أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1320

جلسة20 من ديسمبر سنة 1973

المؤلفة من السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدى رئيساً وعضوية السادة المستشارين/ محمد سيد أحمد حماد، على صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين، عز الدين الحسينى - أعضاء.

(227)
الطعنان رقما 142 و166 لسنة 37 القضائية

(1) ملكية. "نطاق حق الملكية". بيع. إصلاح زراعى.
استعمال حق الملكية كان وما يزال مقيداً بمراعاة أحكام القانون. مادتان 802، 806 مدنى. مؤدى ذلك. عدم تأثير القيود التى أوردها قانون الإصلاح الزراعى فى هذا الخصوص على عقود بيع الأراضى الزراعية القائمة وقت صدوره.
(2) إصلاح زراعى.
أحكام تحديد أثمان الأراضى الزراعية الواردة بقانون الإصلاح الزراعى. تعلقها فقط بالأطيان المستولى عليها فى حدود العلاقة بين الدولة وبين المستولى لديهم.
(3، 4) التزام. "نظرية الظروف الطارئة". بيع. حوادث طارئة.
(3) ما ورد بالمادة 147/ 2 مدنى. رخصة يجريها القاضى عند توافر شروط معينة. قصر سلطته بشأنها على رد الالتزام التعاقدى الذى لم يتم تنفيذه إلى الحد المعقول إذا كان تنفيذه مرهقاً للمدين. مثال بالنسبة لعقد بيع.
(4) تطبيق المادة 147/ 2 مدنى. مقتضاه. تحميل المدين الخسارة المألوفة التى كان يمكن توقعها عادةً وقت التعاقد. تقسيم ما زاد على ذلك من خسارة غير مألوفة بين المتعاقدين.
(5) نقض. "أثر نقض الحكم". محاماة.
القضاء بالمقاصة فى أتعاب المحاماة. تأسيسه على قضاء تم نقضه. وجوب نقضه كذلك.
1 - النص فى المادتين 802، 806 من القانون المدنى على أن "لمالك الشىء فى حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه. وأن يراعى فى ذلك ما تقضى به القوانين والمراسيم واللوائح......" يدل على أن استعمال حق الملكية كان وما يزال مقيداً بمراعاة أحكام القانون ومن ثم فلا يكون للقيود التى أوجبها قانون الإصلاح الزراعى أى تأثير على عقود بيع الأراضى الزراعية القائمة وقت صدوره.
2 - الأحكام الخاصة بتحديد أثمان الأراضى الزراعية الواردة بقانون الإصلاح الزراعى تتعلق فقط بالأطيان التى تستولى عليها الحكومة فعلاً وفقاً لأحكامه - وفى حدود العلاقة بين الدولة وبين المستولى لديهم.
3 - تعطى المادة 147/ 2 من القانون المدنى القاضى رخصة يجريها عند توافر شروط معينة وتقتصر سلطته بشأنها على رد الالتزام التعاقدى الذى لم يتم تنفيذه إلى الحد المعقول إذا كان تنفيذه مرهقاً للمدين دون أن يكون له فسخ العقد أو إعفاء المدين من التزامه القائم أو إلزام الدائن برد ما استوفاه منه.
4 - لا يترتب على الأخذ بنظرية الظروف الطارئة وأثرها على العقد كما حددتها المادة 147/ 2 من القانون المدنى أن يرفع القاضى عن المدين كل ما لحق به من إرهاق ويلقى به على كاهل الدائن وحده، بل عليه أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، وذلك بتحميل المدين الخسارة المألوفة التى كان يمكن توقعها عادة وقت التعاقد، ويقسم ما يزيد على ذلك من خسارة غير مألوفة بين المتعاقدين، مراعياً فى ذلك كافة الظروف والموازنة بين مصلحة كل منهما، ومن ثم فلا يجوز إعفاء المدين من التزامه إعفاء تاما(1).
