أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1278

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد شبل عبد المقصود، وأحمد سميح طلعت، وأديب قصبجى، وحافظ الوكيل.

(201)
الطعن رقم 224 لسنة 36 القضائية

نقض. "إعلان الطعن". إعلان. شركات.
إعلان الشركات التجارية. جواز تسليم صورته لمن ينوب عن أحد الأشخاص الوارد ذكرهم فى المادة 14/ 4 مرافعات سابق.
إنه وإن كان المشرع قد نص فى الفقرة الرابعة من المادة 14 من قانون المرافعات السابق على أنه فيما يتعلق بالشركات التجارية تسلم صورة الإعلان فى مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو المدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو فى موطنه إلا أنه أردف ذلك بما نص عليه فى الفقرة الأخيرة من أنه "إذا امتنع من أعلنت له الورقة عن تسلم صورتها هو أو من ينوب عنه أو امتنع عن التوقيع على أصلها بالاستلام أثبت المحضر ذلك فى الأصل والصورة وسلم الصورة للنيابة. فدل بذلك على جواز تسليم صورة الإعلان فى الحالات المبينة بهذه المادة إلى من ينوب عن أحد الأشخاص الوارد ذكرهم فيها، ولما كان الثابت من ورقة إعلان تقرير الطعن أنه وجه إلى رئيس مجلس ادارة الشركة الشرقية للدخان والسجاير - المطعون ضدها الأولى - وسلمت صورة الإعلان فى مركز الشركة إلى الأستاذ "......." الموظف المختص الذى لم ينكر أحد نيابته عن رئيس مجلس إداره الشركة فى استلام صورة الأوراق المعلنة إلى الشركة المطعون ضدها، فإن إعلان تقرير الطعن إذ تم على هذا النحو يكون قد وقع صحيحاً ويكون الدفع ببطلان إعلان تقرير الطعن فى غير محله.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 456 سنة 1964 مدنى كلى دمنهور ضد المطعون ضدهم يطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما الأولين فى مواجهة المطعون ضده الثالث بأن يدفعا له مبلغ 3858 ج و560 م مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أنه كان يعمل لدى المطعون ضدها الأولى موزعا للدخان والسجائر التى تنتجها وذلك فى منطقة دمنهور بأجر شهرى قدره 4.5 ج مع عمولة قدرها 1% من قيمة التوزيع الشهرى، وأن المطعون ضده الثانى كان وكيلاً للمطعون ضدها الأولى فى هذه المنطقة وأن أجره اقتصر فى الفترة الأخيرة من عمله على العمولة التى حددت بمقدار ثمانية مليمات عن كل جنيه وبلغ مرتبه على هذا الأساس فى شهر سبتمبر سنة 1963 مبلغ 77 ج، وإذ فوجئ بفصله فى 5/ 10/ 1963 وكان يستحق المبلغ المطلوب قيمة مكافأة نهاية الخدمة ومقابل الإنذار وبدل الإجازة وما يخصه فى نسبة الأرباح والتعويض عن فصله بغير مبرر، فقد انتهى إلى طلب الحكم له به ودار النزاع حول علاقة الطاعن بالمطعون ضدهما الاولين وانطباق قانون العمل عليها وبتاريخ 26/ 5/ 1965 حكمت المحكمة (أولاً) بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الأولى لسقوطها (ثانياً) برفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثانى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 242 سنة 21 قضائية. وبتاريخ 23/ 2/ 1966 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
