أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 16 - صـ 39

جلسة 11 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم.

(10)
الطعن رقم 1280 لسنة 34 القضائية

(أ) مجاري.
تسديد المالك الرسم وإخطاره من السلطة المختصة باعتماد الرسومات الهندسية المقدمة والترخيص له بالبدء في العمل وفقاً لها لا يعني سوى الموافقة على البدء في تنفيذ التركيبات طبقاً لتلك الرسومات. عليه إذا ما أكمل العمل في ضوئها إخطار الجهة المختصة بذلك لتجرى المعاينة الواجبة وتتولى بنفسها - في حالة صلاحية التركيبات ومطابقتها للقانون - عملية إيصال المبنى بالمجرى العام وإنشاء الوصلة اللازمة لذلك.
(ب) مجاري. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إلزام القانون المالك بإتباع مواصفات فنية وإجراءات صحية عند إنشاء التركيبات والأجهزة الصحية الداخلية. على المحكمة قبل أن تطرح الدليل المستمد من شهادة محرر المحضر وما أثبته به بدعوى عدم تبيانه ماهية المخالفات الفنية التي رآها والإجراءات الصحية التي أهمل المتهم في تنفيذها أن تمحص الدليل المطروح عليها وأن تستوضح الشاهد ما أجمله في محضره وتعمل على التحقق من العيوب الفنية والصحية في ضوء أحكام القانون والقرارات المنفذة له وإلا كان حكمها معيباً بما يستوجب نقضه.
1- مؤدى نصوص المواد 1 و2 و11 من القانون رقم 96 لسنة 1950 في شأن صرف مياه المباني والمواد المتخلفة في المجاري العامة المعدل بالقانون رقم 645 لسنة 1954 وقرار وزير الشئون البلدية والقروية الرقيم 1223 لسنة 1954 في شأن تنفيذ أحكام ذلك القانون المعدل بالقرارين الوزاريين رقمي 406 لسنة 1954 و1791 لسنة 1960 - أنه إذا ما تقدم المالك أو نائبه إلى الجهة المشرفة على شئون المجاري بطلب للترخيص له بتوصيل ملكه بالمجاري العامة وأرفق به كافة الخرائط المساحية والرسومات الهندسية وغيرها من المستندات التي يتطلبها القانون، فإن هذه الجهة تتولى ابتداء فحصه من النواحي الهندسية والفنية والصحية حتى إذا ما تحقق لديها مطابقته لأحكام القانون والقرارات المنفذة له اعتمدت الطلب والرسومات المرفقة به وأخطرت الطالب بالموافقة على البدء في تنفيذ الأعمال والإنشاءات المبينة بتلك الأوراق والمستندات وفى الحدود الواردة بها، وأنه إذا ما أتم المالك التركيبات اللازمة تعين عليه إخطار الجهة المختصة بذلك لتندب مندوباً عنها لمعاينتها والتحقق من صلاحيتها ومطابقتها للرسوم المعتمدة وأحكام القانون والقرارات المنفذة له ثم تقوم بنفسها - فيما لو ثبت لديها أن التركيبات والأجهزة الصحية الداخلية في حالة مرضية ومطابقة لأحكام القانون والقرارات المنفذة له - بعملية إيصال المبنى بالمجرى العام وإنشاء الوصلة اللازمة لذلك على نفقة المالك.
2- لما كان الواضح من نصوص القرار الوزاري الرقيم 1223 لسنة 1954 في شأن تنفيذ أحكام القانون 96 لسنة 1950 المعدل بالقرارين الوزاريين رقمي 406 لسنة 1954، 1791 لسنة 1960 - أنه تضمن في إسهاب مواصفات فنية وإجراءات صحية ألزام المالك إتباعها عند إنشاء التركيبات والأجهزة الصحية الداخلية، فإنه كان لزاما على المحكمة - قبل أن تطرح الدليل المستمد من شهادة محرر المحضر ومما أثبته به بدعوى عدم تبيانه ماهية المخالفات الفنية التي رآها والإجراءات الصحية التي أهمل المطعون ضده في تنفيذها - أن تمحص الدليل المطروح عليها وأن تستوضح الشاهد ما أجمله في محضره وتعمل على التحقق من العيوب الفنية والصحية في ضوء أحكام القانون والقرارات المنفذة له. أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد قضت في الدعوى دون أن تمحص الأدلة القائمة فيها وبغير أن تحيط بكل جوانبها عن بصر وبصيرة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 12/ 10/ 1961 بدائرة قسم الأزبكية: قام بتوصيل المجاري إلى منزله خلسة وبدون أمر الصحة ولم يقم باتخاذ الإجراءات الصحية. وطلبت عقابه بالمادتين 11، 15 من القانون رقم 96 لسنة 1950. ومحكمة الأزبكية الجزئية قضت حضورياً في 9 يناير سنة 1963 - عملاً بمادتي الاتهام - بتغريم المتهم جنيهين مع إزالة أسباب المخالفة في خلال شهرين من تاريخ صدوره. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 26/ 3/ 1963 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم بلا مصاريف جنائية وذلك عملاً بالمادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة - قيامه بتوصيل المجاري إلى منزله بغير إذن من الجهة المختصة ودون أن تكون موافقة للأصول الفنية والاشتراطات الصحية قد انطوى على فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب ذلك بأن خطاب إدارة المرافق العامة الذي اتخذت منه محكمة الدرجة الثانية ركيزة للقضاء بالبراءة إنما يفيد مجرد اعتماد الرسومات المقدمة من المطعون ضده والسماح له بالبدء في العمل في ضوئها وإلتزامه إخطار تلك الجهة كتابة لمعاينة ما تم والنظر في منحة الترخيص الكتابي - في حالة تحققها من إتمام الأعمال طبقاً للرسومات والأصول الفنية - بتصريف متخلفات ملكه بالمجاري العامة. وإذ ما كان المطعون ضده قد أقر بمحضر ضبط الواقعة بأنه لم يقم بذلك الإخطار ولم يرخص له كتابة بتوصيل المبنى بالمجاري العامة، فإن مجرد تقديم الرسومات وإقرارها ليس معناه استيفاء الإجراءات التي يتطلبها القانون. هذا إلى أن الحكم قد أهدر الدليل المستمد مما هو ثابت بمحضر ضبط الواقعة بدعوى عدم اشتمال هذا المحضر على بيان ماهية المخالفات الفنية التي شاهدها محرره والإجراءات الصحية التي كان يتعين على المطعون ضده إتباعها دون أن تجري المحكمة بنفسها تحقيقاً في هذا الشأن للوصول إلى غاية الأمر فيه مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنها تتحصل فيما أثبته السيد مراقب الجلسة لتوصيل المباني بالمجاري بمحضره المؤرخ 12/ 11/ 1960 من أنه بالمرور على منزل المتهم (المطعون ضده) الكائن بشارع كلوت بك رقم 22 وجده قد قام بتوصيل المجاري خلسة إلى منزله بطريقة غير فنية ودون اتخاذ الإجراءات الصحية، وبسؤال المتهم في محضر الشرطة المؤرخ 1/ 5/ 1961 قرر أنه قام بتوصيل المجاري وفقاً للطرق والإجراءات الفنية وذلك بعد إخطار المصلحة بذلك وقام بسداد الرسوم المستحقة عليه بموجب ثلاث إيصالات مؤرخة 13، 19، 28/ 6/ 1960 وقد أخطرته الإدارة العامة للتنظيم باعتماد هذه الرسوم وإمكان البدء في التنفيذ طبقاً للرسوم المذكورة في طلبه وقدم للمحقق الإيصالات الثلاث التي استند إليها وكتاب الإدارة العامة رقم 3959 المؤرخ 19/ 6/ 1960 والمتضمن إخطاره بإمكان البدء في العمل". ثم سوغ لقضائه بتبرئة المطعون ضده بقوله: "وحيث إنه عن التهمة المسندة إلى المتهم فلما كان الثابت من إخطار الإدارة العامة للتنظيم الوارد إلى المتهم في 19/ 6/ 1960 باعتماد الرسوم المقدمة منه والتصريح له ببدء العمل تبين من ذلك الإخطار أن المتهم اتبع الإجراءات القانونية ولم يقدم على توصيل المجاري إلى فندقه إلا بعد إخطار التنظيم وتقديمه الرسوم اللازمة التي اعتمدتها الإدارة ومن ثم فإن هذا الشطر من الاتهام والمتعلق بتوصيل المجاري خلسة يكون على غير أساس من الواقع. وحيث إن القول بأن توصيل المجاري قد تم بطريقة غير فنية وبدون اتخاذ الإجراءات الصحية، هذا القول جاء مرسلاً وعارياً من الدليل إذ لم يوضح محرر المحضر المخالفات الفنية التي رآها والإجراءات الصحية التي كان يتعين على المتهم إتباعها وأهمل في ذلك الأمر الذي ترى معه المحكمة أن الاتهام قد أضحى على غير أساس من القانون أ و سند من الواقع مما يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءته". لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة نصوص القانون رقم 96 لسنة 1950 في شأن صرف مياه المباني والمواد المتخلفة في المجاري العامة المعدل بالقانون رقم 645 لسنة 1954 - المطبق على واقعة الدعوى - أنه نص في مادته الأولى على وجوب تجهيز كل مبنى بتركيبات وأجهزة صحية داخلية تكفل بطريقة فعالة صرف المياه والمواد المتخلفة ومياه الأمطار وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له. وقضى في المادة الثانية بوجوب إيصال ذلك المبنى بالمجرى العام إذا كان واقعاً على مسافة لا تزيد على ثلاثين متراً منه على أن يتم ذلك طبقاً لأحكام المادة الخامسة - بمعرفة مصلحة المجاري التي يتعين عليها - فيما لو ثبت لديها أن التركيبات والأجهزة الصحية الداخلية في حالة مرضية ومطابقة لأحكام