حكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1456

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد شبل عبد المقصود، وأحمد سميح طلعت، ومحمد فاضل المرجوشى، وحافظ الوكيل.

(227)
الطعن رقم 404 لسنة 36 القضائية

( أ ) عمل. "عناصر عقد العمل". "راعى الكنيسة".
البطريرك. اختصاصه برسامة القسس وترقيتهم ونقلهم وعزلهم وتجريدهم. خضوع الكنائس والقسس العاملين بها لتبعيته واشرافه. الكاهن لدى الهيئة الكنسية للأقباط الأرثوذكس. علاقته بها علاقة عمل.
(ب) استئناف. "ميعاد الاستئناف". عمل. "ميعاد استئناف الدعوى العمالية".
ميعاد الاستئناف المنصوص عليه فى المادة 75 ق 91 لسنة 1959 قاصر على الاحكام الصادرة فى دعاوى التعويض التى ترفع بالتزام الأوضاع الواردة بها. ما عداها باق على أصله.
(ج) نقض. "أسباب الطعن". حكم. "قصور".
لا يقبل نعى لم يرد فى تقرير الطعن. مثال فى نعى بالقصور.
1- البطريرك بوصفه رئيساً لمجلس الأقباط الأرثوذكس - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة(1) - هو الذى يختص دون غيره برسامة القسس وترقيتهم ونقلهم من كنيسة إلى أخرى وعزلهم وتجريدهم، وإن الكنائس والقسس العاملين بها خاضعون لتبعيته وإشرافه، وتعتبر عقود العمل المبرمة مع هؤلاء قائمة بينهم وبين البطريركية ولو اقتضى التنظيم المالى فى هذه الكنائس صرف أجورهم من الهيئات أو الجمعيات التى تتولى الإدارة نيابة عن البطريرك، وأن علاقة الكاهن لدى الهيئة الكنسية للأقباط الأرثوذكس هى علاقة عمل.
2 - ميعاد الاستئناف المنصوص عليه فى المادة 75 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وهو عشرة أيام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمه(2) - قاصر على الأحكام التى تصدر فى دعاوى التعويض التى ترفع بالتزام الأوضاع التى أفصحت عنها المادة المذكورة، وما عداها باق على أصله ويتبع فى استئنافه الميعاد المنصوص عليه فى قانون المرافعات وهو ستون يوما من تاريخ صدور الحكم.
3 - إذ كان الطاعن لم يبين فى تقرير الطعن أوجه الدفاع الذى يعيب على الحكم المطعون فيه قصوره فى الرد عليها، كما لم يبين الأدلة الواقعية ولا الحجج القانونية التى يناقشها الحكم، وكان لا يكفى فى ذلك مجرد القول بأن الحكم اغفل الدفاع الذى تضمنته مذكرات الطاعن، وأنه لم يناقش ما استند إليه الطاعن من أدلة واقعية وحجج قانونية، دون بيان لذلك كله فى تقرير الطعن، مع أن ذلك مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجوهه منذ ابتداء الخصومة. لما كان ذلك فإن النعى بهذا السبب يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 218 لسنة 1965 مدنى كلى الفيوم ضد الطاعن يطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 900 ج مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماه، وقال شارحاً لدعواه إن الطاعن عينه وكيلاً لمطرانية الأقباط الأرثوذكس بالفيوم فى الوقت الذى كان فيه راعياً لكنيسة هوارة المقطع بالفيوم، فأسندت إليه مهام القيام بأعمال الوكالة شاملة الجانب المادى والمدنى منها، وذلك بموجب عقد مؤرخ 24/ 10/ 1959 لقاء أجر قدره 90 ج كل ستة شهور، وإذ تأخر الطاعن فى تسديد هذا الاجر عن المدة من سبتمبر سنة 1960 حتى نهاية أغسطس سنة 1965 وقدره 900 ج فقد انتهى إلى طلب الحكم له به. دفع الطاعن بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى لأنه لا تربطه بالمطعون ضده علاقة عمل، إنما هى علاقة روحية دينية يمتنع على المحاكم نظرها، وبتاريخ 27/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وبعدم اختصاصها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف بنى سويف (مأمورية الفيوم) وقيد هذا الاستئناف برقم 18/ 3 قضائية، وبتاريخ 8/ 6/ 1966 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة الفيوم الابتدائية نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة بندر الفيوم الجزئية لاختصاصها بها. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثانى من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم الصادر بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص المحاكم بنظرها وهو مخالفة للقانون من وجهين (أولهما) أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن المطعون ضده إنما يؤدى الشعائر الدينية مقابل أجر يتقاضاه من رئيسه الدينى وهو خطأ، لأن هذا يتنافى مع أصول الدين المسيحى إذ أن جميع رجال الكهنوت فى المذهب الأرثوذكسى على اختلاف درجاتهم لا يتقاضون أجراً عن أعمالهم الدينية، وإنما يعيشون على تبرعات الشعب القبطى نظير ما يؤدونه من خدمات دينية يبتغون بها القربى والمثوبة من الله، كما أن الكنيسة هيئة دينية لا ترمى إلى الكسب فلا يمكن اعتبارها رب عمل يسرى فى شأن علاقتها مع رجال الدين قانون عقد العمل، والنظام السائد بالنسبة لقساوسة مدينتى القاهرة والإسكندرية والذى يقضى بصرف مرتبات شهرية لهم من المجلس الملى مستقلاً عن الكنيسة مقابل حرمانهم من إيراد الكنيسة التى يعملون فيها إنما يقتصر على قساوسة المدينتين