أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1429

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد/ المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد أسعد محمود، وإبراهيم السعيد ذكرى، والدكتور محمد زكى عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.

(223)
الطعن رقم 126 لسنة 35 القضائية

( أ ) نقض. "المصلحة فى الطعن". دعوى. "رفع الدعوى". ضرائب.
سبب الطعن الذى ينطوى على مصلحة نظرية محضة. عدم قبوله. مثال فى طعن ضريبى.
(ب) حكم. "حجية الحكم". ضرائب. "الضريبة العامة على الايراد".
حكم سابق فصل فى النزاع بشأن إيراد أطيان تم التصرف فيها. صيرورة هذا الحكم نهائيا. عدم جواز مناقشة هذه المسألة فى دعوى أخرى بشأن إيراد سنة ضريبية لاحقة. لا يحول دون ذلك مبدأ استقلال السنوات الضريبية. نطاق هذا المبدأ.
1- إنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أنه يتعين إقامة الطعن فى قرار اللجنة - الصادر فى شأن الضريبة العامة على الإيراد - بورقة تكليف بالحضور لا بعريضة تودع قلم الكتاب على الرغم من أن هذه المسألة لم يثرها أحد من الخصوم، إلا أنه لم يكن لهذا القول من أثر على قضائه، إذ انتهى إلى تأييد الحكم المستأنف - الذى قضى بصحة إقامة الطعن بطريق إيداع العريضة - عملاً بقاعدة عدم مضارة المستأنف باستئنافه، ومن ثم يكون النعى غير منتج لانطوائه على مصلحة نظرية محضة.
2- متى كان الثابت من الحكم الصادر فى الدعوى الخاصة بمحاسبة الطاعن عن إيراده العام خلال السنوات من 1951حتى 1955 أنه فصل فى النزاع حول إيراد المائة فدان التى تصرف فيها الطاعن إلى أولاده طبقاً لقانون الإصلاح الزراعى رقم 178 لسنة 1952، فقرر أن هذا التصرف حقيقى ولا يدخل إيراد هذه الأطيان فى وعاء الضريبة بالنسبة للطاعن اعتباراً من السنة التالية لحصوله، فإن هذا الحكم الذى أصبح نهائيا يكون حائرا قوة الامر المقضى فى خصوص خروج هذه الأطيان من ملكية الطاعن وحيازته، ومانعاً للخصوم فى الدعوى التى صدر فيها من العودة إلى مناقشة هذه المسألة فى أية دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع، ولما كانت مصلحة الضرائب لم تدع تغيراً فى هذا الوضع، وكان نطاق مبدأ استقلال السنوات الضريبية لا يتعدى جانب الأرباح والتكاليف التى تحقق على مدار السنة، بحيث لا تمتد إلى غيرها من السنين السابقة أو اللاحقة عليها إلا فيما نص عليه القانون استثناء، فلا محل للتحدى به فى هذا الخصوص والقول بأن الحكم المشار إليه تقتصر حجيته على السنوات من 1951 حتى 1955، ولا تتجاوزها إلى سنة النزاع وهى سنة تالية للسنوات الضريبية التى فصل فيها الحكم المذكور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن مأمورية ضرائب ميت غمر قدرت صافى إيراد الطاعن الخاضع للضريبة العامة على الإيراد عن سنة 1956 بمبلغ 10111 ج و771 م وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التى أصدرت قرارها فى 30 يونيه سنة 1963 بتأييد تقديرات المأمورية، فقد أقام الدعوى رقم 189 لسنة 1963 تجارى أمام محكمة المنصورة الابتدائيه بعريضة قدمت إلى قلم كتاب المحكمة ضد مصلحة الضرائب - المطعون عليها الأولى - بالطعن فى هذا القرار طالباً إلغاءه واعتبار صافى الايراد الخاضع للضريبة مبلغ 2638 ج و740 م وثار الخلاف أمام المحكمة حول شكل الطعن وأثر المادة 118 من قانون المرافعات السابق معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 على الطعون الضريبية وهل ترفع بتكليف بالحضور أو بعريضة تودع قلم الكتاب، ومن بين ما جرى فيه النزاع من ناحية الموضوع استبعاد إيراد المائة فدان التى تصرف فيها الطاعن إلى أولاده طبقاً لقانون الإصلاح الزراعى وإيراد الأطيان التى باعها إلى فاطمة محمد شبل فى سنة 1954 ومساحتها 13 ف و2 ط و15 س، وبتاريخ 27 من مايو سنة 1964 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبتعديل قرار اللجنة وتحديد صافى الإيراد العام للطاعن بمبلغ 6288 ج و450 م. