أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1146

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1973

المؤلفة من السيد المستشار/ عباس حلمى عبد الجواد رئيساً وعضوية السادة المستشارين/ عدلى بغدادى وعثمان حسين عبد الله ومحمد توفيق المدنى ومحمد كمال عباس - أعضاء.

(199)
الطعن رقم 149 لسنة 38 القضائية

(1) مقاولة. "ضمان عيوب البناء" "تقادم مسقط".
ضمان المقاول لعيوب البناء مدته عشر سنوات تبدأ من وقت تسليم المبنى (م 651 مدنى. سقوط الدعوى بهذا الضمان بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ انكشاف العيب أو حصول الهدم. م 654 مدنى).
(2) إثبات. "عبء الإثبات". مقاولة. تقادم.
تمسك المقاول بالتقادم الثلاثى لدعوى ضمانه لعيوب البناء. تحمله عبء إثبات وقت انكشاف العيب ومضى المدة المذكورة بعدئذ.
(3) مقاولة.
ضمان المهندس المعمارى. أساس هذا الضمان.
1 - مفاد المادتين 651، 654 من القانون المدنى أن المشرع ألزم المقاول فى المادة 651 من القانون المدنى بضمان سلامة البناء من التهدم الكلى أو الجزئى أو العيوب التى يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته، وحدد لذلك الضمان مدة معينة هى عشر سنوات تبدأ من وقت تسليم المبنى، ويتحقق الضمان إذا حدث سببه خلال هذه المدة على أن القانون قد حدد فى المادة 654 مدة لتقادم دعوى الضمان المذكور وهى ثلاث سنوات تبدأ من وقت حصول التهدم أو ظهور العيب خلال مدة عشر سنوات من تسلم رب العمل البناء إلا أنه يلزم لسماع دعوى الضمان ألا تمضى ثلاث سنوات على انكشاف أو حصول التهدم، فإذا انقضت هذه المدة سقطت دعوى الضمان بالتقادم.
2 - من المقرر أن على صاحب الدفع إثبات دفعه، ومن ثم على من يتمسك بالتقادم الثلاثى لدعوى ضمان المقاول لعيوب البناء أن يثبت انكشاف العيب فى وقت معين ومضى المدة المذكورة بعدئذ.
3 - نظم المشرع عقد المقاول بالمادة 646 وما بعدها من القانون المدنى، وأورد بهذه المواد القواعد المتعلقة بالمهندس المعمارى باعتبار عمله فى وضع التصميم والمقايسة وفى مراقبة التنفيذ من نوع الأعمال المادية للمقاولات يندرج فى صورها، وجعل قواعد المسئولية عن تهدم البناء وسلامته تشمل المهندس المعمارى والمقاول على سواء ما لم يقتصر عمل المهندس على وضع التصميم فلا يكون مسؤولاً إلا عن العيوب التى أتت منه. ومن ثم فإن ضمان المهندس المعمارى أساسه عقد يبرم بينه وبين رب العمل يستوجب مسئوليته عن أخطاء التصميم أو عيوب التنفيذ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضدها أقامت ضد الطاعنين الدعوى رقم 959 لسنة 1960 مدنى كلى القاهرة، وقالت فى صحيفتها أنها تعاقدت معهما بتاريخ 7/ 9/ 1954 على أن يتوليا إقامة بناء من طابقين بأساسات تتحمل أربعة طوابق وبعد تنفيذ المقاولة رغبت فى إقامة طابقين علويين فتبين لها وجود خلل بالمبانى وشروخ جسيمة فبادرت إلى رفع دعوى إثبات الحالة رقم 10479 لسنة 1959 مستعجل جزئى القاهرة، وأثبت الخبير المنتدب وجود عيوب بالأساس والبناء من شأنها أن تؤدى إلى قصر عمر المبنى واستحالة إقامة طوابق فوقه، وإذا كان ذلك يرجع إلى إهمال الطاعنين فى إتباع الأصول الهندسية والموصفات المتفق عليها الثانى بوصفه المقاول الذى نفذ عملية البناء والأول بوصفه المهندس المعمارى الذى أشرف عليها، فقد أقامت عليهما هذه الدعوى بطلب الحكم بإلزامهما بدفع تعويض قدره ثلاثة آلاف جنيه. طلب الطاعن الأول إخراجه من الدعوى لأن المطعون ضدها لم تتعاقد معه وإنما تعاقدت مع الطاعن الثانى وحده، كما دفع الطاعن الثانى بسقوط الحق فى إقامة الدعوى لانقضاء ثلاث سنوات من وقت ظهور العيب المدعى به. وبتاريخ 12/ 7/ 1961 ندبت المحكمة مكتب الخبراء بوزارة العدل لمعاينة العقار واختبار أساساته لبيان ما إذا كانت مطابقة