أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1161

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1973

المؤلفة من السيد نائب رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل رئيساً والسادة المستشارين/ محمد أسعد محمود وجودة أحمد غيث وإبراهيم السعيد ذكرى وإسماعيل فرحات عثمان - أعضاء.

(201)
الطعن رقم 78 لسنة 36 القضائية

(1) عقد. "تفسير العقد". ضرائب. "ضريبة كسب العمل".
تفسير الاتفاقات. أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها يقوم على أسباب سائغة. مثال فى الالتزام بسداد ضريبة كسب العمل.
(2) ضرائب. "ضريبة كسب العمل".
الحكم بإلزام شركة بسداد ضريبة كسب العمل. عدم استناد الحكم فى قضائه إلى أن الشركة وافقت على خضوعها للضريبة. استخلاصه أنها وافقت على التزامها بتوريد هذه الضريبة لمصلحة الضرائب بوصفه من الالتزامات التى حلت فيها محل الشركة الأخرى - الملتزمة أصلاً بالضريبة - لا مخالفة للقانون.
1 - تفسير الاتفاقات والمحررات لتعرف حقيقة القصد منها، أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها فى ذلك يقوم على أسباب سائغة، ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارات الاتفاق تحتمل المعنى الذى حصلته. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل من عبارة المادة الثالثة من عقد تأسيس الشركة الطاعنة (الشركة الشرقية للبترول) أنها مسئولة عن تسديد ضريبة كسب العمل المستحقة على مرتبات الموظفين الأجانب التى دفعتها لهم الشركة الدولية للزيت المصرى استناداً إلى أن هذا الالتزام يدخل فى الالتزامات التى حلت فيها الشركة الطاعنة محل الشركة الدولية بموجب العقد المبرم بينها وبين الجمعية التعاونية للبترول، وكانت عبارة المادة الثالثة سالفة الذكر تؤدى إلى ما استخلصه الحكم منها، دون حاجة إلى الرجوع إلى العقد المبرم بين الشركة الدولية، والجمعية التعاونية للبترول، اعتباراً بأن الشركة الطاعنة قبلت أن تحل محل الشركة الدولية فى كافة الالتزامات التى تتحمل بها بموجب العقد سالف الذكر، لما كان ذلك فإن النعى على الحكم بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب يكون فى غير محله.
2 - إذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند فى قضائه - بإلزام الشركة الطاعتة بسداد ضريبة كسب العمل - إلى أن الشركة وافقت على خضوعها لضريبة كسب العمل المستحقة على مرتبات موظفى الشركة الدولية للزيت المصرى، وإنما استخلص الحكم من الكتابين اللذين أرسلتهما الطاعنة إلى مصلحة الضرائب أنها وافقت على التزامها بتوريد هذه الضريبة إلى المصلحة بوصفه من الالتزامات التى قبلت أن تحل فيها محل الشركة الدولية - بمقتضى عقد تأسيس الشركة الطاعنة - وهو أمر لا مخالفة فيه للقانون، ومن ثم يكون النعى على الحكم على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الشركة الشرقية للبترول - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 1000 سنة 1960 تجارى القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب - المطعون عليها - تطلب الحكم بعدم التزامها بسداد ضريبة كسب العمل فى المدة من سنة 1953 إلى سنة 1957 عن مرتبات الموظفين غير التابعين لها وبإلزام المصلحة بأن ترد إليها مبلغ 602 مليم و41559 جنيها، وقالت بيانا للدعوى أن المصلحة طالبتها بسداد المبلغ المذكور قيمة ضريبة كسب العمل المستحقة فى السنوات من 1953 إلى 1957 على مرتبات الموظفين الأجانب