أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 16 - صـ 25

جلسة 5 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين صفوت السركي, ومحمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس.

(7)
الطعن رقم 1612 لسنة 34القضائية

(أ) دعوى مدنية."اختصاص المحاكم الجنائية بنظرها". مسئولية مدنية. "المسئولية عن عمل الغير". "المسئولية الناشئة عن الأشياء". حكم. "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
استناد المدعي بالحق المدني في طلب التعويض إلى أحكام نوعين من المسئولية هما المسئولية عن عمل الغير والمسئولية الناشئة عن الأشياء. عدم مجادلة الطاعنة في انطباق أحكام المسئولية الأولى على واقعة الدعوى. إقامة المحكمة حكمها على سبب صحيح مستمد من الأوراق هو مسئولية الطاعنة عن أعمال تابعها. استنادها تزيداً إلى المسئولية الناشئة عن الأشياء. نعي الطاعنة على الحكم بالخطأ لاستناده في طلب التعويض إلى المسئولية الأخيرة. غير مجد.
(ب) دعوى مدنية. "إجراءات نظرها أمام المحاكم الجنائية".
خضوع الدعوى المدنية التي ترفع بطريق التبعية للدعوى الجنائية في إجراءاتها وطرق الطعن فيها لقواعد الإجراءات الجنائية. عدم ترتيب هذه الإجراءات وقف التنفيذ على الطعن في الحكم إلا في الأحوال المستثناة بنص صريح في القانون.
1- لما كان المدعيان بالحقوق المدنية قد ركنا في طلب التعويض إلى أحكام نوعين من المسئولية هما المسئولية عن عمل الغير والمسئولية الناشئة عن الأشياء، وكانت الطاعنة لا تجادل في انطباق أحكام المسئولية الأولى على واقعة الدعوى لأن مرتكب الحادث هذا هو تابعها، وكان نعيها على الحكم بالخطأ حين استجاب لطلب التعويض على سند من أحكام المسئولية الناشئة عن الأشياء صحيحاً لأنه لا ولاية للمحاكم الجنائية بالفصل في دعوى التعويض المؤسسة على هذه المسئولية إذ الدعوى في هذه الحالة تكون مبنية على افتراض المسئولية في جانب حارس الشئ وليست ناشئة عن الجريمة بل ناشئة عن الشئ ذاته, غير أنه لما كان استناد الحكم على هذه المسئولية لا يعدو أن يكون تزيداً لم تكن المحكمة في حاجة إليه بعد أن أقامت حكمها على سبب صحيح للمسئولية مستمد من أوراق الدعوى هو مسئولية الطاعنة عن أعمال تابعها، فإن النعي يكون غير مجد.
2 - من المقرر أن الدعاوى المدنية التي ترفع بطريق التبعية للدعاوى الجنائية تخضع في إجراءاتها وطرق الطعن فيها لقواعد الإجراءات الجنائية التي لم ترتب وقف التنفيذ على الطعن في الحكم إلا في الأحوال المستثناة بنص صريح في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة "عبد القادر محمد درويش" بأنه في يوم 9/ 8/ 1963 بدائرة قسم الشرق ببورسعيد: أولاً - تسبب بخطئه في موت عاطف شفيق شنودة بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومراعاة القوانين اللوائح بأن قاد سيارة أوتوبيس بسرعة وبدون رخصة قيادة ولم يلزم الجانب الأيمن من الطريق وسبق بها سيارة دون أن يتأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك فصدم سيارة أخرى فحدثت إصابات المجني عليه التي أودت بحياته. ثانياً - تسبب بخطئه سالف الذكر في إصابة حسين سعيد أغا بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تحتاج لعلاج أكثر من عشرين يوماً. ثالثاً - قاد سيارة بسرعة تجاوز السرعة المقررة. رابعاً - قاد سيارة بدون رخصة قيادة. خامساً - لم يلزم الجانب الأيمن للطريق أثناء سيره. سادساً - لم يراع وجود مسافة كافية بين سيارته والسيارة الأخرى التي تتقدمه. سابعاً - سبق بسيارته سيارة أخرى دون التأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك. وطلبت عقابه بالمواد 238/ 1 