أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1130

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1973

المؤلفة من السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدى رئيساً وعضوية السادة المستشارين/ أديب قصبجى، ومحمد فاضل المرجوشى ومحمد مصطفى المنفلوطي، وممدوح عطية - أعضاء.

(195)
الطعن رقم 253 لسنة 37 القضائية

(1) عمل. "سلطة رب العمل فى تنظيم منشآته".
لرب العمل سلطة تنظيم منشأته. عدم جواز فرض العامل عليه قسراً فى وظيفة معينة.
(2) نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن". عمل.
قضاء الحكم برفض طلبى الطاعنين (العمال) العودة إلى عملهم الأصلى تأسيساً على عدم جواز هذا الطلب. النعى عليه بعدم استظهار ركن الضرورة التى دعت إلى تغيير العمل غير منتج.
1- من غير الجائز أن يفرض العامل قسراً على رب العمل فى وظيفة معينة على الرغم منه، لأن ذلك من شأنه أن يخل بما له من سلطة فى تنظيم منشأته باعتباره مسئولاً عن إدارتها وهو ما لا يتأتى إذا أجبر على تشغيل عامل فى وظيفة يرى أنه غير كفء لها.
2 - إذا كان وجه النعى يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام المادة 57 من القانون رقم 91 لسنة 1959 وعدم استظهاره شروطها وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعنين (العمال) العودة إلى عملهم الأصلى على ما قرره من عدم جواز هذا الطلب واجبار رب العمل على إعادة الطاعنين إلى عملهم الأصلى لأن ذلك يقتضى تدخلاً فى شئونه الأمر الذى يمتنع على العامل المطالبة به، وليس له المطالبة بالتعويض إذا توفر له ما يبرره. وكان هذا القول من الحكم كافياً لحمل قضائه، فإن النعى عليه بعدم استظهاره ركن الضرورة التى اقتضت تغيير عمل الطاعنين أو اختلاف العمل الجديد اختلافاً جوهرياً عن سابقة يكون غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 2391 سنة 1964 كلى الإسكندرية ضد الشركة المطعون ضدها وقالوا إيضاحاً لها أنهم يعملون بهذه الشركة من سنة 1948 إذ ألحقوا بوظائف عمال بالتركيبات ثم تدرجوا فى وظائفهم حتى درجة رئيس صيانة وظلوا يشغلون هذه الوظيفة حتى آخر ديسمبر سنة 1962 حيث فوجئوا بنقلهم إلى وظيفة ميكانيكى اول فاعترضوا على ذلك لأن وظيفة رئيس قسم الصيانة تخول صاحبها الدرجة السادسة بينما تضعه وظيفة الميكانيكى فى الدرجة التاسعة كما أن المادة 57 من القانون رقم 91 سنة 1959 لا تجيز لصاحب العمل أن يخرج على القيود المشروطة فى الاتفاق وأن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه وإذ نجمت عن وضعهم فى وظيفة ميكانيكى أضرار مادية وأدبية فضلاً عن خفض درجاتهم واختلاف العملين اختلافاً جوهرياً فقد انتهوا فى دعواهم إلى طلب الحكم بإعادتهم إلى وظائفهم كرؤساء صيانة مع إلزام الشركة المصروفات. وبتاريخ 31/ 3/ 1965 قضت محكمة أول درجة بإلزام الشركة المطعون ضدها بإعادة الطاعنين إلى عملهم الاصلى (رؤساء أقسام الصيانة) مع إلزامها المصروفات. استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافها برقم 304 سنة 21 ق إسكندرية. وبتاريخ 28 من فبراير سنة 1968 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليهم والزمتهم المصروفات الاستثنائية طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن. وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 20/ 10/ 1973 وفى هذه الجلسة التزمت النيابة رأيها الثابت فى مذكرتها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ثلاثة ترى المحكمة أن تبدأ بثانيها وحاصلة أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون إذ قضى برفض الدعوى تأسيساً على أنه لا يجوز للطاعنين طلب العودة إلى عملهم الأصلى الذى قصروا طلباتهم عليه فى حين أنهم استندوا فى طلبهم هذا إلى نص المادة 57 من قانون العمل وهو لا يجيز لصاحب العمل أن يخرج على القيود المشروطة فى الاتفاق أو أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك وهو نص آمر تتعلق أحكامه بالنظام العام، وإذ كان العمل الذى نقلوا إليه أقل ميزة من عملهم الأصلى ولم تثبت لهذا النقل