5 - متى كان قضاء الحكم بالمقاصة فى أتعاب المحاماة قد تأسس على قضاء تم نقضه، فإنه يتعين نقض الحكم فى هذا الخصوص كذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن ....... أقام الدعوى رقم 268 لسنة 1952 مدنى كلى المنصورة ضد....... يطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 17/ 2/ 1952 والمتضمن بيعه لهما 650 فدانا بثمن جملته 130090 جنيهاً و625 مليماً وبإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 10090 جنيهاً و625 مليماً قيمة الباقى من الثمن وفوائده القانونية اعتباراً من 18/ 11/ 1954 حتى السداد وطلب المدعى عليهما رفض الدعوى استناداً إلى أن عقد البيع أصبح باطلاً ولا يمكن تسجيله عملاً بحكم المادة الأولى من القانون رقم 178 لسنة 1952 وإلى استحالة قيام البائع بنقل الملكية إلى المشترين لامتلاك كل منهما أكثر من 200 فدان مما يجعل العقد منفسخاً طبقاً لنص المادة 159 من القانون المدنى واقاما على البائع دعوى فرعية طالبين إلزامه برد معجل الثمن وقدره ثلاثون ألفاً من الجنيهات مع فوائده القانونية - وطلب البائع رفض هذه الدعوى استناداً إلى أن عقد البيع وقد ثبت تاريخه قبل 23 يوليو سنة 1952 فإنه يكون صحيحاً ونافذاً بين طرفيه كما يعتد به فى مواجهة الإصلاح الزراعى ويجوز تسجيله وبالتالى فإنه ليس من حائل يحول دون تنفيذ التزامه بنقل الملكية إليهما - وفى 28/ 1/ 1957 حكمت المحكمة فى الدعوى الأصلية بصحة ونفاذ عقد البيع وبوقف المطالبه بباقى الثمن حتى يفصل نهائياً فى التعويض الذى تقدره الحكومة للأرض المبيعة المستولى عليها وإبقاء الفصل فى المصروفات وبرفض الدعوى الفرعية - استأنف البائع هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه فيما قضى به من وقف المطالبة بباقى الثمن والحكم له به واحتياطياً الحكم له مؤقتاً بمبلغ 40 ألف جنيه - وقيد هذا الاستئناف برقم 238/ 9 ق. كما استأنفه المشتريان طالبين إلغاءه والقضاء بوقف دعوى البائع والحكم لهما بطلباتهما فى الدعوى الفرعية وقيد استئنافهما برقم 305/ 9 ق وفى 29/ 12/ 1958 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى صحة ونفاذ عقد البيع وإلزام البائع بأن يدفع للمشتريين مبلغ ثلاثين ألف جنيه والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ 18/ 10/ 1954 فطعن البائع فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 44/ 29 ق - وبتاريخ 30/ 4/ 1964 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه استناداً إلى أنه متى كان تصرف الطاعن ثابت التاريخ قبل 23 يوليو سنة 1952 وقد وقع صحيحاً طبقاً لأحكام القانون المدنى فإنه يبقى على صحته ملزما لعاقديه كما يسرى قبل جهة الإصلاح الزراعى ويجوز شهره ولو كان من شأن ذلك أن يجعل المتصرف إليه مالكاً لأكثر من مائتى فدان وأنه فى هذه الحالة تخضع الزيادة لأحكام الاستيلاء المقررة فى ذلك القانون ويجرى الاستيلاء عليها لدى المتصرف إليه - ولما عجل البائع الدعوى لدى محكمة استئناف المنصورة عادت فى 23/ 1/ 1967 فحكمت أولاً: بقبول الاستئنافين شكلاً - ثانياً: برفض الدفع بسقوط الخصومة فى الاستئناف رقم 238/ 9 ق - ثالثاً: فى موضوع الاستئنافين بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى المؤرخ 17/ 2/ 1952 ومن رفض الدعوى الفرعية المقامة من المشتريين والزامهما مصروفاتها