أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1257

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1973

المؤلفة من السيد نائب رئيس المحكمة المستشار احمد حسن هيكل رئيساً والسادة المستشارين: محمد أسعد محمود وجودة أحمد غيث وإبراهيم السعيد ذكرى وجلال عبد الرحيم عثمان - أعضاء.

(218)
الطعن رقم 202 لسنة 36 القضائية

(1، 2، 3) ضرائب "ضريبة التركات". إثبات. صورية. هبة. حكم.
(1) الديون المستحقة على التركة. حق مصلحة الضرائب فى استبعاد الديون الصورية أو غير الثابتة لأصحاب الشأن حق الالتجاء إلى القضاء لإثبات أحقيتهم فى استرداد ما دفع من رسم الأيلولة. المادة 15 ق 142 لسنة 1944.
(2) تحرير سند الدين وتسليمه للمستفيد. أثره. انشغال ذمة المدين بقيمته ولو كان سببه التبرع، ولم يطالب به الدائن إلا بعد وفاة المدين.
(3) انتهاء الحكم فى قضائه إلى أن الدين ثابت بمستند يصلح دليلاً على المتوفاة أمام القضاء مما يدل على جدية الدين. استناده فى ذلك إلى أسباب سائغة. لا عيب.
(4) حكم "تسبيب الحكم" نقض "أسباب الطعن".
إقامة الحكم قضاءه على دعامة كافية. لا يعيبه ما تزيد فيه عن تقريرات قانونية خاطئة.
1 - مؤدى نص المادة 15 من القانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات، أن المشرع أعطى لمصلحة الضرائب - وهى بسبيل النظر فى الديون والالتزامات على التركة - طلب المستندات المثبتة لهذه الديون والالتزامات، وأن تطلع على السجلات والدفاتر التجارية، وتستبعد مؤقتاً أو نهائياً، كل دين يبدو لها أنه صورى أو غير ثابت ثبوتاً كافياً، ثم خصت بالإشارة ديوناً معينة يجوز للمصلحة استبعادها، على أن يكون لأصحاب الشأن المطالبة برد ما دفعوه من رسوم الأيلولة متى أثبتوا أمام القضاء أن الذى حصل منهم لم يكن مستحقاً.
2 - من المقرر فى قضاء هذه المحكمة(1) أن تحرير سند الدين وتسليمه لمن صدر له، يجعل ذمة الملتزم فيه مشغولة بقيمته، ولو كان سببه التبرع ولم يطالب صاحبه بقيمته إلا بعد وفاة من صدر منه.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه - إذ استبعد الدين المستحق على المتوفاة لابنتها من وعاء الضريبة على التركة - قد انتهى إلى أن الدين موضوع النزاع مستحق على المتوفاة حال حياتها، وثابت بمستند يصلح دليلاً عليها أمام القضاء مما يدل على جدية الدين، واستند الحكم فى ذلك إلى أسباب سائغة، فإن النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غير أساس.
4 - متى كانت الدعامة - التى أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه تكفى لاقامة الحكم على أساس قانونى سليم، فلا يعيبه ما يكون قد شابه من خطأ فيما أضافه تزيداً من تقريرات استخلصها من تفسيره لنص القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن مأموريه ضرائب الوايلى قدرت صافى تركة المرحومة...... المتوفاة بتاريخ 11 من يناير سنة 1962 بمبلغ 26129 جنيهاً و384 مليماً، وإذ اعترض المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته وليا على ابنته المطعون عليها الثانية وهما من الورثة، وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن، وبتاريخ 29 من مايو سنة 1963 أصدرت قرارها بتأييد تقديرات المأمورية، فقد أقام الدعوى رقم 664 لسنة 1963 تجارى أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب - الطاعنة - بالطعن فى هذا القرار طالباً إلغاءه وإلغاء تقديرات المأمورية والقضاء بعدم استحقاق أية ضريبة تركات أو رسم أيلولة على تركة المتوفاة، ومن بين الأسباب التى استند إليها أن مأمورية الضرائب رفضت أن تستبعد من التركة مبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات قيمة دين على المتوفاة لابنتها المطعون عليها الثانية ثابت بموجب سند مؤرخ 3 من يناير سنة 1952، حكم بصحة التوقيع عنه فى الدعوى رقم 69 لسنة 1952 مدنى الوايلى، وقضى فى الدعوى رقم 1549 لسنة 1962 القاهرة الابتدائية بالزام باقى الورثة بأن يؤدوا للمطعون عليها الثانية من تركة مورثتهم مبلغ عشرة آلاف من الجنيهات قيمة نصيبهم فى هذا الدين وأصبح الحكم نهائياً. وبتاريخ 11 من يونيو سنة 1964 حكمت المحكمة برفض الطعن وتأييد قرار اللجنة. