أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1324

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكرى، والدكتور محمد زكى عبد البر.

(207)
الطعن رقم 408 لسنة 35 القضائية

( أ ) أحوال شخصية. "دعوى الأحوال الشخصية". دعوى. "التدخل فى الدعوى". نيابة عامة.
وجوب تدخل النيابة العامة فى قضايا الأحوال الشخصية التى تختص بها المحاكم الابتدائية. وجوبه أيضا فى الدعاوى المدنية إذا ما أثيرت فيها مسألة تتعلق بالأحوال الشخصية.
(ب) أحوال شخصية. دعوى. نيابة عامة. تزوير. إرث.
دعوى تزوير أصلية برد وبطلان إعلام الوراثة. النزاع حول تعيين الورثة. مسأله تتعلق بالاحوال الشخصية. وجوب تدخل النيابة العامة فى الدعوى. إغفال ذلك. أثره. بطلان الحكم.
1- مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955، أنه كلما كانت القضية تتعلق بالأحوال الشخصية مما تختص المحاكم الابتدائية بنظرها طبقاً للقانون رقم 462 لسنة 1955، فإن تدخل النيابة العامة يكون واجباً عند نظر النزاع وإلا كان الحكم الصادر فيه باطلاً. يستوى فى ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الأحوال الشخصية التى تختص بها المحاكم الابتدائية، أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية، وأثيرت فيها مسألة تتعلق بالأحوال الشخصية.
2 - متى كان الثابت أن المطعون عليه أقام دعواه أمام المحكمة الابتدائية بطلب الحكم برد وبطلان الاعلام الشرعى واعتباره كأن لم يكن، تأسيساً على أن هذا الإعلام قد ضبط بناء على بيانات مزورة، إذ أثبت فيه على خلاف الحقيقة أن المرحوم أحمد كتخدا الشهير بالقيونجى، هو الشهير بالرزاز، وأنه أنجب ولداً يدعى عثمان انحدرت سلالته إلى الطاعن وأخوته، فى حين أن المرحوم أحمد كتخدا الشهير بالقيونجى هو غير أحمد كتخدا الشهير بالرزاز وأنه لم ينجب ولداً باسم عثمان، وأنه بهذا الوضع لا يكون الطاعن وإخوته من ورثة أحمد كتخدا الشهير بالقيونجى، ولا يستحقون فى وقفه، وكان النزاع بين الطاعن وإخوته وبين المطعون عليه يدور حول ما إذا كان الطاعن وإخوته من ورثة أحمد كتخدا الشهير بالقيونجى، وكانت هذه المسأله تتعلق بالأحوال الشخصية مما كان الاختصاص بنظرها أصلاً للمحاكم الشرعية الابتدائية طبقاً للمادتين السادسة والثامنة من لائحة ترتيب تلك المحاكم، وقد خصت بنظرها بعد إلغاء المحاكم الشرعية، دوائر الأحوال الشخصية فى نطاق التنظيم الداخلى لكل محكمة، طبقاً للمادتين الرابعة والثامنة من القانون 462 لسنة 1955. لما كان ما تقدم، فإنه كان يتعين أن تتدخل النيابة العامة فى الدعوى لإبداء رأيها فيها، حتى ولو كانت منظورة أمام الدائرة المدنية.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 2874 لسنة 1962 مدنى القاهرة الابتدائية ضد الطاعن وآخرين طالباً الحكم برد وبطلان إعلام الوارثة رقم 685 لسنة 1955 وراثات محكمة عابدين الشرعية الصادر بتاريخ 20/ 12/ 1955 بناء على طلب الطاعن باتصال وراثة المدعى عليهم للمرحوم أحمد كتخدا طائفة غربان الشهير بالقيونجى واعتباره كأن لم يكن، وقال شارحاً لدعواه أنه بموجب قرار النظر رقم 144 لسنة 1949 الصادر فى 4/ 12/ 1949 من محكمة القاهرة الابتدائية عين ناظرا على وقف المرحوم الأمير أحمد كتخدا طائفة غربان الشهير بالقيونجى