نظراً لأن بهما أوقافاً يديرها المجلس الملى تدر مالا وفيرا، وما يدفعه المجلس الملى العام لهؤلاء القساوسة إنما مصدره تبرعات الشعب فلا يعتبر ما يدفعه أجراً، فضلاً عن أن أبرشية الفيوم لا يوجد بها أوقاف يديرها المجلس الملى العام - وأوراق الدعوى خلت من الدليل على أن المطعون ضده يتقاضى مرتبا دورياً من رئيسه الدينى، وقد بنى الحكم المطعون فيه قضاءه فى هذا الخصوص على الظن والتخمين، وادعاء المطعون ضده أن الطاعن أسند إليه أعمال وكالة المطرانية بعقد مؤرخ 24/10/ 1959 قول يعوزه الدليل، هذا إلى أن المطعون ضده يطلب متجمد أجره خلال الفترة التى تلت تجريده من درجة الكهنوت وانقطاع صلته بالكنيسة، وبحث استحقاق المطعون ضده لهذا المبلغ يؤدى إلى التحقق من شرعية قرار التجريد ذاته وهو أمر ممنوع على المحاكم التعرض له. (والوجه الثانى) أن الحكم الابتدائى صدر فى 27/ 1/ 1966 واستأنفه المطعون ضده فى 13/ 3/ 1966، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن دعوى المطعون ضده هى من الدعاوى العمالية التى تخضع لأحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 فإن ميعاد الاستئناف يكون عشرة أيام طبقاً لحكم المادة 75 من القانون المذكور، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الاستئناف قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود (فى الوجه الأول منه) بأن البطريرك بوصفه رئيساً لمجلس الأقباط الأرثوذكس - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذى يختص دون غيره برسامة القسس وترقيتهم ونقلهم من كنيسة إلى أخرى وعزلهم وتجريدهم، وأن الكنائس والقسس العاملين بها خاضعة لتبعيته وإشرافه وتعتبر عقود العمل المبرمة مع هؤلاء قائمة بينهم وبين البطريركية ولو اقتضى التنظيم المالى فى هذه الكنائس صرف أجورهم من الهيئات أو الجمعيات التى تتولى الإدارة نيابة عن البطريرك، وأن علاقة الكاهن لدى الهيئة الكنسية للأقباط الأرثوذكس هى علاقة عمل، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه باختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى على أن "رجل الدين يعتبر فى نظر قانون العمل عاملاً متى كان يؤدى الشعائر الدينية مقابل أجر مهما كان نوعه، يتقاضاه من رئيسه الدينى الذى له حق رقابته وتوقيع الجزاءات الدينية عليه على اختلاف أنواعها ومنها شلحه بتجريده من رتبته، ولا يرد على ذلك بأن عمل رجل الدين عمل روحى فالقانون لم يميز بين الأعمال الجسمانية والعقلية والروحية، وأن المطعون ضده يكون محقاً فى تكييف العلاقة التى تربط الكاهن برئيسه الدينى بأنها علاقة عمل تخضع لأحكام عقد العمل الواردة فى القانون المدنى والقانون رقم 91 لسنة 1959 وذلك متى توافر عنصراها وهما التبعية والأجر" وكان الحكم قد اقتصر على ذلك للقول باختصاص المحاكم بنظر الدعوى دون أن يتعرض إلى ثبوت الحق المطالب به من عدمه، وكان بحثه بشأن الاختصاص لا يتطلب منه أن يتطرق إلى إبداء رأيه فى تاريخ فصل المطعون ضده أو تجريده وما يترتب على ذلك من أثر فى استحقاق الأجر، ولا لتقصى دفاع الطرفين الموضوعى، وإذ مجال ذلك أمام المحكمة المختصة نوعياً بنظر النزاع التى عليها أن تتحرى وجه الصواب فى دفاع كل منهما. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون. والنعى مردود (فى الوجه الثانى منه) بأن ميعاد الاستئناف المنصوص عليه فى المادة 75 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وهو عشرة أيام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قاصر على الأحكام التى تصدر فى دعاوى التعويض التى ترفع بالتزام الأوضاع التى أفصحت عنها المادة المذكورة وما عداها باق على أصله ويتبع فى استئنافه الميعاد المنصوص عليه فى قانون المرافعات وهو ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم، ولما كانت الدعوى لا تشتمل على طلب تعويض إنما أقيمت بطلب أجر المطعون ضده، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر واعتبر أن ميعاد الاستئناف هو ستون يوماً فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أغفل دفاع الطاعن الذى تضمنته مذكراته أمام محكمة الاستئناف كما أغفل مناقشة ما استند إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية مما يجعله مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه لما كان الطاعن لم يبين فى تقرير الطعن أوجه الدفاع الذى يعيب على الحكم المطعون فيه قصوره فى الرد عليها، كما لم يبين الأدلة الواقعية ولا الحجج القانونية التى لم يناقشها الحكم، وكان لا يكفى فى ذلك مجرد القول بأن الحكم أغفل الدفاع الذى تضمنته مذكرات الطاعن، وأنه لم يناقش ما استند إليه الطاعن من أدلة واقعية وحجج قانونية دون بيان لذلك كله فى تقرير الطعن، مع أن ذلك مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجوهه منذ ابتداء الخصومة. لما كان ذلك فإن النعى بهذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 20/ 10/ 1971 مجموعة المكتب الفنى س 22 صـ 93.
(2) نقض 11/ 3/ 1972 مجموعة المكتب الفنى س 23 صـ 391.