مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1997 إلى آخر فبراير سنة 1998) - صـ 855

(91)
جلسة 15 من فبراير سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ جودة عبد المقصود فرحات، ومحمد عبد الرحمن سلامة، وعلى عوض محمد صالح، وإدوارد غالب سيفين نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1327 لسنة 39 قضائية عليا

استيراد وتصدير - التنظيم القانونى - الموافقات الاستيرادية - سلطة الإدارة بشأنها.
المادة (1) من القانون رقم 118 لسنة 1975 فى شأن الاستيراد والتصدير ولائحته التنفيذية - قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 333 لسنة 1986.
الاستيراد والتصدير من المقومات الرئيسية للتجارة الخارجية يهيمن على التنظيم القانونى لهما أحكام الخطة العامة للدولة ونظامها الاقتصادى وأوضاع الميزانية النقدية السارية - خول المشرع - وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سلطة واسعة فى تحديد الأنظمة والقواعد والاجراءات التى تنظم علميات الاستيراد والتصدير ومن ذلك جواز قصر الاستيراد من بلاد الاتفاقيات وقصر الحق فيه على جهات القطاع العام أو حظر استيراد سلع محددة أو اشتراط الحصول على موافقات مسبقة من جهات أو لجان مختصة - الموافقات الاستيرادية الصادرة من اللجان أو الجهات المختصة لا تعدو أن تكون اجراء من بين الإجراءات العديدة التى يتعين على المستورد أن يستوفيها قبل إبرام الاتفاق على الاستيراد وفتح الاعتمادات المالية - هذه الموافقة لا ترتب بذاتها لصاحبها مركزا قانونيا نهائيا ونافذا يسمح له باستيراد السلع الصادرة عنها - يجوز لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية باعتباره صاحب الاختصاص والذى خوله المشرع تنظيم الاستيراد فى أى وقت وفقاً لأوضاع الميزانية والخطة العامة للدولة - أن يصدر ما يراه من قرارات فى شأن الموافقات الاستيرادية السابقة فى ضوء المتغيرات التى تطرأ على احوال البلاد إذا ما طرأ بعد صدورها ما يؤثر على الميزانيه أو الخطة. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 13/ 2/ 1993 أودع الاستاذ/ ...... المحامى نيابة عن الاستاذ/ ...... المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة الادارية العليا، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (دائرة منازعات الأفراد "أ") فى الدعوى رقم 6377 لسنة 42 ق بجلسة 15/ 12/ 1992 والقاضى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعن تعويضاً مقداره 20971.540 جنيها مع المصروفات وأتعاب المحاماة.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وتحدد لنظره أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 16/ 12/ 1996 وقررت الدائرة بجلسة 19/ 5/ 1997 إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 6/ 7/ 1997، وبعد تداول نظره على النحو المبين بمحاضر جلسات المحكمة، تقرر اصدار الحكم بجلسة 15/ 2/ 1998، ثم قررت المحكمة مد أجل النطق به لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفى هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه عن الموضوع، فإنه يتحصل - حسبما هو ثابت بالأوراق - فى أن الطاعن أقام دعواه رقم 6377 لسنة 42 ق بتاريخ 6/ 9/ 1988 أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (دائرة منازعات الأفراد "أ") طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى الصادر من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية برفض الإفراج عن الرسالة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بموجب مسودته وإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا له متضامنين مبلغا مقداره 209715.540 جنيهاً، على سبيل التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء رفض الإفراج عن الرسالة فور إتمام الاجراءات الخاصة بها يوم 16/ 3/ 1988.