و244/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و23 و24 و73 و84 و90 من القانون رقم 449 لسنة 1955 ومخالفة بالمواد 1 و2 و72 و81 و88 و90 من القانون رقم 449 لسنة 1955 والقرار التنفيذي. وقد ادعى شفيق شنودة وفونتينى لطفي بحق مدني قبل المتهم وطلبا القضاء لهما قبله وقبل مؤسسة النقل العام بصفتها المسئولة عن الحقوق المدنية. الأول - بمبلغ عشرة آلاف جنيه. والثانية - بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة الشرق الجزئية ببورسعيد قضت حضورياً بتاريخ 4 ديسمبر سنة 1963 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات: أولاً - في الدعوى الجنائية بحبس المتهم ستة أشهر عن التهم المسندة إليه عدا تهمة القيادة بدون رخصة فيعاقب عليها بتغريمه بمبلغ مائتي قرش وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ بالنسبة لعقوبة الحبس. ثانياً - في الدعوى المدنية بإلزام المتهم بصفته مديناً والممثل القانوني لمؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة بصفته وبصفته كفيلاً متضامناً بأن يدفعا للمدعين بالحق المدني الأول وهو شفيق شنودة مبلغ ألف وخمسمائة جنيه والثانية وهى فونتينى يوسف لطفي مبلغ خمسمائة جنيه مع إلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية المصاريف. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية. والمدعيين بالحقوق المدنية. ومحكمة بورسعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 18 مايو سنة 1964: أولاً - بقبول الاستئنافات شكلاً. وثانياً - وفى موضوع الدعوى الجنائية برفض استئنافي المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. ثالثاً - وفى موضوع الدعوى المدنية بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بوصفه كفيلاً متضامناً أن يدفعا للمدعيين بالحق المدني الأول شفيق شنودة مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والثانية فونتينى يوسف لطفي مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وإلزامهما المصاريف المدنية الاستئنافية. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة - مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة - على الحكم المطعون فيه هو أنه - إذ قبل الدعوى المدنية وألزمها التعويض عن جريمة القتل الخطأ التي دان المحكوم عليه بارتكابها تأسيساً على أحكام المسئولية عن عمل الغير بوصف أنه تابعها، وعلى أنها حارسة على السيارة التي كان يستقلها المجني عليه - قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه وقد وقع الحادث في أثناء رحلة اشترك فيها المجني عليه فإن مسئولية الطاعنة لا تقوم أبداً على أحكام المسئولية التقصيرية بل على أحكام المسئولية العقدية التي لا تختص المحاكم الجنائية بدعوى التعويض الناشئة عنها، وأما المسئولية الناشئة عن الأشياء، وأساسها قاعدة الغرم بالغنم، فهي لا تنطبق على واقعة الدعوى لأن المجني عليه كان منقولاً بالسيارة مجاملة وبالمجان. هذا وقد طلبت الطاعنة وقف تنفيذ الحكم إلى حين الفصل في الطعن.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيدة أسبابه والمكملة بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن إحدى سيارات الأوتوبيس التابعة للطاعنة قامت في رحلة من القاهرة إلى بورسعيد، وفى الطريق تولى الميكانيكي المصاحب لسائقها القيادة بدلاً منه وانطلق بالسيارة مسرعاً حتى إذا ما بلغ سيارة من سيارات الجيش كانت تسير مبطئة في ذات اتجاه سيره وعلى يمين الطريق فقد أراد مفاداتها، وما كاد يفعل، دون أن يحسن تقدير المسافة اللازمة لمفاداتها، حتى اصطدم بمؤخرتها، فأعمل