أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1363

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1973

المؤلفة من السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدى رئيساً وعضوية السادة المستشارين/ محمد سيد أحمد حماد وعلى صلاح الدين وأحمد صفاء الدين وعز الدين الحسينى - أعضاء.

(234)
الطعن رقم 210 لسنة 38 القضائية

(1) وكالة. "الوكالة بالعمولة".
الضمان فى الوكالة بالعمولة لا يفترض. وجوب النص عليه فى العقد أو قيام قرائن قوية تدل على انصراف النية إليه أو ثبوت أن العرف جرى فى مكان العقد وفى نوع التجارة عليه.
(2) نقل. "نقل بحرى". بيع. "البيع سيف".
المشترى فى البيع "سيف". تحمله تبعة الهلاك الذى يصيب البضاعة أثناء الطريق متى انتفى غش البائع وإصابة البضاعة بعيب خفى.
(3، 4) حكم. "تسبيب الحكم".
(3) قيام الحكم على جملة قرائن متساندة ومتضافرة. عدم جواز مناقشة كل منها على حدة لاثبات عدم كفايتها فى ذاتها.
(4) لا يعيب الحكم إن هو لم يأخذ أو يرد على بعض القرائن التى استند إليها الخصم ما دام قد أقام قضاءه على أدلة تحمله.
1 - الضمان فى الوكالة بالعمولة لا يفترض، بل يجب النص عليه صراحة فى العقد. أو قيام قرائن قوية تدل على انصراف النية إليه، أو يثبت أن العرف جرى فى مكان العقد وفى نوع التجارة على ضمان الوكيل بالعمولة.
2- المشترى فى البيع "سيف" هو الذى يتحمل تبعة الهلاك الذى يصيب البضاعة أثناء الطريق متى انتفى غش البائع وإصابه البضاعة بعيب خفى.
3- متى كانت القرائن التى قام عليها الحكم متساندة ومتضافرة، فإنه لا يقبل من الطاعن مناقشة كل قرينة منها على حده لإثبات عدم كفايتها فى ذاتها.
4- لا يعاب على الحكم إن هو لم يأخذ أو يرد على بعض القرائن التى استند إليها الطاعن ما دام قد أقام قضاءه على أدلة تحمله وتتضمن الرد المسقط لما يخالفها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن........ بصفته أحد أصحاب ومدير شركة....... المندمجة فى شركة النصر للدخان والسجاير (التى يمثلها المطعون عليه الأول) أقام الدعوى رقم 1165 سنة 1959 تجارى كلى الاسكندرية ضد....... (الطاعن) طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 2.5 س و11498 جنيه إسترلينى والفوائد القانونية المستحقة عن هذا المبلغ من تاريخ المطالبة حتى السداد وقال فى بيانها أن اتفاقاً تم بين الشركة التى يمثلها وبين المدعى عليه على أن تورد له كميات من البطاطس ألفا محصول سنة 1959 على دفعات لا تقل عن 100 طن، ولا تزيد على 1000 طن ونظير ثمن قدره 27 جنيهاً للطن المعبأ فى أقفاص، 31 جنيهاً للطن المعبأ فى سلات تسليم الباخرة وعلى أن تكون مستوفيه لجميع الاشتراطات لتصديرها إلى أحد عملائه بالمملكة المتحدة وأن يغطى أية كمية يتم شحنها من الاعتماد المفتوح باسمه من عميله وأن يتقاضى عمولة قدرها عشرة شلنات عن كل طن يتم توريده وأنه ورد تنفيذاً لهذا الاتفاق 273.675 طناً ثمنها 7390.13 جك شحنت على الباخرة بنذار إلى ميناء جلاسجو وسلم المدعى عليه فى 5/ 5/ 1959 مستندات شحنها وهى عبارة عن البوالص أرقام 20، 21، 21 أ التى أودعها لدى البنك التجارى اليونانى لتحصيل قيمتها حسب الاعتماد المفتوح باسمه من عميله فى لندن ثم إيداعها لحساب