أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1250

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1973

المؤلفة من السيد المستشار/ عباس حلمى عبد الجواد رئيساً وعضوية السادة المستشارين/ عدلى بغدادى ومحمد طايل راشد وعثمان حسين عبد الله ومحمد كمال عباس - أعضاء.

(217)
الطعن رقم 133 لسنة 38 القضائية

(1) اختصاص. "الاختصاص الولائى". قرار إدارى. تعويض.
القرار الإدارى. ماهيته. اختصاص محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بدعاوى التعويض عن القرارات الادارية.
(2) تعليم حر. قرار إدارى.
خضوع المدارس الحرة لرقابة وزارة التربية والتعليم وتفتيشها فى الحدود الواردة بالقانون 582 لسنة 1955. جواز إصدار قرار بغلق المدرسة الحرة إداريا إذا خالفت أحكام ذلك القانون أو القرارات الصادرة تنفيذاً له.
(3) قرار إدارى.
أعمال الإدارة المالية المستندة إلى قرار إدارى. عدم جواز النظر إليها مستقلة من ذلك القرار.
(4) اختصاص. "الاختصاص الولائى". قرار إدارى. تعويض. تعليم حر.
ثبوت صدور قرارات إدارية بغلق المدرسة الحرة مؤقتاً. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى رد الأضرار المطلوب التعويض عنها إلى تلك القرارات. قضاؤه بعدم الاختصاص. لا خطأ.
1 - القرار الإدارى هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث مركز قانونى معين متى كان ممكناً وجائزاً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة، وقد خولت المادتان 8، 9 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1955 بهيئة قضاء إدارى دون غيره الاختصاص بدعاوى التعويض عن القرارات الإدارية وتدخل هذه الدعاوى فى اختصاص محكمة القضاء الإدارى بحكم المادة 14 من ذلك القانون.
2 - يقضى القانون رقم 583 لسنة 1955 بشأن تنظيم المدارس الحرة فى مادته الأولى بخضوع هذه المدارس لرقابة وزارة التربية والتعليم وتفتيشها فى الحدود الواردة به، كما يوجب فى مادته الثالثة أن يكون مبنى المدرسة سليما مستوفيا الشروط الصحية وتجيز المادتان 49، 54 من ذلك القانون اتخاذ إجراءات معينة بشأن المدرسة، منها إصدار قرار بغلقها إدارياً إذا خالفت أحكامه وأحكام القرارات الصادرة تنفيذاً له. وإذ كان مفاد ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أوراق الدعوى أن المصلحة العامة قد اقتضت أن تصدر جهة الإدارة المختصة بالرقابة على المدارس الحرة قرارات بغلق مدرسة الطاعن مؤقتا وجرد منقولاتها وتخزينها، واستهدفت بهذه القرارات إحداث أثر قانونى بمقتضى أحكام قانون تنظيم المدارس المذكورة، وهو وقف الترخيص لها بمزاولة التعليم حفاظا على أرواح التلاميذ وسلامتهم، وكان قد ترتب على ذلك - فيما يدعى الطاعن - أن لحقت به أضرار أدبية ومادية تتمثل فى الإساءة إلى سمعته، وفوات كسبه من المدرسة، وتلف بعض منقولاتها بسبب عدم الحيطة فى النقل والجرد والتخزين، والبعث ببعض كتبها وأدواتها أو ضياعها خلال العمليات المذكورة، فإن هذه الأضرار المدعاه، سواء كان مردها إلى عيب فى القرارات ذاتها يمس مشروعيتها وشروط صحتها أو إلى خطأ شاب تنفيذ هذه القرارات المعيبة، فهى أضرار ناشئة عن تلك القرارات الإدارية.
3 - متى كانت أعمال جهة الإدارة المادية قد وقعت استناداً إلى قرار إدارى وتنفيذاً له، فلا يسوغ النظر إليها مستقلة عن ذلك القرار، إذ هى ترتبط به برابطة السببية وتستمد كيانها منه، وليست مجرد أعمال غصب منقطعة الصلة بالقرار الإدارى.