وحيث إن المطعون ضدها الأولى دفعت ببطلان إعلان تقرير الطعن مستندة فى ذلك إلى ما نصت عليه المادة 14 من قانون المرافعات السابق من أن صورة الإعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية تسلم فى مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو للمدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو فى موطنه، وإلى أن إعلان التقرير لم يسلم إلى رئيس مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها وإنما سلم إلى أحد موظفى الشركة.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن المشرع وإن كان قد نص فى الفقرة 4 من المادة 14 من قانون المرافعات، السابق على أنه فيما يتعلق بالشركات التجارية تسلم صورة الإعلان فى مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو المدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو فى موطنه، إلا أنه أردف ذلك بما نص عليه فى الفقرة الأخيرة من أنه "إذا امتنع من أعلنت له الورقة عن تسلم صورتها هو أو من ينوب عنه أو امتنع عن التوقيع على أصلها بالاستلام أثبت المحضر ذلك فى الأصل والصورة وسلم الصورة للنيابة فدل بذلك على جواز تسليم الإعلان فى الحالات المبينة بهذه المادة إلى من ينوب عن أحد الأشخاص الوارد ذكرهم فيها، ولما كان الثابت من ورقة إعلان تقرير الطعن أنه وجه إلى "رئيس مجلس إدارة الشركة الشرقية للدخان والسجاير" المطعون ضدها الأولى - وسلمت صورة الإعلان فى مركز الشركة إلى "الأستاذ محمود الديب" الموظف المختص الذى لم ينكر أحد نيابته عن رئيس مجلس إدارة الشركة فى استلام صورة الأوراق المعلنة إلى الشركة المطعون ضدها، فإن إعلان تقرير الطعن إذ تم على هذا النحو يكون قد وقع صحيحاً، ويكون الدفع ببطلان إعلان تقرير الطعن فى غير محله.
وحيث إن الطاعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن فى السببين الثالث والخامس أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الأولى مستنداً فى ذلك إلى أن الطاعن قرر بجلسة 19/ 5/ 1965 أن علاقته بالمطعون ضدها الأولى توقفت منذ سنة 1953 لتبدأ مع المطعون ضده الثانى اعتباراً من هذا التاريخ، وإلى أن المطعون ضده الثانى ليس وكيلاً عن المطعون ضدها الأولى إنما هو مدير لشركة لها شخصيتها المسنقلة الغرض من تكوينها الاتجار فى منتجات المطعون ضدها الأولى فتكون دعوى الطاعن التى رفعها ضد المطعون ضدها الأولى سنة 1963 قد سقطت بالتقادم بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد، كما أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثانى لأنه لا تربطه بالطاعن علاقة عمل، مستنداً فى ذلك إلى أن الطاعن قرر بالجلسة المشار إليها أنه كان يستلم البضاعة من المطعون ضده الثانى ويبيعها فى أماكن متفرقة من الأرياف دون أن يحدد له المطعون ضده دائرة العمل التى يوزع فيها هذه البضاعة وأنه لم يكن يخضع لسلطان المطعون ضده الثانى ولا لمراقبته أو توقيع الجزاءات عليه، وإلى أن الطاعن لم يقتصر على بيع منتجات المطعون ضدها الأولى ولم يطعن على المستندات التى قدمها المطعون ضده الثانى للاستدلال بها فى هذا الخصوص، وهو من الحكم المطعون فيه خطأ فى تطبيق القانون ومخالفة للثابت فى الأوراق، لأن الطاعن قرر بجلسة 19/ 5/ 1965 أنه كان يتعامل مع المطعون ضده الثانى بصفته وكيلاً عن المطعون ضدها الأولى أى أن علاقته معها استمرت بعد سنة 1953 ولم تنقطع، كما قرر أن منطقة عمله ودائرة نشاطه كانت محددة من المطعون ضدهما الأولين وأن مدير الشركة المطعون ضدها الأولى كان يمر سنة 1948 فى هذه