أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1257

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد شبل عبد المقصود، وأحمد سميح طلعت، ومحمد فاضل المرجوشى، وحافظ الوكيل.

(198)
الطعن رقم 373 لسنة 36 القضائية

( أ ) نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن". عقد.
عدم مخالفة الحكم فيما حصله وأقام عليه قضاءه لعبارة العقد الظاهرة. المجادلة فى ذلك لا تقبل أمام محكمة النقض.
(ب) قانون "القانون الأجنبى". إثبات. "عبء الإثبات". نقض. "السبب الجديد". اختصاص.
الاستناد إلى قانون أجنبى. واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل عليها. عدم تقديم الطاعن ما يثبت تمسكه بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع. إثارته أمام محكمة النقض سبب جديد. غير مقبول.
(جـ) قانون. "الحصانة القضائية". اختصاص. نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن".
قضاء المحكمة بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى. استنادا فى ذلك إلى أن موضوع الدعوى يمس سيادة دولة أجنبية، لا إلى الشرط الوارد فى عقد العمل باختصاص القضاء السعودى. النعى على ما جاء بالعقد. غير منتج.
1 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد فى خصوص العقد موضوع الدعوى قوله "إن الثابت من مطالعة العقد الذى يستند إليه المستأنف أنه محرر بين كل من الحكومة العربية السعودية وبين المستأنف، أى أن المستأنف عليها دولة أجنبية" وإذ كان هذا الذى حصله الحكم واقام عليه قضاءه لا مخالفة فيه لعبارة العقد الظاهرة التى جرت على أن التعاقد قد تم بين الطاعن وبين "الحكومة العربية السعودية النائب عنها حضرة مدير عام الخطوط الجوية السعودية" فإن الجدل فى ذلك لا يكون مقبولاً أمام محكمة النقض.
2 - ما يثيره الطاعن (العامل) فى سبب النعى من أن المرسوم الملكى السعودى نص على اعتبار المطعون ضدها (الخطوط الجوية العربية السعودية) مؤسسة شبه عامة تمارس نشاطاً تجارياً بوصفها شخصاً اعتبارياً مستقلاً عن الحكومة السعودية، مما يجعل المحاكم المصرية مختصة بنظر النزاع طبقاً للفقرتين الأولى والثانية من المادة الثالثة من قانون المرافعات السابق، هو دفاع يخالطه واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع، لأن الاستناد إلى القانون أجنبى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - (1) لا يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل عليها. وإذ كان الطاعن لم يقدم ما يثبت أنه تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإنه يكون سبباً جديداً لا يقبل التحدى به لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعى على الحكم المطعون فيه بهذين السببين على غير أساس.
3 - لا جدوى فيما يدفع به الطاعن (العامل) الشرط الوارد بالعقد موضوع الدعوى، وما يثيره حول إبداء الدفع بعدم الاختصاص من جانب المطعون ضدها (الخطوط الجوية العربية السعودية) استناداً إلى هذا الشرط، لأن قضاء الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى لا يقوم على هذا الشرط وتمسك المطعون ضدهما بالدفع الذى يستند إليه، إنما يقوم على أن موضوع الدعوى يمس سيادة دولة أجنبية أخذاً بالدفع المبدى من المطعون ضدهما على هذا الأساس. لما كان ذلك فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير منتج (2).