وقال المدعى شرحاً للدعوى، أنه حصل على موافقة وزارة الزراعة بتاريخ 16/ 11/ 1987 على الترخيص له باستيراد 108 من أوكسى كلوريد النحاس (50% مبيد زراعى فطري) بقيمة إجمالية 127008 دولار أمريكى من ميناء الإسكندرية، عن طريق شركة أى اس آى بلانت بانجلترا طبقاً لمواصفات وزارة الزراعة وعلى أن تحول طبقاً لتعليمات وزارة الاقتصاد، وقد تقدم إلى اللجنة الجمركية للبنوك بطلب الترخيص باستيراد الكمية المطلوبة، وأصدرت اللجنة الموافقة الاستيرادية رقم 453328 بتاريخ 16/ 12/ 1987 بناءً على القرار الوزارى رقم 333 لسنة 1986 وأن البند الجمركى هو رقم 38/ 11 وجهة التعاقد شركة أى اس آس بلانت بانجلترا وأن ميناء الشحن أحد الموانى الأوروبية وأن بلد المنشأ الاتحاد السوفيتى وأن طريقة التمويل خطاب اعتماد مستندى بنكى، وأنه بتاريخ 24/ 12/ 1997 قام بنك مصر اكستريور بإخطار مدير عام جمرك الإسكندرية بأنه تم فتح اعتماد مستندى بمبلغ 127008 دولار أمريكى وبتاريخ 15/ 2/ 1988 وافق المعمل المركزى للمبيدات على استيراد الكمية المطلوبة، وتم شحن البضاعة من ميناء هامبورج بألمانيا الغربية إلى ميناء الإسكندرية ووصلت الشحنة يوم 20/ 2/ 1988.
وأردف المدعى قائلاً، أنه بتاريخ 7/ 3/ 1988 صدر الترخيص من وزارة الزراعة بالإفراج عن الرسالة وتمت المعاينة لمحتوى الرسالة بواسطة لجنة المبيدات بالجمرك يوم 16/ 3/ 1988، وتمت موافقتها على الإفراج عن الرسالة، إلا أن الجمارك طلبت فى 20/ 3/ 1988 ضرورة الحصول على موافقة استثنائية من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وموافقة لجنة متابعة البروتوكول التجارى مع الاتحاد السوفيتى، وقامت الادارة العامة للتجارة الخارجية بوزارة الاقتصاد بإرسال خطابها رقم 1641 بتاريخ 4/ 4/ 1988 إلى لجنة متابعة بروتوكول التبادل التجارى مع الاتحاد السوفيتى للإفادة عما إذا كان مركز الحساب الحالى يتجاوز حد المديونية فى صالح مصر، وما إذا كان موضوع الرسالة مدرجاً ضمن حصة البروتوكول التجارى معه وما إذا كان قد تم التعاقد عليها بالكامل من عدمه، وبتاريخ 12/ 4/ 1988 أفاد قطاع التمثيل التجارى بخطابه رقم 2167 بأن المبيدات الزراعية غير مدرجة فى قائمة الواردات المصرية ضمن بروتوكول التبادل التجارى مع الاتحاد السوفيتى عن عام 1988 وأن رصيد اتفاق الدفع بين البلدين لصالح مصر بمبلغ 52025977 ج حسابى فى 29/ 2/ 1988 متجاوزاً بذلك حد المديونية ومقداره 15 مليون ج حسابى، مما مفاده تحرير الرسالة من أية قيود تتعلق بالبروتوكول أو بحساب إنفاق الدفع.
وأضاف المدعى بأنه قام بالتظلم إلى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية فى 12/ 5/ 1988 وبعد مضى ستين يوما من تاريخ التظلم، مما يعد بمثابة رفض للتظلم اضطر إلى إعادة شحن الرسالة إلى الخارج مما ترتب عليه إصابته بأضرار مادية بلغت 109715.540 جنيهاً بخلاف ما يستجد من مصاريف، فضلاً عن ثلاثين ألف جنيه مصاريف موظفى الشركة ومصروفات بنكية، كما أصيب بأضرار أدبية تمس سمعته التجارية، تقدر بمبلغ سبعين ألف جنيه، فيكون جملة ما يطالب به من تعويض مبلغ 209715.540 جنيهاً.
ورداً على الدعوى قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها أصلياً عدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، واحتياطياً برفضها لأن قطاع التجارة الخارجية بوزارة الاقتصاد أفاد بكتابه المؤرخ 29/ 5/ 1988 رقم 2454 بالموافقة على الافراج عن الرسالة مشمول شهادة الإجراء رقم 106 بتاريخ 27/ 2/ 1988 بعد سداد التعويض المقرر بواقع 100% من القيمة نظراً لتجاوز حد المديونية مع الاتحاد السوفيتى، مما يعد مخالفة لقواعد البروتوكول التجارى مع الاتحاد السوفيتى، فضلاً عن أن الشحن تم من ميناء بانجلترا وليس بالاتحاد السوفيتى (بلد المنشأ) مما يتضمن مخالفة للمادة 9 من القرار الوزارى رقم 333 لسنة 1986.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة أمام محكمة القضاء الإدارى تقريرها الذى انتهت فيه إلى قبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى بالمصروفات.