للمواصفات المتفق عليها وأصول الصناعة، وبعد أن قدم الخبير تقريره واعترض عليه الطاعنان قضت المحكمة فى 9/ 2/ 1964 برفض الدفع بسقوط الحق فى اقامة الدعوى وأعادت المأمورية إلى الخبير لسماع ملاحظات الطاعنين على تقريره والرد عليها ثم عادت المحكمة وندبت فى 27/ 12/ 1964 ثلاثة خبراء لبحث اعتراضات الطاعنين وآراء الخبراء الاستشاريين المقدمة منهما ولتقدير ما قد يكون مستحقاً للمطعون ضدها من تعويض، وبتاريخ 27/ 11/ 1966 انتهت إلى الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا إلى المطعون ضدها مبلغ ألف وثلثمائة وثلاثة وستين جنيهاً. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهما برقم 191 لسنة 84 قضائية وحكمت المحكمة فى 29/ 1/ 1968 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن الثانى بالسبب الثانى منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، ويقول فى بيان ذلك أن المطعون ضدها تسلمت المبنى فى سنة 1955 ولم تقم دعواها إلا فى سنة 1960 ولذلك فقد دفع بسقوط الحق فى رفع الدعوى بالتقادم لانقضاء أكثر من ثلاث سنوات على كشف العيوب التى تدعيها وذلك عملاً بحكم المادة 654 من القانون المدنى، غير أن المحكمة رفضت الدفع تأسيساً على أن الدعوى وقد رفعت خلال عشر سنوات من وقت تسلم المبنى فهى مقبولة وفقاً لحكم المادة 651 من القانون المدنى الخاصة بتحديد مدة ضمان المقاول والمهندس المعمارى وأغفلت المحكمة حكم المادة 654 الواجبة التطبيق والتى بمقتضاها تسقط دعوى الضمان المذكورة بمضى ثلاث سنوات من وقت انكشاف العيب فى البناء، وإذ طبقت المحكمة المادة 651 دون المادة 654 وانتهت من ذلك إلى رفض الدفع فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون وحجبت بذلك نفسها عن التحقق من وقت بدء ظهور العيب المدعى به ولا يكفى فى هذا الشأن استناد الحكم إلى ما قالته المطعون ضدها بغير بينة من أنها لم تتراخ فى رفع دعواها، مما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبب.
وحيث إن هذا النعى غير صحيح ذلك أن المادة 651 من القانون المدنى تقضى بأن يضمن المقاول والمهندس المعمارى ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئى فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت أخرى وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل وتنص المادة 654 من ذلك القانون على أن تسقط دعوى الضمان المذكورة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب ومفاد هاتين المادتين أن المشرع ألزم المقاول فى المادة 651 بضمان سلامة البناء من التهدم الكلى أو الجزئى أو العيوب التى يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته، وحدد لذلك الضمان مدة معينة هى عشر سنوات تبدأ من وقت تسلم المبنى ويتحقق الضمان إذا حدث سببه خلال هذه المدة، على أن القانون قد حدد فى المادة 654 مدة لتقادم دعوى الضمان المذكور وهى ثلاث سنوات تبدأ من وقت حصول التهدم أو ظهور العيب، وبذلك فإنه وإن كان يشترط لتحقق الضمان أن يحصل التهدم أو يظهر العيب خلال مدة عشر سنوات من تسلم رب العمل البناء إلا أنه يلزم لسماع دعوى الضمان ألا تمضى ثلاث سنوات على انكشاف العيب أو حصول التهدم فإذا انقضت هذه المدة سقطت دعوى الضمان بالتقادم، ولما كان من المقرر أن على صاحب الدفع إثبات دفعه ومن ثم فإن على من يتمسك بالتقادم أن يثبت انكشاف العيب فى وقت معين ومضى المدة المذكورة بعدئذ. وكان البين من حكم محكمة أول درجة الذى أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أنه قد رد اكتشاف العيب إلى تاريخ رفع المطعون ضدها دعواها لإثبات الحالة وأورد فى هذا الخصوص قوله أنها "قررت أنها لم تستظهر العيوب بالمبنى إلا بمهندسين استعانت بهم عندما اعتزمت إقامة طوابق