ضرورة ولم ينسب إليهم أى تقصير أو إخلال بالتزاماتهم الناشئة عن عقد العمل مما يبرر نقلهم إلى عمل يقل مستوى عن العمل الذى كان مسنداً إليهم فقد كان يتعين الحكم بإعادتهم إلى عملهم الأصلى وإذ جاء الحكم على خلاف ذلك فإنه يكون قد خالف القانون. وحيث إن هذا النعى مردود فإن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر حق رب العمل فى تنظيم منشأته بما يكفل النهوض بها وحقه فى نقل عامل من عمله إلى عمل آخر لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً وفق ما تقتضيه مصلحة العمل قال "أنه من المسلم به أيضاً أن هذه السلطة التى خولها القانون لرب العمل يجب أن تكون مبرأة من التعسف وغير مشوبة بإساءة استعمال الحق فإذا انطوى تصرف رب العمل على سوء القصد أو التعسف حق للعامل أن يطالب بالتعويض طبقاً للقواعد العامة أو أن يتخلى عن العمل معتبراً ذلك استكراهاً له على الاستقاله يبرر له طلب التعويض أما طلب التنفيذ العينى بالعودة إلى العمل الأصلى فهو يقتضى تدخلاً شخصياً فى شئون رب العمل وضغطاً مباشراً على إرادته وهو الذى من حقه أن ينظم العمل فى منشأته وفقاً للطريقة التى يراها كفيلة بحسن سير العمل وهو الأمر الذى يمتنع على العامل المطالبة به ولا يبقى له من حق بعد ذلك إلا المطالبة بالتعويض إن كان له محل". واستطرد الحكم قائلاً: "وحيث إنه على هدى هذه المبادئ وبغض النظر عما إذ كانت المستأنفة محقة فى إسناد وظيفة ميكانيكى أول إلى كل من المستأنف عليهم أو غير محقة فى ذلك فإن قصر هؤلاء الأخيرين طلباتهم فى الدعوى المستأنفة على طلب عودتهم إلى عملهم الأصلى لا يكون له سند من القانون ويكون الحكم المستأنف إذ أجاب هذا الطلب على غير أساس حقيق بالإلغاء". ولما كان من غير الجائز أن يفرض العامل قسراً على رب العمل فى وظيفة معينة على الرغم منه لأن ذلك من شأنه أن يخل بما له من سلطة فى تنظيم منشأته باعتباره مسئولاً عن إدارتها وهو ما لا يتأتى إذا أجبر على تشغيل عامل فى وظيفة يرى أنه غير كفء لها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعنين العودة إلى عملهم الأصلى على هذا النظر فإن النعى عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثالث من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور فى التسبيب ذلك لأنه أقام قضاءه على جواز خفض درجة العامل بما لصاحب العمل من سلطة فى تنظيم منشأته وإجراء التغييرات التى يراها ضرورية لصالح العمل مخالفاً بذلك المادة 57 من القانون 91 لسنة 1959 والتى تنص على أنه "لا يجوز لصاحب العمل أن يخرج على القيود المشروطة فى الاتفاق أو أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك منعاً لوقوع حادث أو إصلاح ما نشأ عنه أو فى حالة القوة القاهرة على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة وله أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إذا كان لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً" ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعمل شروط النص من قيام ضرورة تدعو إلى تغيير العمل أو أن العمل الذى أسند إلى الطاعنين لا يختلف اختلافاً جوهرياً عن العمل السابق كما لم يستظهر فى قضائه توفر هذين الشرطين فإنه يكون قد خالف القانون ولحقه قصوراً فى التسبيب.
وحيث إن النعى بهذين السببين يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام المادة 57 من القانون رقم 91 لسنة 1959 وعدم استظهاره شروطها وكان يبين من الرد على السبب الثانى من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعنين العودة إلى عملهم على ما قرره من عدم جواز هذا الطلب وإجبار رب العمل على إعادة الطاعنين إلى عملهم الأصلى لأن ذلك يقتضى تدخلاً فى شؤونه الأمر الذى يمتنع على العامل المطالبة به وليس له إلا المطالبة بالتعويض إذا توفر له ما يبرره، وكان هذا القول من الحكم كافياً لحمل قضائه، فإن النعى عليه بعدم استظهاره ركن الضرورة التى اقتضت تغيير عمل الطاعنين أو اختلاف العمل الجديد اختلافا جوهريا عن سابقة يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.