفة الجهة المختصة بالعلاج يجب على أصحاب الشأن إرفاق صورة من بيانات القيد بسجل الوفيات مبيناً بها الإصابة المباشرة وغير المباشرة بالوفاة".
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإنه يلزم لاعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق إصابة عمل توافر شروط محددة تختص الهيئة العامة للتأمين والمعاشات - الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى حالياً - بالبت فى مدى توافر شرطين منها وهما بذل مجهود إضافى غير عادى وأن يكون هذا المجهود الإضافى ناتجاً عن تكليف المؤمن عليه بعمل إضافى غير عمله الأصلى، كما تختص الجهة الطبية بالتأكد من توافر الشروط الأربعة الباقية والتى حاصلها ارتباط الإجهاد بالإصابة وكفاية فترة الإرهاق لإحداث الإصابة وحدة المظاهر المرضية للإصابة وأن ينتج عن الإجهاد إصابة فى المخ أو فى القلب على النحو المفصل بالفقرة السادسة من المادة الأولى من القرار سالف الذكر.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مورث الطاعنين المرحوم/ ...... كان يشغل وظيفة مراقب المتابعة القضائية والمسئولية الإدارية وكلف بأعمال السكرتارية الفنية للجنة توزيع الغرامات الجمركية بالقرار رقم 330 فى 10/ 4/ 1978 وقام بأعمال زميله السيد/ ..... المراقب بالشئون القانونية خلال فترة سفره للخارج من 20/ 2/ 1980 إلى 3/ 4/ 1980 بناء على تكليف المدير العام للجمارك كما ندب محكماً من مصلحة الجمارك فى كثير من المنازعات التى رفعت منها أو عليها وبتاريخ 19/ 5/ 1980 وأثناء تواجد مورث الطاعنين بمقر عمله ومباشرة أعماله شعر بارهاق وإعياء شديد وبعرضه على طبيب المصلحة أمر بنقله بسيارة إسعاف إلى مستشفى المواساة بصحبة أحد زملائه حيث فشلت الجهود التى بذلها الأطباء لانقاذ حياته وتوفى إلى رحمة الله وقد ثبت بشهادة وفاته أن سبب الوفاة (هبوط بالدورة الدموية والقلب سكتة قلبية - ذبحة صدرية".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن حالة مورث الطاعنين قد عرضت على لجنة الإجهاد بالهيئة المطعون ضدها حيث قررت تلك اللجنة بجلستها المنعقدة بتاريخ 22/ 7/ 1981 عدم اعتبار إصابة مورثهم إصابة عمل طبقاً للقرار الوزارى رقم 239 لسنة 1977 حيث لم يبذل جهداً يفوق المجهود العادى ولم يكلف بعمل معين فى وقت محدد علاوة على عمله الأصلى، كما تم عرض الحالة على اللجنة العليا للإجهاد التى قررت بكتابها المؤرخ 26/ 2/ 1983 عدم الموافقة على اعتبار حالة مورث الطاعنين إصابة عمل وقد أيدت اللجنة الطبية رأيها فى أسباب وفاة مورث الطاعنين وأن إصابته (هبوط بالدورة الدموية - سكتة قلبية - ذبحة صدرية) لا تندرج ضمن انسداد الشرايين وأن وفاة مورث الطاعنين هى وفاة طبيعية نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية وسكتة قلبية.
ومن حيث البين مما تقدم، أن مصلحة الجمارك وهى الجهة التى كان يعمل بها مورث الطاعنين وإن أوردت فى تقريرها المحرر بتاريخ 13/ 11/ 1980 مدى الجهود التى قام بها قبل وفاته إلا أن الإجهاد أو الإرهاق فى العمل لا يكفى وحدة لاعتبار الإصابة إصابة عمل، بل يجب توافر الشروط المنصوص عليها فى قرار وزير التأمينات ولم يثبت للجنة الإجهاد واللجنة العليا للإجهاد توافر الشروط المنصوص عليها فى البند (2) من المادة الأولى من القرار رقم 239 لسنة 1977 وقد استمدت اللجنتان ما انتهت إليه من نتيجة ومن واقع المستندات المودعة ملف الإصابة وكان استخلاصها للنتيجة استنتاجا سائغا من أصول ينتجها، هذا فضلاً عن أن القرار رقم 239 لسنة 1977 لم يعتبر كافة أمراض القلب من إصابات العمل بل قصر ذلك فقط على انسداد الشرايين التاجية للقلب متى ثبت ذلك بصفة قاطعة وقد اعتبرت اللجنة العليا للإجهاد أن ما أصاب مورث الطاعنين "هبوط بالدورة الدموية والقلب - سكتة قلبية - ذبحة صدرية" لا يندرج ضمن مرض انسداد الشرايين التاجية بالقلب وهو أمر تستقل بتقديره الجهة الطبية المختصة ولجنة التظلمات واللجنة العليا للاجهاد بما لا معقب عليها فيه إلا فى حالة إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها وهو أمر تخلو الأوراق منه.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه وإذ انتهى إلى رفض الدعوى تأسيساً على إصابة مورث المدعين لا تعتبر اصابة عمل، فإنه يكون قد صدر مطابقاً للقانون ويكون الطعن غير قائم على أساس متعين الرفض.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.