الشركة المدعية كما ورد 465 طناً ثمنها 15490 جك شحنت على الباخرة موبكا إلى ليفربول و242 طناً قيمتها 3415.3 جك شحنت على الباخرة باتريكولو إلى ليفربول أيضاً واستلم المدعى عليه مستندات شحنها وأودعها لدى البنك العربى لتحصيل قيمتها إلا أن المدعى عليه لم يسدد أو يودع لحساب الشركة سوى نصف قيمة الكميات الموردة إليه أى مبلغ 11498.25 جك رغم مطالبته المتكررة وإنذاره ورغم سفر ممثل الشركة المدعية إلى إنجلترا ورفض عميل المدعى عليه سداد الثمن إليه ودفع المدعى عليه بأنه مجرد وسيط وليس مشترياً وأن البطاطس قد تلفت لسوء الأحوال الجوية ولأنها كانت خضراء وبيعت لحساب المدعية بأثمان قليلة دفع 50% منها وعلى أن يدفع الباقى بعد التصفية التى أسفرت عن أن المدعية مدينة لا دائنة وفى 25/ 10/ 1960 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للشركة المدعية 11498.25 جك والفوائد بواقع 5% سنويا من يوم الحكم للسداد واستأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف إسكندرية طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 383 لسنة 16 ق وعند نظر الاستئناف أدخل المستأنف البنك العربى خصماً فيه ليقدم ما لديه من مستندات وفى 29/ 2/ 1968 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف بأن يدفع للمستأنف عليه مبلغ 9120.750 جك والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ الحكم حتى السداد وطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى فى الأسباب الثلاثة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى استخلاص الوقائع الصحيحة ومسخ مفهومها والخطأ فى تطبيق القانون من وجوه (أولها) أن المحكمة الاستئنافية قررت أن عقد 28/ 4/ 1959 ينطوى على وكالة بالعمولة وتضمن فضلاً عن إلزام الطاعن بإتمام الصفقة ضمان تنفذها وهو منها خطأ جرها إليه اعتبارها عقد 28/ 4/ 1959 لا زال قائماً وربطها بينه وبين خطاب الاعتماد رقم 1164 الذى تم فى 7/ 4/ 1959 بين الطاعن ومحل........ الذى فتح الاعتماد فى حدود مبلغ 25000 جك لتوريد 1000 طن بطاطس ألفا يبدأ شحنها فى موعد لا يتجاوز أول مايو سنة 1959 نظير ثمن قدره 25 جك للطن سيف ليفربول ورغم تعهد الطاعن فى نهاية العقد بتظهيره للمطعون عليها الأولى فقد انهار هذا الخطاب منذ بداية التعاقد إذ تحدد ثمن الطن فى العقد بمبلغ 27 جك بينما تحدد فى الخطاب بمبلغ 25 جك واتفق فى العقد على أن تسلم البضاعة فى اليوم الثانى من شهر مايو سنة 1959 على الأكثر على ظهر الباخرة ميرار سيف ليفربول لحساب شركة....... بينما شحنت المطعون عليها الأولى البضاعة فى 5/ 5/ 1959 لحساب شركة كولونيال بلندن التى لم تفتح اعتماداً ولأنه ثبت من المستندات المقدمة بحافظة البنك العربى تحت رقم 3، 4، 5، 6، 7 أن المطعون عليها الأولى تعاقدت على شحن البضاعة واستلام نصف ثمنها مقدماً والنصف الآخر بعد التصفية واعترفت المطعون عليها الأولى باستلام نصف الثمن مقدماً مع أنه قد نص فى الخطاب على دفع الثمن كاملاً بمجرد تسليم مستندات شحن البضاعة مما مؤداه زوال عقد 28/ 4/ 1959 وبقاء علاقة الطاعن بموكلته المطعون عليها الأولى خاضعة للأحكام العامة التى حصرت إلزام الوكيل بالعمولة فى القيام بالأعمال التى كلفه بها