رابعاً: بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من وقف الدعوى بالنسبة لطلب باقى الثمن والفوائد وبرفض هذا الطلب والزام المستأنف ...... بالمصروفات المناسبة لذلك عن الدرجتين - خامساً: إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إبقاء الفصل فى المصروفات المناسبة لصحة ونفاذ العقد وإلزام المستأنف عليهما.... بهذه المصروفات عن الدرجتين - سادساً: أمرت بالمقاصة فى أتعاب المحاماة، فطعن البائع فى هذا الحكم بطريق النقض طالبا نقضه جزئيا فى خصوص قضائه الوارد بالبندين رابعاً، وسادساً من رفض الحكم بباقى الثمن وفوائده وإلزامه المصروفات المناسبة لذلك عن الدرجتين والمقاصة فى أتعاب المحاماه، وقيد طعنه برقم 142/ 37 ق - كما طعن فى المشتريان بالطعن رقم 166/ 37 ق لنقضه فيما قضى به بالبند "ثالثاً" من صحة ونفاذ عقد البيع ورفض دعواهما الفرعية - وبالجلسة المحددة قررت المحكمة ضم الطعنين وأصرت النيابة على الرأى الوارد بالمذكرة المقدمة فى كل منهما وطلبت رفضهما.
أولاً: عن الطعن رقم 166 لسنة 37 ق.
وحيث إن حاصل السبب الأول من سببى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وفى بيان ذلك يقول الطاعنان أنهما تمسكا لدى محكمة الموضوع بأن عقد البيع المؤرخ 17/ 2/ 1952 إن لم يكن باطلاً فقد انفسخ بقوة القانون لاستحالة قيام البائع لهما بنقل ملكية الأطيان المبيعة بالحالة التى كانت عليها وقت التعاقد تلك الملكية المجردة من القيود التى أوجبها قانون الإصلاح الزراعى وأنه متى استحال تنفيذ التزام البائع على هذا النحو انقضى التزامه بنقل الملكية وينقضى تبعاً له التزام الطاعنين بأداء الثمن ووجب إعادة المتعاقدين إلى الحالة التى كانوا عليها قبل العقد عملاً بالمادتين 159، 160 من القانون المدنى ورفض الحكم المطعون فيه الأخذ بهذا الدفاع بقوله أن محكمة النقض إذ قبلت الطعن المرفوع من البائع تكون قد رفضت حتماً دفاعهما المشار إليه فى حين أن محكمة النقض لم تتعرض فى حكمها الصادر فى ذلك الطعن لهذا الدفاع بالرفض أو بالقبول إذ لو كانت قد رفضته لقضت بصحة ونفاذ عقد البيع دون إحالة القضية على محكمة الموضوع وإنما الصحيح أن المحكمة وقد قضت بالنقض وبالإحالة فإنها تكون قد تركت لمحكمة الموضوع أمر الفصل فى طلب صحة ونفاذ العقد لتقول كلمتها فيه ولا عبرة بما قرره الحكم المطعون فيه من أن القيود التى أوجبها قانون الإصلاح الزراعى على الملكية ليس من شأنها التأثير فى سلامة عقود بيع الأراضى الزراعية الثابتة التاريخ قبل 23 يوليو سنة 1952 أو نفاذها بين عاقديها ذلك أن هذا القول وإن كان يصلح رداً على دفاع المشتريين بشأن صحة تلك العقود وبطلانها إلا أنه يقصر عن مواجهة دفاع الطاعنين الخاص بانفساخ تلك العقود بسب استحالة التنفيذ لأن انفساخ العقد وإن كان يقع فى هذه الحالة بقوة القانون إلا أنه يجب إبداؤه والتمسك به من ذى المصلحة فيه لتعلقه بحق خاص وأن المشرع قد افترض فى قانون الإصلاح الزراعى والقانون رقم 452 لسنة 1953 صحة العقود التى تخضع لأحكامه دون التعرض لانفساخها بقوة القانون بسبب استحالة التنفيذ ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أسبغ حكم البطلان على الانفساخ فى هذه الحالة مع اختلاف كل منهما فى الطبيعة والأثر يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت دفاع الطاعنين بشأن استحالة قيام البائع