أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1388

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1973

المؤلفة من السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدى رئيساً، وعضوية السادة المستشارين/ أديب قصبجى، ومحمد فاضل المرجوشى، حافظ الوكيل، وممدوح عطية - أعضاء.

(238)
الطعن رقم 486 لسنة 37 القضائية

(1) نقض. "التوكيل فى الطعن". وكالة.
تقرير المحامى بالطعن عن الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن الطاعن الثانى. عدم تقديم التوكيل الصادر عن الأخير للطاعن الأول. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة له.
(2) نقض. "السبب الجديد".
دفاع جديد يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) تأمينات اجتماعية. "إصابات العمل". تعويض. مسؤولية. "المسؤولية التقصيرية".
رجوع العامل على رب العمل بالتعويض عن إصابة العمل وفقاً لقواعد المسؤولية التقصيرية. شرطة. نشوء الإصابة عن خطأ جسيم من جانبه. الخطأ الجسيم. شموله كل فعل خاطئ سواء كونه جريمة من عدمه.
(4) نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن". عمل.
القضاء بتعويض عن إصابة عمل. تأسيسه على قواعد المسئولية التقصيرية دون أحكام القانون 92 لسنة 1959 لارتكاب رب العمل خطأ جسيما. النعى على الحكم لعدم قبوله الدعوى بالنسبة لهيئة التأمينات الاجتماعية. غير منتج.
(5) بطلان. "بطلان الإجراءات". استئناف. رسوم. "الرسوم القضائية". المخالفة المالية فى القيام بعمل إجرائى. عدم ترتب البطلان عليها ما لم ينص القانون على ذلك. مثال بشأن عدم سداد رسوم الاستئناف.
1 - إذ كان المحامى المقرر بالطعن قد قدم توكيلاً صادراً إليه من الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وكيلا عن الطاعن الثانى، دون أن يقدم التوكيل الصادر من الأخير إلى الطاعن الأول، فإن الطعن بالنسبة للطاعن الثانى يكون غير مقبول للتقرير به من غير ذى صفة.
2 - متى كان وجه النعى قد تضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت إبداؤه أمام محكمة الموضوع فإنه لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - تطلبت المادة 47 من القانون رقم 92 لسنة 1959 لإمكان رجوع العامل على صاحب العمل بالتعويض فيما يتعلق بإصابات العمل أن يكون خطؤه جسيماً. وقد وردت هذه العبارة فى هذا النص بصيغة عامة مطلقة بما يجعلها شاملة لكل فعل خاطئ سواء أكان مكونا لجريمة يعاقب عليها أم أنه لا يقع تحت طائلة العقاب طالما أنه خطأ جسيم. وإذ كان ما يقوله الطاعن بسبب النعى من أن الخطأ الجسيم لا يتوافر إلا أن يكون مكوناً لجريمة جنائية - ينطوى على تخصيص لعموم النص بغير مخصص وهو ما لا يجوز، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على أساس الخطأ الجسيم من جانب رب العمل وتابعه مستنداً فى ذلك إلى قواعد المسئولية التقصيرية المقررة فى القانون المدنى فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه القصور.
4 - متى كان وجه النعى متعلقاً بتعييب الحكم فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة لهيئة التأمينات الاجتماعية. وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بمسئولية الطاعن بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية المقرة فى القانون المدنى لارتكابه خطأً جسيماً أدى إلى وفاة ابن المطعون ضده دون أحكام القانون رقم 92 لسنة 1959 الخاص بالتأمينات الاجتماعية فإن النعى بهذا السبب يكون غير منتج.