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 469 لسنة 81 ق القاهرة، ومحكمة الاستئناف حكمت فى 10 من فبراير سنة 1966 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم استنزال قيمة السند المحكوم على الورثة بدفع قيمة ما يخصهم فيه من أصول التركة والقضاء باستنزاله منها. طعنت مصلحة الضرائب فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة العامة رأيها. وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به مصلحة الضرائب على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول أن الحكم أسس قضاءه بخصم الدين المحكوم به لصالح المطعون عليها الثانية من التركة على أنه يبين من مفهوم المخالفة لنص المادة 15 من القانون رقم 142 لسنة 1944 أن كل سند أو اعتراف بدين صادر من المتوفى فى تاريخ سابق على السنة السابقة على الوفاة لمصلحة شخص أصبح وارثاً له بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت إبرام الدين لا يحق لمصلحة الضرائب استبعاده من التركة، فى حين أن هذه المادة صريحة فى أن للمصلحة استبعاد كافة الديون الصورية وغير الثابتة دون تفرقة بين المستحقة لوارث أو لغير وارث، ودون مراعاة لما إذا كانت الديون ثابتة بسند أو اعتراف بدين صادر قبل الوفاة بأكثر من سنة أو بأقل منها طالما أقامت المصلحة الدليل على صورية الدين، غير أن المشرع استثنى حالة كل سند أو اعتراف بدين صادر من المتوفى خلال السنة السابقة لوفاته ففرض قرينة قابلة لإثبات العكس على صورية هذا الدين ونقل عبء الإثبات على عاتق من يدعى صحته، وإذ أقامت المصلحة الدليل على صورية الدين موضوع الدعوى فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 14 من القانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات تقضى بأن يستبعد من التركة كل ما عليها من الديون والالتزامات إذا كانت ثابتة بمستندات تصلح دليلاً على المتوفى أمام القضاء، وكان النص فى المادة 15 من هذا القانون على أنه "يحق لموظفى مصلحة الضرائب أن يطلبوا تقديم المستندات المثبتة لما على التركة من الديون والالتزامات، كما يحق لهم أن يطلبوا لهذا الغرض تقديم السجلات والدفاتر التجارية، ولهم أن يستبعدوا مؤقتاً أو نهائياً كل دين على التركة يبدو لهم أنه صورى أو غير ثابت ثبوتاً كافياً، وعلى الأخص ما يأتي: 1 - كل سند أو اعتراف بدين صادر من المتوفى خلال السنة السابقة لوفاته لمصلحة شخص أصبح وارثاً له بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت إبرام الدين سواء أكان صدوره له بالذات أم بالواسطة.... وذلك كله مع الاحتفاظ لأصحاب الشأن بمطالبة المصلحة قضائياً برد الرسم الذى حصل ولم يكن مستحقا" يدل على أن المشرع أعطى لمصلحة - وهى بسبيل النظر فى الديون والالتزامات على التركة - طلب المستندات المثبتة لهذه الديون والالتزامات وأن تطلع على السجلات والدفاتر التجارية وتستبعد مؤقتاً أو نهائياً، كل دين يبدو لها أنه صورى أو غير ثابت ثبوتاً كافياً، ثم خصت بالإشارة ديوناً معينة يجوز للمصلحة استبعادها على أن يكون لأصحاب الشأن المطالبة برد ما دفعوه من رسوم الأيلولة متى أثبتوا أمام القضاء أن الذى حصل منهم لم يكن مستحقاً، وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمه أن تحرير السند وتسليمه لمن صدر له يجعل ذمة الملتزم فيه مشغولة بقيمته ولو كان سببه التبرع ولم يطالب صاحبه بقيمته إلا بعد وفاة من صدر منه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد نص المادتين 14، 15 سالفتى الذكر قرر ما يلى "فمتى كان ثابتاً من الأوراق أن الدين محل المنازعة قد صدر من المورثة فى تاريخ سابق على وفاتها ومحكوم بصحة التوقيع على سند المديونية فى القضية رقم 869 لسنة 1952 مدنى الوايلى قبل وفاة المورثة بعشر سنوات كاملة، ومن ثم فهو بمقتضى ما تقدم ولمرور أكثر من خمس سنوات على وفاة المورثة منذ قيامه فى ذمتها لا يكون هناك وجه لإطراح هذا السند من خصوم التركة سواء أكان هذا التصرف هبة أو غير هبة لعدم جدوى تحديد ماهية هذا التصرف متى كانت النتيجة غير مؤدية لاستبعاد هذا السند، وبالتالى يتعين إلغاء الحكم المستأنف فى هذا الخصوص والحكم باعتبار هذا الدين من جملة الخصوم التى تخصم من أصوله التركة......" وكان المستفاد مما أورده الحكم أنه انتهى إلى أن الدين موضوع النزاع مستحق على المتوفاة حال حياتها وثابت بمستند يصلح دليلاً عليها أمام القضاء مما يدل على جدية الدين، واستند الحكم فى ذلك إلى اسباب سائغة ولما كانت هذه الدعامة تكفى لإقامة الحكم على أساس قانونى سليم، فلا يعيبه ما يكون قد شابه من خطأ فيما أضافه تزيداً من تقريرات استخلصها من تفسيره لنص المادة 15 سالفة الذكر، ويكون النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون على غير اساس.


(1) نقض 28/ 5/ 1953 مجموعة القواعد القانونية فى 25 سنة صـ 803 بند 127.