بتنفيذ التزامه بنقل ملكية الأطيان خالية من أى قيد لاحظ أن هذا الدفاع سبق لهما إثارته لدى محكمة النقض فى الطعن رقم 44 سنة 29 ق وانتهى فيه إلى أن عقود بيع الأراضى الزراعية الثابتة التاريخ قبل 23/ 7/ 1952 تعتبر نافذة بين عاقديها وفى مواجهة الإصلاح الزراعى وأن وقوع الاستيلاء مالاً على الأطيان المبيعة بمثل تلك العقود لا يؤثر فى سلامتها ونفاذها وقد جاء بالحكم الناقض أن المشرع بإصداره القانون رقم 452 لسنة 1953 قد قضى على كل شك يمكن أن يثور فى صحة ونفاذ هذه التصرفات وفى إمكان شهرها بعد صدور قانون الإصلاح الزراعى ولو كان من شأنها زيادة ما يملكه المتصرف إليه عن الحد الأقصى المقرر للملكية الزراعية. وهذا الذى قرره الحكم الناقض والصادر بين نفس الخصوم يتضمن رفض دفاعهم فى هذا الخصوص لأن بقاء العقد نافذاً بين طرفيه وفى مواجهة الإصلاح الزراعى والتزام المشترى بالوفاء بالثمن على أساسه يتعارض مع القول بانفساخه من تلقاء نفسه - هذا علاوةً على أن الحكم المطعون فيه قد ناقش دفاع الطاعنين وقال فى الرد عليه أن القيود التى أوجبها قانون الاصلاح الزراعى لا تؤثر فى سلامة العقود الثابتة التاريخ قبل 23/ 7/ 1952 أو نفاذها بين المتعاقدين وهذا الذى خلص إليه الحكم صحيح فى القانون ذلك أن النص فى المادتين 802، 806 من القانون المدنى على أن "لمالك الشىء فى حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه وأن يراعى فى ذلك ما تقضى به القوانين والمراسيم واللوائح...... إلخ" يدل على أن استعمال حق الملكية كان وما يزال مقيداً بمراعاة أحكام القانون ومن ثم فلا يكون للقيود التى أوجبها قانون الإصلاح الزراعى أى تأثير على عقود بيع الأراضى الزراعية القائمة وقت صدوره.
وحيث إن حاصل السبب الثانى أن الطاعنين أقاما دفاعهما لدى محكمة الموضوع على أنه بفرض صحة عقد البيع واعتباره نافذاً لم ينفسخ فإنه بإعمال حكم القانون فى شأن تقدير ثمن الأرض المبيعة وما اكتنفها من الظروف الطارئة غير المتوقعة كان يتعين الحكم للمشتريين باسترداد معجل الثمن كله أو بعضه ورفض الحكم المطعون فيه القضاء بهذا الطلب وحدد الثمن بقدر ما دفعه المشتريان وما حصل عليه البائع من ريع الأطيان المبيعة بوصفه حارساً قضائياً وما أفاده من استغلال معجل الثمن من وقت دفعه فى سنة 1952 وهو خطأ ومخالفة للقانون ذلك أن قيمة الأطيان أصبحت تقدر طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعى بعشرة أمثال القيمة الايجارية مضافاً إليها قيمة المنشآت الثابتة وغير الثابتة وهذه القيمة التى وضعها المشرع غير متأثر فيها بنوازع الاستغلال الممقوت والمضاربة الجنونية فى بورصة القطن على أسعار الأطيان الزراعية هى المعيار الصحيح لتقدير ما يرتفع به الإرهاق عن عاتق المشتريين بسبب الظروف التى طرأت بعد التعاقد فى 17/ 2/ 1952 وقبل حلول الأقساط الباقية من الثمن وإذ كان ثمن الصفقة طبقاً للمعيار المتقدم مبلغ 18378 جنيهاً و220 مليماً تقريباً يخصم منها مبلغ 1274 جنيهاً و605 مليمات قيمة الريع الذى استولى عليه البائع فى فترة الحراسة فإن الثمن العادل للصفقة تكون 17004 جنيهاً و615 مليماً ولما كان المشتريان قد دفعا عند التعاقد مبلغ ثلاثين ألف جنيه فإن الباقى وقدره 12995 جنيهاً و385 مليماً يكون من حقهما وكان يتعين الحكم لهما به مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية.