5 - المخالفة المالية فى القيام بعمل إجرائى لا يترتب عليها بطلان هذا العمل ما لم ينص القانون على ذلك. وإذ كان القانون لم ينص على بطلان الاستئناف لعدم سداد رسومه فإن النعى بهذا السبب يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 395 سنة 1963 مدنى كلى القاهرة ضد الطاعن الأول بصفته مدير مطبعة الفن السويسرية طالباً الحكم بإلزامه مؤقتا بمبلغ خمسة آلاف جنيه وقال فى بيان ذلك أن ابنه....... البالغ من العمر سبع عشرة سنة كان عاملاً بالمطبعة المملوكة للطاعن الثانى ويعمل على ماكينات الطباعة بتاريخ 11/ 9/ 1961 انفجر الخرطوم الخاص بالغاز فأصابه بحروق شديدة أدت إلى وفاته وضبط لذلك المحضر رقم 649 سنة 1961 إدارى نيابة الخليفة وإذ كان الطاعن الأول هو المسئول عن هذا الحادث وقد أصاب المطعون ضده من جراء ذلك أضرار جسيمة فقد اكتفى مؤقتاً بالمبلغ المطلوب آنفاً كتعويض عما أصابه من ضرر. قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى الدائرة العمالية بمحكمة القاهرة الابتدائية وقيدت برقم 415 سنة 1963 عمال كلى القاهرة واختصم المطعون ضده أمامها الطاعن الثانى ....... وطلب الحكم بإلزامه هو والطاعن الأول متضامنين بالمبلغ المطلوب، ثم اختصم المطعون ضده الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وطلب الحكم بإلزامها متضامنة مع الطاعنين بدفع المبلغ المطالب به. وبتاريخ 25/ 10/ 1964 حكمت المحكمة بإخراج الطاعنين من الدعوى وبرفضها قبل هيئة التأمينات الاجتماعية استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 1684 سنة 81 ق. وبتاريخ 14/ 12/ 1966 قضت محكمة الاستئناف قبل الفصل فى الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده أن ابنه قتل بسبب خطأ وإهمال الطاعنين وأن هذا الخطأ هو الذى أدى إلى وفاته، وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين اثباتا ونفيا حكمت فى 15/ 6/ 1967 بعدم قبول الدعوى بالنسبة للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وبإلزام الطاعنين متضامين بأن يدفعا للمطعون ضده تعويضا قدره خمسمائة جنيه. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض واختصما فى الطعن المطعون ضده وحده دون هيئة التأمينات الاجتماعية، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الثانى لأنه لم يقدم التوكيل الصادر منه للطاعن الأول الذى قرر بالطعن عنه وطلبت رفض الطعن بالنسبة للطاعن الأول، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 24/ 11/ 1973 وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن دفع النيابة فى محله، ذلك أنه لما كان المحامى المقرر بهذا الطعن قد قدم توكيلاً صادراً إليه من الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن الطاعن الثانى دون أن يقدم التوكيل الصادر من الأخير إلى الطاعن الأول فإن الطعن بالنسبة للطاعن الثانى يكون غير مقبول للتقرير به من غير ذى صفة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للطاعن الأول.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثانى من أسباب الطعن مخالفة القانون والقصور فى التسبيب من وجهين وفى بيان ذلك يقول فى الوجه الأول أن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن صاحب المطبعة ومديرها ارتكبا خطأ جسيما كان سبباً مباشراً فى وفاة ابن المطعون ضده فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تفسير معنى الخطأ الجسيم الوارد فى المادة 47 من القانون رقم 92 لسنة 1959، ذلك لأن العامل المتوفى يبلغ من العمر حوالى 17 سنة ويعمل مساعد طباعة وقد أجاز القراران الوزاريان رقما 155، 156 لسنة 1959 للحدث الذى تزيد سنه عن خمس عشرة سنة أن يزاول صناعة الطباعة وبذلك فإن اشتغال ابن المطعون ضده فى إدارة الخرطوم لا يرتب أى خطأ جسيم لأن هذا العمل يدخل فى صميم مهنته كعامل طباعة. ويقول الطاعن فى الوجه الثانى أن مسئولية صاحب العمل تنتفى عن حوادث العمل بمجرد التأمين على العمال ولا يسأل إلا عن خطئه الجسيم المنصوص عنه فى المادة 47 من القانون رقم 92 لسنة 1959 وهو الذى يكون جريمة تقع تحت طائلة قانون العقوبات ولم يحدث أن حكم على صاحب العمل أو نائبه بأية عقوبة جنائية ولم يكونا موضع اتهام مما ينفى عنهما الخطأ الجسيم وإذ قضى الحكم المطعون فيه رغم ذلك بمسئولية الطاعنين ولم يرد على دفاعهما فى هذا الخصوص فإنه يكون قد خالف القانون وشابه القصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى فى وجه الأول غير مقبول لأنه يتضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت إبداؤه أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. ومردود فى وجهه الثانى بأن المادة 47 من القانون رقم 92 لسنة 1959 قد تطلبت لامكان رجوع العامل على صاحب العمل بالتعويض فيما يتعلق بإصابات العمل طبقاً لأحكام المسئولية التقصيرية أن يكون خطؤه جسيماً، ولما كانت هذه العبارة قد وردت فى هذا النص بصيغة عامة مطلقة مما يجعلها شاملة لكل فعل خاطئ سواء أكان مكوناً لجريمة معاقب عليها أم أنه لا يقع تحت طائلة العقاب طالما أنه خطأ جسيم. وكان ما يقوله الطاعن بسبب النعى - من أن الخطأ الجسيم لا يتوافر إلا أن يكون مكوناً لجريمة جنائية - ينطوى على تخصيص لعموم النص بغير مخصص.
