مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1997 إلى آخر فبراير سنة 1998) - صـ 555

(60)
جلسة 28 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ رائد جعفر النفراوى، وجودة عبد المقصود فرحات، ومحمد عبد الرحمن سلامة، وعلى عوض محمد صالح نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 3898 و3903 لسنة 41 قضائية عليا

أجانب - حظر تملك الاراضى الزراعية - حكم الإعفاء من ضريبة الأطيان.
المادة (1) من القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها، القانون رقم 113 لسنة 1939 بشأن ضريبة الأطيان.
يتعين لاعتبار الأرض غير زراعية وبالتالى إخراجها من نطاق حظر تملكها أن يتوافر لها من تاريخ العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963 شرطان:
1- أن تقع فى نطاق المدن والبلاد التى تسرى عليها أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الاراضى المعدة للبناء.
2- أن تكون الأرض غير خاضعة لضريبة الأطيان - إذا كانت الأرض مربوطة بضريبة الأطيان فإنه لا سند للقول بإخراجها من دائرة حظر تملكها بمقولة أنها غير مستغلة فى الزراعة - ربط الضريبة على أرض معينة إنما يعنى خضوعها لهذه الضريبة بل إن الإعفاء من الضريبة يعنى كذلك أنها بحسب الأصل خاضعة لها ولكن بسبب ما نص عليه القانون تقرر إعفاؤها فلا يتصور الإعفاء من الضريبة دون خضوع لها - الإعفاء فى مثل هذه الحالة يكون قاصراً على مجرد تحصيلها. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 4/ 7/ 1995 أودع الاستاذ ...... المحامى نائباً عن الطاعن فى الطعن الأول قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3898 لسنة 41 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقود والتعويضات) بجلسة 7/ 5/ 1995 فى الدعوى رقم 837 لسنة 37 ق والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعية مبلغاً مقداره مليون جنيه والمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وفى ذات التاريخ أودع الأستاذ/ ..... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنة فى الطعن الثانى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن فى ذات الحكم قيد بجدولها تحت رقم 3903 لسنة 41 ق. ع وطلبت الطاعنة - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يدفع للطاعنة مبلغاً قدره أربعة ملايين وثلاثمائة واثنان ألفاً وثمانمائة وثلاثة عشر جنيهاً مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى مع حفظ كافة حقوق الطاعنة الأخرى.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعنين رأت فيه الحكم بقبولهما شكلاً ورفضهما موضوعا وإلزام الطاعنين المصروفات.
تم نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 17/ 3/ 1997 ضم الطعن رقم 3903 لسنة 41 ق. ع إلى الطعن رقم 3898 لسنة 41 ق. ع ليصدر فيهما حكم واحد ثم قررت بجلسة 20/ 7/ 1997 إحالتهما إلى هذه المحكمة لنظرهما بجلسة 12/ 10/ 1997 حيث نظرتهما المحكمة بهذه الجلسة وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات قررت إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة 21/ 12/ 1997 مع مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين حيث قدم وكيل السيدة ...... مذكرة بتاريخ 21/ 10/ 1997 وبجلسة اليوم صدر الحكم فى الطعنين وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعنين استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن عناصر النزاع تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - أنه بتاريخ 2/ 12/ 1982 أقامت السيدة ....... الدعوى رقم 837 لسنة 37 ق ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) طالبة الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع لها مبلغاً مقداره خمسة ملايين جنيه تعويضاً عن الأضرار التى أصابتها نتيجة صدور قرار الاستيلاء غير المشروع على الأرض المملوكة لها مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وحفظ كافة حقوق المدعية فى زيادة التعويض.