وحيث إن هذا النعى مردود فى شقه (الأول) بأن الأحكام الخاصة بتحديد أثمان الأراضى الزراعية الواردة بقانون الإصلاح الزراعى تتعلق فقط بالأطيان التى تستولى عليها الحكومة فعلاً وفقاً لأحكامه وفى حدود العلاقة بين الدولة وبين المستولى لديهم - ومردود فى شقة (الثانى) بأن المادة 147/ 2 من القانون المدنى إنما تعطى القاضى رخصة يجريها عند توافر شروط معينة وتقتصر سلطته بشأنها على رد الالتزام التعاقدى الذى لم يتم تنفيذه إلى الحد المعقول إذا كان تنفيذه مرهقاً للمدين دون أن يكون له فسخ العقد أو إعفاء المدين من التزامه القائم أو إلزام الدائن برد ما استوفاه منه.
ثانيا: - عن الطعن رقم 142/ 37 ق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن فى هذا الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى القانون والقصور وفى بيان ذلك يقول أنه تمسك لدى محكمة الموضوع بعدم انطباق المادة 147/ 2 من القانون المدنى استناداً إلى أن الثمن الذى بيعت به الصفقة كان رابحا للمشتريين عند صدور قانون الإصلاح الزراعى ورفضت المحكمة الأخذ بهذا الدفاع بمقولة أن الطاعن اشترى الأطيان فى سنة 1947 بمبلغ 13 ألف جنيه ثم باعها فى سنة 1952 بمبلغ 130 ألف جنيه ولم يكن قد أحدث بها حتى بيعها سوى ماكنتين للرى وطولمبة وانتهى إلى إعطاء المطعون عليهما إعفاءً تاماً من باقى الثمن وهو من الحكم خطأ وقصور من وجوه (أولها) أغفل الحكم تحقيق دفاع الطاعن من أن قانون الإصلاح الزراعى لم يجعل تنفيذ التزام المطعون عليهما بأداء باقى الثمن مرهقا وذلك رغم الأدلة والقرائن التى ساقها لتنفى شرط الإرهاق الذى يتطلبه القانون (وثانيها) اكتفى الحكم فى إثبات شرط الإرهاق بقوله أن الطاعن اشترى أطيان النزاع بمبلغ 13 ألف جنيه وباعها للمطعون عليهما بمبلغ 130 ألف جنيه وإلى أن المنزرع منها هو 250 فداناً فقط فى حين أن ربح البائع من الصفقة لا يستصحب بالضرورة خسارة المشترى خسارة فادحة تجعل تنفيذ التزامه بأداء باقى الثمن مرهقاً، ذلك أن الخسارة المألوفة فى التعامل لا يعتد بها لإثبات شرط الإرهاق - و(ثالثها) لم يلتزم الحكم فى قضائه حدود السلطة المخولة للقاضى بمقتضى المادة 417/ 2 وهو رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول وإنما جاوزها إلى القضاء بإنهاء الالتزام وإعفائهما من أدائه إعفاءً تاماً دون توزيع الخسارة بين الطرفين بعد استبعاد الخسارة المألوفة تطبيقاً للقاعدة الواردة بالمادة سالفة الذكر والتى اتبعها المشرع فى القانون رقم 452 لسنة 1953.