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1973 سنة 1963 عمال كلى القاهرة ضد المطعون ضدها، وطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له 13350 ج وقال بيانا لها أنه كان يعمل لدى المطعون ضدها بمرتب بلغ مائة جنيه شهرياً إلى أن فصلته تعسفياً، وإذ يستحق قبلها ذلك المبلغ قيمة مكافأة نهاية الخدمة ومقابل الأجازة وبدل الإنذار ونفقات السفر والتعويض عن الفصل وأجره عن المدة الباقية من العقد وعن ساعات العمل الإضافية، فقد انتهى إلى طلب الحكم له به. وفى 8 يونيه سنة 1964 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافه برقم 1230 سنة 81 ق. وفى 4 مايو سنة 1966 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأى.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل السببين الأول والثانى منها أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وخالف الثابت فى الأوراق وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أقام قضاءه بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى على ما قاله من أن عقد العمل قد أبرم بينه وبين الحكومة السعودية وأن موضوع هذا العقد ليس عملاً تجارياً، فى حين أن الواضح من صيغة العقد أنه أبرم للعمل فى شركة الطيران العربيه السعودية، وهذه الشركة هى التى أعلنت عن حاجتها إلى مهندسين وعمال، وتم التعاقد بينه وبين ممثلها فى مصر مما يقطع بأن عمل الطاعن لا صلة له بالحكومة السعودية بصفتها صاحبة سيادة وسلطان وإن كانت هى المشرفة على تلك الشركة باعتبارها شركة سعودية، وقد نص المرسوم الملكى السعودى رقم 45 الصادر فى 19 فبراير سنة 1963 بإنشاء المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية على أن تكون لها الشخصية الاعتبارية مما يجوز معه مقاضاتها مستقلة عن الحكومة السعودية، كما نص على اعتبارها مؤسسة شبه عامة تمارس نشاطاً تجارياً وبالتالى فهى ليست مصلحة حكومية أو مؤسسة عامة من مؤسسات الدولة، ولذلك تختص المحاكم المصرية بنظر الدعوى التى ترفع عليها طبقاً للفقرة الأولى من المادة الثالثة من قانون المرافعات السابق باعتبار أنها تباشر نشاطها ولها فرع فى مصر، كما تختص بنظرها أيضاً طبقاً للفقرة الثانية من هذه المادة باعتبار أن الدعوى ناشئة عن عقد أبرم فى مصر، ويضيف الطاعن أن مناط اختصاص القضاء المصرى بنظر هذا النزاع أن تكون المطعون ضدها تمارس نشاطاً تجارياً باعتبارها شركة أجنبية أو حتى باعتبارها مؤسسة عامة بغض النظر عن طبيعة عقد العمل المبرم بينها وبين الطاعن وكون موضوعه عملاً تجارياً أو غير تجارى، وإذ كان نشاط الشركة المطعون ضدها اقتصاديا له طابع تجارى، فإن القضاء المصرى يكون مختصاً بنظر الدعوى.
وحيث إن هذا النعى مردود فى شقه الأول بأن الحكم المطعون فيه أورد فى خصوص العقد موضوع الدعوى قوله "إن الثابت من مطالعة العقد الذى يستند إليه المستأنف (الطاعن) أنه محرر بين كل من الحكومة العربية السعودية وبين المستأنف أن المستأنف عليها (المطعون ضدها) دولة أجنبية" وإذ كان هذا الذى حصله الحكم وأقام عليه قضاءه لا مخالفة فيه لعبارة العقد الظاهرة التى جرت على أن التعاقد قد تم بين الطاعن وبين "الحكومة العربية السعودية النائب عنها حضرة مدير عام الخطوط الجوية السعودية" فإن الجدل فى ذلك لا يكون مقبولاً أمام محكمة النقض، والنعى فى شقه الآخر مردود بأنه لما كان ما يثيره الطاعن فى سبب النعى من أن المرسوم الملكى السعودى نص على اعتبار المطعون ضدها مؤسسة عامة تمارس نشاطا تجاريا بوصفها شخصا اعتباريا مستقلا عن الحكومة السعودية مما يجعل المحاكم المصرية مختصة بنظر النزاع طبقاً للفقرتين الاولى والثانية من المادة الثالثة من قانون المرافعات السابق، هو دفاع يخالطه واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع لأن الاستناد إلى قانون أجنبى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل عليها، وكان الطاعن لم يقدم ما يثبت أنه تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإنه يكون سبباً جديداً لا يقبل التحدى به لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون النعى على الحكم المطعون فيه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الاستدلال ويقول الطاعن فى بيانه إن الحكم نفى عن العقد موضوع الدعوى أنه من عقود الإذعان وأخذ بالشرط الوارد به الذى ينص على اختصاص القضاء السعودى بنظر كل نزاع ينشأ عنه مستندا فى ذلك إلى أن عقود الإذعان يجب أن تتعلق بسلع أو بمرفق يعتبر ضرورياً بالنسبة للمستهلكين، وفات الحكم أن المطعون ضدها مؤسسة شبه عامة تمارس نشاطاً تجارياً وتدير مرفقاً عاماً يعمل على سد حاجة الجماهير مما يجعل العقد محل للنزاع عقد إذعان، وبالتالى كان يجب على المحكمة أن تتدخل لإبطال ذلك الشرط فضلاً عن أن إبداء الدفع بعدم الاختصاص من جانب المطعون ضدها استناداً إلى هذا الشرط مشوب بالتعسف فى استعمال الحق.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه لا جدوى فيما يدفع به الطاعن الشرط الوارد بالعقد موضوع الدعوى، وما يثيره حول إبداء الدفع بعدم الاختصاص من جانب المطعون ضدها استناداً إلى هذا الشرط، لأن قضاء الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى لا يقوم على هذا الشرط وتمسك المطعون ضدها بالدفع الذى يستند إليه، وإنما يقوم على أن موضوع الدعوى يمس سيادة دولة أجنبية أخذاً بالدفع المبدى من المطعون ضدها على هذا الأساس، لما كان ذلك فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 29/ 12/ 1971 مجموعة المكتب الفنى س 12 صـ 1136.
(2) ذات المبادئ مكررة فى الطعون أرقام 374، 375، 376 لسنة 36 ق بذات الجلسة.