المنطقة ولم يجده فوقع عليه جزاء الخصم من مرتبه، كما أن الطاعن تمسك فى الصفحة الرابعة من مذكرته بأن المستندات المقدمة من المطعون ضده الثانى للاستدلال بها على أن الطاعن لا يقتصر على بيع منتجات الشركة المطعون ضدها الأولى مكتوبة جميعها بخط واحد الأمر الذى يقطع بأنها لم تصدر ممن نسبت إليهم وبأن من بين الأشخاص المنسوب إليهم التوقيع على هذه المستندات من أعطى الطاعن شهادات تنفى تلك التى يتمسك بها المطعون ضدهما فى هذا الخصوص، واستناد الحكم المطعون فيه فى قضائه بأن المطعون ضده الثانى ليس وكيلاً عن المطعون ضدها الأولى وبأنه مدير لشركة لها شخصيتها المستقلة إلى السجل التجارى وعقد الشركة الخاصين بالمطعون ضده الثانى وإلى الخطاب الصادر من المطعون ضدها الأولى خطأ فى تطبيق القانون لأن هذه الأوراق من صنع المطعون ضدهما ولم يكن الطاعن طرفاً فيها فلا حجية لها عليه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الصورة الرسمية لمحضر جلسة 19/ 5/ 1965 المودعة بملف الطعن يبين أن الطاعن قرر أنه بدأ عمله مع الشركة المطعون ضدها الأولى منذ سنة 1940 ولم يكن له مكتب فيها لأنه كان يوزع البضاعة فى الأرياف، وأنه لم يكن يتقدم بطلبات أجازة للشركة المطعون ضدها اكتفاء بتأشير مديرها فى الدفتر الخاص بذلك، ثم حدد طبيعة عمله ودائرته بأنه "عامل توزيع على الدكاكين بالأرياف" وقرر أنه كان يوزع البضاعة فى بادئ الأمر بمقتضى فواتير باسم المطعون ضدها الأولى وبعد ذلك وابتداء من سنة 1953 باسم وكيل الشركة المطعون ضده الثانى، وأن مدير الشركة المطعون ضدها الأولى كان يمر فى الأرياف سنة 1948 فلم يجده فوقع عليه جزاء بخصم يومين فى أخر الشهر، أما المطعون ضده الثانى فلم يوقع عليه جزاءات، وتبين من الصورة الرسمية للمذكرة المقدمة إلى المحكمة الابتدائية بجلسة 21 / 4/ 1965 أن الطاعن تمسك فى الصفحة الرابعة منها بأن المستندات التى تقدم بها المطعون ضده الثانى والتى تحمل معنى الشهادة من بعض التجار بأنه تاجر يعمل لحسابه كتبت جميعها بخط واحد لتشهر فى وجهه وأنه ينقضها ما قدمه الطاعن من مستندات تفيد أنه عامل لدى المطعون ضده الثانى وهو وكيل المطعون ضدها الأولى وبعض هذه المستندات موقع عليه ممن وقع على مستندات المطعون ضده الثانى، ولما كان الحكم الابتدائى قد أقام قضاءه على أنه "يبين ما قرره المدعى - الطاعن - بلسانه أمام هذه المحكمة بجلسة 19/ 5/ 1965 أن علاقته بالشركة المدعى عليها الأولى قد توقفت فى سنة 1953 ثم بدأت مع المدعى عليه الثانى منذ ذلك التاريخ وأنه أقام دعواه الحالية فى سنة 1963 فمن ثم بادئ ذى بدء تكون دعواه الحالية قبل الشركة المدعى عليها الأولى غير مقبولة لسقوطها طبقاً لحكم المادة 698 مدني" وأنه "بالنسبة لعلاقة المدعى بالمدعى عليه الثانى فالثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها ومن مؤدى أقوال المدعى نفسه أن هذه العلاقة لم تكن علاقة عمل وإنما علاقة وكالة بالعمولة" لأن "القول بقيام عقد عمل هو قيام رابطة التبعية بين العامل ورب العمل وأن يعمل الأول تحت سلطان الثانى وإدارته وإشرافه" وأن "المدعى قرر بلسانه وعند مناقشته أنه كان يقوم باستلام الدخان من المدعى عليه الثانى ويقوم ببيعه فى الأرياف فى أماكن متفرقة دون تحديد من المدعى عليه لدائرة توزيع هذه البضائع... ودون مراقبة مدى هذا النشاط ودون توقيع أى