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 50 لسنة 16 ق تجارى المنصورة، وبتاريخ 28 من يناير سنة 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الأربعة الأولى وبالشق الأول من السبب الخامس وبالسبب السابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إنه على الرغم مما انتهت إليه محكمة أول درجة من أن إقامة الطعن فى قرار اللجنة بطريق الإيداع صحيح قانوناً فإن الحكم المطعون فيه عرض تلقائياً للقول بأن الطعن كان واجباً رفعه بطريق التكليف بالحضور مخالفا بذلك نص المادة 409 من قانون المرافعات السابق التى تقصر نطاق الاستئناف على ما رفع به، هذا إلى أن للقانون الضريبى ذاتية مستقلة فلا يجوز تطبيق المادة 118 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 على الطعون الضريبية، مما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أنه يتعين إقامة الطعن فى قرار اللجنة بورقة تكليف بالحضور لا بعريضة تودع قلم الكتاب على الرغم من أن هذه المسألة لم يثرها أحد من الخصوم، إلا أنه لم يكن لهذا القول من أثر على قضائه إذ انتهى إلى تأييد الحكم المستأنف عملاً بقاعدة عدم مضارة المستأنف باستئنافه، وهو ما يكون معه النعى بهذه الأسباب غير منتج لانطوائه على مصلحة نظرية محضة.
وحيث إن حاصل النعى بالشق الثانى من السبب الخامس وبالسبب السادس مخالفة القانون والقصور فى التسبيب من وجهين: (أولهما) أن حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه رفض استبعاد إيراد المائة فدان التى باعها الطاعن إلى أولاده فى غضون سنة 1953 استجابة للرخصة المخولة له بالمادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعى رقم 178 لسنة 1952، وقرر أن هذا التصرف لا يسرى على مصلحة الضرائب إعمالاً لحكم المادة 24 مكرراً (4) من القانون رقم 99 لسنة 1949 لحصوله خلال السنوات الخمس السابقة على سنة المحاسبة وأنه لا حجية للحكم الصادر فى الدعوى رقم 206 لسنة 1968 تجارى المنصورة الابتدائية الذى استبعد إيراد تلك الأطيان حتى سنة 1955 لتعلقه بسنوات مغايرة، فى حين أن الطاعن تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن ذلك الحكم الذى أصبح نهائياً قد فصل فى مسألة كلية شاملة، هى خروج الأرض من ملكية الطاعن وحيازته بطريقة قانونيه تحاج بها مصلحة الضرائب اعتباراً من سنة 1953 ولا محل للتذرع فى هذا الشأن بقاعدة استقلال السنوات الضريبية. (والثانى) أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بوجوب استبعاد إيراد مساحة 13 ف و2 ط و15 س الكائنة بناحية طماى الزهايرة والتى باعها فى سنة 1954 إلى السيدة/ فاطمة محمد شبل مستنداً فى ذلك إلى أن الحكم الصادر فى الدعوى رقم 206 لسنة 1958 تجارى المنصورة الابتدائية سالف الإشارة قد استبعد إيراد هذه الأطيان من وعاء الضريبة اعتباراً من سنة 1954، كما استند الطاعن إلى قرار لجنة الطعن رقم 119 لسنة 1963 من اعتداده بهذا التصرف على أساس حصوله فى سنة 1954، وإذ أهدر الحكم المطعون فيه حجية الحكم والقرار سالفى الذكر، وأغفل الإشارة إلى دفاع الطاعن ومستنداته فى هذين الوجهين فإنه علاوة على مخالفته للقانون يكون قاصر التسبيب.