4 - متى كان قد ثبت لدى محكمة الاستئناف صدور قرارات إدارية بغلق المدرسة الحرة مؤقتا وتعطيل التعليم فيها وجرد أثاثها وتخزينه، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رد الأضرار المطلوب التعويض عنها - والمتمثلة حسبما ادعى الطاعن فى الإساءة إلى سمعته وفوات كسبه من المدرسة وتلف بعض منقولاتها..... إلى تلك القرارات وقضى بانعقاد الاختصاص بنظر دعاوى التعويض عنها للقضاء الادارى دون غيره، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 407 سنة 1960 مدنى كلى أمام محكمة سوهاج الابتدائية وقال فيها أنه استهدف لأعمال اضطهاد من جانب منطقة التربية والتعليم بسوهاج بقصد غلق المدرسة الإعدادية التى يملكها، وانتهت تلك الأعمال إلى غصب هذه المدرسة وتعطيل التعليم بها، والاستيلاء على أدواتها وإتلاف أثاثها، والحليولة بين صاحبها - الطاعن - وبين دخولها، مما دعاه إلى إقامة الدعوى رقم 65 سنة 1957 مستعجل سوهاج لتمكينه من دخولها وإذ تبين حالتها فقد أقام دعواه الحالية وطلب فيها الحكم بإلزام المطعون ضدها (وزارة التربية والتعليم) بمبلغ 5000 جنيه تعويضاً له عما لحقه من أضرار أدبية ومادية بسبب الأعمال السالف ذكرها. دفعت المطعون ضدها بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى لأن الأضرار المدعاة ناشئة عن قرار إدارى صدر بالاستيلاء على المدرسة، وقضت المحكمة الابتدائية فى 10/ 5/ 1964 برفض الدفع بعدم الاختصاص وندبت مكتب خبراء وزارة العدل لتقدير قيمة التعويض الذى يستحقه الطاعن، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافها برقم 130 سنة 39 ق. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة الابتدائية فى 21/ 6/ 1966 بإلزام المطعون ضدها بتعويض قدره 2709 جنيهات و180 مليماً، فاستأنفت هذا الحكم بالاستئناف رقم 228 سنة 41 ق كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 232 سنة 41 ق. وبعد أن قررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافات الثلاثة، قضت فيها بتاريخ 15/ 1/ 1968 بإلغاء الحكمين الصادرين من محكمة أول درجة وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، ويقول فى بيان ذلك أن محكمة الاستئناف قضت بقبول الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استناداً منها إلى القول بأنه قد صدر قرار إدارى بنقل تلاميذ المدرسة إلى مدرسة أخرى فى حين أن الدفع المبدى من المطعون ضدها أمام محكمة أول درجة إنما كان مبناه الادعاء بصدور قرار بالاستيلاء على المدرسة، مع اختلاف الأثر فى الحالتين هذا إلى أن الحكم قد أخطأ إذ أقام قضاءه على أن الأضرار موضوع الدعوى ناشئة عن قرار إدارى، ذلك أن ما اتخذته منطقة التربية والتعليم إنما هو مجرد أعمال غصب مادية تتمثل فى تعطيل الدراسة بالمدرسة، ومنع الطاعن وعماله من دخولها لإجراء الإصلاحات اللازمة بها، والحيلولة بينه وبين الإشراف على تخزين أثاثها، مما ترتب عليه أن أصابه تلف، وهو ما يجعل الاختصاص بطلب التعويض عن هذه الأعمال منعقداً للمحاكم. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأغفل دفاع الطاعن بشأنه، فإنه يكون معيباً بالخطأ فى القانون والقصور فى التسبيب. وحيث إن هذا النعى غير صحيح. ذلك أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بقبول الدفع بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى واختصاص القضاء الإدارى بها على ما حصلته المحكمة من أوراق الدعوى ومستندات الطرفين فيها، من أن شكاوى قدمت من بعض تلاميذ المدرسة ومدرسيها إلى منطقة التربية والتعليم بأن مبانى المدرسة آيلة للسقوط فندبت المنطقة لمعاينتها لجنة باشرت مهمتها وأسفر بحثها عن صحة ما ورد بتلك الشكاوى. ثم تحققت لجنة أخرى من هذه النتيجة واقترحت نقل التلاميذ فوراً من المدرسة محافظة على حياتهم، وأن المنطقة أمهلت الطاعن مدة كافية لإصلاح الخلل فلم ينجزه وأن مديرها أصدر قراره بتاريخ 20/ 5/ 1975 بنقل التلاميذ إلى مدرسة أخرى، واقتضى ذلك إصدار قرارات أخرى بجرد محتويات المدرسة وتخزين أثاثها