جزاء أو عقاب... ومن ثم لا يمكن القول بأن الرابطة التى كانت تربط الطرفين كانت عقد عمل، ورتب الحكم على ذلك أن "دعوى المدعى فى شقها هذا قائم هو الآخر على غير أساس من القانون يتعين رفضها" ولما كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف وأخذ بأسبابه وأحال إليها، وقال إنه يضيف فى مجال الرد على ما أبداه المستأنف من كون المستأنف عليه الثانى وكيلاً عن الشركة المستأنف عليها الأولى بأن الثابت من المستندات المقدمة من المستأنف عليه الثانى أنه ليس وكيلاً عن الشركة المستأنف عليها الأولى، وإنما هو مدير لشركة توصية اسمها التجارى شركة فؤاد زيدان ولها شخصيتها المستقلة والغرض من تكوينها الاتجار فى منتجات الشركة الشرقية فى الدخان والسجاير، يؤكد هذا السجل التجارى المودع، وخطاب الشركة المرسل منها لمجلس بلدى دمنهور ينفى عن المستأنف عليه الثانى كونه ممثلاً للشركة بل هو يشترى منها وأن "الثابت من المستندات المقدمة بحافظة المستأنف عليه الثانى والتى لم يطعن عليها المستأنف بأى مطعن أن مبيعات المستأنف لم تكن قاصرة على بيع منتجات الشركة المستأنف عليها الأولى كما يتعامل مع كثير من التجار الأمر الذى يدل فى وضوح على أن المستأنف يعمل لحسابه الخاص" - لما كان ذلك وكانت أقوال الطاعن فى جلسة 19/ 5/ 1965 خالية مما يستفاد منه أن علاقته بالشركة المطعون ضدها الأولى توقفت سنة 1953، بل أن ما ورد بها لا يخرج عن أن تعامله مع المطعون ضده الثانى ابتداء من هذا التاريخ كان بصفته وكيلا عن هذه الشركة، فضلاً عن أنه لم يصرح بأن معاملاته مع المطعون ضده المذكور كانت بصفته الشخصية كما تضمنت هذه الأقوال أن منطقة عمله كانت محددة، وأن مدير الشركة لم يجده فيها فوقع عليه جزاء الخصم من المرتب - وكانت المستندات التى عول عليها الحكم المطعون فيه فى نفى علاقة الوكالة بين المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الثانى ليس من شأنها أن تؤدى بذاتها إلى ذلك، إذ لا مانع يمنع من أن يكون المطعون ضده الثانى مديرا لشركة توصية مقيدة بالسجل التجارى، وأن يكون فى الوقت ذاته وكيلاً عن الشركة المطعون ضدها الأولى، كما أن الخطاب المرسل من هذه الشركة إلى بلدية دمنهور ينفى هذه الوكالة إنما هو من صنعها وليس من شأنه أن يكون حجة فى هذا الخصوص، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه - والحكم الابتدائى معه - يكون قد حصل الدليل المستمد من أقوال الطاعن بمحضر الاستجواب بما يغاير مؤدى أقواله الثابتة بالمحضر، ويكون ما استند إليه من أن الطاعن لم يطعن على المستندات المقدمة من المطعون ضده الثانى فى مقام التدليل على انتفاء عنصر التبعية وعلى أن الطاعن تاجر يعمل لحسابه الخاص، مخالفاً للثابت فى مذكرة الطاعن التى رد فيها على هذه المستندات، وأيد رده بأن تقدم بإقرارات من الموقعين على تلك المستندات تفيد عكس الثابت فيها، وإذ أقيم الحكم المطعون فيه على هذا الخطأ فى تحصيل الدليل وعلى المستندات التى لا تؤدى إلى نفى علاقة الوكالة بين المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الثانى، وقضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الاولى وبرفضها بالنسبة للمطعون ضده الثانى، فإنه يكون قد خالف الثابت فى الأوراق وشابه فساد فى الاستدلال، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقى الأسباب.