أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة التاسعة والأربعون - صـ 538

جلسة 18 من يونية سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد القادر سمير، حماد الشافعى، إبراهيم الضهيرى وفتحى قرمة نواب رئيس المحكمة.

(130)
الطعن رقم 851 لسنة 67 القضائية

(1) حكم "تسبيب الحكم" "فساد الاستدلال".
فساد الحكم فى الاستدلال. ماهيته.
(2، 3) إثبات "الإقرار: حجيته". تزوير "الادعاء بالتزوير".
(2) الإقرار بصحة التوقيع. أثره. كفايته لاعطاء الورقة العرفية حجيتها ورضاء صاحب التوقيع بمضمونها والتزامه بها. نفى هذه الحجية. التزام صاحب التوقيع بإثبات ما يدعيه.
(3) قبول الادعاء بالتزوير. شرطه. أن يكون منتجاً فى النزاع. وجوب الحكم بعدم قبوله إن كان غير ذى أثر فى موضوع الدعوى دون البحث فى شواهده أو تحقيقها. علة ذلك.
(4، 5) عمل "العاملون بالقطاع العام: القومسيون الطبى: سلطة جهة العمل".
(4) إجراءات عرض العامل على القومسيون الطبي. توقف اتخاذها على مطلق إرادته.
(5) المادة 12 من القانون 38 لسنة 1975. عدم منعها جهة العمل من إعادة عرض العجزة المؤهلين على القومسيون الطبى متى ساءت حالتهم أو بناء على طلبهم أو رغبة منهم فى الاستفادة من مزايا إنهاء الخدمة المبكر أو للعجز.
1 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى ثبتت لديها، أو وقوع تناقض بين العناصر كما فى حالة اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التى ثبتت لديها.
2 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الإقرار بصحة التوقيع يكفى لاعطاء الورقة العرفية حجيتها فى أن صاحب التوقيع قد ارتضى مضمون الورقة والتزم به، فإذا أراد نفى هذه الحجية بادعائه اختلاس التوقيع منه كرهاً أو غشاً وحصل عليه المتمسك بها بغير رضاه كان على صاحب التوقيع إثبات ما يدعيه.
3 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه يشترط لقبول الادعاء بالتزوير أن يكون منتجاً فى النزاع فإذا كان غير ذى أثر فى موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقضى بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها، إذ من العبث تكليف الخصوم بما لو ثبت بالفعل ما كان له نصيب فى تكوين عقيدة المحكمة.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أهدر حجية الورقة المدعى بتزويرها لمجرد عدم تقديم الطاعنة لتلك الورقة بالجلسه التى حددتها المحكمة لذلك واتخذ من ذلك سنداً لقضائه ببطلان قرار إنهاء خدمة المطعون ضده رغم عدم جدوى ذلك أصلاً فى موضوع الدعوى إذ أن ثبوت تزوير الورقة المدعى بتزويرها لا ينفى أن إجراءات عرض المطعون ضده على القومسيون الطبى إنما كانت بمحض إرادته، ذلك أن العرض على اللجنة الطبية ليس مجرد التقديم بطلب لجهة العمل بهذا الخصوص بل هو سلسلة متتابعة من الإجراءات تتوقف جميعها على مطلق إرادة العامل بدءاً من التقديم بالطلب ثم تسلمه بعد الموافقة عليه والتوجه به بعد ذلك إلى مقر القومسيون الطبى وتقديمه للمختصمين الذين يواجهون صاحب الشأن بمضمونه قبل تحديد جلسة لتوقيع الكشف الطبى عليه ثم مثوله بالجلسة المحددة والموافقة على نتيجة الكشف الطبى أو التظلم منها ولا يقبل عقلاً إلا القول بأن كل إجراء من هذه الاجراءات يتوقف اتخاذه على مطلق إرادة العامل المطلوب عرضه، وإذ كان الثابت أن المطعون ضده قد سلك كل هذه الإجراءات، فإنه لم يعد يجديه الزعم بأن عرضه على القومسيون الطبى كان بغير رغبته ذلك أن اتخاذه لسائر الإجراءات اللاحقة على تقديم الطلب تقطع برغبته فى ذلك لإنهاء خدمته.
5 - لا وجه لما استدل به الحكم المطعون فيه من أن المادة 12 من القانون رقم 39 لسنة 1975 تجعل المطعون ضده فى حكم اللائق صحياً وأنه لا يجوز للطاعنة أن تنهى خدمته بسبب هذا العجز فالمادة سالفة الذكر لا تمنع جهة العمل من إعادة عرض العجزة المؤهلين على القومسيون الطبى إذا ساءت حالتهم أو كان إعادة العرض بناء على طلبهم أو رغبة منهم فى الاستفادة من مزايا إنهاء الخدمة المبكر أو للعجز. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 427 لسنة 1991 عمال الإسكندرية الابتدائية على الطاعنة - شركة الفنادق المصرية - ومدير عام منطقة فنادق الإسكندرية بطلب الحكم بإلغاء قرار إنهاء خدمته واعادته إلى عمله وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزامهما بتعويض قدره خمسون ألف جنيه، وقال بياناً لدعواه إنه التحق بالعمل لدى الطاعنة بفندق سان استيفانو بوظيفة عامل نظافة بوصفه معوق ضمن المؤهلين مهنياً، وإذ قامت بعرضه على القومسيون الطبى بالمخالفة للقانون بعد أن تحصلت على توقيعه بذلك دون علم منه وأصدرت قرارها بإنهاء خدمته لثبوت العجز الكلى رغم عدم بلوغه سن التقاعد فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 28/ 3/ 1996 برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 434 لسنة 52 ق الإسكندرية، وبتاريخ 9/ 6/ 1997 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان قرار إنهاء خدمة المطعون ضده وبإلزام الطاعنة بأن تؤدى له تعويضاً قدره خمسة وعشرون ألف جنيه. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه جزئياً فى خصوص ما قضى به من تعويض عن الضرر المادى، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنه على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال، ذلك أنه أقام قضاءه ببطلان قرار إنهاء خدمة المطعون ضده وبحقه فى التعويض استناداً إلى أنه قد أنكر تقديمه لثمة طلب بعرضه على اللجنة الطبية وجحد الصورة الضوئية المنسوبة إليه فى هذا الخصوص فى حين أن المقرر قانوناً أن من احتج عليه بمحرر عرفى وأقر به أو ناقش مضمونه لا يقبل منه بعد ذلك إنكار الخط أو الإمضاء، وإذ كان المطعون ضده قد أقر إقراراً قضائياً فى افتتاح صحيفة الدعوى أمام الخبير المنتدب فيها بصحة توقيعه على طلب العرض على اللجنة الطبية بل وناقش موضوع ذلك الطلب طوال مرحلة التقاضى أمام محكمة أول درجة وأمام الخبير، فإنه لم يعد يقبل منه إنكار تقديم ذلك الطلب إو الادعاء بتزويره خاصة وأن مسلك المطعون ضده الثابت بالاوراق يقطع بأن عرضه على اللجنة الطبية كان بناء على رغبته للاستفادة من مزايا إنهاء الخدمة للعجز مما يكون معه الحكم المطعون فيه معيباً بالفساد فى الاستدلال، ولا يغير من ذلك ما استند إليه من قول بأن المطعون ضده من العجزة المؤهلين لضعف بصره ويعتبر وفقاً للمادة 12 من القانون رقم 39 لسنة 1975 فى حكم اللائق صحياً ولا يجوز للطاعنة أن تنهى خدمته بسبب هذا العجز ذلك لأن المادة سالفة الذكر لا تمنع جهة العمل من إعادة عرض العجزة المؤهلين على القومسيون الطبى إذا ساءت حالتهم أو إذا كان طلب العرض بناء على طلب العامل، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى ثبتت لديها، أو وقوع تناقض بين العناصر كما فى حالة اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التى ثبتت لديها، ومن المقرر أيضاً أن الإقرار بصحة التوقيع يكفى لإعطاء الورقة العرفية حجيتها فى أن صاحب التوقيع قد ارتضى مضمون الورقة والتزم به، فإذا أراد نفى هذه الحجية بادعائه اختلاس التوقيع منه كرهاً أو غشاً وحصل عليه المتمسك بها بغير رضاه كان على صاحب التوقيع إثبات ما يدعيه، وأنه يشترط لقبول الادعاء بالتزوير أن يكون منتجاً فى النزاع فإذا كان غير ذى أثر فى موضوع الدعوى، تعين على المحكمة أن تقضى بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها، إذ من العبث تكليف الخصوم بما لو ثبت بالفعل ما كان له نصيب فى تكوين عقيدة المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أهدر حجيه الورقة المدعى بتزويرها لمجرد عدم تقديم الطاعنة لتلك الورقة بالجلسة التى حددتها المحكمة لذلك واتخذ من ذلك سنداً لقضائه ببطلان قرار إنها خدمة المطعون ضده رغم عدم جدوى ذلك أصلاً فى موضوع الدعوى إذ أن ثبوت تزوير الورقة المدعى بتزويرها لا ينفى أن إجراءات عرض المطعون ضده على القومسيون الطبى إنما كانت بمحض إرادته، ذلك أن العرض على اللجنة الطبية ليس مجرد التقديم بطلب لجهة العمل بهذا الخصوص بل هو سلسلة متتابعة من الإجراءات تتوقف جميعها على مطلق إرادة العامل بدءاً من التقديم بالطلب ثم تسلمه بعد الموافقة عليه والتوجه به بعد ذلك إلى مقر القومسيون الطبى وتقديمه للمختصمين الذين يواجهون صاحب الشأن بمضمونه قبل تحديد جلسة لتوقيع الكشف الطبى عليه ثم مثوله بالجلسة المحددة والموافقة على نتيجة الكشف الطبى أو التظلم منها ولا يقبل عقلاً إلا القول بأن كل إجراء من هذه الإجراءات يتوقف اتخاذه على مطلق إرادة العامل المطلوب عرضه، وإذ كان الثابت أن المطعون ضده قد سلك كل هذه الإجراءات، فإنه لم يعد يجديه الزعم بأن عرضه على القومسيون الطبى كان بغير رغبته ذلك أن اتخاذه لسائر الإجراءات اللاحقة على تقديم الطلب تقطع برغبته فى ذلك لإنهاء خدمته، ولا وجه لما استدل به الحكم المطعون فيه من أن المادة 12 من القانون رقم 39 لسنة 1975 تجعل المطعون ضده فى حكم اللائق صحيا وأنه لايجوز للطاعنة أن تنهى خدمته بسبب هذا العجز فالمادة سالفة الذكر لا تمنع جهة العمل من إعادة عرض العجزة المؤهلين على القومسيون الطبى إذا ساءت حالتهم أو كان إعادة العرض بناء على طلبهم أو رغبة منهم فى الاستفادة من مزايا إنهاء الخدمة المبكر أو للعجز. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى اسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان الحكم الابتدائى قد التزم هذا النظر، ولما تقدم يتعين تأييده.