بشركة جنوب كاليفورنيا للبترول ممن عملوا فى البحث عن البترول فى مصر والتى دفعتها لهم الشركة الدولية للزيت المصرى نفاذاً لاتفاق مبرم بين الشركتين، وإذ كانت الشركة الطاعنة غير مسئولة عن هذه الضريبة لأنها مستحقة عن مدد سابقة على تكوينها فضلاً عن أن الموظفين لم يكونوا تابعين لها حتى تلتزم بحجز الضريبة منهم، واضطرت لتسديد المبلغ المطالب به درءاً لإجراءات الحجز، فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها. وبتاريخ 22/ 2/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الشركة هذا الحكم بالاستئناف رقم 276 سنة 81 ق تجارى القاهرة، وبتاريخ 9/ 12/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الثانى منها على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول أن الحكم قضى برفض دعواها على سند من القول بأن المادة الثالثة من عقد تأسيس الشركة صريحة فى أن الشركة الطاعنة تتحمل بكافة التزامات الشركة الدولية للزيت المصرى ومن بينها الالتزام بتوريد ضريبة كسب العمل المستحقة على موظفى الشركة الاخيرة إلى مصلحة الضرائب، فى حين أن نص المادة سالفة الذكر واضح فى أن حلول الشركة الطاعنة محل الشركة الدولية محدد بالحقوق والالتزامات التى لها أو عليها بموجب العقد المؤرخ 9/ 2/ 1953 وملحقه الذى ينظم العلاقة بين الجمعية التعاونية للبترول وبين الشركة الدولية القائمة بالبحث عن البترول، وإذ لم يكن هذا العقد تحت نظر محكمة الموضوع فتكون قد أقامت قضاءها على واقعة استخلصتها من مصدر لا وجود له، هذا إلى أن الأسباب التى بنى عليها الحكم لا تؤدى إلى النتيجة التى وصل إليها وهو ما يعيبه بفساد الاستدلال والقصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه أنه بعد أن أشار إلى نص المادة الثالثة من عقد تأسيس الشركة الطاعنة أورد ما يلى "أن نص المادة الثالثة سالفة البيان يبين منه تحمل الشركة المدعية - الطاعنة - بكافة التزامات الشركة الدولية للزيت المصرى ومن بين هذه الالتزامات الالتزام الأخير باقتطاع ضريبة كسب العمل المستحقة على موظفى الشركة الأخيرة وتوريدها لمصلحة الضرائب والتزامها التزام عام سواء كان بعد إنشاء الشركة المدعية فى عام 1957 أو قبل إنشائها كما ذهب إلى ذلك الحاضر عن الشركة المدعية فالشركة المدعية تتحمل بكافة الالتزامات المترتبة على الشركة الدولية للزيت المصرى بموجب العقد المبرم بينها وبين الجمعية التعاونية فى 9/ 2/ 1953 (المادة الثالثة من عقد التأسيس سالف البيان) ومن ثم فيكون وفاء الشركة المدعية بهذه المبالغ لمصلحة الضرائب وفاءً صحيحاً وتم وفقاً للقانون" وكانت المادة الثالثة من عقد تأسيس الشركة الطاعنة تنص على ما يلى "غرض هذه الشركة هو التنقيب والبحث عن المواد البترولية واستخراجها وإنتاجها وجميع أعمال التجاره والصناعة والنقل المتعلقة بها بما فى ذلك جميع المواد المنتجة وذلك سواء كان لحسابها أم لحساب الغير وبصفة خاصة تحل هذه الشركة محل الشركة الدولية للزيت المصرى فى كافة الحقوق والالتزامات المترتبة لهذه الأخيرة بموجب العقد المبرم بينها وبين الجمعية التعاونية للبترول بتاريخ 9 من فبراير سنة 1953 المكمل بعقد تاريخه 9 من مايو سنة 1953 فى شأن البحث عن البترول فى المناطق التى صدر بها الستة عشر ترخيصاً بالبحث......"