وذكرت المدعية شرحاً لدعواها أنها سويسرية الجنسية بالزواج وكانت أصلاً مصرية الجنسية وتمتلك أرض مبان داخلة ضمن كردون مدينة شبرا الخيمة محافظة القليوبية مساحتها عشرة أفدنة وخمسة قراريط وواحد وعشرين سهما وأن هذه الأرض دخلت فى كردون مدينة شبرا الخيمة بالمرسوم الملكى الصادر فى 10/ 12/ 1943 وقد استولى الإصلاح الزراعى على هذه الأرض بموجب محضر مؤرخ فى 26/ 6/ 1963 تطبيقا للقانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية، فقدمت اعتراضاً إلى اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعى طالبة استبعاد المساحة المملوكة لها من الاستيلاء عليها لعدم انطباق القانون عليها لأنها أرض مبان داخل كردون مدينة شبرا الخيمة وتقع على شوارع قائمة فعلاً بالطبيعة ومحاطة بمساكن الأهالى مقامة منذ أكثر من عشرين عاماً وبتراخيص من مجلس المدينة وأن هذه الأرض يسرى عليها القانون رقم 52 لسنة 1940 وأن ربط ضريبة الأطيان عليها تم بطريق الخطأ وكان يتعين رفعها منذ مدة طويلة وأن خطأ الجهة المختصة بعدم رفع الضريبة الزراعية لا يكون سبباً فى ضياع حقوق المدعية ولا تتحمل نتيجته ولم يكن لها - وهى تحت الحراسة - قدرة على دفعه أو تفاديه فضلاً عن أنه تم رفع هذه الضريبة عن جزء من نفس الأطيان الواقعة بالحوض موضوع الاعتراض.
وبتاريخ 28/ 5/ 1975 قررت اللجنة رفض الاعتراض موضوعاً، فأقامت المدعية طعناً فى هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا التى قضت بجلسة 15/ 5/ 1979 بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وبعدم جواز نظر الاعتراض وذلك لصدور قرار الاستيلاء النهائى على الأطيان مستوفياً الإجراءات القانونية المنصوص عليها فى اللائحة التنفيذية للقانون رقم 178 لسنة 1952 وقد أقيم الاعتراض بعد الميعاد المقرر قانوناً بالمادة 13 مكرراً من القانون سالف الذكر.
وأضافت المدعية أنها تطلب الحكم لها بتعويض قدره خمسة ملايين جنيه عما أصابها من أضرار من جراء القرار غير المشروع بالاستيلاء على أرضها المشار إليها بعد أن توافرت أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية حيث تمثل الخطأ فى قرار الاستيلاء غير المشروع فيما تضمنه من الاعتداء على حق الملكية وعدم رفع ضريبة الأطيان المقررة على الأرض محل النزاع بعد أن أصبحت أرض مبان ودخلت كردون مدينة شبرا الخيمة وتمثل الضرر فى حرمان المدعية من ملكيتها وقيام رابطة السببية بين الخطأ والضرر وتقدر المدعية قيمة الأرض المغتصبة بأربعة ملايين جنيه ونصف وقيمة الفائدة التى كانت ستعود عليها ولو لم تحرم من ملكية الأرض طيلة هذه السنوات بنصف مليون جنيه وبذلك يكون مجموع التعويض خمسة ملايين جنيه.
تم تداول الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى حيث أصدرت أولاً حكماً تمهيدياً بندب خبير لمعاينة أرض النزاع على الطبيعة والتحقق من دخولها كردون مدينة شبرا الخيمة محافظة القليوبية وفقاً للمرسوم الملكى الصادر فى 10/ 12/ 1943 وفقاً لحدود نطاق هذه المدينة المحدد بالمرسوم المشار إليه والخرائط المساحية والمبانى السكنية والحكومية الملاصقة لهذه الأرض وتاريخ إقامتها وبيان الشوارع التى تطل عليها هذه الأرض وتاريخ إنشائها وبيان تاريخ فرض عوائد المبانى على هذه الأرض وتاريخ رفع ضريبة الأراضى الزراعية عن الأرض الملاصقة لها بذات الحوض وتحديد مساحة هذه الأرض وقيمتها وقت الاستيلاء عليها وقيمتها (الآن) فى ضوء ظروف المنطقة وما طرأ عليها من تحسينات واستهداء بالبيوع التى تمت وقت الاستيلاء وفى تاريخ معاصر لمباشرة الخبير لمأموريته من واقع البيوع المساحية بمصلحة الشهر العقارى والتوثيق فى المنطقة فى التاريخين المشار إليهما.