علوية مما دعاها إلى رفع دعوى إثبات الحالة فى سنة 1959 بما يستشف منه مبادرتها لرفع دعوى الضمان عند اكتشاف العيب، وقد خلا الحكم المطعون فيه مما يفيد أن الطاعن أثبت أن العيب انكشف فى وقت مغاير لما استظهره الحكم السالف ذكره، كما لم ينع الطاعن بأنه قدم دليلاً على ذلك لم يأخذ به الحكم المطعون فيه وبذلك تكون المحكمة قد استخلصت فى حدود سلطتها الموضوعية من أوراق الدعوى تاريخ الواقعة التى يبدأ بها التقادم استخلاصا سائغا رتبت عليه أن دعوى الضمان قد رفعت فى الميعاد وأنه لا حق للطاعن الثانى فى التمسك بانقضائها بالتقادم لما كان ذلك فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون قد غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن الطاعن الأول ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب ومخالفة الثابت فى الأوراق، وفى ذلك يقول أن الحكم انتهى إلى أنه كان مكلفاً من المطعون ضدها بمراقبة تنفيذ المقاولة دون أن يذكر سند ذلك أو يبين أساس ثبوته، وفى حين لم تستطع المطعون ضدها إقامة الدليل على وجود عقد بينها وبين الطاعن الأول موضوعه مراقبة تنفيذ عملية البناء ولم تثبت أنه تولى هذه المهمة على أى نحو فإن المحكمة قد استدلت على قيام هذا العقد بإيصالات لا تفيد ذلك وإنما تدل على مجرد تسلم الطاعن الأول نيابة عن أخيه المقاول (الطاعن الثانى) مبالغ من حساب المقاولة تنفيذاً للعقد المبرم بين هذه الأخير وبين المطعون ضدها مما يجعل الحكم مشوباً بالقصور ومخالفة الثابت فى الأوراق.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أن المشرع وقد نظم عقد المقاولة بالمادة 646 وما بعدها من القانون المدنى قد أورد بهذه المواد القواعد المتعلقة بالمهندس المعمارى باعتبار عمله فى وضع التصميم والمقايسة وفى مراقبة التنفيذ من نوع الأعمال المادية للمقاولات يندرج فى صورها وجعل قواعد المسئولية عن تهدم البناء وسلامته تشمل المهندس المعمارى والمقاول على سواء ما لم يقتصر المهندس على وضع التصميم فلا يكون مسئولاً إلا عن العيوب التى أتت منه ومن ثم فإن ضمان المهندس المعمارى أساسه عقد يبرم بينه وبين رب العمل يستوجب مسئوليته عن أخطاء التصميم أو عيوب التنفيذ، ولما كان الحكم الابتدائى الذى أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه قد استند فى رفضه طلب الطاعن الأول إخراجه من الدعوى إلى قوله أن: "عقد المقاولة تم صحيحا بين المطعون ضدها والمقاول وأن الطاعن الأول هو المهندس المعمارى الذى قام بالرقابة على التنفيذ فمسئوليته ثابتة بنص القانون بعقد المقاولة الصحيح ولا يؤثر فى ذلك كونه وقع على بعض الأوراق أو لم يوقع" وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله أن المطعون ضدها كلفت الطاعن المذكور بالرقابة على تنفيذ عملية مقاولة المبانى المتفق عليها مع الطاعن الثانى واستدل على ذلك بإيصالات موقعة من الطاعن الأول تتضمن تسلمه منها مبالغ تحت حساب تنفيذ تلك العملية وكان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه قد استخلص قيام اتفاق بين المطعون ضدها وبين الطاعن الأول على أن يكون المهندس المعمارى المراقب لتنفيذ العمليه التى تعاقدت مع الطاعن الثانى عليها وذلك من عقد المقاولة ومن إيصالات تتضمن قبض الطاعن الأول منها مبالغ من حساب تلك العمليه وإذ كان العقد لم يرد به نص على ذلك وكانت الإيصالات لا تتضمن ما يفيد قيام اتفاق بين المطعون ضدها وبين الطاعن الأول على أن يكون مراقبا لتنفيذ العملية فإن هذا الاستخلاص من الحكم يكون غير سائغ لابتنائه على ما لا أصل له فى الأوراق وما ليس من شأنه أن يؤدى إليه لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بفساد الاستدلال ومخالفة الثابت فى الأوراق مما يستوجب نقضه فى هذا الخصوص.