مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1997 إلى آخر فبراير سنة 1998) - صـ 821

(86)
جلسة 14 من فبراير سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ سعد الله محمد حنتيرة، ومنصور حسن على غربى، وأبو بكر محمد رضوان، وغبريال جاد عبد الملاك نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1300 لسنة 37 قضائية عليا

دعوى - إثبات - القرينة الناشئة عن نكول الجهة الإدارية عن تقديم المستندات - اعمالها فى مرحلة الطعن.
نكول الجهة الإدارية عن تقديم المستندات التى تحت يدها واللازمة للفصل فى النزاع يقيم قرينة لصالح العامل باعتبار أن الجهة الإدارية هى التى بحوزتها تلك الأوراق والمستندات - هذه القرينة كما تجد مجال إعمالها أمام مرحلة أول درجة تكون واجبة الإعمال فى مرحلة الطعن إذا قامت الجهة الادارية بسحب الأوراق والمستندات التى كانت مودعة وذلك حتى يتسنى لمحكمة الطعن إعمال سلطتها فى الرقابة على الحكم المطعون فيه وما إذا كان قد استخلص النتيجة من وقائع لها أصول بالأوراق استخلاصاً سائغاً. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 7/ 3/ 1991 أودع الأستاذ/ ..... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة، تقرير الطعن الراهن فى حكم المحكمة التأديبية بأسيوط الصادر فى الدعوى رقم 356 لسنة 15 ق بجلسة 15/ 1/ 1991 والقاضى بمجازاه/ ...... بالخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة وبمجازاة/ ....... بخصم خمسة عشر يوماً من أجره، وبمجازاة/ ....... (الطاعن) بخصم شهرين من أجره.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما نسب إليه.
وبتاريخ 13/ 3/ 1991 تم إعلان تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية فى مقرها.
وقد أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما نسب إليه.
تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث قدمت النيابة الإدارية بجلسة 14/ 12/ 1994 مذكرة طلبت فيها رفض الطعن موضوعاً وتأييد الحكم المطعون فيه.
وبجلسة 8/ 2/ 1995 قررت دائرة فحص الطعون بالمحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 11/ 3/ 1995 وتم تداول الطعن أمام المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات حيث تقرر بجلسة 15/ 4/ 1995 إصدار الحكم بجلسة 27/ 5/ 1995 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لتعيد النيابة الإدارية ملف القضية رقم 1491 لسنة 1987 أسيوط المرسل إليها رفق كتاب المحكمة التأديبية بأسيوط رقم 570 بتاريخ 9/ 4/ 1991 وحددت لنظره جلسة 22/ 7/ 1995.
واستمر تداول الدعوى مرة أخرى أمام المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات حتى قدمت النيابة الإدارية بتاريخ 7/ 11/ 1995 حافظة مستندات طويت على ملف القضية رقم 9 لسنة 1986 الخارجة، وقد تقرر إصدار الحكم بجلسة 13/ 1/ 1996، وبهذه الجلسة قررت المحكمة مرة ثانية إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 24/ 2/ 1996 وكلفت النيابة الإدارية تنفيذ قرار المحكمة بجلسة 27/ 5/ 1995 تنفيذا صحيحا وهو تقديم ملف القضية رقم 1491 لسنة 1987 نيابة أسيوط الإدارية وليس ملف القضية رقم 9 لسنة 1986 الخارجة المودع بتاريخ 7/ 11/ 1995 حيث إنه غير متعلق بالطعن الراهن.
وأعيد تداول الطعن أمام المحكمة للمرة الثالثة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات حيث قدمت النيابة الإدارية (لدى السكرتارية) حافظة مستندات بتاريخ 9/ 1/ 1996 لم تضم ملف القضية المطلوب تقديمه.
واستمر تداول الطعن أمام المحكمة لعشر جلسات حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية، واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فى إنه بتاريخ 18/ 7/ 1988 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 356 لسنة 15 ق أمام المحكمة التأديبية بأسيوط بإيداع أوراقها قلم كتاب تلك المحكمة مشتملة على ملف القضية رقم 1491 لسنة 1987 نيابة أسيوط الإدارية وتقرير اتهام فيها ضد الطاعن وآخرين لأنهم خلال الفترة من أكتوبر سنة 1983 حتى 13/ 2/ 1985 بديوان عام محافظة الوادى الجديد لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأمانة وسلكوا فى تصرفاتهم مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب وخالفوا القواعد والأحكام المالية وأتوا ما من شأنه المساس بمالية الدولة على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت النيابة مجازاة المحالين عما نسب إليهم بتقرير الاتهام سالف الذكر.
وبجلسة 15/ 1/ 1991 صدر الحكم المطعون فيه بمنطوقه سالف الذكر، وأقام قضاءه بمجازاة الطاعن على أساس أنه أهمل فى أداء عمله كأمين مخزن مما أدى إلى ظهور عجز بعهدته على النحو الذى انتهت إليه لجنة الجرد.
ومن حيث إن مبنى الطعن صدور الحكم المطعون فيه مشوباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ذلك أنه لا يجوز محاسبته كأمين مخزن ذلك أن مناط ذلك أنْ تكون عهدته ثابتة ومحصورة ومسلمة إليه وأن تكون النظم المعمول بها تجعل له السيطرة الكاملة على المخزن حتى يمكن أن ينسب إليه الإهمال فى المحافظة على العهدة، إلا أن هذا غير ثابت فى حق الطاعن إذ لم يتسلم العهدة التى كانت مع أمين المخزن السابق وبالتالى فلا يجوز محاسبته عن عهدة لم يتسلمها، كما أن هناك ثلاث مذكرات تبين إهمال المسئولين بالمصنع وعدم وجود دفاتر ومستندات، وبالتالى فلا يمكن القول بوجود عجز حقيقى.
ومن حيث إن المستقر عليه أن نكول الجهة الإدارية عن تقديم المستندات التى تحت يدها واللازمة للفصل فى النزاع إنما يقيم قرينة لصالح العمل باعتبار أن الجهة الإدارية هى التى بحوزتها تلك الأوراق والمستندات، وجدير بالذكر أن هذه القرينة كما تجد مجال إعمالها أمام مرحلة أول درجة، تكون واجبة الإعمال فى مرحلة الطعن إذا قامت الجهة الإدارية بسحب الأوراق والمستندات التى كانت مودعة وذلك حتى يتسنى لمحكمة الطعن إعمال سلطتها فى الرقابة على الحكم المطعون فيها وما إذا كان قد استخلص النتيجة من وقائع لها أصول بالأوراق استخلاصاً سائغاً.
ومن حيث إن الثابت أن ملف قضية النيابة الإدارية رقم 1491 لسنة 1987 أسيوط والذى يحوى التحقيقات والأوراق والتى قدم الطاعن بموجبها للمحاكمة التأديبية، كان ملف تلك القضية مودعاً أمام المحكمة التأديبية بأسيوط، وبعد أن أصدرت تلك المحكمة الحكم المطعون فيه، قام قلم كتابها بارسال ملف تلك القضية إلى النيابة الإدارية بأسيوط بموجب الكتاب رقم 570 بتاريخ 9/ 4/ 1991، وعند نظر الطعن أمام هذه المحكمة فقد تم تكليف النيابة الادارية بإعادة ملف القضية المشار إليه وأعيدت الدعوى مرتين لهذا السبب واستمر تداول الطعن لذات القرار لعدة جلسات بلغت أكثر من عشر جلسات على النحو السابق إيضاحه عند التعرض لإجراءات الطعن دون أن تقدم النيابة الإدارية الملف المطلوب، فمن ثم فإن ذلك يقيم قرينة لصالح الطاعن، الأمر الذى يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن والقضاء ببراءته مما نسب إليه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاه الطاعن، والقضاء ببراءته مما نسب إليه.