ثم أعيد تداول الدعوى أمام المحكمة بعد أن أودع الخبير الثانى تقريره أثر صدور حكم المحكمة ببطلان عمل الخبير الأول وذلك حتى أصدرت المحكمة بجلسة 7/ 5/ 1995 حكمها المطعون فيه شيده إياه فيما يتعلق برفض الدفع بسقوط الحق فى المطالبة بالتعويض بالتقادم على أن دعوى التعويض رفعت قبل انقضاء خمسة عشر عاما.
وعن طلب الهيئة المدعى عليها إخراجها من الدعوى على سند أنها قامت بإخطاره وزارة المالية لصرف مبلغ 4015.957 جنيه عن الأراضى المستولى عليها وإصدارها شيكاً بهذا المبلغ من البنك المركزى فقد ردت المحكمة على ذلك بأن الدعوى تقوم على أساس المطالبة بالتعويض عن الضرر الذى سببه قرار الهيئة المدعى عليها وهو قرار الاستيلاء النهائى رقم 111 الصادر فى 15/ 8/ 1968 الأمر الذى يفقد طلب الهيئة سنده.
وفيما يتعلق بموضوع الدعوى بحثت المحكمة فى جنسية المدعية وانتهت إلى أنها وإن كانت مصرية الجنسية أصلاً إلا أنها فقدت هذه الجنسية بزواجها من شخص سويسرى الجنسية سنة 1946 ثم استردت الجنسية المصرية بتاريخ 12/ 4/ 1983 وخلصت من ذلك إلى أن المدعية لم تكن مصرية الجنسية إبان تطبيق القانون رقم 15 لسنة 1963 ومن ثم فإنها تكون خاضعة لهذا القانون ومخاطبة بأحكامه.
وبالنسبة لمدى خضوع الأراضى المملوكة للمدعية لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 فقد رأت المحكمة أن مفاد حكم المادة الأولى من القانون المذكور أن المشرع بعد أن حظر على الأجانب تملك الأراضى الزراعية فى مصر استثنى من ذلك الأراضى غير المستغلة فى الزراعة فعلاً قبل العمل بأحكامه إذا تحقق لها شرطان:
1- أن تكون داخلة فى نطاق المدن والبلاد التى تسرى عليها أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940.
2- ألا تكون خاضعة لضريبة الأطيان.
ورأت أن المعول عليه فى خضوع الأرض لضريبة الأطيان هو دخولها بحسب طبيعتها فى عداد الأراضى التى تخضع لتلك الضريبة وفقاً للقانون المنظم لذلك من ناحية وكيفية استغلالها من ناحية أخرى، وأن المستفاد من نصوص القانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان أن هذه الضريبة تفرض على الأرض الزراعية والقابلة للزراعة وبالتالى فهى تقوم أساساً على الاستغلال الزراعى ما دام ذلك ممكناً واتساقا مع هذه الغاية أخرج المشرع من مجال سريان هذه الضريبة الأراضى الداخلة فى نطاق المدن المربوط على مبانيها عوائد أملاك ما دامت لا تزرع فعلاً، وعلى هذا المقتضى فإن دخول الأرض فى نطاق إحدى المدن التى تخضع مبانيها لعوائد الأملاك واستغلالها على وجه الأصالة فى غرض آخر غير الزراعة ينأى بها عن الخضوع لضريبة الأطيان، ولا يغير من ذلك أن تظل هذه الضريبة مربوطة عليها سواء لتراخى المالك فى اتخاذ ما يلزم من إجراءات لرفعها أو لأن جهة الإدارة المختصة ماطلت فى اتخاذ هذا الإجراء أو لغير ذلك من الأسباب إذ يعتبر هذا الواقع على خلاف القانون ولا وزن له ولا اعتداد به فى مجال المشروعية.