وبجلسة 15/ 12/ 1992 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه، والقاضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات.
وأقامت المحكمة حكمها سالف البيان، تأسيساً على أن الثابت من الأوراق أن بلد المنشأ بالنسبة للسلعة التى قام باستيرادها هى الاتحاد السوفيتى الذى سبق له أن أبرم مع جمهورية مصر العربية سنة 1988 بروتوكولاً للتبادل التجارى أى أنه وقت الاستيراد كانت هناك اتفاقية مبرمة معه فى إطار الحصص الموضحة بالقوائم الملحقة بالبروتوكول، ومن ثم كان يتعين طبقاً للقواعد القيام بشحن السلعة من بلد المنشأ أى من الاتحاد السوفيتى، فإذا ما كان الشحن قد تم من ميناء هامبورج بألمانيا الغربية بالمخالفة لما نصت عليه المادة 9 من قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 333 لسنة 1986، فإنه يترتب على ذلك صحة الأسباب التى قام عليها القرار المطعون فيه، باعتبار أن الاستيراد يعتبر مخالفاً لهذه القاعدة، فضلاً عما تبين من أن مركز الحساب متجاوزاً لحد المديونية فى صالح مصر، وأن ذلك يتضمن مخالفة لحكم المادة 6 من قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 1978 قبل إلغائه بالقرار رقم 275 لسنة 1991، فإذا ما أصدر وزير الاقتصاد والتجارة القرار المطعون فيه تطبيقاً للمادة 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975 فى شأن الاستيراد والتصدير متضمناً الإفراج عن السلعة على أن يدفع المخالف (المدعي) تعويضاً يعادل قيمة السلعة المفرج عنها، فإنه يكون قراراً صحيحاً قانوناً، ويكون طلب تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه لا أساس له من القانون.
ومن حيث إن هذا الحكم لم يلق قبولاً من الطاعن، فأقام طعنه الماثل على الأسباب الآتية:
1- أنه قد تم الحصول بتاريخ 16/ 12/ 1987 على الموافقة الاستيرادية رقم 45328 من اللجنة الجمركية للبنوك، وأنه كان يتعين اخطاره بالإجراءات الواجبة الإتباع قبل اتخاذ إجراءات فتح الاعتماد المستندى وشحن السلعة ووصولها إلى الدائرة الجمركية، والذى ترتب عليه أن تكبد خسائر مادية جسيمة، وإذا كانت هناك أخطاء فى تلك الإجراءات، فإن مسئولية ذلك تقع على اللجنة الجمركية التى أصدرت الموافقة الاستيرادية، فضلاً عن أن هذه الموافقة ترتب له حقاً ذاتياً لا يجوز المساس به، بعد أن مضت المدة القانونية اللازمة لتحصن القرارات الإدارية.
2- أن الرسالة موضوع التداعى لا تنطبق عليها القواعد الخاصة بالاستيراد من بلاد الاتفاقيات، وبالتالى لا تسرى عليها القيود الخاصة بها، والتى استند إليها الحكم المطعون فيه، الأمر الثابت من الأوراق أن اتفاق قد تم بين شركة انجليزية ومستورد مصرى وأن قيمة الصفقة سوف تحول إلى الشركة فى انجلترا، كما أن تصنيع المنتج قد تم فى ألمانيا وإن كان المواد الخام قد وردت من الاتحاد السوفيتى إلا أنه أضيف إليها مواد أخرى بلغت نسبتها حوالى 60% من المنتج النهائى.
ومن حيث إن المادة (1) من القانون رقم 118 لسنة 1975 فى شأن الاستيراد والتصدير قد نصت على أنه:
"يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص، وذلك وفق أحكام الخطة العامة للدولة وفى حدود الموازنة النقدية السارية، وللأفراد حق استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصى أو الخاص من مواردهم الخاصة، وذلك مباشرة أو عن طريق الغير، ويصدر وزير التجارة قراراً بتحديد الإجراءات والقواعد التى تنظم عمليات الاستيراد، ولوزير التجارة أن يقصر الاستيراد من بلاد الاتفاقيات، وكذا استيراد السلع الاساسية على جهات القطاع العام".
كما نصت المادة (15) من القرار الوزارى رقم 1036 لسنة 1978 باللائحة التنفيذية للقانون على أنه:
"يكون استيراد احتياجات البلاد والأفراد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص وفقا لأحكام الخطة العامة للدولة وطبقاً للأحكام والقواعد الواردة بهذه اللائحة".