خلفاً لشقيقه المرحوم على حسن عثمان القيونجى وبصدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 والمرسوم بقانون رقم 342 لسنة 1952 أصبح بحكم القانون حارساً على الوقف المذكور، ويرجع هذا الوقف إلى حجة مكتوب الوقف والتصديق والضم والالحاق الصادرة من القسمة العسكرية بمصر فى 15 شعبان سنة 1121 هجرية التى أنشأ بها المرحوم أحمد كتخدا طائفة غربان الشهير بالقيونجى هو وزوجته صايمة خاتون بنت عبد الله البيضاء تلك. الأوقاف بعد أن ألحقا بها الأوقاف السابقة عليها، وشرطاً فى الوقف أن يكون الاستحقاق كل على نفسه حال حياته، ومن بعده يكون ذلك جميعه على الآخر منهما، ثم من بعدهما يكون وقفاً مصروفاً ريعه على ذرية أحمد كتخدا مع مشاركة عتقائه وعتقاء زوجته الواردة أسماؤهم فى حجة الوقف ومن نزل، وتوفى الواقف فى نفس السنة وصادق على الحجة زوجته صايمة خاتون وابنه الوحيد مصطفى جلبى، ثم توالى الاستحقاق حتى انحصر فى المطعون عليه وأشقائه على وزينب وعديله انحداراً من جدهم الأعلى عمر معتوق الواقف، غير أنه فوجئ بالطاعن يتعرض للوقف مدعياً أنه وإخوته هم المستحقون فيه، وعلم أنه استصدر بتاريخ 20/ 12/ 1955 إعلام الوراثة رقم 685 لسنة 1955 وراثات عابدين الشرعية بوفاة أحمد كتخدا جوريجى طائفة غربان (الرزاز) الشهير بالقيونجى سنة 1121 هجرية وانحصار إرثه فى زوجته صايمة خاتون بنت عبد الله البيضاء وولديه مصطفى وعثمان، ثم وفاة صايمة وأعقبها وفاة مصطفى عقيماً، ثم انحدر النسب من عثمان إلى الطاعن وإخوته، وإذ كانت بيانات هذا الإعلام مزورة، لأنه أنشأ شخصية وهمية باسم عثمان نسبها زوراً للواقف الذى لم ينجب سوى ولده مصطفى جلبى، ولأن هذا الوقف يغاير وقف الأمير أحمد على كرد جوريجى طائفة غربان الذى عين الطاعن ناظراً عليه، فقد أقام دعواه بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 6/ 1/ 1963 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن الإعلام الشرعى المطعون فيه مزور، وبعد سماع شهود الطرفين عادت المحكمة وبتاريخ 26/ 1/ 1964 فحكمت للمطعون عليه بطلباته. استأنف الطاعن وباقى المدعى عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 707 ق القاهرة طالبا إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وبتاريخ 24/ 4/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه البطلان، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم صدر فى الدعوى من دائرة مدنية ودون أن تتدخل فيها النيابة العامة باعتبار أنها رفعت بطلب رد وبطلان الإعلام الشرعى موضوع النزاع فى حين أنها فى حقيقتها دعوى بإسقاط حجية الإعلام الشرعى تنظمها المادة 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، ومفادها أن الاعلام الشرعى حجة بما ورد فيه ولا تسقط هذه الحجية إلا بحكم شرعى، مما كانت تختص بإصداره المحاكم الشرعية الملغاة، والتى حلت محلها دوائر الأحوال الشخصية، وتكون الدعوى على هذه الصورة من القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية التى توجب المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 أن تتدخل فيها النيابة العامة وإلا كان الحكم باطلاً، وإذ صدر الحكم المطعون فيه دون أن تتدخل النيابة العامة فى الدعوى فإنه يكون باطلاً.