وأضافت المحكمة أنه لما كان الثابت أن الأرض موضوع النزاع قد دخلت ضمن كردون مدينة شبرا الخيمة بالمرسوم الملكى المؤرخ 15/ 12/ 1943 ومن ثم تدخل ضمن المدن الخاضعة للقانون رقم 52 لسنة 1940 وبذلك يتحقق الشرط الأول لاعتبار أرض المدعية أرضاً غير زراعية فى ضوء أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 وبالنسبة للشرط الثانى فإنه رغم خضوعها لضريبة الأطيان فإن الثابت أن الأرض ذاتها فرضت عليها عوائد المبانى اعتباراً من أول يناير سنة 1944 وذلك بموجب المرسوم الملكى الصادر فى 15/ 12/ 1944 وبالتالى فإنها تكون من الأراضى التى أخرجها المشرع من مجال سريان ضريبة الأطيان باعتبارها من الأراضى الداخلة فى نطاق المدن والمربوط على مبانيها عوائد أملاك ما دامت لا تزرع فعلاً الأمر الذى كان يتعين معه أن تنأى هذه الأرض عن الخضوع لضريبة الأطيان، وأنه وقد توافر لأرض النزاع الشرطان اللازمان لاعتبارها أرضاً غير زراعية فى مجال أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 وبالتالى لا يرد عليها الحظر المنصوص عليه فى هذا القانون وتخرج عن نطاق الاستيلاء المقرر بالقانون المذكور.
واستطردت المحكمة أنه وقد استغلق على المدعية سبيل إلغاء القرار المذكور بعد استنفاذ وسائل الطعن المقررة فإنه وقد تم استظهار عدم مشروعية القرار على النحو السالف بيانه وأن ركن الضرر الذى حاق بالمدعية ثابت بحرمانها من ملكتيها الخاصة للارض التى تم الاستيلاء عليها وقد نتج هذا الضرر عن خطأ الإدارة ومن ثم يكون قد توافرت علاقة السببية بين الخطأ والضرر لذا فإن المحكمة تقدر تعوضاً جابرا لما أصاب المدعية من أضرار من جراء قرار الاستيلاء غير المشروع بمبلغ مليون جنيه بمراعاة الحد الأدنى لسعر الأرض محل النزاع وفقاً لتقدير اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة.
ويقوم الطعن رقم 3898 لسنة 41 ق. ع المقام من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى على أن الحكم محل الطعن مخالف للقانون والواقع ولما جاء بالمستندات القاطعة فى النزاع ولما ثبت بتقرير الخبير بأن الأرض أرض زراعية وأن به خطأ فى تطبيق القانون وتأويله وفساد فى الاستدلال لما يلي:
أولاً: سقوط الحق فى المطالبة بالتعويض لمضى أكثر من خمس سنوات من تاريخ الاستيلاء على أرض النزاع لأن ديون الحكومة تسقط بالتقادم الخمسى علاوة على أن دعوى التعويض رفعت بعد مضى أكثر من خمسة عشرة سنة من صدور قرار الاستيلاء الابتدائى بموجب محضر الاستيلاء المؤرخ 26/ 6/ 1963 وليس من قرار الاستيلاء النهائى الصادر بتاريخ 15/ 8/ 1968.
ثانياً: عدم توافر شرط المصلحة لأن الهيئة الطاعنة قامت بإخطار وزارة المالية لصرف مبلغ 4015.957 جم تعويضاً عن الأرض المستولى عليها وصدر بذلك شيك من البنك المركزى وبذلك لا يكون للمدعية (المطعون ضدها) مصلحة فى الدعوى لأخذها التعويض وتجنيبه وقد طلبت الهيئة إخراجها من الدعوى بلا مصاريف إلا أن المحكمة طرحت ذلك الدفاع المؤثر والمهم بما يجعل الحكم مخالفاً للقانون.
ثالثاً: مخالفة الثابت فى الأوراق حيث إن الخبير قرر أن الأرض موضوع الطعن أرض زراعية مربوط عليها ضريبة مبانى واعترفت بذلك المطعون ضدها فى إقرارها وفى عريضة دعواها ومع ذلك اعتبر الحكم الأرض أرض بناء تخرج من نطاق القانون رقم 15 لسنة 1963 فيكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق مخالفة جسيمة خاصة وأنه لا عبرة بما أبدته المطعون ضدها من أن ربط المساحة أرضاً زراعية كان على سبيل الخطأ إذ كان عليها تصحيح هذا الخطأ حيث أن العبرة بالربط وقت الاستيلاء بالقانون رقم 15 لسنة 1963.