القانون والقرارات المنفذة له - القيام بعملية إيصال المبنى بالمجرى العام وإنشاء الوصلة اللازمة لذلك على نفقة المالك. ثم حظر في المادة الحادية عشرة منه المساس بأي جزء من المجاري العامة أو الوصلات أو إلقاء مواد أو سوائل بها. كما يبن من الرجوع إلى قرار وزير الشئون البلدية والقروية الرقيم 1223 لسنة 1954 في شأن تنفيذ أحكام ذلك القانون المعدل بالقرارين الوزاريين رقمي 406 لسنة 1954، 1791 لسنة 1960 أنه نظم في المادة الأولى منه إجراءات طلب الترخيص بتوصيل المبنى للمجاري العامة وحدد الخرائط والرسومات الهندسية الواجب إرفاقها به وما يجب أن تتضمنه من بيانات وافية لدورات المياه والمناور التي تطل الدورات عليها وأعمدة الصرف وغرف التفتيش والمدادات الأرضية الجاليترابات والخزانات وجميع التركيبات والأجهزة الصحية الأخرى. ثم بين في إسهاب بالمواد التالية الشروط والمواصفات الفنية اللازمة لإعداد وتركيب كل ما تقدم وما يجب توافره من اشتراطات في الأدوات والأجهزة الصحية. واعتبر من المجاري العامة والوصلات التي حظرت المادة الحادية عشرة من القانون المساس بها غرف التفتيش النهائية سواء أكانت خارج أم داخل الملك ومواسير المجاري والوصلات الممتدة من غرف التفتيش النهائية إلى المجاري العامة وبالوعات الشوارع لمياه الأمطار والغسيل وجميع أجزاء شبكة المجاري وملحقاتها. لما كان ذلك، وكان مؤدى هذه النصوص مجتمعه أنه إذا ما تقدم المالك أو نائبة إلى الجهة المشرفة على شئون المجاري بطلب للترخيص له بتوصيل ملكة بالمجاري العامة وأرفق به كافة الخرائط المساحية والرسومات الهندسية وغيرها من المستندات التي يتطلبها القانون، فإن هذه الجهة تتولى ابتداء فحصه من النواحي الهندسية والفنية والصحية حتى إذا ما تحقق لديها مطابقته لأحكام القانون والقرارات المنفذة له اعتمدت الطلب والرسومات المرفقة به وأخطرت الطالب بالموافقة على البدء في تنفيذ الأعمال والإنشاءات المبينة بتلك الأوراق والمستندات وفى الحدود الواردة بها وأنه إذا ما أتم المالك التركيبات اللازمة تعين عليه إخطار الجهة المختصة بذلك لتندب مندوباً عنها لمعاينتها والتحقق من صلاحيتها ومطابقتها للرسوم المعتمدة وأحكام القانون والقرارات المنفذة له ثم تقوم بنفسها - فيما لو ثبت لديها أن التركيبات والأجهزة الصحية الداخلية في حالة مرضية ومطابقة لأحكام القانون والقرارات المنفذة له - بعملية إيصال المبنى بالمجرى العام وإنشاء الوصلة اللازمة لذلك على نفقة المالك. لما كان ما تقدم، فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المطعون ضده قد اتبع الإجراءات القانونية اللازمة قبل توصيل فندقه بالمجرى العام يكون غير سديد إذ أن تسديده الرسم وإخطاره من السلطة المختصة باعتماد الرسومات الهندسية المقدمة والترخيص له بالبدء في العمل وفقاً لها لا يعني سوى الموافقة على البدء في تنفيذ التركيبات طبقاً لتلك الرسومات وأنه إذا ما أكمل العمل في ضوئها وجب عليه إخطار الجهة المختصة بذلك لتجرى المعاينة الواجبة وتتولى بنفسها - في حالة صلاحية التركيبات ومطابقتها للقانون عملية إيصال المبنى بالمجرى العام وإنشاء الوصلة اللازمة لذلك كما سلف البيان. هذا فضلاً عن أنه لما كان الواضح من نصوص القرار الوزاري بادي الذكر أنه تضمن في إسهاب مواصفات فنية وإجراءات صحية ألزم المالك إتباعها عند إنشاء التركيبات والأجهزة الصحية الداخلية، فإنه كان لزاماً على المحكمة - قبل أن تطرح الدليل المستمد من شهادة محرر المحضر ومما أثبته به بدعوى عدم تبيانه ماهية المخالفات الفنية التي رآها والإجراءات الصحية التي أهمل المطعون ضده في تنفيذها - أن تمحص الدليل المطروح عليها وأن تستوضح الشاهد ما أجمله في محضره وتعمل على التحقق من العيوب الفنية والصحية في ضوء أحكام القانون والقرارات المنفذة له. أما وهى لم تفعل، فإنها تكون قد قضت في الدعوى دون أن تمحص الأدلة القائمة فيها وبغير أن تحيط بكل جوانبها عن بصر وبصيرة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون النعي في محله ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الأوراق إلى محكمة القاهرة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى.