أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1391

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد شبل عبد المقصود، وأحمد سميح طلعت، ومحمد فاضل المرجوشى، وحافظ الوكيل.

(217)
الطعن رقم 215 لسنة 36 القضائية

( أ ) إعلان. "إعلان الشركات التجارية". شركات.
إعلان الشركات التجارية. جواز تسليم صورة الإعلان إلى من ينوب عن أحد الشركاء المتضامنين أو رئيس مجلس الادارة أو المدير.
(ب) دعوى. "الدعوى العمالية ودعوى النقابة". نقابات. عمل. "الدعاوى الناشئة عن عقد العمل". حكم. "حجية الحكم". قوة الأمر المقضى.
دعوى النقابة. دعوى مستقلة متميزة عن دعوى الأعضاء. اختلافهما فى الموضوع والسبب والآثار والأشخاص.
(ج) عمل. "أجازات".
مقابل الأجازة. احتسابه على أساس الأجر الثابت الذى يتقاضاه العامل مقابل ما يؤديه من عمل. لا تدخل فى ذلك مكافأة زيادة الإنتاج.
(د) حكم. "تسبيب الحكم". "القصور". بطلان. "بطلان الحكم".
عدم بيان مصدر الحق المقضى به وعناصره الواقعية. قصور يبطل الحكم.
1-أنه وإن كان المشرع قد نص فى المادة 14/ 5 من قانون المرافعات السابق - المطبق فى الدعوى - على أنه فيما يتعلق بالشركات المدنية والجمعيات والمؤسسات وسائر الأشخاص الاعتبارية، تسلم الصورة بمركز إدارتها للنائب عنها بمقتضى عقد إنشائها أو نظامها، فإذا لم يكن لها مركز سلمت الصورة للنائب عنها لشخصه أو فى موطنه. إلا أنه أردف ذلك بما نص عليه فى الفقرة الأخيرة من هذه المادة من أنه "إذا امتنع من أعلنت له الورقة عن تسلم صورتها هو أو من ينوب عنه، أو امتنع عن التوقيع على أصلها بالاستلام، أثبت المحضر ذلك فى الأصل والصورة وسلم الصورة للنيابة". فدل بذلك على جواز تسليم صورة الإعلان فى الحالات المبينة بهذه المادة إلى من ينوب عن أحد من الأشخاص الوارد ذكرهم فيها، ولما كان الثابت من ورقة إعلان الطعن أنه وجه إلى النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية التى يمثلها...، وقد سلمت صورة الإعلان فى مركز النقابة إلى..... الموظفة بالنقابة، نائبة عن المعلن إليه، ولم تنكر النقابة المطعون ضدها نيابتها عنها فى استلام هذه الصورة، فإن إعلان الطعن إذ تم على هذا النحو يكون قد وقع صحيحاً.
2 - دعوى النقابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة(1) - هى دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء، وتختلف عنها فى موضوعها وفى سببها وفى آثارها وفى الأشخاص. وإذ كان الثابت من الاطلاع على الحكم رقم... المودعة صورته الرسمية بالأوراق أنه قد صدر فى نزاع بين بعض العمال والشركة الطاعنة، بينما صدر القرار المطعون فيه فى نزاع مردد بين نقابة عمال الشركة وبين الشركة، فإن القرار المطعون فيه لا يكون قد خالف حجية الحكم سالف الذكر.
