أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1371

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1973

المؤلفة من السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدى رئيساً وعضوية السادة المستشارين/ محمد سيد أحمد حماد، على صلاح الدين وأحمد صفاء الدين، عز الدين الحسينى - أعضاء.

(235)
الطعن رقم 340 لسنة 38 القضائية

(1) نقض. "إيداع الكفالة". رسوم. "رسوم قضائية".
تعدد الكفالة التى تصحب تقرير الطعن بالنقض تكون بتعدد الطعون وليس بتعدد الطاعنين. الطعن الواحد لا يفرض عليه سوى رسم واحد. ولا تودع عند التقرير به غير كفالة واحدة.
(2) إثبات. "طرق الإثبات. الكتابة". حكم. "عيوب التدليل".
نص المادة 24 من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 قصد به تنظيم إجراءات التصديق على الامضاءات امام الموثق، ولا شأن له بطريق الإثبات. استخلاص الحكم انتفاء الدليل على اتصال الورقة الأولى من ورقتى العقد بتلك الموقعة من المطعون عليهم. انتهاؤه إلى أن تلك الورقة لا يحتج بها على المطعون عليهم. لا خطأ فى القانون ولا مخالفة للثابت فى الأوراق.
(3) حكم. "تسبيب الحكم". استئناف.
كفاية أسباب الحكم الاستئنافى لحمل قضائه. عدم لزوم الرد على أسباب الحكم الابتدائى.
(4) نقض. "أسباب الطعن. السبب الجديد". إثبات. "مبدأ الثبوت بالكتابة". خلو الأوراق مما يفيد سبق التمسك أمام محكمة الموضوع بوجود مبدأ ثبوت بالكتابة. عدم جواز النعى بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - تعدد الكفالة التى تصحب التقرير بالطعن بالنقض إنما تكون بتعدد الطعون وليس بتعدد الطاعنين فى الحكم الواحد. وإذ كان الطعن الماثل واحداً، إذ اتحد دفاع الطاعنين فى النزاع، كما اتحدت مصلحتهم فى طلب نقض الحكم المطعون فيه، فإنه لا يفرض عليه سوى رسم واحد، ولا يودع عند التقرير به غير كفالة واحدة.
2 - نص المادة 24 من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 - فيما أشار إليه من أن توقيع ذوى الشأن على العقد العرفى يكون فى ذيل المحرر - لا شأن له بطرق الإثبات فى المواد المدنية التى حددها القانون، ولم يقصد به سوى تنظيم إجراءات التصديق على الإمضاءات أمام الموثق. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص فى حدود سلطته الموضوعية، وبما يكفى لحمل قضائه انتفاء الدليل على اتصال الورقة الأولى من ورقتى العقد والتى تتضمن بيان العين المبيعة والثمن وما دفع منه بتلك الموقعة من المطعون عليهم وكان ما قرره من أن الورقة الأولى من العقد والخاليه من التوقيع لا يحتج بها على المطعون عليهم للتدليل على حصول بيع العقار الموضح بها ودفع مبلغ....... من ثمنه استناداً إلى أن الورقة العرفية إنما تستمد حجيتها فى الاثبات من التوقيع وحده لا مخالفة فيه للقانون، فإن النعى عليه بذلك ومخالفة الثابت فى الأوراق والقصور فى التسبيب يكون على غير أساس.
3 - حسب محكمة الاستئناف أن تقيم قضاءها على أسباب تكفى لحمله دون أن تكون ملزمة بتتبع أسباب الحكم الابتدائى والرد عليها.