رابعاً: مخالفة الثابت بالأحكام السابقة حيث سبق للمطعون ضدها إقامة اعتراض على قرار الاستيلاء ثم طعناً أمام المحكمة الإدارية العليا قضى فيه برفضه ومن ثم ما كان يجوز معاودة الفصل فى النزاع لما فى ذلك من إهدار لحجية الأحكام.
خامساً: عدم توافر أركان المسئولية الموجبة للتعويض من خطأ وضرر وعلاقة سببية لأن قرار الاستيلاء قرار صحيح مؤيد بأحكام قضائية وبما ثبت بتقرير الخبير من أن الأرض محل النزاع أرض زراعية مربوطة بضريبة الأطيان الزراعية وقت خضوعها للقانون 15 لسنة 1963 ومن ثم لا يتوافر الخطأ فى جانب الإدارة ولا يكون بالتالى للمطعون ضدها الحق فى التعويض ويكون الحكم قد أخطأ فى تطبيق القانون فضلاً عن المغالاة فى تقدير التعويض.
ولهذه الأسباب ولما سوف تبديه من أسباب أخرى أثناء المرافعة طلبت الهيئة الحكم لها بطلباتها السالف ذكرها.
ويقوم الطعن رقم 3903 لسنة 41 ق. ع على أن الحكم الطعين - مع الإقرار بسلامة مساندة القانون - قد جانبه التوفيق إذ جاء قاصراً فى استدلاله الخاص بقيمة التعويض المقضى به للطاعنة للأسباب الآتية:
أولاً: أغفل الحكم ما انتهى إليه خبير الدعوى من أن أرض النزاع مسطحها 10 ف 5 ط 21 س وتدخل ضمن كردون مدينة شبرا الخيمة وفقاً للمرسوم الصادر فى 10/ 12/ 1943 أو أن ابتداء فرض العوائد عليها سنة 1944 وتقع على شارعين ويشطرها شارع مستجد ومقام على جانبها مبان سكنية وتقدر قيمتها فى تاريخ معاصر لمباشرة الخبير لمأموريته بمبلغ 4.302.813 جنيهاً، وأغفل الحكم هذا التقدير وقدر قيمة الأرض طبقاً لتقدير اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة دون أن يقوم بالرد على النتيجة التى انتهى إليها خبير الدعوى والتى لو تصدت لها المحكمة لانتهى حكمها إلى غير ما انتهت إليه بالنسبة للشق الخاص بتقدير التعويض.
ثانياً: أن المحكمة وقد قررت توافر أركان المسئولية المدنية فى جانب الإدارة نتيجة إصدارها لقرار الاستيلاء كان يتعين عليها تقدير التعويض بمقدار ما أصاب المضرور ومفاده حرمانه من الثمن الحقيقى الذى كان يستحق له لو أن الأرض موضوع النزاع ظلت بين يديه ولم يحرم منها نتيجة القرار المشوب بالبطلان وهو التعويض الذى قدره خبير الدعوى لا أن تقدره جزافياً بمليون جنيه جاعلة رائدها فى ذلك ما تقترحه اللجنة العليا لتثمين الأراضى فى حالة بيعها بالتراضى وفقاً لأحكام القانون المدنى.