، ولما كان تفسير الاتفاقات والمحررات لتعرف حقيقة القصد منها أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها فى ذلك يقوم على أسباب سائغة ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارات الاتفاق تحتمل المعنى الذى حصلته، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من عبارة المادة الثالثة من عقد تأسيس الشركة الطاعنة أنها مسئولة عن تسديد ضريبة كسب العمل المستحقة على مرتبات الموظفين الأجانب التى دفعتها لهم الشركة الدولية للزيت المصرى استناداً إلى أن هذا الالتزام يدخل فى الالتزامات التى حلت فيها الشركة الطاعنة محل الشركة الدولية بموجب العقد المبرم بينها وبين الجمعية التعاونية للبترول، وكانت عبارة المادة الثالثة سالفة الذكر تؤدى إلى ما استخلصه الحكم منها دون حاجة إلى الرجوع إلى العقد المبرم بين الشركة الدولية والجمعية التعاونية للبترول اعتباراً بأن الشركة الطاعنة قبلت أن تحل محل الشركة الدولية فى كافة الالتزامات التى تتحمل بها بموجب العقد سالف الذكر، لما كان ذلك فإن النعى على الحكم بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب يكون فى غير محله.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أنه استند فى قضائه إلى أن الطاعنة وافقت من حيث المبدأ على استحقاق الضريبة عليها وأنها أقرت بأن الموظفين الذين فرضت الضريبة على مرتباتهم فى الفترة من سنة 1953 الى سنة 1957 تابعون لها، واستدل الحكم على ذلك بالخطابين المؤرخين 15/ 5/ 1959، 16/ 5/ 1960 اللذين أرسلتهما الطاعنة إلى المصلحة، فى حين أن الالتزام بالضريبة مصدره القانون ولا ينشأ عن عقد أو رضاء صاحب الشأن وكل ما يجيزه القانون هو الاتفاق على وعاء الضريبة دون مبدأ الخضوع نفسه لأنه يمس النظام العام ولا يصح أن يكون محلاً لاتفاق بين المصلحة والممول، ومن الثابت أن الضريبة المطلوبة تتعلق بسنوات سابقة على إنشاء الشركة فى سبتمبر سنة 1957 مما ينفى أن الموظفين تابعون لها فلا يجوز إلزامها بالضريبة ويكون التحدى برضائها بهذا الالتزام مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند فى قضائه إلى أن الشركة الطاعنة وافقت على خضوعها لضريبة كسب العمل المستحقة على مرتبات موظفى الشركة الدولية للزيت المصرى وإنما استخلص الحكم من الكتابين المؤرخين 15/ 5/ 1959 و16/ 5/ 1960 اللذين أرسلتهما الطاعنة إلى مصلحة الضرائب أنها وافقت على التزامها بتوريد هذه الضريبة إلى المصلحة بوصفه من الالتزامات التى قبلت أن تحل فيها محل الشركة الدولية وذلك على ما سلف بيانه فى الرد على السبب الثانى وهو أمر لا مخالفة فيه للقانون، ومن ثم يكون النعى على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه التناقض فى الاسباب، ذلك أن الحكم الابتدائى الذى أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه استند فى قضائه إلى أن الشركة الطاعنة أقرت بأن الموظفين الذين فرضت على مرتباتهم تابعون لها ثم استند الحكم فى الوقت نفسه إلى أن التزام الشركة الطاعنة بسداد الضريبة ناشئ من حلولها محل الشركة الدولية للزيت المصرى فى التزاماتها مما مفاده أن هؤلاء الموظفين كانوا تابعين للشركة الأخيرة قبل تأسيس الشركة الطاعنة، وهو تناقض يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بمسئولية الشركة الطاعنة عن دفع الضريبة على ما استخلصه من عبارات المادة الثالثة من عقد تأسيس الشركة الطاعنة وذلك على ما سلف بيانه فى الرد على السبب الثانى ولم يجعل من إقرار الشركة المذكورة بتبعية الموظفين لها أساسا لهذه المسؤولية، ومن ثم فلا تناقض يعيب الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.