3 - إذ كان يبين من القرار المطعون فيه أن عمال الشركة الطاعنة يعملون بأجر ثابت خلال فترة التشغيل والتى كانت فى مدة النزاع ثمانى ساعات يوميا، وأن الشركة التزمت بموجب اتفاق تم بينها وبين النقابة المطعون ضدها فى فبراير سنة 1960 بأن تدفع لعمالها مكافأة تتناسب مع زيادة إنتاجهم عن القدر المقرر فى فترة التشغيل اليومية، وكان يبين مما تقدم ومن طبيعة هذه المكافأة أنها غير ثابتة لأنها تتمشى مع ما قد يبذله العامل من جهد إضافى خلال فترة التشغيل العادية، وكان الأجر الذى يحسب على أساسه مقابل الأجازة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة(2) - هو ذلك الأجر الثابت الذى يتقاضاه العامل أو المستخدم مقابل ما يؤديه من عمل - هذا العمل هو الذى يأخذ العامل أو المستخدم فى حالة قيامه بالإجازة مقابله كأنه أداه - لما كان ما تقدم، وكان القرار المطعون فيه قد خالف هذا النظر واحتسب مكافأة زيادة الإنتاج فى تقديره لمقابل الأجازة، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
4 - متى كان القرار المطعون فيه لم يبين مصدر الحق الذى قضى به ولا عناصره الواقعية، فإنه يكون قد جاء خاليا من الأسباب مما يعيبه بالقصور ويبطله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن النقابة المطعون ضدها تقدمت بشكوى إلى مكتب عمل إمبابة ضد الشركة الطاعنة طلبت فيها (أولاً) تقرير حق العاملين فى اقتضاء أجورهم عن الأجازات السنوية والمرضية والرسمية وأجر إصابة العمل وأجر المستدعى للخدمة الاحتياطية والحرس الوطنى وأجر العطلات الخارجة عن إرادة العامل على أساس متوسط الاجر كاملاً أى شاملاً مكافأة الإنتاج (ثانياً) تقرير حق العاملين فى محاسبتهم عن الإنتاج الزائد عن المقرر بنسبة من أجر اليوم الحالى أى الأجر بعد إضافة المنحة السنوية والعلاوة الدورية وذلك باعتبار أن قيمة التشغيل الزائد هى نسبة من أجر اليوم، وقد أحال مكتب العمل الطلب إلى هيئة التوفيق التى أحالته إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة، وقيد برقم 42 لسنة 1965 تحكيم القاهرة، وبتاريخ 23/ 3/ 1966 قررت الهيئة (أولاً) تقرير حق العاملين فى اقتضاء أجورهم عن الأجازات السنوية والمرضية والرسمية وأجر إصابة العمل وأجر المستدعى للخدمة الاحتياطية والحرس الوطنى وأجر العطلات الخارجة عن إرادة العامل على أساس متوسط الأجر شاملاً مكافأة الإنتاج (ثانياً) تقرير حق العاملين فى محاسبتهم عن الإنتاج الزائد عن المقرر بنسبة من أجر اليوم الحالى أى الأجر بعد إضافة المنحة السنوية والعلاوة الدورية وذلك باعتبار أن قيمة التشغيل الزائد هى نسبة من أجر اليوم. طعنت الشركة الطاعنة فى هذا القرار بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض القرار وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن النقابة المطعون ضدها دفعت ببطلان إعلان تقرير الطعن تأسيسا على أن صورة الإعلان لم تسلم إلى النائب عن النقابة بمقتضى عقد إنشائها أو نظامها طبقاً لما تقضى به المادة 14/ 5 من قانون المرافعات السابقة.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أن المشرع وإن كان قد نص فى المادة 14/ 5 من قانون المرافعات السابق - المطبق فى الدعوى - على أنه فيما يتعلق بالشركات المدنية والجمعيات والمؤسسات وسائر الأشخاص الاعتبارية تسلم الصورة بمركز ادارتها للنائب عنها بمقتضى عقد إنشائها، أو نظامها، فإذا لم يكن لها مركز سلمت الصورة للنائب عنها لشخصه أو فى موطنه، إلا أنه أردف ذلك بما نص عليه فى الفقرة الأخيرة من هذه المادة من أنه "إذا امتنع من أعلنت له الورقة عن تسلم صورتها هو أو من ينوب عنه أو امتنع عن التوقيع على أصلها بالاستلام أثبت المحضر ذلك فى الأصل والصورة وسلم الصورة للنيابة" فدل بذلك على جواز تسليم صورة الإعلان فى الحالات المبينة