ولهذه الأسباب وما ذكرته أنها ستبديها بالمرافعة والمذكرات اختتمت الطاعنة تقرير الطعن بطلباتها سالفة البيان، ومذكرته المؤرخة 21/ 10/ 1997 تناول وكيل الطاعنة الرد على أسانيد الطعن المقام من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى والتمس فى نهايتها الحكم:
أولاً: برفض الطعن رقم 3898 لسنة 41 ق. ع مع إلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وثانياً: الحكم بإلزام رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بصفته بأن يؤدى للطاعنة مبلغاً مقداره 4.302.813 جنيهاً طبقاً لما قدره الخبير المنتدب فى الدعوى وذلك عن الأضرار التى أصابتها نتيجة لصدور قرار الاستيلاء غير المشروع على الأرض المملوكة للطاعنة مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالدفع الوارد فى الطعن المقام من الهيئة العامة للإصلاح الزارعى بسقوط الحق فى التعويض لمضى أكثر من خمس سنوات من تاريخ الاستيلاء على أرض النزاع باعتباره من ديون الحكومة فضلاً عن مضى أكثر من خمسة عشر عاماً على تاريخ صدور قرار الاستيلاء الابتدائى بتاريخ 26/ 6/ 1963 فإنه لما كان التعويض عن القرارات المطعون فى شرعيتها لا يعتبر من الديون التى يسقط الحق فى المطالبة بها بخمس سنوات كما أنه فضلاً عن أن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه قد أقيمت بتاريخ 2/ 12/ 1982 قبل مضى خمسة عشر عاماً على نشر قرار الاستيلاء الابتدائى بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 106 الصادر فى 13/ 5/ 1968 فإن مدة السقوط قد انقطعت بالاعتراض الذى أقامته المطعون ضدها أمام اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعى ثم بالطعن فى قرار اللجنة المذكورة أمام المحكمة الإدارية العليا ومن ثم يكون الدفع المذكور على غير أساس بما يتعين معه الحكم بعدم قبوله.
وفيما يتعلق بالدفع الوارد بذات التقرير بعدم توافر شرط المصلحة بعد أن أقامت الهيئة بإخطار وزارة المالية لصرف التعويض المستحق للمطعون ضدها والمقدر بمبلغ 401.957 جنيه فإن هذا الدفع مردود عليه بأن المطعون ضدها لا تطالب بالتعويض وفقاً للقانون رقم 15 لسنة 1963 وإنما بتعويضها عن الاستيلاء على أرضها وفقاً لهذا القانون رغم ما تدعيه من عدم خضوع الأرض المملوكة لها لأحكامه بما يتوافر معه شرط المصلحة فى هذا الطلب ويكون الدفع بعدم توافر هذا الشرط على غير أساس جديراً بعدم القبول.
ومن حيث إنه لا خلاف فيما يتعلق بأن المطعون ضدها وإن كانت مصرية الجنسية أصلاً إلا أنها اكتسبت الجنسية السويسرية بزواجها قبل العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها وإن استردت الجنسية المصرية بعد ذلك فى تاريخ لاحق على تاريخ العمل بالقانون المذكور ومن ثم خضعت لأحكام هذا القانون باعتبارها أجنبية.
ومن حيث إن المادة (1) من القانون رقم 15 لسنة 1963 تنص على أنه "يحظر على الأجانب سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين تملك الأراضى الزراعية وما فى حكمها من الأراضى القابلة للزراعة والبور والصحراوية... ولا تعتبر أرضاً زراعية فى تطبيق أحكام هذا القانون الأراضى الداخلة فى نطاق المدن والبلاد التى تسرى عليها أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 - بتقسيم الأراضى المعدة للبناء - إذا كانت غير خاضعة لضريبة الأطيان......"
وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن مفاد النص المتقدم أن القانون رقم 15 لسنة 1963 قد حدد ما لا يعتبر أرضاً زراعية فى تطبيق أحكامه، ولذلك فإنه يتعين إتباع هذا التحديد دون ما سواه من أحكام وردت بالقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى والقوانين المعدلة له أو التفسير التشريعى رقم 1 لسنة 1963، وعلى ذلك فإنه يتعين لاعتبار الأرض غير زراعية وبالتالى إخراجها من نطاق حظر تملكها أن يتوافر لها فى تاريخ العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963 شرطان:
أولهما: أن تقع فى نطاق المدن والبلاد التى تسرى عليها أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940.
وثانيهما: أن تكون الأرض غير خاضعة لضريبة الأطيان.
