أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 16 - صـ 50

جلسة 11 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، وقطب فراج، ونصر الدين عزام.

(12)
الطعن رقم 1830 لسنة 34 القضائية

(أ) دعارة. "ركن الاعتياد". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
توافر ثبوت ركن الاعتياد في إدارة محل للدعارة. من الأمور الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع. متى كان تقديرها سائغاً. مثال.
(ب) إثبات. خبرة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعارة.
عدم تقيد المحكمة بندب خبير. متى رأت في الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها. مثال.
(ج) تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. مثال.
1 - توافر ثبوت ركن الاعتياد في إدارة المحل للدعارة من الأمور التي تخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع متى كان تقديرها في ذلك سائغاً. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر هذا الركن بما استخلصه من شهادة الشاهد من سبق تردده على مسكن الطاعن لارتكاب الفحشاء, وكان تقديره في ذلك سليماً. ولا تثريب على المحكمة إن هي عولت في إثبات هذا الركن على شهادة هذا الشاهد التي اطمأنت إليها طالما أن القانون لا يستلزم لثبوته طريقة معينة من طرق الإثبات. ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بعدم استظهاره ركن الاعتياد يكون في غير محله.
2 - المحكمة بحسب الأصل غير مقيدة بندب خبير إذا هي رأت في الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها. ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم بما له من سلطة موضوعية تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالاً للشك في أن الطاعن أعد مسكنه للدعارة. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن رفض طلب ندب الطبيب الشرعي لإثبات العجز الجنسي لدى الشاهد لا يكون له محل.
3 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت هذه المحكمة قد اقتنعت للأسباب السائغة التي أوردتها في حكمها أن المنزل الذي صدر الإذن بتفتيشه خاص بالطاعن وخلصت من ذلك إلى صحة الأمر الصادر من النيابة بتفتيشه، فلا يجدي الطاعن مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 1/ 10/ 1960 بدائرة قسم مصر الجديدة: "أدار منزلاً للفجور والدعارة" وطلبت عقابه بالمواد 8 و9/ 5 و13 من القانون رقم 68 لسنة 1951. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 20/ 10/ 1962 عملاً بمواد الاتهام بحبسه سنة مع الشغل وغرامة 100ج وبوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة سنة مع الغلق والمصادرة وكفالة ثلاثة جنيهات لإيقاف التنفيذ بلا مصاريف. فعارض المتهم في هذا الحكم وقضى في معارضته بتاريخ 27 أبريل سنة 1963 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه بلا مصاريف. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. محكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 30/ 11/ 1963 بقبول الاستئناف شكلاً وحددت لنظر الموضوع جلسة 4/ 11/ 1963. وبجلسة 11/ 11/ 1963 قضت حضورياً اعتبارياً في موضوع استئناف المتهم الطاعن برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية فعارض المتهم في هذا الحكم وقضي في معارضته بتاريخ 13 أبريل سنة 1964 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إدارة منزل للدعارة، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يستظهر توافر ركن الاعتياد كما أطرح الدفع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات مستنداً في ذلك إلى أن المنزل الذي صدر الأمر بتفتيشه خاص بالطاعن في حين أنه مؤجر إلى متهمة أخرى، هذا فضلاً أنه التفت عن طلب إحالة الشاهد إلى الطبيب الشرعي لإثبات عجزة الجنسي.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إدارة منزل للدعارة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن محضر الضبط وهى أدلة من شـأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. ثم استظهر الحكم المطعون فيه ركن الاعتياد في قوله "إن المتهم دفع موضعياً بانتفاء ركن الاعتياد حال أن المحكمة ترى تحقق هذا الركن إذ تطمئن إلى أقوال الشاهد محمد محمد حجاج وتأخذ بها، ولما كان هذا الشاهد من الغير وكان قد أكد سابقة تردده على دار أخرى للمتهم إلى أن دعاه إلى المسكن محل الضبط على أنه داره الجديدة فذهب مرة سابقة على مرة الضبط فإن ركن الاعتياد يكون محققاً ويتضح من ثم فساد ما دفع به المتهم في هذا الشأن" ولما كان توافر ثبوت ركن الاعتياد في إدارة المحل للدعارة من الأمور التي تخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع متى كان تقديرها في ذلك سائغاً, وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر هذا الركن بما استخلصه من شهادة الشاهد من سبق تردده على مسكن الطاعن لارتكاب الفحشاء. وكان تقديره في ذلك سليماً ولا تثريب على المحكمة إن هي عولت في إثبات هذا الركن على شهادة هذا الشاهد التي اطمأنت إليها طالما أن القانون لا يستلزم لثبوته طريقة معينة من طرق الإثبات. لما كان ذلك, فإن النعي على الحكم المطعون فيه بعدم استظهاره ركن الاعتياد يكون في غير محله. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما يثيره الطاعن من بطلان إذن التفتيش في قوله: "إن المتهم دفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم جدية التحريات إذ الشقة ليست مؤجرة باسم المتهم بل إنها لرجاء يس محمد مصطفى استناداً إلى عقد إيجار غير ثابت التاريخ ووصل سداد أجرة به من العيوب المادية ما يدحض من قوته في الإثبات ووصل استهلاك الكهرباء الذي يقطع بما ذهبت هذه المحكمة بهيئة سابقة بالنسبة لرجاء يس بأنها هي المستأجرة، ولما كان الثابت من أقوال البواب عبد المؤمن أحمد مصطفى والشاهد محمد حجاج بمحضر جمع الاستدلالات أن المتهم يقيم بالمسكن الصادر الإذن بتفتيشه فإن المحكمة ترى في ذلك الدلالة الكافية على جدية التحريات والتي بني عليها الإذن بالتفتيش ولا تعول المحكمة على أقول شاهدي النفي التي تراخت إلى جلسة 30/ 3/ 1964 ومن ثم يكون الدفع ظاهر الفساد جدير بالرفض". لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإجراء الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت هذه المحكمة قد اقتنعت للأسباب السائغة التي أوردتها في حكمها أن المنزل الذي صدر الإذن بتفتيشه خاص بالطاعن وخلصت من ذلك إلى صحة الأمر الصادر من النيابة بتفتيشه، فلا يجدي الطاعن مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن. ولما كانت المحكمة بحسب الأصل, غير مقيدة بندب خبير إذا هي رأت في الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها. و كانت الأدلة التي أوردها الحكم بما له من سلطة موضوعية تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالاً للشك في أن الطاعن أعد مسكنه للدعارة. لما كان ما تقدم, فإن ما يثيره الطاعن في شأن رفض طلب ندب الطبيب الشرعي لإثبات العجز الجنسي لدى الشاهد لا يكون له محل، ومن ثم يكون الطعن برمته في غير محله ويتعين رفضه موضوعاً.