بهذه المادة إلى من ينوب عن أحد الأشخاص الوارد ذكرهم فيها، ولما كان الثابت من ورقة إعلان الطعن أنه وجه إلى النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية التى يمثلها السيد/ محمد أحمد أبو خليل، وقد سلمت صورة الإعلان فى مركز النقابة إلى الآنسة نادية عبد الحميد الموظفة بالنقابة نائبة عن المعلن إليه، ولم تنكر النقابة المطعون ضدها نيابتها عنها فى استلام هذه الصورة، فإن إعلان الطعن إذ تم على هذا النحو يكون قد وقع صحيحاً، ويكون الدفع فى غير محله متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثالث من أسباب الطعن على القرار المطعون فيه أنه فصل فى نزاع خلافا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به، وفى بيان ذلك تقول إنه سبق أن رفع بعض العمال الدعوى رقم 1743 لسنة 1963 أمام محكمة بندر إمبابة بالمطلب الأول الذى طلبته النقابة من هيئة التحكيم وهو الخاص بطريقة احتساب مقابل الأجازات وإضافة علاوة الإنتاج إلى الأجر الأصلى فى تقدير هذا المقابل، وقضت تلك المحكمة فى 2/ 12/ 1964 برفض الدعوى وأصبح حكمها نهائياً بعدم استئنافه وحجة على العمال الذين رفعوا الدعوى المذكورة، ومن ثم فلم يكن للقرار المطعون فيه أن يخالف حجية ذلك الحكم لاتحاد الدعويين فى الخصوم والموضوع والسبب.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه لما كانت دعوى النقابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هى دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء وتختلف عنها فى موضوعها وسببها وفى أثارها وفى الأشخاص، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم رقم 1743 لسنة 1961 بندر إمبابة المودعة صورته الرسمية بالأوراق أنه قد صدر فى نزاع بين بعض العمال والشركة الطاعنة، بينما صدر القرار المطعون فيه فى نزاع مردد بين نقابة عمال الشركة وبين الشركة فإن القرار المطعون فيه لا يكون قد خالف حجية الحكم سالف الذكر.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الأول أن القرار المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه، ذلك أنه بعد أن استعرض مواد القانون التى تعرف الأجر وعناصره قرر حق العمال فى اقتضاء مقابل الأجازة السنوية أو المرضية أو مقابل الغياب بسبب من الأسباب المقبولة قانوناً على أساس متوسط الأجر كاملاً شاملاً مكافأة الإنتاج، وهذا القول على إطلاقه وبالصيغة العامة التى انتهى إليها غير سديد ومخالف للقانون، لأنه لا يمكن أن تدخل جميع مفردات الأجر وملحقاته بدون استثناء فى حساب مقابل الأجازات، لأنه لا يتصور أنه يعطى للعامل بدل تمثيل أو بدل انتقال أو أجر عن ساعات العمل الإضافية وهو غائب فى الأجازة المرضية أو السنوية، فيجب أن ينظر إلى كل واحد من المفردات والملحقات على حدة فإن اتفق فى طبيعته وحكمته مع ما يستحقه العامل وهو غائب بعذر قانونى، ففى هذه الصورة يضم الملحق إلى الأصل فى حساب مقابل الأجازة أما إن تنافرت طبيعته وحكمته مع استحقاقه عند الغياب فمن الخطأ فى القانون ضمه إلى مقابل الأجازة، ولذلك فلا يصح ضم علاوة زيادة الإنتاج إلى مرتب الغائب، لأن هذا يجعل حال من غاب أحسن من حال من حضر واشتغل، فضلاً عن أنه يشجع على الغياب ويؤدى إلى نقص الإنتاج وإهدار الحكمة من تقرير علاوة الإنتاج.