وعلى هذا الأساس وباعتبار أنه لا اجتهاد مع صراحة النص، إذا كانت الأرض مربوطة بضريبة الأطيان فإنه لا سند للقول بإخراجها من دائرة حظر تملكها بمقولة أنها غير مستغلة فى الزراعة إذ لو شاء المشرع ترتيب مثل هذا الحكم لما استعمل عبارة "إذا كانت غير خاضعة لضريبة الأطيان" ولاستبدال بها عبارة "إذا كانت غير مستغلة فى الزراعة" وغنى عن البيان أن ربط الضريبة على أرض معينة إنما يعنى خضوعها لهذه الضريبة بل إن إعفاء الأرض من الضريبة يعنى كذلك أنها بحسب الأصل خاضعة لها ولكن بسبب ما نص عليه القانون تقرر إعفاؤها فلا يتصور الإعفاء من الضريبة دون خضوع لها، فالإعفاء فى مثل هذه الحالة يكون قاصراً على مجرد تحصيلها.
وإنه من حيث إن الخضوع لضريبة الأطيان بربطها على أرض معينة يفيد واقعاً ثابتاً يقوم قرينة قاطعة لا تقبل إثبات عكسها على أن هذه الأرض كانت متوافرة فيها الشروط المنصوص عليها فى القانون الصادر بفرضها وهو القانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان.
وأنه من حيث إنه بالرجوع إلى القانون رقم 113 لسنة 1939 المشار إليه يبين أنه بعد إذ نص فى المادة الأولى منه على فرض الضريبة على جميع الأراضى المنزرعة فعلاً أو القابلة للزراعة، وبين فى المواد التالية أساس تقرير هذه الضريبة وكيفية ربطها وحالات عدم الخضوع لها وحدد فى المادة العاشرة منه حالات رفع الضريبة ومن بينها ما نصت عليه المادة فى فقرتها 6 و7 (وهما خاصتان بإقامة مبان على الأرض) ونص فى المادة 11 على ألا ترفع الضريبة فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة العاشرة إلا بناء على طلب من صاحب الشأن ومن تاريخ هذا الطلب وناط فى المادة (12) باللجان المنصوص عليها فى المادتين الثالثة والسابعة من المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 تحقيق طلبات الرفع والفصل فيها ابتدائياً واستئنافياً ونظم فى المرسوم الصادر فى 14 فبراير 1940 الإجراءات الخاصة بالنظر فى طلبات رفع الضريبة.
وأنه من حيث إنه يبين من استقراء الأحكام السابقة أن ثمة تنظيم متكامل أصدره المشرع لضريبة الأطيان راعى فيه المرونة تحسباً لما قد يطرأ على الأرض من طارئ يدخلها فى مجال الخضوع للضريبة أو يخرجها منه، غير أن المشرع قد اشترط لرفع الضريبة طلب ذوى الشأن، ومن ثم إزاء هذا النظام الملزم فإنه يتعين إعمال أحكامه عند تطبيق القانون رقم 15 لسنة 1963 وذلك فى خصوص تحرى شرط أن تكون الأرض غير خاضعة لضريبة الأطيان حتى تخرج من نطاق حظر تملكها للأجانب، والقول بغير ذلك يؤدى إلى إهدار الأحكام الأساسية التى تضمنها القانون المنظم لغرض الضريبة (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 4/ 2/ 1986 فى الطعن رقم 3165 لسنة 29 ق مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا لسنة 31 العدد الأول ص 1069).
