أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة التاسعة والأربعون - صـ 584

جلسة الأول من يوليه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح على أحمد السعيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم الشهاوى، على عبد الرحمن بدوى، د. فتحى المصرى ومحمد برهام عجيز نواب رئيس المحكمة.

(142)
الطعن رقم 292 لسنة 63 القضائية "أحوال شخصية"

(1، 2) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين: طاعة، المسائل الخاصة بالاجراءات: إثبات".
(1) دعوة الزوج زوجته للدخول فى طاعته واعتراضها على ذلك. وجوب إثباتها طبقاً لأرجح الأقوال فى مذهب أبى حنيفة رغم أنه منقول من مذهب مالك. م280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. علة ذلك. مؤداه. البينة فى هذا الشأن تكون من رجلين أو رجل وامرأتين.
(2) الشهادات فيما يشترط فيه العدد. شرط صحتها. اتفاقها مع بعضها. نصاب الشهاده على شرعية المسكن - وفقاً للرأى الراجح فى فقه الأحناف - رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول.
(3) حكم "حجية الحكم الجنائى أمام المحاكم المدنية". قوة الأمر المقضى.
حجية الحكم الجنائى أمام المحاكم المدنية. شرطه. أن يكون باتاً.
(4) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: الإجراءات".
رأى النيابة فى قضايا الأحوال الشخصية التى لا تختص بها المحاكم الجزئية. لا يفيد المحكمة. ق 628 لسنة 1955.
1 - إذ كانت المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية تقضى بأن تصدر الأحكام فى مسائل الأحوال الشخصية طبقاً للمدون فى هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة فيما عدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة فتصدر الاحكام طبقا لها، وكان المشرع بعد أن نقل أحكام المادة 11 مكرراًً ثانياً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 29 المضافة بالقانون 100 لسنة 1985 فيما يتعلق بدعوة الزوج زوجته للدخول فى طاعته واعتراضها على ذلك من مذهب الإمام مالك لم يحل فى إثبات عناصرها إلى هذا المذهب، كما لم ينص على قواعد خاصة فى هذا الشأن، ومن ثم يتعين الرجوع فى ذلك إلى أرجح الأقوال فى مذهب أبى حنيفة عملاً بنص المادة 280 سالفة الذكر، فتكون البينة من رجلين أو رجل وامرأتين فى خصوص إثبات الأوجه الشرعية التى تستند إليها الزوجة فى امتناعها عن طاعة زوجها.
2 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لصحة الشهادات فيما يشترط فيه العدد أن تتفق مع بعضها لأن باختلافها لا يوجد إلا شطر الشهادة، وهو غير كاف فيما يشترط فيه العدد، ولما كان نصاب الشهادة على شرعية المسكن وفقاً للرأى الراجح فى فقه الأحناف رجلين أو رجلاً وامرأتين عدولا.
3 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 اصبحت النيابة العامة طرفاً أصلياً فى قضايا الأحوال الشخصية التى لا تختص بها المحكمة الجزئية إلا أن الرأى الذى تبديه النيابة على ضوء ما تتبينه من وقائع الدعوى ومدى تفسيرها للقانون لا تتقيد به المحكمة فلها أن تأخذ به أو تطرحه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 5 لسنة 1992 كلى أحوال شخصية جنوب القاهرة على المطعون ضده للحكم بعدم الاعتداد بإعلانه بها بالدخول فى طاعته. وقالت بياناً لدعواها إنه بتاريخ 3/ 12/ 1991 وجه إليها الإعلان سالف البيان يدعوها فيه للدخول فى طاعته فى المسكن المبين به، ولما كان هذا المسكن غير شرعى وكان المطعون ضده غير أمين عليها نفساً ومالاً فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت بتاريخ 27/ 12/ 1992 بعدم الاعتداد بانذار الطاعة. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 21 لسنة 110 ق القاهرة، وبتاريخ 13/ 6/ 1993 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم عول فى قضائه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى على عدم اكتمال نصاب الشهادة فى الدعوى طبقاً للمذهب الحنفى فى حين أنه كان يجب الرجوع فى هذا الشأن إلى مذهب الإمام مالك الذى نقل عنه نص المادة 11 مكرراً ثانياً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 - المنطبق على واقعة الدعوى - مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية تقضى بأن تصدر الاحكام فى مسائل الأحوال الشخصية طبقاً للمدون فى هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة فيما عدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة فتصدر الأحكام طبقاً لها، وكان المشرع بعد أن نقل أحكام المادة 11 مكرراًً ثانياً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 29 المضافة بالقانون 100 لسنة 1985 فيما يتعلق بدعوة الزوج زوجته للدخول فى طاعته واعتراضها على ذلك من مذهب الإمام مالك لم يحل فى أثبات عناصرها إلى هذا المذهب، كما لم ينص على قواعد خاصة فى هذا الشأن، ومن ثم يتعين الرجوع فى ذلك إلى أرجح الأقوال فى مذهب أبى حنيفة عملاً بنص المادة 280 سالفة الذكر، فتكون البينة من رجلين أو رجل وامرأتين فى خصوص إثبات الأوجه الشرعية التى تستند إليها الزوجة فى امتناعها عن طاعة زوجها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة، لأن البينة التى تقدمت بها لم تبلغ النصاب المقرر شرعاً وفقاً لأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعى عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه على أن بينتها لم تكتمل فيها النصاب المطلوب للشهادة رغم ما شهد به شهود الطرفين من أن والد المطعون ضده وإخوته يقيمون أسفل مسكن الطاعنة وما شهد به شاهداها من تواجدهم فيه دائماً مما يدل على أنه مسكن غير شرعى بما تتضرر منه، وإذ قضى الحكم - رغم ذلك - برفض الدعوى، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لصحة الشهادات فيما يشترط فيه العدد أن تتفق مع بعضها لأن باختلافها لا يوجد إلا شطر الشهادة، وهو غير كاف فيما يشترط فيه العدد، ولما كان نصاب الشهادة على شرعية المسكن وفقا للرأى الراجح فى فقه الأحناف رجلين أو رجلاً وامرأتين عدولا، وكان البين من الأوراق أن الشاهد الأول من شاهدى الطاعنة وإن شهد أمام محكمة أول درجة أن مسكن الطاعة مشغول بسكنى والدى المطعون ضده وإخوته إلا أن الشاهد الثانى قرر بأنهم يقيمون بشقة أسفل شقة الزوجية وهو ما شهد به شاهدا المطعون ضده، وبذلك لا تتوافر فى بينة الطاعنة نصاب الشهادة المطلوبة على عدم شرعية مسكن الزوجية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فى قضائه، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويضحى النعى عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم لم يعتد فى قضائه بحجية الحكم الجنائى الصادر بإدانة المطعون ضده فى جنحة تبديد منقولاتها، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كان الحكم الجنائى لا تكون له قوة الشئ المحكوم به أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان باتاًَ، إما لاستنفاد طرق الطعن الجائزة فيه أو لفوات مواعيدها، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم الصادر فى الجنحة رقم 10393 لسنة 1991 حلوان قضى بإدانه المطعون ضده عن تهمة تبديد منقولات الزوجية، وكانت الطاعنة لم تقدم ما يدل على أن ذلك الحكم صار باتاً، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بحجيته فى الدعوى الماثلة، يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعى عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إن النيابة العامة أبدت الرأى فى الدعوى بطلب ندب خبير لبيان شرعية مسكن الطاعة من عدمه، غير أن الحكم أطرح رأيها استناداً إلى ما قررته الطاعنة فى محضر الجنحة رقم 10393 لسنة 1991 حلوان من أن شقة والد المطعون ضده تقع أسفل الشقة سكنها مما ينفى شغلها بسكنى الغير، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه وإن كان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 أصبحت النيابة العامة طرفا أصلياً فى قضايا الأحوال الشخصية التى لا تختص بها المحكمة الجزئية إلا أن الرأى الذى تبديه النيابة على ضوء ما تتبينه من وقائع الدعوى ومدى تفسيرها للقانون لا تتقيد به المحكمة فلها أن تأخذ به أو تطرحه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن التفات الحكم المطعون فيه عن الرأى الذى أبدته النيابه، مفاده عدم جدوى الأخذ به بعد أن وجد بأوراق الدعوى من الادلة ما يكفى لحمل قضائه، فمن ثم يكون النعى بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.