الموكل وطبقاً لتعليماته على الوجه المرضى وتقديم حساب عن الأعمال التى أداها وأنه وقد راعى الطاعن مصلحة المطعون عليها وباع لها الطن بسعر 31 جك أى بأكثر مما طلبت بمبلغ 4 جك وقدم لها حساباً أودع صورة منه فإنه يكون قد قام بما فرضه عليه القانون من التزامات وتكون محكمة الاستئناف قد استخلصت من المستندات ما يغاير ما اشتملت عليه كما أخطأت فى تكييف الواقعة خطأ جرها إلى الخطأ فى تطبيق القانون. وثانيها أن المحكمة اعتبرته وكيلاً بالعمولة ضامناً وطبقت عليه أحكام الوكالة الضامنة مع أن هذه الأحكام لا تنطبق إلا إذا كان شرط الضمان صريحاً ولاحقاً بعقد الوكالة ويؤدى إلى زيادة العمولة أما الضمان غير الصريح فلا يكون إلا إذا وجد عرف محلى أو ظروف تحيط بالاتفاق تدل على وجود هذا الضمان كارتفاع العمولة، ولما كانت العمولة المتفق عليها مبلغ 382 جك بواقع 10 شلنات عن كل طن فإنها لا تكفى لإثبات وجود اتفاق على الضمان وبفرض وجود هذا الاتفاق فإن الوكيل بالعمولة الضامن لا يسأل عما يوجد فى البضاعة المصدرة من عيوب خفية وإذ ثبت من تقرير الخبير المؤرخ 3/ 7/ 1959 أن القبطان احتج على تعبئة البضاعة فى أقفاص ضعيفة، وعلى طريقة نقلها فوق المواعين بواسطة القائمين بالتستيف فى حضور مندوبى الشاحنين وموافقتهم كما ثبت من بوليصة الشحن أن الشركة المطعون عليها الأولى وقعت على شرط أضيف إليها بإعفاء الباخرة من المسئولية فإن فى ذلك ما ينفى قيام شرط الضمان ولا يبرر القول بوجوده ممارسة الطاعن لأعمال الوكالة بالعمولة والتزامه فى عقد 28/ 4/ 1959 بتظهير خطاب الضمان رقم 1164 واستلامه مستندات الشحن وملحقاتها وتسليمها للبنك العربى لتسليمها بدوره لعميله فى الخارج لتحصيل قيمتها وإيداع المتحصل تحت تصرف الشركة المطعون عليها الأولى إذ فضلاً عن زوال عقد 28/ 4/ 1959 فإن ما قام به من أعمال يدخل فى نطاق المهام العادية للوكيل بالعمولة غير الضامن (وثالثها) أن الحكم ألزمه بالنصف الباقى من قيمة البضاعة استناداً إلى أن عقد الوكالة بالعمولة قد اشتمل على شرط الضمان رغم انتفاء هذا الشرط وإلى أن العقد لم يشتمل على شرط يعطى المشترى حق معاينة البضاعة عند الوصول رغم زوال هذا العقد ولأنه اعتبر وكالة الطاعن لا تزال قائمة مع أن المستندات المقدمة من البنك تقطع بأن علاقة مباشرة قامت بين الشركة المطعون عليها الأولى وبين شركة كولونيال الوكيلة بالعمولة فى الخارج قبلت المطعون عليها فيها الحصول على 50% من قيمة البضاعة مقدماً واقتضاء الباقى بعد البيع والتصفية التى أسفرت عن مديونية المطعون عليها الأولى فى مبلغ 400 جك ولقد تأكدت هذه العلاقة بخطابى المطعون عليها الأولى المؤرخين 16/ 5/ 1959 المقدمين من البنك العربى والدالين على رفض العميل فى الخارج دفع القيمة لورود البضاعة فى أغفلة غير سليمة ولأنه لم يتقدم لشرائها مشتر معين يعتبر الطاعن مسئولاً عنه ولقد تم بيعها بواسطة شركة كولونيال وبموافقة المطعون عليها الأولى ولحسابها الشخصى وبرسم الأمانة مما مؤداه أن البضاعة ظلت على ملكيتها منذ شحنها حتى تاريخ بيعها إذ لم يكن هناك مشتر يتحمل مخاطر الطريق ولا بيع (سيف) وظلت تبعة الهلاك على المطعون عليها الأولى مما ينتفى معه القول بمسئولية الطاعن مسئولية كلية أو جزئية.