ومن حيث إنه بتطبيق المبدأ المتقدم وقائع النزاع الماثل فإنه فضلاً عن إقرار المطعون ضدها بأن الأرض محل التداعى كانت وقت الاستيلاء عليها خاضعة لضريبة الأطيان وإن ادعت أن هذا الربط تم بطريق الخطأ وكان يتعين رفعها منذ أكثر من عشرين عاما، فإن تقارير الخبراء المنتدبين فى الدعوى قد أجمعت على أن الأرض المذكورة كانت فى تاريخ الاستيلاء عليها مربوطا عليها ضريبة أطيان زراعية ومؤجرة لصغار المزارعين (تقرير الخبير المؤرخ 24/ 4/ 1986 وتقرير الخبير المؤرخ 23/ 11/ 1993) والذى ورد فى البند ثانياً منه أن أرض التداعى بطبيعتها أرضاً زراعية مربوطة بضريبة الأطيان الزراعية وقت العمل بأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 والذى تم الاستيلاء بموجبه عليها.. وقد تم نقل تكليف أرض التداعى لاسم الإصلاح الزراعى عقب صدور قرار الاستيلاء عليها ونقلت المسطحات من الأطيان المربوطة بضريبة الأطيان الزراعية إلى الأطيان غير المربوطة منذ عام 1979 وحتى (الآن) نتيجة تعديل الضرائب ثم أورد فى البنود ثالثاً ورابعاً وخامساً وسادساً وسابعاً التصرفات التى تمت فى أجزاء من أرض التداعى لمجس مدينة شبرا الخيمة والشركة المصرية العامة للمبانى الريفية وشركة النصر للمرافق وشركة المقاولون العرب وتواريخ إقامة المبانى عليها بدءاً من سنة 1975.
وفى ضوء ما سلف فإن الأرض محل النزاع كانت - وقت العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963 أرضا زراعية ومن ثم تسرى عليها أحكام القانون المذكور بحظر تملك المطعون ضدها لها وأيلولتها للدولة مقابل التعويض المحدد وفقاً لأحكام هذا القانون وبالتالى يكون القرار الصادر بالاستيلاء على الأرض المذكورة استناداً للقانون المشار إليه موافقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ما رددته المطعون ضدها فى دعواها وفى تقرير الطعن المقدم منها من أن أرض التداعى دخلت فى كردون مدينة شبرا الخيمة وفرضت عليها ضريبة مبان اعتباراً من أول يناير سنة 1944 بموجب المرسوم الصادر فى 15/ 12/ 1943 المنشور فى الوقائع المصرية العدد 148، ذلك أن المرسوم المذكور - حسبما يبين من صورته المودعة ملف الدعوى يقضى فى المادة 1 منه بأنه ابتداء من أول يناير سنة 1944 تؤخذ عوائد بواقع جزء من أثنى عشر من قيمة الأجرة السنوية على الأملاك المبنية بنواحى شبرا الخيمة والأميرية ودمنهور شبرا وبهتيم ومسطرد الجميع بمأمورية ضواحى مصر بمديرية القليوبية، ومفاد الحكم المذكور أن فرض العوائد المقرر به إنما تكون على الأملاك المبنية دون غيرها وهو ما لا يتوافر فى أرض النزاع حيث لم تقم عليها مبان إلا اعتباراً من سنة 1975 حسبما سلف البيان.
ومن حيث إنه وقد ثبت أن أرض النزاع كانت أرضاً زراعية مربوطة بضريبة الأطيان فى تاريخ العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963 ولم تطلب المطعون ضدها رفع الضريبة المذكورة عن هذه الأرض قبل هذا التاريخ وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً لرفع الضريبة ولا يشفع لها فى تراخيها فى القيام بهذا الإجراء ادعاؤها كونها كانت تحت الحراسة ذلك أن فرض الحراسة على أموال وممتلكات السادة أحفاد المرحوم/ ...... تم بالقرار رقم 674 لسنة 1965 الصادر فى 16/ 3/ 1965 كما أنه لا يجديها الادعاء بأن استمرار ربط ضريبة الأطيان تم بخطأ من الجهة المختصة فى ضوء ما سبق بيانه من أن رفع هذه الضريبة إنما يتم بناء على طلب ذوى الشأن.
ومن حيث إنه وفقاً لما سلف يكون القرار الصادر بالاستيلاء على الأرض محل النزاع وقد جاء موافقاً لأحكام القانون بما ينتفى معه ركن الخطأ المستوجب للتعويض فتكون دعوى المطعون ضدها على غير سند من القانون متعيناً رفضها وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون على غير أساس سليم بما يستوجب القضاء بإلغائه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المطعون ضدها المصروفات.