مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1997 إلى آخر فبراير سنة 1998) - صـ 849

(90)
جلسة 15 من فبراير سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ جودة عبد المقصود فرحات، ومحمد عبد الرحمن سلامة، وعلى عوض محمد صالح، وإدوارد غالب سيفين نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3160 لسنة 36 قضائية عليا

دعوى - دعوى الإلغاء - ميعاد - أثر التظلم الاختيارى فى قطع الميعاد.
طريق المنازعة القضائية هو محض سبيل اختيارى لا التزام فى اللجوء إليه وليس من شأنه أن يحول دون الالتجاء إلى أولى الامر من خلال التظلم إليهم - هذا التظلم بما يفصح عنه مدلوله المصطلح عليه قانوناً ويعنى التظلم الولائى هو الأصل فى مجال استخلاص ذوى الشأن لحقوقهم ورفع الظلم عنهم - أساس ذلك: أن جهة الإدارة وهى الخصم الشريف يتعين أن تعطى الحق لأصحابه دون تكبدهم مشقة القضاء واجراءاته. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 31/ 7/ 1990 أودع الاستاذ/ ....... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3160 لسنة 36 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بجلسة 28/ 5/ 1990 فى الدعوى رقم 356 لسنة 1 ق والقاضى بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الثانى بصفته لرفعها على غير ذى صفة وبالنسبة للمدعى عليهما الأول والثالث بصفتهما لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعين المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه واعادة القضية إلى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعين رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط للفصل فى موضوعها بهيئة مغايرة وإبقاء الفصل فى المصروفات.
تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 19/ 5/ 1997 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 29/ 9/ 1997 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التى نظرت بجلسة 16/ 11/ 1997 وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات قررت اصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية بمراعاة المسافة المقررة قانونا.
ومن حيث إن عناصر النزاع تتلخص فى أنه بتاريخ 19/ 9/ 1987 أقام الطاعنون الدعوى رقم 5857 لسنة 41 ق أمام محكمة القضاء الادارى بالقاهرة ضد المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلغاء قرار محافظ سوهاج رقم 107 لسنة 1983 والقرارات الأخرى المطعون عليها والمبينة بصدر صحيفة الدعوى فيما تضمنته من فرض رسم خدمة محلية على كميات الأسمنت المسلمة من مكتب بيع الاسمنت المصرى فرع أسيوط للطالبين منذ سنة 1985 حتى 22/ 2/ 1987 وعن إلزام الطالبين بسداد المبالغ المنوه عنها بصدر الصحيفة، بما يترتب على ذلك من آثار أهمها براءة ذمة الطالبين من هذه المبالغ مع إلزام المدعى عليهم بمصاريف الدعوى شاملة مقابل أتعاب المحاماة.
وشرحاً لدعواهم ذكر المدعون أنه بتاريخ 13/ 6/ 1987 والأيام التالية لها وردت إليهم مطالبات من الوحدة المحلية لقرية برديس صادرة بتاريخ 8/ 6/ 1987 تتضمن مطالبة كل منهم بسداد المبلغ المبين بالمطالبة مقابل رسوم صندوق خدمة محلية على كميات الأسمنت المنصرفة له من سنة 1985 حتى 22/ 2/ 1987 تطبيقاً لقرار محافظ سوهاج رقم 107 لسنة 1983، ونظراً لعدم مشروعية هذه المطالبة فقد بادر المدعون إلى التظلم من هذه المطالبات بإنذار رسمى على يد محضر بتاريخ 22/ 6/ 1987 و2/ 7/ 1987 على التوالى إلا أنه لم تتم الاستجابة لتظلماتهم وأعادت الوحدة المحلية لقرية برديس مطالبتهم بسداد تلك المبالغ مع إنذارهم بتوقيع الحجز الإدارى عليهم فى حالة عدم السداد ونعى المدعون على القرار رقم 107 لسنة 1983 بشأن إعادة تنظيم حساب الخدمات والتنمية المحلية بالمحافظة مخالفته للقانون لأن الرسم المفروض بموجبه ومقداره خمسون قرشاً عن كل طن أسمنت فى حقيقته ضريبة لا يجوز فرضها إلا بقانون فضلاً عن عدم صدور هذا القرار من المجلس الشعبى المحلى لقرية برديس وأن الأسمنت محل الرسم سلعة مسعرة جبرياً لا يجوز تحميلها بأية أعباء إضافية هذا بالإضافة إلى أن كميات الأسمنت سلمت اليوم من مكتب بيع الأسمنت المصرى بأسيوط وهو خارج نطاق محافظة سوهاج الأمر الذى يعيب القرار المطعون فيه وما سبقه من قرارات تتعلق بذات الموضوع وهو ما دعاهم لإقامة دعواهم بطلباتهم المشار إليها.
وتنفيذاً لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 121 لسنة 1989 بإنشاء دائرة المحكمة القضاء الإدارى بأسيوط أحيلت الدعوى إلى هذه الدائرة للاختصاص حيث قيدت أمامها برقم 356 لسنة 1 ق وتداولت المحكمة نظرها حتى أصدرت بجلسة 28/ 5/ 1990 حكمها الطعين مشيدة إياه فيما يتعلق بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد على أنه وقد علم المدعون بفحوى القرار مثار المخاصمة علماً يقينياً بكل عناصره من الانذارات المسلمة إليهم بتاريخ 13/ 6/ 1987 ولم يقيموا دعواهم إلا فى 19/ 7/ 1987 بعد فوات ميعاد الستين يوماً المقررة قانوناً لإقامة دعوى الإلغاء فمن ثم تكون الدعوى قد أقيمت بعد الميعاد وتكون غير مقبولة شكلا وذلك بالنظر إلى طبيعة القرار المطعون فيه والذى لا يشترط سبق التظلم منه قبل رفع الدعوى وبالتالى يتعين أن يتم رفع الدعوى خلال ستين يوماً من تاريخ نشره أو إعلانه أو العلم به.
ويقوم الطعن الماثل على الحكم المذكور أنه قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً رغم أن تقرير مفوض الدولة المقدم فى الدعوى رأى قبولها شكلاً استناداً لتظلم المدعين من قرارات المطالبة كما أن محامى الحكومة لم يدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وأخيراً لأن ذات الدائرة أصدرت أحكاماً فى ذات الجلسة فى الدعويين رقمى 333 لسنة 1 ق و317 لسنة 1 ق بإلغاء قرارات المطالبة.
ومن حيث إن محور البحث فى الطعن الماثل هو تقرير ما إذا كان التظلم المقدم للجهة الإدارية مصدرة القرار المطعون فيه يفيد فى قطع ميعاد دعوى الإلغاء المقرر قانوناً حتى ولو كان فى غير حالات التظلم الوجوبى المنصوص عليه فى قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن تصدت لهذا الموضوع فى حكمها الصادر بجلسة 7/ 12/ 1985 فى الطعن رقم 680 لسنة 31 ق. ع حيث أشارت فى حكمها إلى أن طريق المنازعة القضائية هو محض سبيل اختيارى لا التزام فى اللجوء إليه وليس من شأنه أن يحول دون الالتجاء إلى أولى الأمر من خلال التظلم إليهم، بل إن هذا التظلم بما يفصح عنه مدلوله المصطلح عليه قانوناً ويعنى التظلم الولائى هو الأصل فى مجال استخلاص ذوى الشأن لحقوقهم ورفع الظلم عنهم ذلك أن جهة الإدارة وهى الخصم الشريف يتعين أن تعطى الحق لأصحابه دون تكبدهم مشقة القضاء وإجراءاته، وأنه مما يؤكد هذا الفهم أن المشرع المصرى حرصاً منه على هذه المعانى اشترط لقبول دعوى الإلغاء فى بعض الأحوال استباقها بالتظلم لعله يحقق طلبات مقدمة فيعفيه ويعفى جهة الإدارة خضم المنازعة القضائية.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع النزاع الماثل فإنه وقد تم إخطار الطاعنين بقرارات مطالبتهم بالرسوم المحلية على كميات الأسمنت المسلمة إليهم من سنة 1985 حتى 22/ 2/ 1987 اعتباراً من 13/ 6/ 1987 فبادروا بالتظلم من هذه القرارات بموجب انذار على يد محضر بتاريخ 22/ 6/ 1987 ولما لم تستجب لهم جهة الإدارة وأعادت مطالبتهم بسداد الرسوم المفروضة عليهم مع تهديدهم بتوقيع الحجز الإدارى وذلك بكتبها الصادرة بتاريخ 13/ 8/ 1987 فقام الطاعنون برفع دعواهم بتاريخ 19/ 8/ 1987 ومن ثم تكون دعواهم قد أقيمت خلال الميعاد المقرر قانوناً وهو ستون يوماً من تاريخ إخطارهم بما يفيد رفض تظلمهم وبالتالى تكون دعواهم مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير ما تقدم فإنه يكون قد جاء على خلاف أحكام القانون بما يتعين معه القضاء بإلغائه واعادة الدعوى لمحكمة القضاء الإدارى للفصل فيهما مجدداً مع إبقاء الفصل فى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبإعادتها إلى محكمة القضاء الادارى بأسيوط لنظرها مجددا من هيئة أخرى مع إبقاء الفصل فى المصروفات.