أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة التاسعة والأربعون - صـ 548

جلسة 20 من يونية سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيرى الجندى، على محمد على، عبد العزيز محمد وعبد المنعم دسوقى نواب رئيس المحكمة.

(132)
الطعن رقم 616 لسنة 67 القضائية

(1، 2) دعوى "ترك الخصومة". تعويض "دعوى التعويض".
(1) ترك الخصومة فى الدعوى. أثره. إلغاء جميع إجراءاتها وكافة الآثار الاجرائية والموضوعية المترتبة على قيامها. أثره. عودة الخصوم إلى الحالة التى كانوا عليها قبل بدئها. عدم مساسه بالحق المرفوعة به الدعوى.
(2) ترك المضرور الخصومة فى دعواه المدنية المقامة تبعاً للدعوى الجنائية. لا أثر له على حقه فى إقامة دعوى التعويض عن ذات الحق أمام المحاكم المدنية.
(3، 4) مسئولية "المسئولية الشيئية". تعويض. حكم. "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً".
(3) المسئولية الشيئية. قيامها على خطأ مفترض وقوعه من الحارس لا يقبل إثبات العكس. درؤها عنه. سبيله. إثبات أن وقوع الضرر كان بسبب قوة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور. م 178 مدنى.
(4) تمسك الطاعنة بوقوع الحادث المطالب بالتعويض عنه نتيجة خطأ المجنى عليه وحده الذى يقطع علاقة السببية بين الخطأ والضرر وترتفع به مسئوليتها عن تعويض الأضرار الناتجة عن الحادث. دفاع جوهرى. عدم تعرض الحكم له. قصور.
1 - مفاد نص المادة 143 من قانون المرافعات أنه يترتب على ترك الخصومة فى الدعوى إلغاء جميع اجراءاتها وكافة الآثار المترتبة على قيامها سواء كانت إجرائية أو موضوعية فيعود الخصوم إلى الحالة التى كانوا عليها قبل بدء الخصومة، إلا أن هذا الترك لا يمس أصل الحق المرفوعة به الدعوى.
2 - إذ كان الثابت من الصورة الرسمية للحكم الصادر فى الجنحة رقم..... لسنة..... بندر الجيزة، ومحضر جلسة 24/ 6/ 1995 فى الاستئناف المرفوع عنها رقم..... لسنة...... جنح مستأنف الجيزة أن المحكمة قد استجابت إلى طلب المضرورين إثبات ترك الخصومة فى دعواهم المدنية أمامها وهو ما يترتب عليه إلغاء جميع إجراءاتها وكافة الآثار المترتبة على قيامها سواء كانت إجرائية أو موضوعية دون أن يكون لهذا الترك من أثر يمس أصل الحق المرفوعة به الدعوى، وإذ عرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفع واطرحه استناداً إلى أن ترك الخصومة فى الدعوى المدنية السابق إقامتها من المطعون ضدهم الثلاثة الأول تبعاً للدعوى الجنائية ليس من شأنه أن يؤثر على أحقية هؤلاء فى إقامة دعوى التعويض عن ذات الحق أمام المحاكم المدنية، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون - أياً كان وجه الرأى فى مدى أحقية الطاعن فى التمسك به.
3 - النص فى المادة 178 من القانون المدنى على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد له فيه..... " مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كانت المسئولية المقررة فى هذا النص تقوم على خطأ مفترض وقوعه من حارس الشئ افتراضا لا يقبل إثبات العكس، إلا أن هذه المسؤولية تدرا عن الحارس إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور.
4 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة كانت قد تمسكت فى مذكرتها المقدمة إلى محكمة الاستئناف بجلسة 3/ 11/ 1996 بأن الحادث المطالب بالتعويض عنه وقع نتيجة خطأ المجنى عليه وحده لانحرافه بدراجته إلى اليسار دون تبصر لحالة الطريق مما يترتب عليه انقطاع علاقة السببية بين الخطأ والضرر فترتفع به مسئولية الشركة الطاعنة عن تعويض الأضرار الناجمة عن الحادث، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ويسقطه حقه من البحث والتمحيص ويعمل أثره فى الدعوى رغم أنه دفاع جوهرى من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأى فيها، فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 6831 لسنة 1995 جنوب القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة والمطعون ضده الرابع بطلب الحكم بإلزامهما بإن يدفعا لهم مبلغ ستين ألف جنيه، وقالوا بياناً لذلك إن المطعون ضده الرابع تسبب بخطئه أثناء قيادته السيارة المملوكة له رقم 108718 ملاكى الجيزة والمؤمن عليها لدى الطاعنة - فى قتل مورثهم وقد تحرر عن الحادث محضر الجنحة رقم 5809 لسنة 1994 الجيزة وقدم السائق إلى المحاكمة الجنائية، إلا أن المحكمة قضت نهائياً ببراءته مع إثبات ترك الخصومة فى الدعوى المدنية، وإذ كان ذلك لا يؤدى إلى انتفاء المسئولية المدنية المقررة وفقاً لحكم المادة 178 من القانون المدنى، وقد لحقهم أضرار مادية وأدبية نتيجة الحادث يستحقون تعويضاً عنها يقدرونه والتعويض الموروث بالمبلغ المطالب به فقد أقاموا الدعوى، وبتاريخ 23 من يناير سنة 1996 حكمت المحكمة بالزام الطاعنة والمطعون