وحيث إنه لما كان القانون رقم 628 لسنة 1955 ينص فى مادته الأولى على أنه "يجوز للنيابة العامة أن تتدخل فى قضايا الأحوال الشخصية التى تختص بها المحاكم الجزئية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه. وعليها أن تتدخل فى كل قضية أخرى تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً" وكان مفاد ذلك أنه كلما كانت القضية تتعلق بالأحوال الشخصية مما تختص المحاكم الابتدائية بنظرها طبقا للقانون رقم 462 لسنة 1955 فإن تدخل النيابة العامة يكون واجباً عند نظر النزاع وإلا كان الحكم الصادر فيه باطلاً يستوى فى ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الأحوال الشخصية التى تختص بها المحاكم الابتدائية، أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة تتعلق بالأحوال الشخصية، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه أقام دعواه أمام محكمة القاهرة الابتدائية بطلب الحكم برد وبطلان الإعلام الشرعى رقم 685 لسنة 1955 وراثات محكمة عابدين الشرعية باتصال وراثة الطاعن وإخوته للمرحوم أحمد كتخدا طائفة غربان الشهير بالقيونجى واعتباره كأن لم يكن تأسيساً على أن هذا الإعلام قد ضبط بناء على بيانات مزورة إذا أثبت فيه على خلاف الحقيقة أن المرحوم أحمد كتخدا طائفة غربان الشهير بالقيونجى هو الشهير بالرزاز، وأنه أنجب ولداً يدعى عثمان انحدرت سلالته إلى الطاعن وإخوته، فى حين أن الحقيقة أن المرحوم أحمد كتخدا الشهير بالقيونجى هو غير أحمد كتخدا الشهير بالرزاز وأنه لم ينجب ولداً باسم عثمان، وأنه بهذا الوضع لا يكون الطاعن وإخوته من ورثة أحمد كتخدا طائفة غربان الشهير بالقيونجى ولا يستحقون فى وقفه. ولما كان الحكم الابتدائى الذى أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه قد تناول هذا الأساس الذى أقام عليه المطعون ضده دعواه وقضى له بطلباته استناداً إلى قوله "إن وقف أحمد كتخدا طائفة غربان الشهير بالقيونجى موضوع الحجة الصادرة فى سنة 1121هـ، والمعين عليه المدعى - المطعون عليه - ناظراً يخالف وقف أحمد على كرد جوريجى طائفة غربان الشهير بالرزاز الصادر به حجتاً الوقف الصادرتان فى سنة 1091، سنة 1096هـ من محكمة القصر بالواحات، والمعين عليه المدعى عليه الأول - الطاعن - ناظراً، وأن الوقف الأول كان قد انحصر فى ابن الواقف مصطفى جلبى وزوجة أبيه صائمة بغير مستحق فى الوقف سواهما وعتقاء الواقف، فإذا ما أقدم المدعى عليه الأول أمام محكمة عابدين الشرعية فى الطلب الذى تقدم به إليها والمقيد برقم 685 لسنة 1955مضيفاً إلى اسم الواقف اسم شهرة بأنه هو القيونجى ومضيفاً اسم وارث آخر يدعى عثمان، ثم صدور قرار من المحكمة المذكورة بما طلبه المدعى عليه الأول وعلى خلاف الحقيقة، وذلك للأسباب متقدمة الذكر، ومن ثم فهذا القرار مزور فيما أضيف إليه على خلاف الواقع والحقيقة، ولهذا تعين إجابة المدعى لطلب رده وبطلانه عملا بالمادة 291 من قانون المرافعات" وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى ذلك ما يلى "تبين للمحكمة من مطالعة الحكم المستأنف وهو بصدد بطلان الإعلام الشرعى الذى تضمن بيانات غير حقيقية بوصف أن المستأنفين - الطاعن وإخوته - ينحدرون من سلالة عثمان هى بيانات غير صحيحة وأن عثمان هذا شخص وهمى وليس ابنا للمرحوم أحمد كتخدا طائفة غربان الشهير بالقيونجى، بل إنه ثبت من حجة الوقف والضم والإلحاق والتصديق المحررة بالقسمة العسكرية الصادرة فى 15 شعبان سنة 1121هـ أنه لم ينجب إلا ولداً واحداً هو مصطفى جلبى وأن هذه المحكمة تؤيد ما انتهت إليه محكمة أول درجة بشأن القضاء ببطلان إعلام الوراثة الصادر من محكمة عابدين الشرعية فى 20/ 12/ 1955 وراثات للأسباب التى بنى عليها والتى تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أسباباً مكملة" لما كان ذلك، وكان النزاع بين الطاعن وإخوته وبين المطعون عليه - على ما يبين من الحكم - يدور حول ما إذا كان الطاعن وإخوته من ورثة أحمد كتخذا طائفة غربان الشهير بالقيونجى، وكانت هذه المسأله تتعلق بالأحوال الشخصية مما كان الاختصاص بنظرها أصلاً للمحاكم الشرعية الابتدائية طبقاً للمادتين السادسة والثامنة من لائحة ترتيب تلك المحاكم، وقد خصت بنظرها بعد إلغاء المحاكم الشرعية دوائر الأحوال الشخصية فى نطاق التنظيم الداخلى لكل محكمة طبقاً للمادتين الرابعة والثامنة من القانون 462 لسنة 1955، لما كان ما تقدم فإنه كان يتعين أن تتدخل النيابة العامة فى الدعوى لإبداء رأيها فيها حتى ولو كانت منظورة أمام الدائرة المدنية، ولما كان الثابت أن النيابة العامة لم تتدخل فى الدعوى إلى أن صدر الحكم المطعون فيه فإن هذا الحكم يكون باطلاً مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى اسباب الطعن.