وحيث إن هذا النعى مردود فى جميع ما تضمنه ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد استدل على قيام الاتفاق المؤرخ 28/ 4/ 1959 ووجود الضمان وعلى نفى وجود علاقة مباشرة بين المطعون عليها الأولى وشركة كولونيال وكوتننال بأن وسيلة استيفاء المطعون عليها الأولى لثمن ما وردته من البضائع لم تتغير منذ انعقد الاتفاق المؤرخ 28/ 4/ 1959 الذى تعهد فيه الطاعن بتظهير الاعتماد لها عند استلام البضاعة على ظهر السفينة فلم تستوف ما استحق لها من ثمن إلا بعد تسليمها مستندات البضاعة التى شحنتها وبأن جميع مراسلات شركة كولونيال وكونتنتال كانت توجه للطاعن وبأن الطاعن كان يتسلم جميع سندات الشحن والفواتير وبواليص التأمين من المطعون عليها الأولى ويسلمها للبنك العربى لتسليمها لعميلته فى الخارج وتحصيل قيمتها وإيداع المتحصل تحت تصرف المطعون عليها الأولى كما كان الطاعن يتلقى من عميلته أيضاً المراسلات الخاصة بتحويل ثمن ما اشترته وطالبته العميلة بالمبلغ الذى أدعت دفعه زيادة عما تحصل من ثمن البضاعة بعد ما لحقها من تلف ومن احتراف الطاعن القيام بهذه العمليات ومبيناً أن أعداد المطعون عليها الأولى البضاعة للشحن وشحنها فعلاً على ثلاث بواخر واتخاذها الإجراءات اللازمة لتصديرها وقيامها بالتأمين عليها يرجع إلى أن البيع "سيف" وأن إرجاء جزء من الثمن بدلاً من استيفائه من الاعتماد رقم 1164 لا يغير من طبيعة العلاقة التى قامت بين الطرفين بموجب اتفاق 28/ 4/ 1959 لأن الطاعن هو الذى تسبب فى عدم استيفاء المطعون عليها الأولى ثمن ما وردته من ذلك الاعتماد لفتحه من حساب........ بينما تعاقد على توريد البضاعة إلى شركة.....، كما استدل على نفى غش البائع على نفى إصابة البضاعة بعيب خفى بالشهادات الزراعية الصحية المستخرجة عند الشحن وبخلو العقد من النص على معاينة البضاعة عند الوصول لما كان ذلك وكان الضمان لا يفترض بل يجب النص عليه صراحة فى العقد أو قيام قرائن قوية تدل على انصراف النية إليه أو يثبت أن العرف جرى فى مكان العقد وفى نوع التجارة على ضمان الوكيل بالعمولة وكان المشترى فى البيع "سيف" الذى تم الاتفاق بين الطرفين عليه هو الذى يتحمل تبعة الهلاك الذى يصيب البضاعة أثناء الطريق متى انتفى غش البائع وإصابة البضاعة بعيب خفى، وكان الحكم قد التزم هذا النظر القانونى الصحيح وكانت القرائن التى استخلص منها قيام اتفاق 28/ 4/ 1959 ووجود شرط الضمان وعول عليها فى نفى غش البضاعة أو إصابة البضاعة بعيب خفى مستمد من أوراق الدعوى ووقائعها ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها وإذ كانت هذه القرائن جميعاً متساندة ومتضافرة فإنه لا يقبل من الطاعنة مناقشة كل قرينة منها على حده لاثبات عدم كفايتها فى ذاتها كما لا يعاب على الحكم إن هو لم يأخذ أو يرد على بعض القرائن التى استند إليها الطاعن - ما دام قد أقام قضاءه على أدلة تحمله ويتضمن الرد المسقط لما يخالفها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يعدو أن تكون مجادلة موضوعية مما تستقل محكمه الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.