4 - إذ كانت الأوراق قد خلت مما يفيد سبق تمسك الطاعنين أمام محكمة الموضوع بأن الورقة الثانية من العقد الموقعة من المطعون عليهم - تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجعل ما ثبت بالورقة الأولى منه - غير الموقعة - قريب الاحتمال، وكانت محكمة اول درجة قد اعتبرت ورقتى العقد معاً دليلاً كاملاً ، فإنه لا يقبل من الطاعنين التحدى بهذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن الأول أقام الدعوى رقم 2754 سنة 1965 كلى إسكندرية ضد المطعون عليهم وقال بياناً لها أنه بموجب عقد تاريخه 15/ 3/ 1960 اشترى الطاعنان - كل بحق النصف - من المطعون عليهم قطعة الأرض الموضحة بصحيفة الدعوى والبالغ مساحتها 18 قيراطاً على الشيوع فى فدان واحد و12 قيراطا بثمن قدره 1000 جنيه، دفع منه المشتريان وقت التعاقد مبلغ 800 جنيه، واتفق على سداد الباقى عند التوقيع على العقد النهائى وعلى أن يدفع الطرف الذى يتسبب فى فسخ العقد للطرف الآخر مبلغ 200 جنيه على سبيل التعويض، وإذ امتنع المطعون عليهم عن تسليم المستندات اللازمة لتحرير العقد النهائى، فقد انتهى إلى طلب فسخ العقد بالنسبة لنصيبه فيه والحكم بالزام المطعون عليهم بأن يدفعوا له مبلغ 500 جنيه ما يخصه فى مقدم الثمن والتعويض - وبجلسة 22/ 3/ 1965 تدخل الطاعن الثانى فى الدعوى طالبا الحكم له بمثل ما طلبه الطاعن الأول، وقدم الأخير العقد المشار إليه وهو مكون من ورقتين منفصلتين محررتين بالآلة الكاتبة على وجه واحد لكل منهما، وموقع فى نهاية الورقة الثانية وحدها من المطعون عليهم والطاعنين - وتمسك المطعون عليهم بأن الورقة الأولى لا تحمل توقيعاتهم ولا يصح الاحتجاج بها عليهم، وادعوا بتزوير العقد تأسيساً على أن الطاعنين - وهما موظفان بالشهر العقارى - قد استوقعاهم على الورقة الثانية من العقد دون أن يعلموا بمضمونها، مع أوراق أخرى لازمة لقضية كان الطاعنان يعاونانهم فيها وبتاريخ 9/ 6/ 1966 حكمت المحكمة بعدم قبول الادعاء بالتزوير، وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليهم (المطعون عليهم) بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أنهم وقعوا على عقد البيع المؤرخ 15/ 3/ 1960 نتيجة غلط كان باعثهم إلى التوقيع بسبب غش وتدليس من المدعيين وأن إرادتهم لم تتجه إلى البيع، ولينفى المدعيان (الطاعنان) ذلك، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 22/ 2/ 1967 فحكمت بفسخ عقد البيع وبإلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا للطاعنين مبلغ 800 جنيه (مقدم الثمن) - استأنف المحكوم ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 376 سنة 33 ق إسكندرية. وفى 23/ 4/ 1968 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى - طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وقدم المطعون عليهم مذكرة دفعوا فيها بعدم قبول الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الدفع ونقض الحكم.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم القبول أنه لما كان كل من الطاعنين قد طلب فسخ العقد عن مقدار محدد ومستقل عن المقدار الذى طلبه الآخر وسدد رسماً خاصاً عنه، وكان الفصل فى طلباتهما يعتبر بمثابة حكم فى دعويين مستقلتين يستتبع عند الطعن فيه بطريق النقض أن يودع كل منهما كفالة خاصة وأداء رسم مستقل عنه، وكان إيداع الكفالة من الإجراءات الجوهرية التى يترتب على مخالفتها الحكم بعدم قبول الطعن، فإن اكتفاء الطاعنين بإيداع كفالة واحدة وأداء رسم واحد يجعل الطعن غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع فى غير محله أن تعدد الكفالة التى تصحب التقرير بالطعن بالنقض إنما تكون بتعدد الطعون وليس بتعدد الطاعنين فى الحكم الواحد، ولما كان الطعن الماثل واحداً، إذ اتحد دفاع الطاعنين فى النزاع كما اتحدت مصلحتهم فى طلب نقض الحكم فيه، فلا يفرض عليه سوى رسم واحد، ولا يودع عند التقرير به غير كفالة واحدة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنان بالوجه الثانى من السبب الأول وبالسببين الثانى والثالث على الحكم المطعون فيه، الخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت فى الأوراق والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه أهدر قوة الورقة الأولى من ورقتى العقد فى إثبات البيع ودفع الثمن لأنها غير موقعة من البائعين، فى حين أن التوقيع على الورقة الأخيرة من العقد وحدها يكسب جميع أوراقه قوة الدليل الكتابى فى الإثبات، واستند الطاعنان فى ذلك إلى القول بأن المادة 14 من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق قد أشارت إلى أن توقيع ذوى الشأن على العقد العرفى يكون فى ذيل المحرر - وقرر الحكم المطعون فيه أن الورقة الثانية من عقد البيع ليس فيها من البيانات ما يعتبر مكملاً للورقة الأولى فى حين أن البيانات الواردة بالورقة