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد وقائع الدعوى ودفاع الطرفين فيها وعرض لظروف الصفقة ووازن بين مصلحة الطرفين قرر أنه "فى هدى كل ما تقدم ترى المحكمة أنه يكفى فى تقدير ما يلزم به المشتريان المبلغ الذى قاما بسداده من الثمن قبل صدور قانون الإصلاح الزراعى وقدرة ثلاثون ألف جنيه على أن يكون هذا المبلغ شاملاً لكل التزاماتهما فلا يسألان بعد ذلك عن أى شىء بخصوص تلك الصفقة ولا يطلبان شيئاً لنفسيهما بشأنها، بمعنى أن يكون ذلك التقدير منهياً لأى التزامات فى حدود الصفقة محل النزاع" وهذا الذى قرره الحكم وأقام عليه قضاءه خطأ ومخالفة للقانون ذلك أنه لا يترتب على الأخذ بنظرية الظروف الطارئة وأثرها على العقد كما حددتها المادة 147/ 2 من القانون المدنى أن يرفع القاضى عن المدين كل ما لحق به من إرهاق ويلقى به على كاهل الدائن وحده بل عليه أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول وذلك بتحميل المدين الخسارة المألوفة التى كان يمكن توقعها عادة وقت التعاقد ويقسم ما يزيد على ذلك من خسارة غير مألوفة بين المتعاقدين مراعياً فى ذلك كافة الظروف والموازنة بين مصلحة كل منهما ومن ثم فلا يجوز إعفاء المدين من التزامه إعفاءً تاماً لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد حمل الطاعن وحده مقدار النقص فى ثمن الاطيان فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وقد حجبه هذا الخطأ وتلك المخالفة عن مناقشة دفاع الطاعن بشأن نفى شرط الإرهاق والرد عليه بما يقتضيه مما يجعله قاصر البيان بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث السببين الأول والثالث.
وحيث إنه لما كان قضاء الحكم بالمقاصة فى أتعاب المحاماة قد تأسس على قضائه بالبند "ثالثا" الذى تم نقضه فإنه يتعين نقض الحكم فى هذا الخصوص كذلك.
وحيث إن الطعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول أن الحكم ذهب إلى أن القانون رقم 104 لسنة 1964 بشأن إلغاء مقابل الأطيان المستولى عليها قد ألغى القانون رقم 452 لسنة 1953 فى حين أن كون التعويض قد أصبح صفراً لا يغير من هدف المشرع والغاية التى تغياها بهذا القانون كما أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع مثله ينص على الإلغاء صراحةً أو ضمناً والإلغاء الضمنى يكون عند استحالة تطبيق أحكام التشريع الأول مع أحكام التشريع الثانى، والثابت أن القانون رقم 104 لسنة 1964 لا يتعارض بحال مع مبدأ الظروف الطارئة ووجوب توزيع الغرم بين طرفى التعاقد إذ لا يزال هذا المبدأ قائماً فى القانون المدنى وأن الغاية التى قصدها المشرع من القانون رقم 452 لسنة 1953 هى الحيلولة دون تضارب الرأى وتفاوت التقدير وهو ما لم يفصح المشرع عن العدول عنه.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يردد ما ذهب إليه الطاعن فإن المبدأ الذى نص عليه القانون رقم 452 لسنة 1953 جاء خاصاً بالأطيان التى يتم الاستيلاء عليها طبقاً لقانون الإصلاح الزراعى والتى تحدد أثمانها وفقا لأحكامه ولما كانت أطيان النزاع لم يتم تحديد ثمنها طبقاً للأحكام المذكورة فإن تخلف هذا العنصر يحول دون تطبيق القانون رقم 452 لسنة 1953 ولا يبقى سوى نظرية الظروف الطارئة كما حددتها المادة 147/ 2 من القانون المدنى.
وحيث إن الطعن للمرة الثانية - والموضوع غير صالح للفصل فيه.


(1) نقض 5/ 5/ 1970 مجموعة المكتب الفنى السنة 21 صـ 787.