وحيث إن النعى سديد فى وجهه الأول، ذلك أنه لما كان الثابت من الحكم الصادر بتاريخ 14 من يناير سنة 1960 فى الدعوى رقم 206 لسنة 1958 تجارى المنصورة الابتدائية الخاصة بمحاسبة الطاعن عن إيراده العام خلال السنوات من 1951 حتى 1955، أنه فصل فى النزاع حول إيراد المائة فدان التى تصرف فيها الطاعن إلى أولاده طبقاً لقانون الإصلاح الزراعى رقم 178 لسنة 1952 فقرر أن ها التصرف حقيقى ولا يدخل إيراد هذه الأطيان فى وعاء الضريبة بالنسبة للطاعن اعتباراً من السنة التالية لحصوله، فإن هذا الحكم الذى أصبح نهائياً يكون حائزا قوة الأمر المقضى فى خصوص خروج هذه الأطيان من ملكية الطاعن وحيازته، ومانعاً للخصوم فى الدعوى التى صدر فيها من العودة إلى مناقشة هذه المسألة فى أية دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع، ولما كانت مصلحة الضرائب لم تدع تغيراً فى هذا الوضع، وكان نطاق مبدأ استقلال السنوات الضريبية لا يتعدى جانب الارباح والتكاليف التى تحقق على مدار السنة بحيث لا تمتد إلى غيرها من السنين السابقة أو اللاحقة عليها إلا فيما نص عليه القانون استثناء، فلا محل للتحدى به فى هذا الخصوص والقول بأن الحكم المشار إليه تقتصر حجيته على السنوات من 1951 حتى 1955 ولا تتجاوزها إلى سنة النزاع، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واحتسب إيراد هذه الأطيان ضمن وعاء الضريبة العامة للطاعن فى سنة النزاع وهى سنة تالية للسنوات الضريبية التى فصل فيها بالحكم رقم 206 لسنة 1958 سالف الذكر، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه فى هذا الخصوص. والنعى فى وجهه الثانى مردود، ذلك أنه لما كان البين من الاطلاع على حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه رفض استبعاد إيراد الأطيان الزراعية المبيعة إلى السيدة/ فاطمة محمد شبل من وعاء الضريبة على سند من أن الطاعن لم يقدم دليلاً أو مستنداً يثبت أن المشترية وضعت يدها على تلك الأطيان فى سنة المحاسبة وأن قول الطاعن فى هذا الخصوص جاء مرسلاً، وكان الثابت من الحكم الصادر بتاريخ 14 من يناير سنة 1960 فى الدعوى رقم 206 لسنة 1958 تجارى المنصورة الابتدائية أنه لم يستبعد إيراد هذه الأطيان من وعاء الضريبة اعتباراً من سنة 1954، بل عهد ذلك الحكم إلى مكتب الخبراء بحث ما ادعاه الطاعن من تصرفه بالبيع فى هذه الأطيان فى أخر سنة 1954 وأن المشترية وضعت اليد عليها من أول سنة 1955، وكان قرار لجنة الطعن رقم 119 لسنة 1963 الصادر بتاريخ 21 من مارس سنة 1964 بشأن الضريبة العامة عن سنة 1957 قد أورد ما يلى: "يبين من استقراء أسباب قرار اللجنة رقم 4206 لسنة 1957 أن الطاعن باع 13 ف و2 ط و15 س إلى السيدة/ فاطمة محمد شبل بموجب عقد ابتدائى بعد فوات بداية السنة الزراعية 1954/ 1955، ولذا لم يستبعد إيراد هذه المساحة باعتبار أن تاريخ وضع المشترية يدها على هذه المساحة لم يحدد... وأن مفاد الشهادة الإدارية الموقع عليها من صراف ناحية طماى الزهايرة وعمدتها وشيخها أن المشترية وضعت اليد على الاطيان المبيعة إليها من الطاعن ومساحتها 13 ف و2 ط و15 س وأنها قائمة بسداد الأموال، ومن ثم يتعين إجابة طلب الطاعن استبعاد إيراد هذه المساحة عن سنة الخلاف"، مما مؤداه أن هذا القرار بفرض نهائيته لم يثبت وضع يد المشترية على الأطيان المشار إليها إلا بالنسبة لسنة 1957 وهى المعروضة على اللجنة دون سنة 1956 موضوع النزاع، وإذ احتسب الحكم المطعون فيه إيراد هذا القدر ضمن وعاء الضريبة العامة الخاصة بالطاعن، فإن النعى عليه بمخالفة القانون والقصور فى التسبيب فى هذا الخصوص يكون على غير اساس.