الفرامل فجأة فانخلع باب الأوتوبيس وسقط المجني عليه وأصيب بإصابات أودت بحياته. وبعد أن ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ودان المحكوم عليه بجريمة القتل الخطأ، عرض للدعوى المدنية المقامة من والدي المجني عليه قبل الطاعنة فأثبت أنهما ذهبا في تأسيسها على نوعين من المسئولية التقصيرية الأولى هي مسئوليتها عن أعمال تابعها والأخرى هي المسئولية الناشئة عن الأشياء بوصفها مالكة السيارة ثم أشار الحكم إلى دفع الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة الجنائية بدعوى التعويض قولاً منها إنه ما دام الضرر لم يترتب مباشرة عن الفعل الذي يحاكم من أجله المتهم فإن تلك المحكمة لا تختص بالدعوى المؤسسة على عمل التابع أو على مسئولية حارس الشئ, وأطرح هذا الدفع تأسيساً على أنه وقد ثبت ارتكاب المتهم للخطأ المسبب للحادث فإنه يجوز طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية أن ترفع الدعوى على المسئول عن الحقوق المدنية عن فعل المتهم. وبعد أن أفاض الحكم في بيان علاقة التبعية القائمة بين المحكوم عليه والطاعنة ومدى مساءلة هذه الأخيرة عن أعمال متبوعها استطرد يقول: "وحيث إن الثابت أن المتهم قد ارتكب الخطأ أثناء تأدية وظيفته وبسببها طبقاً لما سبق شرحه - كما وأن المسئول عن الحقوق المدنية مسئول عن حراسة الشئ أيضاً إذ أن السيارة عندما وقع الحادث كانت ملكاً له ومن ثم تكون مسئوليته ثابتة" لما كان ذلك، وكان الثابت من تحصيل الحكم لطلبات المدعيين بالحقوق المدنية أنهما أسسا دعواهما ضد الطاعنة على أحكام المسئولية عن عمل الغير والمسئولية الناشئة عن الأشياء وكانت الأوراق لا تشير إلى أن ثمت تعاقد قد جرى بين المضرور وبين الطاعنة أو من ينوب عنها، بل إن في تسليم الطاعنة في أسباب طعنها بأن نقل المجني عليه كان مجاملة وبالمجان ما يدل على أن الطرفين لم يقصدا الارتباط بأي رباط قانوني، فإن ما تقول به الطاعنة من أن مسئوليتها تقوم على أساس المسئولية العقدية التي لا ولاية للمحاكم الجنائية بالفصل فيما هو مترتب عليها يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان المدعيان بالحقوق المدنية قد ركنا في طلب التعويض على ما سلف إيراده إلى أحكام نوعين من المسئولية هما المسئولية عن عمل الغير والمسئولية الناشئة عن الأشياء وكانت الطاعنة لا تجادل في انطباق أحكام المسئولية الأولى على واقعة الدعوى لأن مرتكب الحادث هو تابعها، وكان نعيها على الحكم بالخطأ حين استجاب لطلب التعويض على سند من أحكام المسئولية الناشئة عن الأشياء صحيحاً لأنه لا ولاية للمحاكم الجنائية بالفصل في دعوى التعويض المؤسسة على هذه المسئولية إذ الدعوى في هذه الحالة تكون مبنية على افتراض المسئولية في جانب حارس الشئ وليست ناشئة عن الجريمة بل ناشئة عن الشئ ذاته, غير أنه لما كان استناد الحكم على هذه المسئولية لا يعدو أن يكون تزيداً لم تكن المحكمة في حاجة إليه بعد أن أقامت حكمها على سبب صحيح للمسئولية مستمد من أوراق الدعوى هو مسئولية الطاعنة عن أعمال تابعها، فإن النعي يكون غير مجد.
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنة المصاريف المدنية.
وحيث إنه فيما يختص بطلب وقف تنفيذ الحكم، فإنه فضلاً عن أنه أصبح غير ذي موضوع، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطلب لا محل له لما هو مقرر من أن الدعاوى المدنية التي ترفع بطريق التبعية للدعاوى الجنائية تخضع في إجراءاتها وطرق الطعن فيها لقواعد الإجراءات الجنائية التي لم ترتب وقف التنفيذ على الطعن في الحكم إلا في الأحوال المستثناة بنص صريح في القانون والتي ليس من بينها الحالة المطروحة.