ومفاد ذلك أن الاستيراد والتصدير وهما من المقومات الرئيسية للتجارة الخارجية يهيمن على التنظيم القانونى لهما أحكام الخطة العامة للدولة ونظامها الاقتصادى وأوضاع الميزانية النقدية السارية ومن ثم فقد خول المشرع الوزير المختص - وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية - سلطة واسعة فى تحديد الأنظمة والقواعد والإجراءات التى تنظم عمليات الاستيراد والتصدير، ومن ذلك جواز قصر الاستيراد من بلاد الاتفاقيات أو قصر الحق فيه على جهات القطاع العام أو حظر استيراد سلع محددة أو اشتراط الحصول على موافقات مسبقة من جهات أو لجان مختصة.
وحيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن الموافقات الاستيرادية الصادرة من اللجان أو الجهات المختصة لا تعدو أن تكون إجراء من بين الإجراءات العديدة التى يتعين على المستورد أن يستوفيها قبل إبرام الاتفاق على الاستيراد وفتح الاعتمادات المالية، الأمر الذى يفيد بأن هذه الموافقة لا ترتب بذاتها لصاحبها مركزاً قانونياً نهائياً ونافذاً، يسمح له باستيراد السلع الصادرة عنها وإنما يجوز لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية باعتباره صاحب الاختصاص الذى خوله المشرع تنظيم الاستيراد فى أى وقت وفقاً لأوضاع الميزانية والخطة العامة للدولة، وله أن يصدر بهذه الصفة ما يراه من قرارات فى شان الموافقات الاستيرادية السابقة فى ضوء المتغيرات التى تطرأ على أحوال البلاد، إذا ما طرأ بعد صدورها ما يؤثر على الميزانية أو الخطة (يراجع الحكم الصادر فى الطعن رقم 786/ 32 ق بجلسة 18 من إبريل سنة 1987 وحكمها فى الطعن رقم 529 لسنة 38 ق بجلسة 30 من نوفمبر سنة 1997).
وحيث إن المادة (15) من القانون رقم 118 لسنة 1975 سالف الذكر، تنص على أنه:
"يعاقب كل من يخالف أحكام المادة (1) من هذا القانون أو القرارات المنفذة لها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه....... - ولوزير التجارة أو من يفوضه وقبل رفع الدعوى الجنائية الإفراج عن السلع التى تستورد بالمخالفة لحكم المادة (1) أو القرارات المنفذة لها، على أساس دفع المخالف تعويضاً يعادل قيمة السلع المفرج عنها حسب تثمين الجمارك.... إلخ"
ولما كانت المادة (6) من قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 1978 باللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه قبل إلغائه بالقرار رقم 275 لسنة 1991 قد نصت على أنه: "يتعين للاستيراد فى إطار ما تشتمل عليه الموازنة النقدية من حصص نقدية الحصول على موافقات استيرادية...... غير أنه يتعين للاستيراد من بلاد الاتفاقيات سواء كان ممولاً عن طريق الحصص النقدية المقررة أو من موارد السوق الموازية أو عن طريق البنوك مباشره أو من الموارد الخاصة أن تتوافر الشروط التالية:
1- ألا يكون مركز الحساب متجاوزاً لحد المديونية فى صالح مصر.
2- أن تكون السلع المطلوب استيرادها غير مدرج لها حصة فى بروتوكول التجارة المبرم مع الدولة المراد الاستيراد منها، أو تكون مدرج لها حصة بذلك البروتوكول وتم التعاقد عليها بالكامل بموجب تقرير وكالة وزارة التجارة لشئون التجارة الخارجية تقيد ذلك".
كما نصت المادة (1) من قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 333 لسنة 1986 على أنه: "يلتزم المستورد بشحن الرسائل الواردة مع الدول المبرم معها اتفاقيات تفصيلية جمركية، وكذا المبرم معها اتفاقيات دفع من بلد المنشأ أو من أقرب ميناء شحن إذا لم يكن البلد المنشأ ميناء للشحن".
