أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1287

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1973

المؤلفة من السيد المستشار/ عباس حلمى عبد الجواد رئيساً وعضوية السادة المستشارين/ محمد طايل راشد وعثمان حسين عبد الله ومحمد توفيق المدنى ومحمد كمال عباس - أعضاء.

(223)
الطعن رقم 239 لسنة 38 القضائية

(1) حكم. "تسبب الحكم". محكمة الموضوع. "تقدير الدليل". اثبات.
إقامة الحكم قضاءه على أسباب سائغة تحمله. عدم وجوب التحدث عن كل من القرائن غير القانونيه التى يدلى بها الخصوم، أو تتبع مختلف حججهم والرد على كل منها استقلالاً.
(2) حكم. "ما لا يعد قصورا". عقد. "انعقاد العقد". بيع.
دفع المشترى الثمن إلى البائع. تسلمه العقد الموقع من هذا الأخير. تمسك وارث المشترى بهذا العقد وإقامته الدعوى على البائع بصحته ونفاذه. اعتبار الحكم ذلك قبولاً من المشترى للبيع يغنى عن توقيعه على العقد. لا خطأ ولا قصور.
(3) إرث "بيع. تركة. نظام عام".
أحكام الإرث المتصلة بقواعد التوريث وأحكامه من النظام العام. عدم جواز التحايل عليها. التصرفات المنجزة الصادرة من المورث حال صحته لأحد الورثة أو لغيرهم. صحيحة ولو ترتب عليها حرمان بعض الورثة أو التقليل من أنصبتهم فى الميراث.
(4) إثبات. "قرينة المادة 917 مدنى". محكمة الموضوع. "مسائل الواقع". نقض. "السبب الجديد".
قرينة المادة 917 مدنى. تحقيقها. من أمور الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع. عدم التمسك بذلك أمام تلك المحكمة. مؤداه عدم قبول التحدى به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) التزام. "تنفيذ الالتزام". حيازة. تعويض. حكم. "ما يعد قصورا". بيع.
الحائز حسن النية أو سيئها. حقه فى حبس الشيء الذى اتفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة حتى يستوفى ما هو مستحق له من تعويض. الحكم بتسليم العين المبيعة للمشترى. إغفاله الرد على ما دفعت به البائعة من حقها فى الحبس حتى تستوفى التعويض المستحق عن بناء أقامته فى العين بعد البيع. خطأ وقصور.
1 - لمحكمة الموضوع السلطة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى، وفى تقدير ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها فى الأخذ بأى دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية، وبحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله، وهى غير ملزمة بالتحدث فى حكمها عن كل قرينة من القرائن غير القانونية التى يدلى بها الخصوم استدلالاً على دعواهم من طريق الاستنباط، كما أنها غير مكلفة بأن تتبع الخصوم فى مختلف أقوالهم وحججهم، وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ما دام قيام الحقيقة التى اقتنعت بها، وأوردت دليلها فيه الرد الضمنى المسقط لتلك الأقوال والحجج.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة عقد البيع تأسيساً على أنه قد توافرت له أركان انعقاده بدفع مورث المطعون ضدها - المشترى - الثمن كاملاً إلى الطاعنة - البائعة - وتسلم العقد الموقع عليه منها، وتمسك المطعون ضدها - الوارثة للمشترى - بهذا العقد فى مواجهة البائعة، وإقامتها عليها الدعوى بصحته ونفاذه مما مؤداه أن الحكم اعتبر ذلك قبولاً من المشترى للبيع، يغنى عن توقيعه على العقد فإن هذا من الحكم يكون لا خطأ فيه ولا قصور.
3 - التحايل الممنوع على أحكام الإرث لتعلق الإرث بالنظام العام هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة(1) - ما كان متصلاً بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعاً، كاعتبار شخص وارثاً، وهو فى الحقيقة غير وارث أو العكس، وكذلك ما يتفرع عن هذا الأصل من التعامل فى التركات المستقبلة كإيجاد ورثة قبل وفاة المورث غير من لهم حق الميراث شرعاً، أو الزيادة أو النقص فى حصصهم الشرعية، ويترتب على هذا أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث فى حال صحته لأحد ورثته أو لغيرهم تكون صحيحة ولو كان يترتب عليها حرمان بعض ورثته أو التقليل من أنصبتهم فى الميراث لأن التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته، أما ما يكون قد خرج من ماله حال حياته فلا حق للورثة فيه.
