مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1997 إلى آخر فبراير سنة 1998) - صـ 471

(50)
جلسة 13 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدى محمد خليل، والسيد محمد العوضى، ومحمد عبد الحميد مسعود، ومحمود اسماعيل رسلان نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2616 لسنة 37 قضائية عليا

إدارات قانونية بالمؤسسات والهيئات العامة - أعضاؤها - الحقوق المالية - تنظيمها - منح العلاوة التشجيعيه.
القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها - القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة.
قانون الإدارات القانونية هو الأساس فى تنظيم شئون مديرى وأعضاء الادارات القانونية - تنطبق أحكامه عليهم سواء كانت أكثر أو أقل سخاءً من تلك الواردة بالتشريعات السارية بشأن العاملين بالحكومة أو بالقطاع العام - لا يجوز إهدار أحكام القانون العام فى كل ما فات القانون الخاص من قواعد لما فى ذلك من مجافاة صريحة للغرض الذى من أجله وضع القانون الخاص - القول بغير ذلك مؤداه أن يجمع من تنطبق عليهم قوانين خاصة من العاملين بين ما تضمنته هذه القوانين من أحكام راعى فيها المشرع نوعية مؤهلاتهم وتخصصاتهم وطبيعة المهام المسندة إليهم وبين أحكام القوانين العامة التى تنطبق على سائر العاملين المدنيين بالدولة - القول بأن أعضاء الإدارات القانونية بالهيئات العامة الحاصلون بتقارير التفتيش الفنى بوزارة العدل على تقدير يعادل ممتاز الذى يحصل عليه العاملون الخاضعون لأحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة يستحقون معه العلاوة التشجيعية المنصوص عليها فى المادة (52) من القانون الأخير يكون متعارضاً مع الغاية التى رمى إليها المشرع. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 26/ 5/ 1991 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 2616 لسنة 37 قضائية ضد السيد/ ......، فى حكم محكمة القضاء الإدارى (دائرة التسويات "أ") بجلسة 1/ 4/ 1991 فى الدعوى رقم 3523 لسنة 43 ق، والقاضى بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت فى ختام تقرير الطعن، ولما تضمنه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
وتحددت جلسة 24/ 3/ 1997 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبها نظر وبما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت الدائرة بجلسة 28/ 7/ 1997 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 16/ 8/ 1997، وبها نظر وبجلسة 30/ 9/ 1997 حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن السيد/ ....... أقام أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة التسويات "أ") الدعوى رقم 3523 لسنة 42 ق، ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 13/ 4/ 1988، طلب فى ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم 1162 بتاريخ 16/ 12/ 1987 وبتعويضه عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء هذا القرار، مع الزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال فى شرح أسانيد دعواه، أنه يعمل محامياً بالإدارة القانونية بالهيئة المدعى عليها، وقد صدر القرار رقم 621 لسنة 1982 بمنحه علاوة تشجيعية اعتباراً من 1/ 1/ 1980 وقد تحصن هذا القرار بانقضاء مواعيد السحب أو الإلغاء، إلا أنه فوجئ بصدور القرار رقم 1162 فى 16/ 12/ 1987، بسحب العلاوة التشجيعية التى منحت له بالقرار رقم 621 لسنة 1982 مع تحصيل الفروق المالية، وقد علم به بتاريخ 3/ 1/ 1988 وتظلم منه بتاريخ 4/ 1/ 1988، إلا أنه لم يتلق رداً بإجابته إلى تظلمه لذلك فهو يقيم دعواه بغية الحكم له بطلبه، ذلك لأن القرار الساحب المطعون فيه يخالف القانون، إذ أن قرار منحه علاوة تشجيعية صدر سليماً ومتفقاً مع حكم القانون، وبالتالى لا يجوز سحبه، ومع افتراض مخالفته للقانون، فإنه قد تحصن بفوات مواعيد السحب، ومن ثم يكون سحبه بعد هذا الميعاد مخالفاً للقانون، هذا إلى أن القرار لم يحقق المساواة بينه وبين زملائه أعضاء الإدارات القانونية الذين سبق أن منحوا علاوات تشجيعية، إذ اقتصر بسحب العلاوة التى منحت له دون سواه.