الثانية تقطع فى اتصال الوقتين، ذلك أن الورقة الثانية تحمل رقم "2" وتبدأ بالبند الخامس بينما تنتهى الورقة الأولى بالبند الرابع، وجاءت توقيعات المطعون عليهم بالورقة الثانية تحت كلمة البائعين وتضمنت هذه الورقة ثلاثة بنود تقضى بإلزام البائعين باستخراج صورة رسمية من سند ملكيتهم للأرض محل النزاع وتسليمها للمشترين، وإرجاء تسليم المبيع لحين الوفاء بباقى الثمن، وتحديد التعويض على مخالفة شروط العقد - وبالرغم من أن محكمة أول درجة قد استدلت بهذه البيانات وبأقوال الشهود الذين سمعتهم على ارتباط ورقتى العقد ودفع مبلغ 800 جنيه من الثمن، فإن الحكم المطعون فيه أهدر ذلك كله وانتهى إلى عدم وجود ارتباط بين الورقتين دون تسبيب، اكتفاء بقوله أنه قد مضت مدة خمس سنوات دون اتخاذ إجراءات شهر العقد، وهو ما لا يصلح رداً على الحجج التى استند إليها الحكم الابتدائى.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض وقائع الدعوى ودفاع الطرفين والحجج التى ساقها الطاعنان للتدليل على ارتباط الورقتين، أوضح البيانات الواردة بالورقة الموقعة من المطعون عليهم بما يتفق مع الثابت بصورتها المقدمة من الطاعنين وانتهى إلى القول "وحيث إن المستفاد مما تقدم أن الورقتين المكون منهما السند موضوع الدعوى منفصلتان ومكتوبتان بالآلة الكاتبة وموقع على نهاية المكتوب فى أحداهما (الثانية) دون الأخرى وليس فى هذه الورقة (الموقع عليها) ما يؤكد اتصالها بالورقة الأخرى بما يفيد أن المكتوب فيها جزء من ذات عقد البيع المبينة بياناته فى الورقة الأولى وأن المقرر قانوناً أن التوقيع على الورقة العرفية هو الذى يكسبها حجيتها، فإن ما ورد من بيانات فى الورقة الأولى المشار إليها آنفا لا يكون حجة على المستأنفين، لعدم وجود توقيعات لهم عليها، ولا يغير من ذلك أن يكونوا قد وقعوا على الورقة الثانية المتقدم بيانها تحت كلمة البائعين فإنه ليس فى بيانات هذه الورقة الأخيرة ما يدل على أنها مكملة لذات بيانات عقد البيع الوارد بالورقة الأولى.... وأنه متى كان ذلك وكانت الورقة الموقع عليها من المستأنفين خلواً من أى بيان يفيد أنهم قبضوا فعلاً من المستأنف عليهما مبلغ 800 جنيه كمعجل ثمن بيع أرض ولم تسلم إليهما وبموجب عقد بيع ابتدائى لم تتخذ إجراءات شهره مدة خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى المستأنف حكمها، فإن تلك الدعوى تكون قد خلت من دليل صحيح قبل المستأنفين. ويبين من هذا الذى أورده الحكم أنه استخلص - فى حدود سلطته الموضوعية وبما يكفى لحمل قضائه - انتفاء الدليل على اتصال الورقة الأولى من ورقتى العقد والتى تتضمن بيان العين المبيعة والثمن وما دفع منه، بتلك الورقة الموقعة من المطعون عليهم، ولما كان ما قرره الحكم من أن الورقة الأولى من العقد والخالية من التوقيع لا يحتج بها على المطعون عليهم للتدليل على حصول بيع العقار الموضح بها ودفع مبلغ 800 جنيه من ثمنه استناداً إلى أن الورقة العرفية إنما تستمد حجتها فى الإثبات من التوقيع وحده، لا مخالفة فيه للقانون، وكان لا وجه للتحدى بنص المادة 24 من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947، لأن هذا النص لا شأن له بطرق الإثبات فى المواد المدنية التى حددها القانون، ولم يقصد به سوى تنظيم إجراءات التصديق على الإمضاءات أمام الموثق لما كان ذلك وكان حسب محكمة الاستئناف أن تقيم قضاءها على أسباب تكفى لحملة دون أن تكون ملزمة بتتبع أسباب الحكم الابتدائى والرد عليها، فإن النعى على الحكم بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ومخالفة الثابت فى الأوراق والقصور فى التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الأول الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على أن ورقتى العقد منفصلتان وأن الورقة الثانية التى تحمل توقيعات المطعون عليهم قد خلت من أى بيان يفيد أنهم باعوا إلى الطاعنين العقار محل النزاع وقبضوا مبلغ 800 جنيه من ثمنه، فى حين أن هذه الورقة تعد فى القليل مبدأ ثبوت الكتابة تجوز تكملته بشهادة الشهود والقرائن فيما كان يجب إثباته بالكتابة ولم يفطن الحكم إلى أن محكمة أول درجة قد اعتبرت الورقة المذكورة مبدأ ثبوت بالكتابة، واستخلصت منها معززة باقوال الشهود الدليل على حصول البيع وسداد مقدم الثمن، وقد تمسك الطاعنان بهذا الدليل الكامل أمام محكمة الاستئناف إلا أنها أغفلت الرد عليه. وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك أنه لما كانت الأوراق قد خلت مما يفيد سبق تمسك الطاعنين أمام محكمة الموضوع بأن الورقة الثانية من العقد تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجعل ما ثبت بالورقة الأولى منه قريب الاحتمال، وكانت محكمة أول درجة قد اعتبرت ورقتى العقد معا دليلا كاملا فإنه لا يقبل من الطاعنين التحدى بهذا السبب لاول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.