4 - تحقيق القرينة المنصوص عليها فى المادة 917 من القانون المدنى بشرطيها، وجواز التدليل على عكسها من أمور الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع. وإذ كانت الطاعنة لم تتمسك بذلك أمام تلك المحكمة، فإنه لا يقبل منها التحدى به لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - مفاد نص المادة 246 من القانون المدنى أن لحائز الشيء الذى اتفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة حق حبسه حتى يستوفى ما هو مستحق له يستوى فى ذلك أن يكون الحائز حسن النية أو سيئها، إذ أعطى القانون بهذا النص الحق فى الحبس للحائز مطلقاً، وبذلك يثبت لمن أقام منشآت على أرض فى حيازته الحق فى حبسها حتى يستوفى التعويض المستحق له عن تلك المنشآت طبقاً للقانون. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتسليم، دون أن يرد على دفاع الطاعنة - البائعة - من أن من حقها أن تحبس العين المبيعة تحت يدها حتى تستوفى من المطعون ضدها - الوارثة للمشترى - ما هو مستحق لها من تعويض عن البناء الذى أقامته - فيها بعد البيع - وهو دفاع جوهرى قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، فإنه يكون معيباً بالخطأ فى القانون والقصور فى التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 173 لسنة 1964 كلى أسيوط على الطاعنة وطلبت فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 16/ 3/ 1954 والصادر من الطاعنة إلى مورث المطعون ضدها ببيعها له 66 متراً مربعاً شيوعاً فى المنزل المبين بصحيفة الدعوى لقاء ثمن قدره 660 جنيهاً وبإلزام الطاعنة بتسليم العين المبيعة إلى المطعون ضدها وركنت فى إثبات دعواها إلى عقد البيع سالف الذكر والموقع عليه بإمضاء الطاعنة وبصمة ختمها فادعت هذه الأخيرة بتزوير العقد قولا منها بأن الإمضاء الموقع به عليه ليس لها وأن مورث المطعون ضدها قد وقع دون علمها على العقد بختمها الذى كان يحتفظ به لأنه كان يباشر أعمالها لما بينهما من صلة القربى وفى 22/ 2/ 1965 ندبت المحكمة الابتدائية قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى لمضاهاة الإمضاء المنسوب إلى الطاعنة بعقد البيع على إمضائها بورقة الاستكتاب وبأوراق المضاهاة وبعد أن قدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن الإمضاء المدعى بتزويره هو إمضاء صحيح قضت المحكمة بتاريخ 6/ 1/ 1966 برفض الإدعاء بالتزوير وبإثبات صحة التعاقد عن عقد البيع المشار إليه وبإلزام الطاعنة بتسليم العين المبيعة، استأنفت الأخيرة هذا الحكم بالاستئناف رقم 73 لسنة 41 ق أسيوط ومحكمة الاستئناف حكمت فى 5/ 3/ 1968 بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب وتقول فى بيان ذلك أن الحكم الابتدائى الذى أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أقام قضاءه برفض الإدعاء بالتزوير على ما انتهى إليه الخبير الذى ندبته محكمة أول درجة من أن إمضاء الطاعنة على العقد صحيح وهو ما لا اعتراض للطاعنة عليه وأنها كانت قد تمسكت بتزوير العقد برمته وساقت للتدليل على ذلك عدة قرائن حاصلها أن مورث المطعون ضدها كان يدير شئونها لصلة القربى بينهما وأنه لذلك كان يحتفظ بختمها كما أنه لم يظهر العقد إلى حيز الوجود طوال عشر سنوات مع أن المنزل محل العقد قد أزيل خلال هذه المدة وأنشأت الطاعنة مكانه منزلاً جديداً قامت بالانتفاع به وتأجيره - ورفعت عدة دعاوى على مستأجريه باسمها وكذلك فإن العقد لم يحرر فى التاريخ الذى يحمله وهو 16/ 3/ 1954 إذ ورد به أن المنزل مكلف باسم الطاعنة بالمكلفة رقم 405 سنة 1955 مما لا يتصور معه أن يكون العقد قد حرر فى سنة 1954 غير أن الحكم المطعون فيه قصر بحثه على الإدعاء بتزوير الإمضاء وأغفل الرد على القرائن المتقدم ذكرها مما يعيبه بالقصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائى الذى أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أنه