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه لما كان يبين من القرار المطعون فيه أن عمال الشركة الطاعنة يعملون بأجر ثابت خلال فترة التشغيل والتى كانت فى مدة النزاع ثمانى ساعات يومياً، وأن الشركة التزمت بموجب اتفاق تم بينها وبين النقابة المطعون ضدها فى فبراير سنة 1960 بأن تدفع لعمالها مكافأة تتناسب مع زيادة إنتاجهم عن القدر المقرر فى فترة التشغيل اليومية، وكان يبين مما تقدم ومن طبيعة هذه المكافأة أنها غير ثابتة لأنها تتمشى مع ما قد يبذله العامل من جهد إضافى خلال فترة التشغيل العادية، وكان الأجر الذى يحسب على أساسه مقابل الأجازة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ذلك الأجر الثابت الذى يتقاضاه العامل أو المستخدم مقابل ما يؤديه من عمل - هذا العمل هو الذى يأخذ العامل أو المستخدم فى حالة قيامه بالأجازة مقابله كأنه أداه - لما كان ما تقدم وكان القرار المطعون فيه قد خالف هذا النظر واحتسب مكافأة زيادة الإنتاج فى تقديره لمقابل الأجازة فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الثانى أن القرار المطعون فيه شابه القصور فى التسبيب وأخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الشق الأخير من منطوقه انتهى إلى تقرير حق العاملين فى محاسبتهم عن الإنتاج الزائد عن المقرر بنسبة أجر اليوم الحالى، أى الأجر بعد إضافة المنحة السنوية والعلاوة الدورية، وذلك باعتبار أن قيمة التشغيل الزائد هى نسبة من أجر اليوم،، ولم يدلل القرار على هذا الشق من قضائه سوى بقوله فى عبارة عامة مرسلة أنه بالنسبة للطلب الثانى فإنه من حق العاملين محاسبتهم عن الإنتاج الزائد عن المقرر بنسبة من أجر اليوم الحالى أى الأجر بعد اضافة المنحة السنوية والعلاوة السنوية باعتبار أن قيمة التشغيل الزائدة هى نسبة من أجر اليوم، وهذا الذى انتهى إليه القرار يتضمن نتيجتين (الأولى) أن المنحة السنوية هى جزء من الأجر الحالى أسوة بالعلاوة الدورية (والثانية) أن علاوة الإنتاج تقدر وتحتسب على أساس نسبة من أجر اليوم وليس على أساس مقدار الزيادة فى الإنتاج، والقرار فى ذلك شابه قصور معيب فى النتيجة الأولى، لأن اعتبار المنحة جزءاً من الأجر يتطلب أن تكون المنحة مقررة فى عقود العمل الفردية أو المشتركة أو الأنظمة الأساسية للعمال أو جرى العرف بمنحها حتى أصبح العمال يعتبرونها جزءاً من الأجر لا تبرعاً وفقاً ما تقضى به المادة 683/ 3 مدنى والمادة 3/ 3 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، وإذ لم يوضح القرار مصدر المنحة التى اعتبرها جزءاً من الأجر وخلا من إثبات الشروط التى تطلبها القانون لمنحها فإنه يكون معيباً بالقصور ومخالفة القانون، وبالنسبة للنتيجة الثانية فقد خالف القرار القانون وجاء قاصر التسبيب، ذلك أن تقدير قيمة علاوة الإنتاج على أساس نسبة معينة من أجر اليوم فيه إهدار لاتفاق العاقدين على تقدير تلك العلاوة على أساس عدد الطرائح أو عدد القطع التى ينتجها العامل زيادة عن المعدل كما أنه قد يؤدى إلى الإضرار بالعامل نفسه أو إلحاق الخسارة برب العمل إذ قد يوفق العامل إلى إنتاج ضعف المعدل أو قد يوفق إلى إنتاج قطعة واحدة زيادة عن المعدل، ومع ذلك يبقى مقدار العلاوة ثابتاً على أساس النسبة المئوية إلى الأجر الأصلى، وفى هذا مخالفة للعقد والقانون حيث حول الأجر بالطريحة إلى أجر ثابت وخلط بينهما مع أن الأصل فى الأجر بالطريحة أنه متغير يزيد وينقص مع زيادة ونقص الإنتاج، وقد جاء القرار فى هذا الخصوص مبهماً قاصر الأسباب، إذ لم يبين مصدر هذا الحق الذى قرره للعاملين ولا سنده فى الأوراق.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أنه لما كان يبين من القرار المطعون فيه أنه أورد فى خصوص الطلب الثانى من طلبات النقابة المطعون ضدها أن "من حق العاملين محاسبتهم عن الإنتاج الزائد عن المقرر بنسبة من أجر اليوم الحالى أى الأجر بعد إضافة المنحة السنوية والعلاوة السنوية كذلك باعتبار أن قيمة التشغيل الزائده هى نسبة من أجر اليوم" وكان هذا الذى اورده القرار المطعون فيه لم يبين مصدر الحق الذى قضى به ولا عناصره الواقعية فإنه يكون قد جاء خالياً من الاسباب مما يعيبه بالقصور ويبطله.


(1) نقض 27/ 3/ 1968 مجموعة المكتب الفنى س 19 صـ 605.
(2) نقض 23/ 4/ 1959 مجموعة القواعد القانونية فى خمس سنوات صـ 545 بند 34.