ضده الرابع بالتضامم بأن يؤديا للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ تسعة عشر ألف جنيه يقسم بينهم على النحو الموضح بأسباب حكمها، استأنف الأخيرون هذا الحكم بالاستئناف رقم 1782 لسنة 113 ق القاهرة، كما استأنفته الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم 3986 لسنة 113 ق أمام ذات المحكمة، ودفعت بعدم جواز نظرالدعوى لسابقة الفصل فى الدعوى المدنية المرتبطة بالدعوى الجنائية سالفة البيان وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 9 من ديسمبر سنة 1996 بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من وجهين تنعى الطاعنة بالوجه الثانى منه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت فى مذكرتها المقدمة إلى محكمة الاستئناف بجلسة 13/ 11/ 1996 بطلب رفض الدعوى لسابقة الفصل فى الدعوى المدنية المرتبطة بالجنحة بحكم قضى ببراءة المتهم وبرفض تلك الدعوى وأصبح هذا الحكم باتاً، غير أن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفاع بما لا يصلح رداً عليه بمقولة إن المطعون ضدهم تركوا دعواهم المدنية فى المرحلة الاستئنافية مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن مفاد نص المادة 143 من قانون المرافعات أنه يترتب على ترك الخصومة فى الدعوى إلغاء جميع إجراءاتها وكافة الآثار المترتبة على قيامها سواء كانت إجرائية أو موضوعية فيعود الخصوم إلى الحالة التى كانو عليها قبل بدء الخصومة، إلا أن هذا الترك لا يمس أصل الحق المرفوعة به الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت من الصورة الرسمية للحكم الصادر فى الجنحة رقم 5809 لسنة 1994 بندر الجيزة، ومحضر جلسة 24/ 6/ 1995 فى الاستئناف المرفوع عنها رقم 8671 لسنة 1995جنح مستأنف الجيزة أن المحكمة قد استجابت إلى طلب المضرورين إثبات ترك الخصومة فى دعواهم المدنية أمامها وهو ما يترتب عليه إلغاء جميع إجراءاتها وكافة الآثار المترتبة على قيامها سواء كانت إجرائية أو موضوعية دون أن يكون لهذا الترك من أثر يمس أصل الحق المرفوعة به الدعوى، وإذ عرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفع واطرحه استنادا إلى أن ترك الخصومة فى الدعوى المدنية السابق إقامتها من المطعون ضدهم الثلاثة الأول تبعاً للدعوى الجنائية ليس من شأنه أن يؤثر على أحقية هؤلاء فى إقامة دعوى التعويض عن ذات الحق أمام المحاكم المدنية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون - أياً كان وجه الرأى فى مدى أحقية الطاعن فى التمسك به - ومن ثم يضحى النعى بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت فى مذكرتها المقدمة بجلسة 3/ 11/ 1996 أمام محكمة الاستئناف بأن وقوع الحادث إنما يرجع إلى خطأ المجنى عليه وحده الذى يقطع رابطة السببية وتنتفى معه مسئوليتها عن تعويض ورثته عنه وهو ما قطعت به أسباب الحكم الجنائى ببراءة قائد السيارة، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع الجوهرى ويقسطه حقه من البحث والتمحيص فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن النص فى المادة 178 من القانون المدنى على أن " كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد له فيه....... "مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كانت المسئولية المقررة فى هذا النص تقوم على خطأ مفترض وقوعه من حارس الشئ افتراضاً لا يقبل إثبات العكس، إلا أن هذه المسئولية تدراً عن الحارس إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة كانت قد تمسكت فى مذكرتها المقدمة إلى محكمة الاستئناف بجلسة 3/ 11/ 1996 بأن الحادث المطالب بالتعويض عنه وقع نتيجة خطأ المجنى عليه وحده لانحرافه بدراجته إلى اليسار دون تبصر لحالة الطريق مما يترتب عليه انقطاع علاقة السببية بين الخطأ والضرر فترتفع به مسئولية الشركة الطاعنة عن تعويض الأضرار الناجمة عن الحادث، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ويقسطه حقه من البحث والتمحيص ويعمل أثره فى الدعوى رغم أنه دفاع جوهرى من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأى فيها، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان البين من ملف الدعوى الذى أرفق به صورة رسمية من أوراق الحكم الصادر فى الجنحة رقم 5809 لسنة 1994 بندر الجيزة واستئنافها رقم 8671 لسنة 1995 الجيزة أنها قد خلت مما يفيد أن الحادث نجم عن خطأ المجنى عليه ولم تطلب المستأنفة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته، وكانت هذه المحكمة تشاطر محكمة أول درجة فى تقديرها للتعويض المادى والأدبى والموروث وترى أنه جاء مناسبا لجبر الضرر، ومن ثم يتعين رفض استئناف الشركة رقم 3986 لسنة 113 ق القاهرة وتأييد الحكم الابتدائى للأسباب السائغة التى أقيم عليها.