أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1409

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد شبل عبد المقصود، وأديب قصبجى، ومحمد فاضل المرجوشى، وحافظ الوكيل.

(219)
الطعن رقم 445 لسنة 36 القضائية

( أ ) خبرة. محكمة الموضوع. عمل.
انتهاء الحكم إلى عدم أحقية العامل فى مطالبة رب العمل بأى مقابل عن ابتكاره. عدم إجابته طلب مناقشة الخبير لتحديد مقدار المكافأة المطلوبة. لا عيب.
(ب) حكم. "تسبيب الحكم".
الحكم الاستئنافى. للمحكمة أن تستند فيه إلى أسباب الحكم الابتدائى وأن تحيل إليها وتعتبرها جزءا متمما لحكمها.
(ج) عمل. التزام. "مصادر الالتزام". "الإثراء بلا سبب".
استحقاق المقابل المقرر بالمادة 688/ 3 مدنى. مناطه. توصل العامل إلى اختراع ذى أهمية اقتصادية. لا يعد كذلك التحسينات التى لا ترقى إلى مرتبة الاختراع. عدم جواز رجوع العامل على رب العمل بدعوى الإثراء بلا سبب فى غير الحالة المنصوص عليها فى المادة 688 مدنى.
(د) براءات الاختراع.
المادة 14 ق 132 لسنة 49. عدم انطباقها إلا حيث بكون موضوع الاختراع تعديلات أو تحسينات أو إضافات ادخلها صاحبها على اختراع له منحت عنه براءة اختراع.
1 -لا تثريب على المحكمة إن هى لم تستجب إلى طلب مناقشة الخبيرين فى تحديد مقدار المكافأة المطالب بها، ما دام أنها قد انتهت فى حكمها الذى سجلت أسبابه هذا الطلب إلى أنه لا يحق للطاعن مطالبة الشركة المطعون ضدها بأى مقابل، وبما يفيد أنها لم تر حاجة إلى هذا الاجراء.
2 - ليس فى القانون ما يمنع المحكمة الاستئنافية عند وضع حكمها من أن تستند فيه إلى الأسباب التى قام عليها الحكم الابتدائى وتحيل إليها وتعتبرها جزءاً متمماً للحكم الاستئنافى.
3 - متى كانت محكمة الموضوع قد اقتنعت بما جاء بتقريرى الخبيرين المقدمين فى الدعوى من أن ما أدخله الطاعن على الماكينة هو مجرد تحسينات ولا يعتبر اختراعاً، فلا عليها إن هى رتبت على هذا النظر قضاءها برفض دعواه، لأن مناط استحقاق المقابل الخاص المنصوص عليه فى الفقرة الثالثة من المادة 688 من القانون المدنى أن يوفق العامل إلى اختراع ذى أهمية اقتصادية. كما أن الأصل فى هذا الصدد أنه لا يجوز للعامل فى غير هذه الحالة الرجوع على رب العمل بدعوى الإثراء بلا سبب لوجود رابطة عقدية بينهما تمنع من تطبيق هذه القاعدة.
4 - لا تنطبق المادة 14 من القانون رقم 132 لسنة 1949 إلا حيث يكون موضوع الاختراع تعديلات أو تحسينات أو إضافات يدخلها صاحبه على اختراع له سبق أن منحت عنه براءة اختراع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 354 لسنة 1957 مدنى جزئى عابدين ضد الشركة المطعون ضدها، وطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له بصفة مؤقتة مبلغ 20 ج، وقال بياناً لها إنه كان يعمل مهندسا ميكانيكيا بالشركة واهتدى إلى كشف عيوب بإحدى ماكيناتها، وتوصل إلى ابتكار جعل هذه الماكينة تحقق الغرض الذى من أجله استحضرتها الشركة من الخارج، غير أن الشركة جحدت هذا الابتكار، وإذ كان ذلك المبلغ هو بعض ما يستحقه قبلها فقد انتهى إلى طلب الحكم له به، وفى 29 نوفمبر سنة 1957 قضت المحكمة الجزئية بندب أستاذ قسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة بجامعة القاهرة خبيراً فى الدعوى لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره عدل الطاعن طلباته إلى إلزام الشركة المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ 12000 ج، فقضت المحكمة فى 10 فبراير سنة 1959 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القاهرة الابتدائية، وقيدت بجدولها برقم 1839 لسنة 1959 مدنى كلى، وفى 13 فبراير سنة 1963 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بندب أستاذ قسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة بجامعة عين شمس خبيراً فى الدعوى لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم تقريره قضت فى 20 يناير سنة 1965 برفض الدعوى، فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 551 لسنة 82 ق، وفى 21 يونيه سنة 1966 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأى.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إنه طلب أمام محكمة أول درجة استدعاء الخبيرين لمناقشتهما فى تحديد مقدار المكافأة التى اتفقا على أحقيته فى اقتضائها من الشركة المطعون ضدها غير أن المحكمة لم تلتفت إلى هذا الطلب ولم ترد عليه وجارتها فى ذلك محكمة استئناف، كما أن الحكم المطعون فيه نكل عن الرد على أسباب الاستئناف مما يعيبه بالإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى مردود فى شقه الأول بأنه لا تثريب على المحكمة إن هى لم تستجب إلى طلب مناقشة الخبيرين فى تحديد مقدار تلك المكافأة ما دام أنها قد انتهت فى حكمها الذى سجلت أسبابه هذا الطلب إلى أنه لا يحق للطاعن مطالبة الشركة المطعون ضدها بأى مقابل بما يفيد أنها لم تر حاجة إلى هذا الإجراء، والنعى فى شقه الآخر مردود بأنه ليس فى القانون ما يمنع المحكمة الاستئنافية عند وضع حكمها من أن تستند فيه إلى الأسباب التى قام عليها الحكم الابتدائى وتحيل إليها وتعتبرها جزءاً متمماً للحكم الاستئنافى، وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد أسباب الاستئناف قال "إن الحكم المستأنف فى محله للأسباب الواردة به والتى تأخذ بها هذه المحكمة، وتضيف إليها أن ما قام به المستأنف لا يعد اختراعا بأى حال" وكان يبين من أسباب الحكم المستأنف أنها تضمنت الرد الكافى على أوجه الاستئناف، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثانى والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى الإسناد والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن التحسينات التى أدخلها على الماكينة لا تعد اختراعاً أو ابتكاراً، فى حين أن القانون رقم 132 لسنة 1949 فى شأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية ينص فى مادتيه الأولى والرابعة عشرة على اعتبار التحسينات اختراعاً إذا أدخلت على اختراع سبق أن منحت عنه براءة اختراع وتجيز لصاحب هذه التحصينات طلب براءة اختراع وفقاً للمادتين 15، 16 منه غير أن الحكم المطعون فيه أغفل هذه النصوص القانونية التى يتمسك الطاعن بتطبيقها الطاعن مع نص المادة 688 من القانون المدنى، وهى تقرر له الحق فى مطالبة المطعون ضدها بمقابل عن اختراعه الذى أدى إلى إفادتها اقتصادياً إذ حققت بسببه ربحاً كبيراً لم تكن تتوقعه، وقد فات الحكم أن يعرض لهذه الوقائع لإنزال حكم هذه المادة عليها، هذا إلى أن الحكم لم يعن ببحث أن ابتكاره الأول تم إدخاله على الماكينة فى فترة الضمان الخاص بها، وأن الشركة المطعون ضدها لو توقعت أن هذا الضمان منتج لتسيير الماكينة لما سمحت له أن يبتكر ما جعلها تؤدى عملها على الوجه الأكمل واكتفت بوجود الخبراء الأجانب الذين كانوا يلازمون الماكينة فى تلك الفترة، ولما صرحت له بأن يستكمل ابتكاراته بعد انتهاء فترة الضمان، وبذلك يكون الطاعن قد بذل جهداً وفناً أسفرا عن هذه الابتكارات ولكن الحكم المطعون فيه أهدر تلك الجهود بدعوى أنها لا تتضمن ابتكاراً مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ فى الإسناد والقصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه يبين من الحكم الابتدائى الذى أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أنه بعد أن نقل عن تقريرى الخبيرين المقدمين فى الدعوى أن ما أدخله الطاعن على الماكينة لا يعدو أن يكون مجرد تحسينات ولا يعتبر اختراعاً، عرض لما يثيره الطاعن فى هذا النعى بقوله "إن ما قام به المدعى (الطاعن) بالماكينة المذكورة ليس من الاختراعات بل تحسينات وأن المقابل الذى تضمنه نص المادة 688 هو المقابل لما قد يستحدثه العامل من اختراعات وليس مجرد التحسينات المألوفة، وإن الأصل أنه ليس للعامل أن يطالب بمقابل خاص علاوة على أجره إلا فى الأحوال التى نصت عليها هذه المادة" وأضاف الحكم فى خصوص استناد الطاعن إلى المادة 14 من القانون رقم 132 لسنة 1949 أنها "تنطبق فى حالة ما إذا كان صاحب اختراع ثابت أدخل عليه تعديلات أو تحسينات أو إضافات وأن يطلب براءة إضافية عن ذلك وهو ما ليس متوفراً فى هذه الدعوى" وهذا الذى قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ويتضمن الرد على ما يثيره الطاعن فى هذا النعى، ذلك أنه متى كانت محكمة الموضوع قد اقتنعت بما جاء بتقريرى الخبيرين المقدمين فى الدعوى من أن ما أدخله الطاعن على تلك الماكينة هو مجرد تحسينات ولا يعتبر اختراعاً، فلا عليها إن هى رتبت على هذا النظر قضاءها برفض دعواه، لأن مناط استحقاق المقابل الخاص المنصوص عليه فى الفقرة الثالثة من المادة 688 من القانون المدنى أن يوفق العامل إلى اختراع ذى أهمية اقتصادية، كما أن الاصل فى هذا الصدد أنه لا يجوز للعامل فى غير هذه الحالة الرجوع على رب العمل بدعوى الإثراء بلا سبب لوجود رابطة عقدية بينهما تمنع من تطبيق هذه القاعدة، لما كان ذلك، وكانت المادة 14 من القانون رقم 132 لسنة 1949 لا تنطبق على واقعة النزاع كما قال الحكم المطعون فيه، إذ هى لا تنطبق إلا حيث يكون موضوع الاختراع تعديلات أو تحسينات أو إضافات يدخلها صاحبه على اختراع له سبق أن منحت عنه براءة اختراع وهو ما لم يتوافر فى الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.