وهو ما لا يجوز، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على أساس الخطأ الجسيم من جانب رب العمل وتابعه مستنداً فى ذلك إلى قواعد المسئولية التقصيرية المقررة فى القانون المدنى فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه القصور.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث من أسباب الطعن مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقول إن نص المادة 47 من القانون رقم 92 لسنة 1959 اشترط أن يكون الخطأ جسيماً وصادراً من صاحب العمل ذاته حتى تتحقق مسئوليته وليس من أحد تابعيه، وإذ أسس الحكم المطعون فيه قضاءه على خطأ الطاعن الأول وهو تابع للطاعن الثانى وأهدر ذلك النص فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قال فى صدد هذا النعى "ومن حيث إنه قد ثبت من أقوال الشهود إثباتا ونفيا أن وفاة ابن المستأنف - المطعون ضده - كانت بسبب الحادث الذى أصيب به فى المطبعة وقد ثبت أن المتوفى لم يكن من عمله إدارة الماكينة التى أشعلت خرطومها وأشعلت فيه النار التى أحدثت بالمصاب حروقاً نارية قضت عليه، كل هذا يرتب فى ذمة صاحب المطبعة ومديرها خطأً جسيماً كان سبباً مباشراً فى وفاة ابن المستأنف ولهذا يكون المستأنف عليهما الأول والثانى - الطاعنان - مسئولين بالتضامن عن التعويض..." وكان يبين من ذلك الذى قرره الحكم أنه أسند الخطأ الجسيم الذى أدى إلى وفاة ابن المطعون ضده إلى كل من صاحب المطبعة ومديرها فإن النعى بهذا السبب يكون فى غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع من أسباب الطعن مخالفة القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول إن الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لم تنازع فى قيام صاحب العمل بالتأمين على عماله فتكون هى المسئولة عن التعويض عن وفاة نجل المطعون ضده التى حدثت أثناء العمل وبسببه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى بالنسبة للهيئة المذكورة فإنه يكون قد خالف القانون، هذا فضلاً عن قصور الحكم فى الأسباب التى استند إليها فى عدم مساءلة الهيئة.
وحيث إنه لما كان هذا النعى يتعلق بتعييب الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة لهيئة التأمينات الاجتماعية وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بمسئولية الطاعن بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية المقررة فى القانون المدنى لارتكابه خطأً جسيماً أدى إلى وفاة ابن المطعون ضده دون أحكام القانون رقم 92 لسنة 1959 الخاص بالتأمينات الاجتماعية فإن النعى بهذا السبب يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الخامس من أسباب الطعن مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أخطأ فى تقدير التعويض إذ كان يتعين عند تقديره أن يخصم ما يعادل ما سوف يحصل عليه المطعون ضده من معاش من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول لأنه يتضمن دفاعاً موضوعياً لم يثبت أمام محكمة الموضوع فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأخير مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقول إنه طلب من محكمة الموضوع استبعاد الاستئناف من جدول الجلسة لعدم سداد الرسم المستحق عليه وذلك على أساس أن المطعون ضده استند فى دعواه إلى القواعد العامة فى المسئولية التقصيرية فى القانون المدنى ولم يستند إلى قانون التأمينات الاجتماعية حتى كان يصح إعفاؤه من رسم الاستئناف، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بقوله إن المطعون ضده لا يلزم بدفع الرسم إلا عندما تقضى محكمة الاستئناف فى النزاع على أساس أنه نزاع مدنى لا عمالى وهو من الحكم مخالفة للقانون.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن المخالفة المالية فى القيام بعمل إجرائى لا يترتب عليها بطلان هذا العمل ما لم ينص القانون على ذلك، ولما كان القانون لم ينص على بطلان الاستئناف لعدم سداد رسومه فإن النعى بهذا السبب يكون على غير اساس.