أقام قضاءه بصحة العقد على قوله أن المحكمة تأخذ بتقرير المضاهاة التى أجراها قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعى للأسباب التى بنى عليها وتضيف إلى ذلك أن ما أثارته المدعى عليها - الطاعنة - من أسباب لا يمكن أن ينال من عقيدة المحكمة بصحة النتيجة التى انتهى إليها التقرير ذلك أن سكوت مورث المدعية - المطعون ضدها - طوال حياته عن اتخاذ إجراء بموجب العقد الصادر لصالحه لا يمكن أن يؤدى إلى القول بتزوير العقد الصادر إليه خاصة إذا روعيت العلاقة التى تقر المدعى عليها بوجودها بينهما كما أن اتخاذ إجراءات قضائية من المدعى عليها أو ضدها أمر طبيعى دون ظهور للمورث وأن القاعده أن عقد البيع "العرفى" لا ينقل الملكية وأن أثره قاصر على حقوق شخصية فقط بالإضافة إلى أنه ليس بأوراق الدعوى ما يفيد علم مورث المدعية بما اتخذ من المدعى عليها أو ضدها من إجراءات مما يتعين معه القضاء برفض الادعاء بالتزوير وبصحة السند المؤرخ 16/ 3/ 1954، وقد جاء بالحكم المطعون فيه ما يلى (أن الحكم المستأنف فى محله للأسباب التى بنى عليها والتى تأخذ بها هذه المحكمة والتى تتضمن الرد سلفاً على القرائن التى ساقتها المستأنفة - الطاعنة - فى صحيفة استئنافها فى شأن صحة عقد البيع الذى ثبت أنه يحمل توقيعاً صحيحاً صادراً منها ولا يجديها ما أثارته من إحداث تغيير فى مبانى العين المبيعة ذلك لأن العبرة فى تحديد العين المبيعة يكون بوقت التعاقد وهو سابق على حدوث التغيير المدعى به فإذا ما ادعت المستأنفة بحدوث تغييرات فى وقت لاحق على تاريخ التصرف فهى وشأنها بالنسبة إليها) ولما كان لمحكمة الموضوع السلطة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وفى تقدير قيمة ما يقدم لها من أدلة وكان لا تثريب عليها فى الأخذ بأى دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية وبحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله وهى غير ملزمة بالتحدث فى حكمها عن كل قرينة من القرائن غير القانونية التى يدلى بها الخصوم استدلالاً على دعواهم من طريق الاستنباط كما أنها غير مكلفة بأن تتبع الخصوم فى مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل حجة أو قول أثاروه ما دام قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمنى المسقط لتلك الأقوال والحجج ، لما كان ذلك وكانت الأسباب التى استند إليها الحكم المطعون فيه سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها من القضاء بصحة العقد وتتضمن الرد على ما يخالفها، لما كان ما تقدم فان النعى على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وتقول فى بيان ذلك أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن العقد لا تتوافر فيه الأركان القانونية إذ أن مورث المطعون ضدها لم يوقع بوصفه مشترياً على عقد البيع وبذلك فإن إيجاب البائع لم يصادفه قبول من المشترى بما ينتفى معه انعقاد العقد، كما أن العقد وقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لأنه انصب على بيع تركة مستقبلة باعتبار أن المشترى وارث للبائعة وآية ذلك استمرار وضع يد البائعة (الطاعنة) على البيع وتراخى المشترى مورث المطعون ضدها فى رفع الدعوى لمدة عشر سنوات وإذ كان هذا البطلان متعلقاً بالنظام العام فانه يجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض، وكذلك فان العقد يفرض انعقاده صحيحاً يعتبر وصية طبقاً لنص المادة 917 من القانون المدنى لاحتفاظ الطاعنة بحيازة المبيع وبحق الانتفاع به وأنها قد رجعت فى وصيتها وإذ لم يتناول الحكم المطعون فيه بحث هذه الأمور فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى فى شقه الأول مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بصحة عقد البيع تأسيسا على أنه قد توافرت له أركان انعقاده بعد أن تبين للمحكمة أن مورث المطعون ضدها