ورأت المحكمة أن هذه القرارات جميعا وقد اتخذتها سلطة عامة خولها قانون المدارس الحرة حق مراقبة التعليم الخاص، وقصد بها إحداث أثر قانونى هو إغلاق المدرسة مؤقتاً لوجود خلل بمبانيها توشك معه أن تنقض على التلاميذ، فقد اكتملت لها أركان القرار الإدارى، وانتهت المحكمة من ذلك إلى الحكم بعدم اختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى بوصفها دعوى تعويض عن أضرار ناشئة عن قرارات إدارية قائمة غير منعدمة، يختص القضاء الإدارى دون غيره بالنظر فى مشروعيتها وتوافر شروط صحتها، وبتقرير مدى الأحقية فى التعويض عن الأضرار الناشئة عنها. وهذا الذى قررته المحكمة وبنيت عليها حكمها لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه لما كانت المادتان 8 و9 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959، تخولان المجلس بهيئة قضاء إدارى دون غيره الاختصاص بدعاوى التعويض عن القرارات الإدارية وتدخل هذه الدعاوى فى اختصاص محكمة القضاء الإدارى بحكم المادة 14 من ذلك القانون وكان القرار الإدارى هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث مركز قانونى معين متى كان ممكناً وجائزاً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة، وكان القانون رقم 583 لسنة 1955 بشأن تنظيم المدارس الحرة يقضى فى مادته الأولى بخضوع هذه المدارس لرقابة وزارة التربية والتعليم وتفتيشها فى الحدود الواردة به، كما يوجب فى مادته الثالثة أن يكون مبنى المدرسة سليماً مستوفياً الشروط الصحية، وتجيز المادتان 49، 54 من ذلك القانون اتخاذ إجراءات معينة بشأن المدرسة منها إصدار قرار بغلقها إدارياً إذا خالفت أحكامه أو أحكام القرارات الصادرة تنفيذاً له. وكان مفاد ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أوراق الدعوى أن المصلحة العامة قد اقتضت أن تصدر جهة الإدارة المختصة بالرقابة على المدارس الحرة قرارات بغلق مدرسة الطاعن مؤقتاً وجرد منقولاتها وتخزينها، واستهدفت بهذه القرارات إحداث أثر قانونى بمقتضى أحكام قانون تنظيم المدارس المذكورة وهو وقف الترخيص لها بمزاولة التعليم حفاظاً على أرواح التلاميذ وسلامتهم، وكان قد ترتب على ذلك - فيما يدعى الطاعن - أن لحقت به أضرار أدبية ومادية تتمثل فى الإساءة إلى سمعته، وفوات كسبه من المدرسة، وتلف بعض منقولاتها بسبب عدم الحيطة فى النقل والجرد والتخزين، والبعث ببعض كتبها وأوراقها وأوضاعها خلال العمليات المذكورة فإن هذه الأضرار المدعاة سواء كان مردها إلى عيب فى القرارات ذاتها يمس مشروعيتها وشروط صحتها، أو إلى خطأ شاب تنفيذ هذه القرارات المعيبة، فهى أضرار ناشئة عن تلك القرارات الإدارية. ولا وجه لما يقوله الطاعن من أن الضرر إنما لحق به من أعمال مادية، ذلك أنه متى كانت هذه الأعمال المادية قد وقعت استناداً إلى القرار الإدارى وتنفيذاً له فلا يسوغ النظر إليها مستقلة عن ذلك القرار، إذ هى ترتبط به برابطة السببية وتستمد كيانها منه، وليست مجرد أعمال غصب متقطعة الصلة بالقرار الإدارى وهو ما استخلصته محكمة الموضوع بحق من أوراق الدعوى وبنت عليه حكمها بعدم الاختصاص، ولا يغير من ذلك ما يثيره الطاعن من أن الدفع بعدم الاختصاص المبدى من المطعون ضدها قد استند أمام محكمة أول درجة إلى صدور قرار بالاستيلاء على المدرسة، وذلك متى كان قد ثبت لدى محكمة الاستئناف صدور قرارات إدارية بغلق المدرسة مؤقتاً وتعطيل التعليم فيها وجرد أثاثها وتخزينه، وهى القرارات التى أسس عليها الحكم الاستئنافى قضاءه. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رد الأضرار المطلوب التعويض عنها إلى قرارات إدارية ينعقد الاختصاص بنظر دعاوى التعويض عنها للقضاء الإدارى دون غيره، يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا وبذلك يكون النعى عليه بمخالفة القانون والقصور فى التسبيب فى غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن، كما يتعين إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الادارى المختصة وذلك عملا بحكم المادة 110 من قانون المرافعات.