وبجلسة 1/ 4/ 1991 أصدرت محكمة القضاء الإدارى (دائرة التسويات "أ") حكمها المطعون فيه، وشيدت المحكمة قضاءها فى موضوع الدعوى على أساس أنه أياً ما كان الرأى فى مدى مشروعية القرار رقم 621 لسنة 1982 بمنح المدعى، باعتباره محاميا بالادارة القانونية علاوة تشجيعية اعتباراً من 1/ 1/ 1980، فإن هذا القرار يعد من القرارات الإدارية النهائية التى تحصن بمواعيد السحب والإلغاء، ومن ثم وإذ مضى على هذا القرار ستون يوماً على تاريخ صدوره، فإن القرار رقم 1162 لسنة 1987، بسحب القرار المذكور وإذ صدر بتاريخ 11/ 12/ 1987، أى بعد تحصن القرار المسحوب يكون والحالة هذه مخالفاً للقانون واجب الإلغاء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، لأن المطعون ضده محام بالإدارة القانونية، ويخضع للقانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية، وليس من المخاطبين بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، الذى يجيز منح العلاوة التشجيعية للعاملين المخاطبين به دون غيرهم، ومن ثم فإن القرار رقم 621 لسنة 1982 بمنح المدعى العلاوة التشجيعية استناداً إلى القانون رقم 47/ 1978 يكون قد صدر مخالفاً للقانون مخالفة جسيمة تنحدر به إلى درجة العدم، ويجوز سحبه فى أى وقت دون التقيد بميعاد.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المستفاد من نصوص المواد (12) وما بعدها، (19)، (20)، (21)، (22)، (23)، (24) من قانون الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها، والمادة الأولى من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، أن قانون الإدارات القانونية، المشار إليه هو الأساس فى تنظيم شئون مديرى أعضاء الإدارات القانونية بحيث تنطبق عليهم أحكامه سواء كانت أكثر أو أقل سخاء من تلك الواردة بالتشريعات السارية بشأن العاملين بالحكومة أو بالقطاع العام، ومن ثم لا يجوز كقاعدة عامة إهدار نصوص قانون الإدارات القانونية آنف الذكر باعتباره قانوناً خاصاً والرجوع إلى أحكام القانون العام فى كل ما فات القانون الخاص من أحكام لما فى ذلك من مجافاة صريحة للغرض الذى من أجله وضع القانون الخاص، والقول بغير ذلك مؤداه أن يجمع من تنطبق عليهم قوانين خاصة من العاملين ما تضمنته هذه القوانين من أحكام راعى فيها المشرع نوعية مؤهلاتهم وتخصصاتهم والمهام المسندة إليهم وبين أحكام القوانين العامة التى تنطبق على سائر العاملين المدنيين بالدولة، ومن ثم يتعين القول بألا تسرى أحكام القوانين العامة فيما تنص عليه أو تنظمه القوانين الخاصة من أحكام، ولا يغير من ذلك القول بأن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، يمثل الشريعة العامة التى تنطبق أحكامها على المعاملين بقوانين خاصة فيما لم يرد بشأنه نصوص هذه القوانين الخاصة، لأن تطبيق أحكام الشريعة العامة لا يرتهن فحسب بعدم وجود نص خاص بالقانون رقم 47 لسنة 1973 وإنما يتطلب كذلك بألا يتعارض النص الوارد فى القانون العام مع الأساس الذى يقوم عليه التشريع الخاص، والغرض الذى من أجله صدر هذا الأخير وهو تحقيق استقلال أعضاء الإدارات القانونية وضماناً لحيدتهم فى أدائهم أعمالهم، بكفالة حقوقهم المالية الأساسية، من مرتبات وبدلات تفرغ وعلاوات دورية، بعيداً عن أى تقدير من السلطة المختصة، والقول بجواز منح أعضاء الإدارات القانونية بالهيئة العامة العلاوة التشجيعية المنصوص عليها بالمادة (52) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، الذين يحصلون بتقارير التفتيش الفنى لوزارة العدل على تقدير كفاية يعادل ممتاز الذى يحصل عليه العاملون الخاضعون للقانون رقم 47 لسنة 1978، يتعارض مع الغاية التى رمى إليها المشرع، ووضعت على أساسها أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973، ولا وجه للقول بأن عدم تطبيق نص المادة (52) المشار إليها يجعل أعضاء الإدارات القانونية الخاضعين للقانون رقم 47 لسنة 1973 فى وضع أسوأ من غيرهم من العاملين الخاضعين للقانون رقم 47 لسنة 1978، وهو ما لا يتفق مع ما نشد إليه المشرع أيضا فى القانون رقم 47 لسنة 1973 من تحقيق المساواة بين أعضاء الإدارات القانونية وبين العاملين بالجهات المنشأة بها هذه الإدارات، لأن هذه المساواة لا تتحقق بتقرير تطبيق حكم المادة (52) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 الخاصة بالعلاوات التشجيعية على أعضاء الإدارات القانونية وإنما سبيل ذلك يكون بتعديل القانون رقم 47 لسنة 1973 وتضمينه تنظيماً خاصاً بالعلاوات التشجيعية للخاضعين لأحكامه يحقق كل غايات المشرع من ضمان حيدتهم واستقلالهم فى أدائهم عملهم، وتحقيق المساواة فيها بينهم وكذلك بين غيرهم من العاملين خاصة أن القانون رقم 47 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 115 لسنة 1983 صار يمنح العلاوة التشجيعية لشاغلى وظائف الإدارة العليا فى حين أن المادة (10) من القانون رقم 47 لسنة 1973 التى تقضى بأن (يخضع لنظام التفتيش وتقارير الكفاية كافة مديرى وأعضاء الإدارات القانونية فيما عدا شاغلى وظيفة مدير عام إدارة قانونية" ويجب أن يتم التفتيش مرة على الأقل كل سنتين...) والواضح منه أن مديرى عموم الإدارات القانونية لا يخضعون لنظام التفتيش وتقارير الكفاية التى هى المناط فى منح العلاوة التشجيعية ومن ثم لا يجوز كقاعدة عامة إهدار نصوص قانون الإدارات القانونية المشار إليه باعتباره قانوناً خاصاً والرجوع إلى أحكام القانون العام فى كل ما فات القانون الخاص من أحكام لما فى ذلك من مجافاة صريحة للغرض الذى من أجله وضع القانون الخاص، وعليه فإن القرار الصادر بمنح أحد أعضاء الإدارات القانونية المخاطبين بالقانون رقم 47 لسنة 1973 علاوة تشجيعية طبقاً للمادة (52) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 ينطوى على مخالفة جسيمة تنحدر به إلى درجة الانعدام ولا تلحقه وحالته هذه حصانة بحيث يجوز سحبه فى أى وقت دون التقيد بالمواعيد المحددة لسحب القرارات الإدارية غير المشروعة.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم ولما كان الثابت من أن المدعى يعمل محاميا بالإدارة القانونية بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى، فمن ثم فإن القرار رقم 621 لسنة 1982 بتاريخ 6/ 5/ 1982 بمنحه علاوة تشجيعية تعادل قيمة العلاوة الدورية المستحقة له اعتباراً من 1/ 1/ 1980 وصرف الفروق المالية له طبقاً للمادة (52) من القانون رقم 47 لسنة 1978 يكون قد صدر مخالفاً للقانون مخالفة جسيمة تنحدر به إلى درجة العدم، وعليه فإن القرار رقم 1162 لسنة 1987 بسحب القرار رقم 621 لسنة 1982 يكون قد أعمل صحيح حكم القانون ويغدو الطعن عليه غير قائم على سند من القانون حريا بالرفض، وإذ لم يلزم الحكم المطعون فيه هذا القضاء فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المدعى المصروفات.