قد أوفى بالتزامه بدفع الثمن كاملاً إلى الطاعنة وتسلم العقد الموقع عليه منها وأن المطعون ضدها - الوارثة للمشترى - قد تمسكت بهذا العقد فى مواجهة البائعة وأقامت دعواها عليها بصحته ونفاذه مما مؤداه أن الحكم اعتبر ذلك قبولاً من المشترى للبيع يغنى عن توقيعه على العقد وهذا من الحكم لا خطأ فيه ولا قصور، والنعى فى شقة الثانى فى غير محله ذلك أن التحايل الممنوع على أحكام الإرث لتعلق الإرث بالنظام العام هو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ما كان متصلاً بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعاً كاعتبار شخص وارثا وهو فى الحقيقة غير وارث أو العكس وكذلك ما يتفرغ عن هذا الأصل من التعامل فى التركات المستقبلة كإيجاد ورثة قبل وفاة المورث غير من لهم حق الميراث شرعاً أو الزيادة أو النقص فى حصصهم الشرعية، ويترتب على هذا أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث فى حال صحته لأحد ورثته أو لغيرهم تكون صحيحة ولو كان يترتب عليها حرمان بعض ورثته أو التقليل من أنصبتهم فى الميراث لأن التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته، أما ما يكون قد خرج من ماله حال حياته فلا حق للورثة فيه ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن العقد مثار النزاع قد صدر منجزاً فإن النعى على الحكم بهذا الشق يكون على غير أساس والنعى فى شقة الأخير غير مقبول ذلك أنه لما كان تحقيق القرينة المنصوص عليها فى المادة 917 من القانون المدنى بشرطيها وجواز التدليل على عكسها من أمور الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع وكانت الطاعنة لم تتمسك بذلك أمام تلك المحكمة فإنه لا يقبل منها التحدى به أمام محكمة النقض لأول مرة ومن ثم فإن النعى على الحكم بهذا السبب برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى فى السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى القانون والقصور فى التسبيب وتقول فى بيان ذلك أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأنها أقامت مكان المنزل المبيع بناءً جديداً وأن من حقها لذلك أن تحبس المبيع تحت يدها حتى تستوفى ما أنفقته فى البناء وذلك إعمالاً لنص المادة 246 من القانون المدنى، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهرى وقضى بالتسليم مما يعيبه بالخطأ فى القانون والقصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أنه يبين من مطالعة مذكرة الطاعنة التى قدمتها أمام محكمة الاستئناف لجلسة 5/ 3/ 1968 أنها تمسكت فى دفاعها بأن المبانى القديمة التى كانت مقامة على العين محل العقد قد أزيلت وأنها أنشأت مكانها مبانى جديدة وأنه من حقها لذلك أن تحبس العين المبيعة تحت يدها حتى تستوفى قيمة البناء الذى شيدته لما كان ذلك وكانت المادة 246 من القانون المدنى تقضى بأن "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفى ما هو مستحق له" ومفاد ذلك أن لحائز الشيء الذى أنفق مصروفات ضرورية أو نافعة حق حبسه حتى يستوفى ما هو مستحق له يستوى فى ذلك أن يكون الحائز حسن النية أو سيئها إذ أعطى القانون بهذا النص الحق فى الحبس للحائز مطلقاً، وبذلك يثبت لمن أقام منشآت على أرض فى حيازته الحق فى حبسها حتى يستوفى التعويض المستحق له عن تلك المنشآت طبقاً للقانون، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتسليم دون أن يرد على دفاع الطاعنة من أن من حقها أن تحبس العين المبيعة تحت يدها حتى تستوفى من المطعون ضدها ما هو مستحق لها من تعويض عن البناء الذى أقامته، وهو دفاع جوهرى قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإن الحكم يكون معيبا بالخطأ فى القانون والقصور فى التسبيب بما يستوجب نقضه فى هذا الخصوص.


(1) نقض 7/ 3/ 1972 مجموعة المكتب الفنى السنة 73 صـ 298. نقض 31/ 3/ 1970 مجموعة المكتب الفنى السنة 21 صـ 531.