وبتطبيق ما تقدم على واقعة الطعن، ولما كان الثابت بالأوراق، أن الطاعن حصل على موافقة استيرادية رقم 45328 بتاريخ 16/ 12/ 1987 من اللجنة الجمركية للبنوك على استيراد 108 طن أوكسى كلوريد النحاس 50% (مبيد زراعي) بند جمركى رقم 38/ 11 بقيمة إجمالية مقدارها 127008 دولار أمريكى، وكانت جهة التعاقد شركة أى. سى. آى بلانت بروتكتنى بانجلترا وأن بلد المنشأ هى الاتحاد السوفيتى، وتم فتح الاعتماد المستندى لدى بنك مصر اكستوريور رقم 87508 بتاريخ 24/ 12/ 1987، كما تم شحن البضاعة من ميناء هامبورج بألمانيا الغربية إلى ميناء الإسكندرية بمشمول البوليصة رقم 601 حيث وصلت بتاريخ 20/ 2/ 1988، وتقدم الطاعن فى 26/ 2/ 1988 بطلب إلى مدير عام جمارك الإسكندرية للإفراج عن الرسالة، وتأشر على الطلب بتاريخ 20/ 3/ 1988 بضرورة الحصول على موافقة استثنائية من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ولجنة متابعة برتوكول التجارة مع الاتحاد السوفيتى، وجاء قطاع التمثيل التجارى بوزارة الاقتصاد فى 12/ 4/ 1988 بأن المبيدات الزراعية غير مدرجة فى قائمة الواردات المصرية من الاتحاد السوفيتى فى اتفاق التجارة لعام 1988، كما أن رصيد حساب اتفاق الدفع بين البلدين قد أظهر فائضاً فى صالح مصر مقداره 52025977 جنيه حسابى فى 29/ 2/ 1988 متجاوزاً بذلك حد المديونية الموضح فى الاتفاق ومقداره 15 مليون جنيه حسابى، ولما تقدم الطاعن بتظلم إلى وزير الاقتصاد والتجارة طالباً الإفراج عن البضاعة، أصدر الوزير القرار المطعون فيه بتاريخ 9/ 5/ 1988 قاضياً بالإفراج عن الرسالة وتغريم المخالف تعويضاً مقداره 100% من قيمة الرسالة.
ومن حيث إنه تبين مما سلف أن الطاعن قد خالف حكم المادة (6) من القرار الوزارى رقم 1036 لسنة 1978 والتى نصت صراحة على أنه يتعين للاستيراد من بلاد الاتفاقيات سواء كان ممولاً عن طريق الحصص النقدية المقررة أو من موارد السوق الموازية للنقد أو عن طريق البنوك مباشرة أو من الموارد الخاصة أن تتوافر الشروط التالية:
1- ألا يكون مركز الحساب متجاوزاً لحد المديونية فى صالح مصر.
2- أن تكون السلع المطلوب استيرادها غير مدرج لها حصة فى بروتوكول التجارة المبرم مع الدولة المراد الاستيراد منها... إلخ.
والثابت من الوقائع السابقة أن استيراد السلعة موضوع الرسالة الصادر بشأنها القرار المطعون فيه قد تم بالمخالفة لما ورد بالبند رقم (1) من البندين السابقين، حيث ثبت أن مركز الحساب بين مصر والاتحاد السوفيتى لعام 1988 قد تجاوز حد المديونية فى صالح مصر، هذا فضلاً عن أن الإجراءات قد شابها مخالفة لحكم المادة (9) من القرار الوزارى رقم 333 لسنة 1986 بأن تم شحن السلعة من ميناء هامبورج بألمانيا الغربية، وليس من ميناء تابع لبلد المنشأ وهو الاتحاد السوفيتى، مما يغدو معه القرار المطعون فيه قائماً على أسباب صحيحة ومتفقاً مع أحكام القانون والقرارات المنفذة له، ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم.
وحيث إنه لا وجه لما ذهب إليه تقرير هيئة المفوضين من أن الحكم المطعون فيه، لم يتطرق إلى طلب التعويض عن القرار المطعون فيه، وأنه يتعين إلغاء الحكم وإعادة الدعوى من جديد إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فى طلب التعويض، ذلك أن هذا النظر غير سديد إذ ما دام أن منطوق الحكم قضى برفض الدعوى، فإنه يكون قد فصل فى طلبى الإلغاء والتعويض معاً، دون أن يؤثر فى ذلك عدم التعرض فى أسباب الحكم للأسباب المؤدية إلى رفض طلب التعويض صراحة، ما دام أن هذا الرفض مستفاد ضمناً من النتائج التى خلصت إليها المحكمة وهى مشروعية القرار المطعون فيه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، والزمت الطاعن المصروفات.